كيف ستصوّت النساء في أميركا؟

تتجه الأنظار في أميركا إلى النساء وإلى كيفية تعاطيهنّ مع الانتخابات الرئاسية المرتقبة، لا سيما في ظل إمكانية نجاح امرأة للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

موقع إيلاف/واشنطن- ألصق حزب المرأة الوطني الاميركي يافطة على حمار تقول: “حرية المرأة في التصويت ضد الحزب الذي يمثله هذا الحمار”، وطاف الحزب بالحمار في شوارع مدينة دينفر خلال حملته ضد الرئيس الديمقراطي وقتذاك وودرو ولسن في عام 1916.

مرت هذا العام الذكرى المئوية لتأسيس هذا الحزب في 5 يونيو دون أن ينتبه اليها أحد، نظرًا لاختفاء الحزب من الوجود، وبعد يومين على الذكرى اصبحت هيلاري كلينتون أول امرأة تترشح للرئاسة الاميركية عن احد الحزبين الكبيرين، وإذا فازت في الانتخابات ستكون أول امرأة تتولى الرئاسة في تاريخ الولايات المتحدة، وإذا فاز عليها دونالد ترامب سيكون اول رئيس لم يعمل في الحكومة أو يخدم في الجيش من قبل.

على امتداد 100 عام، تحددت هوية الحزبين الديمقراطي والجمهوري بمواقفهما في السجال حول دور المرأة السياسي وحقوقها الدستورية حتى أن السجال يُختزل احياناً الى مراء وكأن المعركة بين الحزبين معركة بين الجنسين. فالديمقراطيون يتحدثون عن “حرب” الحزب الجمهوري على المرأة، فيما يقول ترامب عن كلينتون “إن الورقة الوحيدة التي بيدها هي ورقة المرأة”، وتشير الاستطلاعات الى أن شعبية كلينتون أوسع بين النساء وشعبية ترامب أكبر بين الرجال البيض.

قاعدة انتخابية

ومما كشفته الحملة الانتخابية الحالية أن الناخبات، لا سيما الشابات منهن، يرفضن أن يُقال لهنّ أن عليهن تأييد كلينتون لأنها امرأة. وبذاك يتضح أن النساء لا يشكلن قاعدة انتخابية لكلينتون أو غيرها من المرشحين مثلما ان الرجال لا يشكلون قاعدة انتخابية لترامب أو سواه، فالمرأة تصوت كالرجل على اساس قضايا تهم عائلتها ومنطقتها. والأحزاب السياسية تمثل مصالح قواعدها الانتخابية، وهي لا تقوم على اساس استدراج النساء بصفة خاصة الى التصويت لها، بل على اساس مواقفها من المساواة في حقوق المرأة والرجل، ولكن لا يمكن ان يُكتب تاريخ السياسة الاميركية بتجاهل حركة حقوق المرأة حين كانت محرومة من المساواة مع الرجل في التصويت والترشيح من جهة، والآثار الناجمة عن مضاعفة عدد الناخبين من جهة أخرى.

وكان الحزب الجمهوري الذي من المتوقع أن يرشح ترامب في مؤتمره المقبل بُني بأيدي ربات البيوت وتغير الحزب بتأثير اسلوبهن السياسي الذي جعله رجال الحزب اسلوبهم. وكانت هيلاري رودهام قبل ان تصبح هيلاري كلينتون رئيسة منظمة الجمهوريين الشباب ايام دراستها الجامعية. وحضرت مؤتمر الحزب الجمهوري محسوبة على مؤيدي نلسون روكفلر الذي كان المرشح المناهض للحرب الفيتنامية.

في صيف 1968، تخرج ترامب واعترف بأنه كان يمضي معظم وقته في دراسة قوائم البيوت المصادَرة لعجز اصحابها عن تسديد اقساط الرهون العقارية. وفي سبتمبر من ذلك العام، نظمت ناشطات نسويات تظاهرة احتجاج على مسابقات ملكة جمال اميركا التي اصبح ترامب في ما بعد خبيرًا في تنظيمها والربح من اقامتها. ورفعت المحتجات لافتات تقول “أهلا بكم في مزاد الماشية”.

