“محبوسات ومحاصَرات، التصدّي للعنف القائم على نوع الجنس والاتجار بالبشر أثناء جائحة كوفيد-19”.
بومزيلي ملامبو - نوكا، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة

الأمم المتحدة & وكالات- كشفت أزمة كوفيد-19 عن أوجه الضعف وعدم المساواة وعدم كفاية الاستجابات داخل المجتمعات وبين المناطق والبلدان. والمشاكل العديدة المختلفة التي نواجهها أثناء الجائحة أصابت النساء بشكل أكبر. هذا ما أكّدت عليه السيدة غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في حدث افتراضي عقد صباح أمس الاثنين تحت عنوان:

“محبوسات ومحاصرات، التصدي للعنف القائم على نوع الجنس والاتجار بالبشر أثناء جائحة كوفيد-19”.

بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تعاني واحدة من كل ثلاث نساء بالفعل من أشكال مختلفة من العنف في حياتها. وتموت غالبية ضحايا القتل من الإناث على أيدي شركائهن الحميمين أو أفراد الأسرة الآخرين. كما أن أكثر من 60 في المائة من ضحايا الاتجار بالبشر هم من النساء والفتيات.

أعمال المُتاجرين تزدهر أثناء كوفيد-19

في خضم أزمة كوفيد-19 تتعرض النساء بشكل أكبر للعنف والتحرش، بحسب السيدة غادة والي التي أشارت إلى تزايد خطر تعرض النساء للاستغلال من قبل المتاجرين بالبشر. يأتي ذلك في ظل تراجع قدرة إنفاذ القانون ونظم العدالة الجنائية على العمل.

ووفقاً لما ذكرته المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، السيدة بومزيلي ملامبو-نوكا، في كلمتها خلال حدث اليوم، فإن “الأعمال تزدهر بالنسبة للمتاجرين بالبشر”، موضحة أنه خلال عمليات الإغلاق الوبائي، أفاد ثلثا العاملين في مجال مكافحة الاتجار بأنهم شهدوا “زيادة في تجنيد الضحايا عبر الإنترنت من قبل المتاجرين بالبشر لغرض الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت”.

كما أدت ظروف الجائحة إلى الحد من الوصول إلى التدخلات الصحية المنقذة للحياة وأضعفت قدرة الدول والأمم المتحدة على رصد الانتهاكات والإبلاغ عنها، وتوفير الحماية ومكافحة الإفلات من العقاب. وقد أفادت 14٪ فقط من منظمات مكافحة الاتجار بأن آليات الإحالة الوطنية للناجين من الاتجار كانت تعمل بكامل طاقتها أثناء الجائحة.

الشهادة المؤلمة.. ماذا فعل كورونا بالنساء؟

وبالنسبة للمجتمعات المتضررة من النزاع والنزوح، ترتفع آثار وتداعيات الإغلاق بشكل كبير. هذا أمر مألوف بالنسبة لناديا مراد ومجتمعها الإيزيدي. “فأن تكون محبوسا مع جلادك تحت سقف واحد أمر يعرفه ويفهمه تماماً المجتمع الإيزيدي”، كما قالت ناديا.

ناديا مراد، وهي إحدى الناجيات من براثن داعش والحائزة على جائزة نوبل للسلام، وسفيرة النوايا الحسنة لدى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كانت تتحدث اليوم بالنيابة عن مؤسستها “مبادرة ناديا” الشريكة في تنظيم هذا الحدث.

وفي كلمتها قالت ناديا: “لست سنوات، كان الإيزيديون النازحون في مخيمات النازحين يفتقرون إلى الرعاية الصحية والمأوى المناسبين. لست سنوات، تم حبس أكثر من 2800 امرأة وطفل من الإيزيديين مع المعتدين عليهم. لست سنوات، كافح الإيزيديون من النساء والرجال والأطفال للتعافي من الإبادة الجماعية والعنف الجنسي”.

وقالت الناجية الإيزيدية نادية مراد، إن جائحة فيروس كورونا المستجد زادت من الاتجار بالنساء، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ما ترك صحة المرأة وسلامتها “على المحك”.

وأضافت الناشطة العراقية البالغة من العمر 27 عاما، التي أجبرها مقاتلو تنظيم داعش الإرهابي في العراق على العبودية الجنسية، أن حظر التجول والإغلاق وقيود السفر التي فرضتها الحكومات لإبطاء انتشار الفيروس “كان لها عواقب غير مقصودة على النساء في جميع أنحاء العالم”.

ونقلت “أسوشيتد برس” عن سفيرة الأمم المتحدة “بدلاً من الحد من الاتجار بالبشر، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، زاد الوباء من خطر الاستغلال والوحشية ضد أولئك الأكثر ضعفاً. شهدت نساء كثيرات في عدة بلدان عنف منزلي منذ ظهور الوباء”، وفقا لمراد.

وترى نادية مراد أن التوترات المحلية اشتدت في أماكن المعيشة الضيقة، وزادت أوامر البقاء في المنازل قائلة  “من الاتجار بالبشر في أماكن بعيدة تحت الأرض، بعيدا عن أنظار سلطات إنفاذ القانون”.

