feministconsciousnessrevolution- يمثّل الثامن من مارس بالنسبة للنسوية الثورية ذاكرة نضالية وممارسة ترفض التمييع والدخول في السوق التسليعية للرأسمالية والأنظمة القائمة، التي سرقت تاريخيًا أصواتنا ونضالاتها وامتصاص ثوريتها ثم جعل المجموعات الواسعة من النساء تنخرط في الدعاية القائلة بأنه يوم للاحتفال “بالمرأة” وليس يوماً نضاليًا ضد اضطهادها واستغلالها.
ذاكرة نُحِتَت بالدماء والعرق والدموع، دماء آلاف المناضلات حول العالم، من رفضن أن يعيش القامع في نعيم لا تقض مضجعه المقاومة.
من رفضن أن يبقى تاريخنا موسومًا بحتميات الاضطهاد. من واجبنا أن نحمل هذا الإرث ونخلصه من سموم التسليع وتزييف الأنظمة القمعية ونقف سداً منيعاً أمامها كما نقف أمام الدمى التي تستخدمها في عروضها، ونعني هنا نسوية الدولة والنسوية الليبرالية التي تضم فئات واسعة من النساء ذوات الامتيازات اللواتي يلعبن دورًا بارزاً في الغسيل السياسي للنظام الأبوي والأنظمة السياسية والرأسمالية وشرعنتها.
يحمل مارس المقاومة التي ترفض التمييع، يحمل ثقل ذاكرة النضال، والتنظيم، والتغيير، والعدالة الجذرية، والرغبة الثورية ليس في تغيير الأنظمة فقط بل في بناء العالم والإنسان الجديد. من المهم أن لا ننسى أننا نحمل العبء الذي حملته أجيالًا بأكملها دُمرت حسب مواقعها بالابادة والاستغلال والظلم الأبوي والاستعماري والرأسمالي، وسرقت مصائرها ومواردها وإرثها وهوياتُها وحقها في تشكيل العالم الذي ترغب في العيش فيه.
نرفع سقف توقعاتنا في كل يوم من حيواتنا المحفوفة بالقهر والخطر، ونعلم أن النضال والثورة ليست ترف، هي حقيقتنا الدامية ووسيلتنا التي نفرض بها حقنا في الحياة، وصوتنا المقاوم المألوف، الذي لا ينبع من خطابات أكاديمية متعالية ولا من ردهات المؤسسات الدولية، ولا من المكاتب المكيفة، وقطعا لن يكون من داخل أجهزة الدولة ولا مؤسساتها، ولن يخضع للتراتبيات ولا القواعد ولن يبيع القضية مقابل امتيازات وأمجاد فردية.
نجبر العالم أن يشاهدنا ونحن نشحذ سكاكينا في قلب أنظمة الموت لنفرض الحياة. ونقاتل بصدورنا العارية وأيادينا المخضبة بالدماء والدموع والعرق لنؤسس نسوية شعبية تضامنية مناهضة للرأسمالية والاستعمار والعنصرية ولنسوية الدولة، نسوية تشبه تعبنا، وأحلامنا، وإرث أسلافنا، وألسنتنا، وآمالنا في التحرر، وتواريخنا.
تواريخ لا تعرف الهزيمة تاريخ الكويريات، والعاملات، والنساء الأصلانيات، والسوداوات، والفلاحات، والبدويات، وعاملات المنازل، واللاجئات، والمُهجرات، والناجيات والضحايا من أنواع العنف المتقاطعة، والعابرات/ين، وعاملات الجنس، والأمهات، والجدات، والمعتقلات في سجون الدولة والاستعمار والمنازل والأبوية، والمناضلات اللاتي أشعلن الأمل واحترقت أيديهن لينرن لنا الطريق، والغاضبات، والرافضات لسيطرة الاستعمار، والواقفات علقم مر في حلق الأبوية والرأسمالية، تاريخ النسويات المنبوذات لأنهن لا يفاضلن في القمع، من بصقن على القواعد الأبوية والدوائر المزيفة ورفضن أن ينصعن لكتيب الآلات، من رفضن أن يحتكر النضال أو يُميع أو تملى شروطه، من يرفعن الإصبع الوسط ويصرخن لا وجود لحرية دون حريتنا جميعاً، عابرات، كويريات، سودوات، مفقرات، ربات منازل، مجنونات، متمردات، لاعنات لكل سلطة وظلم، ناقمات على الأولويات، أمميات، كاسرات للحدود الانعزالية، شيوعيات، حالمات بغد لا استعمار فيه، ولا قمع، ولا جوع، ولا تشرد، ولا سجون ولا ملاجيء.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.