فجوة

في عام 1971 التقت هيلاري رودهام بالشاب بيل كلينتون، وورث دونالد ترامب شركة عائلته، وشهد العام نفسه انطلاق حركة نسائية تطالب الحزبين الكبيرين بتمثيل المرأة تمثيلاً اوسع فيهما. ولم تغيّر هيلاري موقفها وتنتقل الى الحزب الديمقراطي إلا في عام 1976.

في هذه الاثناء، كان ترامب يدفع تبرعات للحزب الديمقراطي.  وقال في معرض تبرير ذلك إن التبرع بالمال للسياسيين ممارسة متعارف عليها ومقبولة بالنسبة لرجل اعمال عقاري يعمل في مدينة نيويورك.

حتى عام 1980 كانت الفجوة بين الجنسين تتبدى في الانتخابات الرئاسية بتصويت النساء بأعداد أكبر من الرجال لصالح المرشح الجمهوري. وحدث التغيير عندما فاز رونالد ريغان بترشيح الحزب. فإن عدد النساء اللواتي صوتن لصالح جيمي كارتر كان أكثر من الرجال الذين صوتوا له بنسبة 8 في المئة. ومنذ ذلك الحين لم تكن الفجوة بين الجنسين قط لصالح المرشح الرئاسي الجمهوري. وبدأ الحزب الديمقراطي يسمي نفسه حزب المرأة.  وبحلول عام 1987 اصبح ترامب جمهورياً.

وكان المخططون الاستراتيجيون في عهد ريغان يعتقدون أن مقايضة اصوات النساء بأصوات الرجال صفقة رابحة. وقالت مستشارة الحزب الجمهوري سوزان براينت إن شعبية الديمقراطيين متدنية بين الرجال بحيث أن تدني شعبية الحزب الجمهوري بين النساء لا يعود لها معنى أو تأثير. وما زال هذا موقف الحزب، كما تلاحظ مجلة نيويوركر.

ومع فشل مقترح تعديل الدستور الاميركي بما يضمن المساواة في الحقوق، الذي انتهى موعد المصادقة عليه عام 1982، تخلى الحزبان الكبيران عن التسوية السياسية اللازمة لاستقرار اميركا. وأنتج دخول المرأة معترك السياسة دون مساواة دستورية مع الرجل، سياسة من الانقسام الدائم.  فالجمهوريون لا يستطيعون كسب النساء وحين يفوزون فإنهم يفوزون دون تأييد النساء، وانما بكسب تأييد الرجال.  ويركز الديمقراطيون على كسب اصوات السود والنساء.  ومن المستبعد أن يخرج ترامب وكلينتون عن هذه القاعدة، بحسب مجلة نيويوركر قائلة إن ترامب لا يستهدف بحملته كلنتون واوباما فحسب، بل المهاجرين والمسلمين، وفي النهاية كل شريحة من الناخبين تركت الحزب الجمهوري، مستخدماً اسلحته الأربعة الرئيسية المتمثلة بالخوف والجهل والتعصب والتشهير.

أعدت “إيلاف” المادة ترجمةً ونقلاً عن مجلة نيويوركر الأمريكية.

امرأة أمريكية ترفع لافتةً لتأييد كلينتون/ الوكالة الأوروبية للتصوير الصحفي

امرأة أمريكية ترفع لافتةً لتأييد كلينتون/ الوكالة الأوروبية للتصوير الصحفي

أترك تعليق

مقالات
يبدو أنه من الصعوبة بمكان أن نتحول بين ليلة وضحاها إلى دعاة سلام! والسلام المقصود هنا هو السلام التبادلي اليومي السائد في الخطاب العام.المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015