قوانين‭ ‬العقوبات
قوانين العقوبات & المرأة

رباب كمال/alfaisalmag- أبرز التحديات التي تواجه الباحثة أو الباحث على حد سواء، هي ما يُعرف بقوانين ازدراء الأديان ومفرداتها المبهمة، الموجودة في قوانين العقوبات في البلاد العربية تحت أسماء مختلفة لكنها تحمل المعنى ذاته، فـمجرد التفكير أو إعادة النظر في التراث الإسلامي، وما يتبعه من نقد للأصولية الدينية، هو أمر يضع الباحثين تحت رحمة تلك القوانين. لكن النساء يواجهن تحديات إضافية خاصة في مجتمعات وثقافة اعتادَت الوصمَ المجتمعيَّ للنساء إن سعين لنيل الحد الأدنى من حرياتهن، فما بالنا إن تجرأَت وأشهرَت القلم لتفكك مفردات وأفكار التراث الديني، أو إن سعت من خلال أبحاثها للفصل التشريعي بين القانون والنص الديني، وهو ما تجلى في الآونة الأخيرة بمطالبات لتشريع قانون أحوال شخصية مدني متحرر من سلطة النص.

تجدر الإشارة إلى أن الحراك النسوي قبل فاطمة المرنيسي وبعدها كان يتميز بتماهي الكتابات البحثية في مجال الفكر الديني مع الحراك الحقوقي والنسوي في إطار المجتمع المدني، ونذكر على سبيل المثال في عشرينيات القرن الماضي كتابات منيرة ثابت التي ارتبطت بالمطالبة بالمساواة الجندرية في مجال الحقوق السياسية والأحوال الشخصية، وتطرقت من خلال مجلة الأمل، التي أصدرتها بالعربية والفرنسية، إلى أمور شديدة الجدلية مثل الميراث في الإسلام، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

مر الحراك النسوي منذ فاطمة المرنيسي بعهدين رئيسين؛ أولهما خاص بدور النشر، والآخر مرتبط بثورة التقنية الحديثة، ولم تكن المرأة كاتبة وباحثة فقط في مجال الفكر الديني في العقود الأربعة الماضية، سواء فيما يتعلق بإطاره العام أو في علاقته بفقه المرأة وتشريعاتها وحقوقها المدنية، وإنما أيضًا من خلال عمل النساء في مجال إدارة مشروعات النشر، ولعلنا نذكر هنا السيدة راوية عبدالعظيم مديرة ومؤسسة دار نشر سينا التي تأسست في عام 1985م، وأغلقتها السلطة في نهاية التسعينيات.

لُقبت راوية عبدالعظيم بالناشرة الشجاعة، فقد أفردت المساحة للكُتاب والكاتبات على حد سواء في المجالات الفكرية، ومن بينهم الدكتور نصر حامد أبو زيد، وخليل عبدالكريم، وسلوى بكر. ومع انتشار مساحات النشر الإلكترونية، أُنشئت المنصات الإعلامية الرقمية التي تعاقدت مع كثير من الباحثات اللاتي يكتبن في مجال التراث الديني وأزمة الحريات الدينية والحقوق النسوية وإشكاليات المواطنة المنقوصة، وهذه المنصات هي التي ساعدتني على إصدار خمسة كتب في هذا المجال ما بين مصر وتونس والمغرب، مثل كتاب من «وحي العلمانية»، «دولة الإمام.. متى تخلع مصر عمامة الفقيه؟»، «نساء في عرين الأصولية الإسلامية»، «القوامة الدينية في خطاب السلفية وأثرها في الثقافة الجماهيرية»، وأخيرًا كتاب «النساء والمواريث» الذي يصدر قريبًا مع مجموعة باحثات في تونس تحت إشراف الدكتورة آمال قرامي.

علاقة المرأة بالكتابة في مجال التراث والفكر الديني والفقهي ليست ضعيفة، وهناك منحنى صعود واضح في هذه الآونة، لكن لن أنكر الهيمنة الذكورية في هذا المجال، فالذكورية ليست حكرًا على الأصوليين، وربما نصطدم كثيرًا بالسلطة الأبوية في أروقة الثقافة نفسها، لكن الثورة التقنية حجمت من هذه الهيمنة وفتحت مساحات متعددة لنشر مواد للكاتبات، وأصبح هناك اهتمام كبير بالأقلام النسوية في هذا المجال.

قوانين العقوبات & المرأة

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015