شيربوست- كنت أظل أتسائل لماذا يغضب الحقوقيين عند ما نسأل عن سبب قتل فتاة، نحن نسأل من باب الفضول لا أكثر، إلى أن قُتِلت فتاة أعرفها وأحبّها. وعندما جاء الدفاع المدني والشرطة ورأيتهم يخرجون جثّتها ملفوفة ببطانية تشبه القصدير؛ لأنها قُتِلت حرقاً، تملّكني شعور واحد فقط هو الغضب! لم أهتم أبداً للسؤال الذي كنت أطرحه دائماً. وشعرتُ بمدی سخف السؤال عندما سمعتُ العائلة تتحدّث عن سبب القتل، لأول مرة فهمتُ كم أن هكذا سؤال يخفّف من عظم جريمة القتل، حتى لو لم يقصد السائل ذلك.
كم كان مؤلماً صوت صراخها؛ فهو لم ينبع من فمها بل من كلّ جسدها، هذا هو الصوت الذي يخرج من أجساد النساء، وهنّ يتعرّضن للتعنيف في منازلهنّ، كوسيلة وحيدة وأخيرة أمامهنّ للتعبير عن الخوف، والعجز، والألم، وطلب المساعدة.
لا يهمنا أن نعرف تفاصيل مقتل فتاة أو امرأة ما، ما يعنينا هو أن هذه الفتاة أو المرأة تربّص بها مجرمٌ تربطها به وثيقة قرابة من الدرجة الأولى، وأن أي امرأة أو فتاة من الممكن أن تخسر حياتها في أية لحظة، لأن القانون لا يُنصفها، ولأن هذا القانون نفسه لا يُخيف المجرمين، ويُبيح لهم التعامل مع النساء على أنهنّ امتدادٌ لهم وملكهم، فيمارسون سلطتهم الجسدية والنفسية والعاطفية عليهنّ.
لا يخاف الرجال عندما يقتلوننا!.. لأنهم يعلمون أن هناك من سيستقي الأعذار لهم، وأن القوانين ستقف إلى جانبهم، وأن الإعلام سيستضيفهم ليسمع وجهة نظرهم؛ كاللقاءات التي أجراها مع عائلة إسراء غريب وزوج زينة كنجو اللبنانية وغيرهنّ المئات، حيث فضّلت هذه الشاشات السكوب الإعلامي على تحقيق العدالة للضحية، ولم تأخذ بعين الاعتبار مدى حساسية وخصوصية التعامل مع قضايا النساء من النواحي الاجتماعية!.
المشكلة هي عدم خوف المجرمين من الظهور على الإعلام، والتحدّث عن جريمة قتل ارتكبوها، والسماح لهم بالإساءة للضحايا، واستعراض عضلاتهم في المزرعة الذكورية التي نعيش فيها!.
ما نحتاجه هو العدالة، وفي بلادنا حيث يخرج القاتل بكفالة أو بدعم من جهات لا تُعدّ ولا تُحصى، لن تتحقق عدالة النساء سوى حين يبدأ كلّ رجل يستخدم قوته الجسدية لقتل امرأة، بالخوف من أن يُقتَل هو ويُعاقب من النواحي القانونية، وربما حينذاك سيكفّ الرجال عن ضرب النساء وخنقهنّ وطعنهنّ.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.