كاترينا وساندي والآن إرما.. لماذا تحمل الأعاصير أسماء النساء؟
انترنت- شهد العالم في السنوات الأخير على عدة أعاصير مدمرة ضربت مناطق مختلفة وتسببت في خسائر بشرية ومادية، والكل يذكر “ساندي” و”كاترينا”، واليوم يضرب إعصار “إرنا”، الذي وُصف بأنه أعنف الأعاصير المسجلة على الإطلاق في المحيط الأطلسي، ولاية فلوريدا الأمريكية.
يعرف الجميع الآن، ما هو “هارفي” وما هو “إيرما”، ولكن لا أحد تقريبا يعلم السبب الذي يجعل الأعاصير تحمل أسماء البشر. وتتخذ الأعاصير أسماء لسبب بسيط، وهو جعل التواصل أسهل، ففي الماضي كانت الأعاصير تحدد على أساس خطوط الطول والعرض، ولكن الأرقام يمكن أن تتداخل عندما يتم نقل المعلومات بين المصادر المختلفة. أما الأسماء فهي مميزة لا تنسى، مما يجعلها أكثر ملاءمة للاستخدام والحصول على المعلومات بسرعة، وفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
ولكن هل تساءلت عن سبب تسمية أغلب الأعاصير بأسماء البشر وخاصة النساء؟
في العصور القديمة لم يكن هناك آلية أو منهجية معينة لتسمية الأعاصير، فكانت الأعاصير تسمى إما بأسماء بعض القديسين مثل إعصار “سانت بول” و”سانت لويس”، أو بأسماء السنوات التي حدثت فيها أو بحسب المكان التي حدثت فيها كإعصار ميامي وإعصار هيوستن.
وتعود بداية التسمية النظامية إلى عالم الأرصاد الجوية الأسترالي كليمنت راج (1852 – 1922)، حيث أطلق على الأعاصير أسماء البرلمانيين الذين كانوا يرفضون التصويت على منح قروض لتمويل أبحاث الأرصاد الجوية. ويقال إنه في بعض الأحيان كان يطلق على الأعاصير أسماء النساء اللواتي يكرههن.
وفيما بعد تمكّن السياسيون من أن يبعدوا أنفسهم عن التسمية بأساليبهم المختلفة، فألصقت التسمية بالعنصر النسائي الأضعف، وما عزز ذلك وجود توافق بين الأعاصير والنساء، فالمرأة، كما يُقال، يصعب التنبؤ بعنفها وصاحبة أمزجة متقلبة وذات بطش عندما تكره وتظهر غضبها ولا تكتمه كحال الإعصار.
وهناك رأي آخر يقول إن تسمية الأعاصير بأسماء النساء كانت بدافع الأمل بأن تكون أعاصير المستقبل ناعمة ولطيفة غير مخربة كحال النساء.
وخلال الحرب العالمية الثانية طوّرت القوات المسلحة الأمريكية تسمية الأعاصير، حيث كانت القوات تقوم بعملية متابعة ورصد دقيقة للأعاصير في شمال غرب المحيط الهادي، ولمنع تعدد الأسماء والاختلاف حولها أطلق خبراء الأرصاد الجوية العسكرية على الأعاصير أسماء زوجاتهم أو صديقاتهم.
وبعد الحرب العالمية الثانية أعدت الأرصاد الجوية الأمريكية قائمة أبجدية بأسماء الإناث، ارتكزت على فكرة رئيسية هي استخدام أسماء قصيرة وبسيطة وسهلة التذكر.
وفي مطلع 1950 ظهر أول نظام لتسمية الأعاصير، حيث تم بداية اختيار الأسماء حسب الأبجدية الصوتية العسكرية، قبل أن يقرروا في عام 1953 العودة إلى الأسماء النسائية وتم تعميم هذه الأسماء على مناطق عدة بما في ذلك أعاصير المحيط الهادي، والمحيط الهندي، وبحر تيمور والساحل الشمالي الغربي لأستراليا.
كما تمّ تهذيب عملية التسمية للأعاصير، فكان يطلق على الإعصار الأول اسم المرأة التي تبدأ بأول حرف أبجدي، والثاني باسم المرأة التي يبدأ اسمها بالحرف الأبجدي الثاني، وهكذا مع مراعاة أن تكون الأسماء قصيرة يسهل نطقها وتذكرها، وتم إعداد قائمة لـ84 إعصاراً كلها بأسماء إناث.
وفي أواخر السبعينات اعتمدت هيئة الأرصاد الجوية الأمريكية تسمية الأعاصير بأسماء النساء وبحسب الترتيب الأبجدي على أن يكون الأسم قصيراً ومشهوراً لسهولة حفظه، كما أطلق العديد من العاملين في هيئة الأرصاد الجوية في تلك الفترة أسماء الأعاصير على أسماء زوجاتهم وصديقاتهم، وحتى الآن هناك أكثر 84 إعصار يحمل أسم نسائي. وفي عام 1979 قامت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وبالتنسيق مع الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية بتوسيع هذه القائمة لتشمل أيضاً أسماء الرجال. وفيما بعد تطورت تلك الأسماء لتتناسب مع المناطق التي تصيبها الآسيوية أو الأوروبية أو غيرها، فتختار أسماء قريبة من تسميات المجتمع أو المنطقة التي تصيبها.
ووضعت قوائم لأسماء الأعاصير موزعة على مناطق متعددة للمحيطات حول العالم. ويعاد اليوم تدوير المجموعات ذاتها من الأسماء كل ست سنوات، بحيث تستخدم قائمة محددة كل عام، وهو ما يعني أن مجموعة معينة من الأسماء تتكرر كل ستة أعوام.
وتشمل قائمة الأعاصير للعام 2017 عدة أسماء من بينها “بريت”، “أوفيليا” و”فيليب” والتي من المقرر إعادة استخدامها مرة أخرى العام 2024، باستثناء الأعاصير المدمرة التي يتم حذف أسمائها تماما من القائمة، ومنها إعصار “كاترينا” و”ساندي” و”جواكين” و”أيرين”.
لماذا يتم تسمية الأعاصير بأسماء أنثوية؟