دمشق/ وكالات- في ظاهرة نادرة قد تكون مرتبطة بمفرزات الحرب السورية، تقدّم أكثر من 800 امرأة، بطلبات توظيف للحصول على وظيفة أعلنت عنها وزارة العدل السورية، هي وظيفة “المُحضِر” القضائي التي ارتبطت تاريخياً، بالرجال، في سوريا.
وتتجه النساء السوريات لشغل وظائف الرجال في سوريا مع اضطرار العديد من الشباب إلى السفر وطلب اللجوء خارج البلد، هربًا من العمليات العسكرية أو الاعتقال والإجبار على الخدمة العسكرية.
وكشفت مصادر في وزارة العدل لصحيفة “الوطن” السورية يوم الخميس 22 شباط، عن تقدّم 850 امرأة من أصل 900 شخص تقدّموا لشغل وظيفة “مُحضِر” في المحاكم.
كما أعرب المتحدث باسم الوزارة عن استغرابه من هذا العدد؛ خاصةً أن مهنة “المحضِر” هي حكرٌ على الرجال، ومن الصعب على المرأة أن تقوم بها، وفق قوله. مؤكداً أن تلك الوظيفة “بحاجة إلى الذكور أكثر من النساء”، ومبيّناً أنه “من النادر أن تكون هناك امرأة” بين العاملين في تلك الوظيفة.
ويعود سبب اقتصار هذه المهنة على الرجال إلى كونها تتطلب تفرغًا من الموظف، وخاصةً أنه يقوم بتبليغ أطراف الدعوى في عناوينهم، وأحيانًا تكون في أماكن بعيدة، كما أن عمله يستمر حتى المساء في بعض الأحيان.
وعلى الرغم من الخطورة المحتملة التي تتضمنها وظيفة “المُحضِر” التي تتطلب تنقّلاً في الأمكنة لإبلاغ المتقاضين بالاستدعاء للمثول أمام محكمة أو تسلّم الإنذارات أو إبلاغ الأحكام، وسواها من إجراءات قد تضع المحضر في مواجهة مباشرة مع أحد الأطراف، فإن النساء السوريات تقدمن لها، بنسبة فاقت الـ 95 % قياساً بمن تقدّم لها من الرجال الذين لم تتجاوز نسبتهم الـ 5 % فقط.
ولا يشترط قانون أصول المحاكمات المدنية السوري أن يكون “المحضِر” رجلًا، ولكنه عرفٌ متبع، وخاصة أن “المُحضِر” يصادف أحياناً متاعب أثناء قيامه بالتبليغ، كامتناع المطلوب تبليغه عن التبلغ، أو الاعتداء عليه.
وقد أكّد المتحدث باسم وزارة العدل أن مدة التقدم للمسابقة مازالت مفتوحة، وأنه إذا بقي العدد هكذا سيتم اختيار الأفضل، بغض النظر عن كونه رجلًا أو امرأة.
وكانت وزارة العدل السورية قد أعلنت أيضاً عن فتح باب التوظيف لوظيفة سائق، وأعلنت أنها تحتاج لأربعين سائقاً، إلا أن المفاجأة تمثلت بوجود خمسة متقدمين فقط لتلك الوظيفة، على الرغم من حاجة السوريين الماسّة لأي عمل يدر دخلاً، خاصةً في ظل التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.
جدير بالذكر أن النساء السوريات بدأن بممارسة معظم المهن في سوريا، حتى تلك التي تقتصر على الرجال، وذلك في المناطق التابعة للنظام والمناطق التي خرجت عن سيطرته على حدّ سواء، بعد اندلاع الثورة، بسبب قلة الشباب والرجال القادرين على ممارسة الأعمال بمختلف صنوفها وأنواعها.