ثريا قاسمي/ مجلة (ميم)- “باينة خبرة.. فلتانة هيئتها من واحد لواحد”، هكذا كانت ردود الأفعال في الشارع اللبناني على فتاة جسّدت دور الضحية المغتَصَبة، وهي تُعلِم المارّة أنّ أحد الشبان قد اغتصبها.
بدت الفتاة في حالة انهيار تام، وهي تبكي وتُعلِم المارّة بأنها كانت ضحية اغتصاب، وكانت ردّة فعل البعض صادمة، إذ حمّلوها المسؤولية بسبب مظهرها والملابس التي ترتديها، حتى أن البعض اتهمها بتعاطي المخدرات، في حين تعاطف قلّةٌ منهم معها وحاول مساعدتها.
مقطع الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعل معه النشطاء اللبنانيون، جاء في إطار الحملة التي أطلقتها منظمة “أبعاد” اللبنانية بعنوان “مين الفلتان؟ المُغتَصَبة أم المُغتَصِب؟” للمطالبة بمحاكمة المغتَصِب، أيّاً كان، وخلق رأي عام داعم للمغتَصَبة، بدل أن يكون جلاداً ومحاكماً لها.
وكانت منظمة “أبعاد” أرسلت منذ أيام رسالة قصيرة إلى اللبنانيين عبر هواتفهم المحمولة تضمّنت سؤالاً غريباً “مين الفلتان؟” دون أن يُعرَف المغزى الرئيسي للسؤال..
حملة “مين الفلتان؟” انطلقت بمناسبة الـ16 يوماً العالمية للقضاء على العنف ضدّ النساء والفتيات، بالشراكة بين منظمة “أبعاد” ووزارة الدولة لشؤون المرأة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وبدعم من السفارات الأجنبية وعدد من الشركاء.
وقالت مديرة منظمة “أبعاد” غيداء عناني في بيانٍ لها، إن”هدف هذه الحملة الضغط باتجاه تشديد العقوبات وتسريع المحاكمات بحقّ المعتَدين في حالات العنف الجنسي والاغتصاب بشكل خاص، وتغيير النظرة المجتمعية التي تصم المرأة المغتَصَبة بالعار وتدفعها إلى التستّر على الجريمة، وخلق رأي عام داعم يدين فعل الاغتصاب كجريمة تستوجب العقوبة الرادعة”.
وأضافت غيداء عناني أنّ الحملة “استكمال لجهود المنظمة في التصدّي لجريمة الاغتصاب والتي بدأتها في العام 2016 مع حملة ‘الأبيض ما بغطي الاغتصاب: الغوا المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني’ من أجل تغيير المنظومة الثقافية التي كانت تُعفِي المغتَصِب من العقوبة في حال تزوّج من المغتَصَبة، وقد تكلّلت هذه الحملة بإلغاء المادة 522″.
وعبّرت مديرة المنظمة عن أسفها من ردود أفعال المارة، مشيرةً إلى أنّ شريحة كبيرة من المجتمع تجهل كيفية التعامل مع الفتاة المغتَصَبة، وهو ما ينعكس على المستوى الصحي والنفسي للضحية بشكل “مدمّر”.
ولفتت إلى أنّ الحكم الظالم على الضحية يدعم ثقافة الصمت والتستّر، مشدّدةً على “ضرورة التصدّي لهذه الظاهرة عبر تعزيز الوعي المجتمعي الداعم لضحايا الاغتصاب والمطالب بإحقاق العدالة والقصاص من المجرمين بعقوبات رادعة”، تضيف غيداء في البيان ذاته.
أرقام صادمة وظاهرة مستشرية
وكشفت إحصاءات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بأن الإحصائيات الحديثة تشير إلى أنّ واحدةً من كل أربع نساء في لبنان تتعرّض للإعتداء الجنسي، 49% منها يرتكبها أحد أفراد العائلة أو المعارف والمحيطون بالنساء، في حين تبلّغ نحو 13 امرأة فقط شهرياً عن تعرضهن لاعتداء جنسي، أي بمعدل ثلاث نساء أسبوعياً.
منظمة “أبعاد” قامت هي الأخرى باستطلاعٍ سنة 2017، بيّن أنّ 80% من النساء في لبنان يعتقدن أنّ الموروثات الاجتماعية والثقافية تبرّر الاعتداء والعنف الجنسي.
الحملة تدعو إلى الضغط على المسؤولين، من خلال المطالبة بتشديد العقوبات على المعتدين وعلى تصويب اللوم على المعتدي والتوقّف عن لوم الضحية تحت شعار “مين الفلتان؟ حاكم المغتَصِب لا تحكم على الضحيّة”.