وأضافت قائلة “الموارد القليلة المخصصة للوقاية والإنقاذ وإعادة التأهيل تُستنفد بشدة. نتيجة لذلك، أصبحت صحة المرأة وسلامتها على المحك. من الصعب الآن على كثير من النساء الحصول على الدعم النفسي والرعاية الصحية”.

كانت نادية مراد، وهي من الأقلية الأيزيدية في العراق، من بين آلاف النساء والفتيات اللواتي تم أسرهن وإجبارهن على العبودية الجنسية من قبل مسلحي تنظيم داعش عام 2014. وأصبحت ناشطة نيابة عن نساء وفتيات بعد الهرب والعثور على ملجأ في ألمانيا، وحصلت على جائزة نوبل للسلام مناصفة عام 2018.

إيجابيات وسلبيات العدالة الإلكترونية

قد تساعد سبل الانتصاف لحل القضايا المتراكمة، مثل استخدام آليات “العدالة الإلكترونية”، في تمكين المرأة من الوصول إلى العدالة حتى في هذه الأوقات الصعبة.

غير أن ذلك قد لا يشمل النساء الفقيرات والمهمَّشات اللواتي لا يتمتعن بالتقنيات الإلكترونية المطلوبة. “مما يؤدي عن غير قصد”، بحسب السيدة والي، “إلى التمييز ضد من يعيشون على الجانب الخطأ من الفجوة الرقمية، ويفتقرون إلى الوصول إلى التقنيات والمعلومات الضرورية”.

في كل منطقة من العالم، يفاقم فيروس كوفيد-19 محنة النساء والفتيات المعرضات للخطر، بينما يعيق استجابات العدالة الجنائية ويقلل الدعم للضحايا.

استجابة عالمية للعنف والاتجار على غرار استجابة كوفيد

وفي هذا السياق دعت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى “التأكد من أن تدابير التصدي للجائحة تأخذ النساء في الاعتبار، وأنها تعمل لصالح النساء، لدعم وصولهن إلى العدالة والخدمات الأساسية، وحماية حقوقهن”.

ودعت الحكومات والقطاع الخاص وكافة أطياف المجتمع إلى الالتزام والمساهمة في هذا الهدف المشترك. “لكل فرد منا دوريجب أن يلعبه في النضال من أجل المساواة في الحقوق ومكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي”.

من جهتها لفتت بومزيلي ملامبو-نوكا الانتباه إلى أهمية وضع “استجابة عالمية ومنسقة عاجلة – تماما مثل استجابتنا للفيروس”. وقالت “إذا استثمرنا نفس القدر من الخبرة والطاقة والأموال، فسنكون على الطريق الصحيح لإيجاد حل عالمي مستدام لعنف الرجال ضد النساء والفتيات”.

وأوضحت أن العالم يشهد بالفعل استجابة واعدة، يمكن توسيعها وتوسيع نطاقها، لمواجهة هذا التحدي.

أما ناديا مراد فدعت إلى أن يلعب الناجون دورا أساسيا في هذه الاستجابات. وقالت “يجب السعي لتحقيق العدالة بالتشاور مع الناجين، ويجب تنفيذ برامج إعادة التطوير بمساهمة وقيادة الناجين. فإن النهج الشاملة للعدالة والتنمية ستسهل التعافي والوقاية”.

السلام في المنزل

وكانت 146 دولة قد استجابت بالفعل لنداء الأمين العام للأمم المتحدة من أجل “السلام في المنزل” من خلال اتخاذ تدابير لجعل الوقاية من العنف ضد النساء والفتيات والتعويض عليه جزءا رئيسيا من خطط الاستجابة الوطنية لفيروس كورونا.

وعُقِدَ هذا الحدث بمشاركة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة و”مبادرة ناديا”، وبدعم من البعثة الدائمة لجمهورية ألمانيا الاتحادية لدى الأمم المتحدة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة. وقد جمع سفراء نوايا حسنة ومسؤولين ونشطاء مجتمعيين للحديث عما تتعرض له النساء من عنف متزايد في ظل الإغلاق الذي فرضته الجائحة على كل مناطق العالم.

يُذكر أنه من بين المشاركين في هذا النقاش الهام الذي أدارته الممثلة ميرا سورفينو، سفيرة النوايا الحسنة لدى المكتب للنضال ضد الاتجار بالبشر على الصعيد العالمي، الممثلة الأمريكية أشلي جَد، سفيرة النوايا الحسنة لدى صندوق الأمم المتحدة للسكان؛ الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان سفيرة النوايا الحسنة لدى هيئة الأمم المتحدة للمرأة؛ الموسيقي البلجيكي أوزارك هنري، سفير النوايا الحسنة ضد الاتجار بالبشر لدى المكتب في بلجيكا.

بالإضافة إلى السيدة ميشيل مونتيفيرينغ، وزيرة الدولة بوزارة الخارجية الألمانية، السيدة سيلك ألبرت، خبيرة منع الجريمة، في قسم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، بمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

بومزيلي ملامبو – نوكا، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015