نساء السودان أوقدن الثورة، لكن جرى تنحيتهنّ جانباً
المرأة السودانية.. أيقونة الثورة/ انترنت

نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريراً في عددها الصادر اليوم “الإثنين” عن إقصاء النساء السودانيات من مرحلة مابعد نجاح الثورة والدخول في مرحلة تكوين السلطة الانتقالية المدنية، وأشارت إلى إن النظام الجديد الذي يتشكل في السودان أقصى المرأة رغم الدور الفعال الذي اضطلعت به خلال الثورة السودانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن النساء كن وقود الثورة السودانية التي أطاحت بالرئيس المخلوع عمر البشير حيث شكلن نسبة 60% إلى 70% من المتظاهرين فضلاً عن أن أيقونة الثورة كانت امرأة ورغم ذلك أقصيت من المناصب القيادية في الهيئات التي ستقود البلاد خلال الفترة الانتقالية.

جوستين لينش/ ترجمة sudantribune- كانت أيقونة الثورة السودانية امرأة محتجّة هي التي عرّفت ثورة، وشكّلت النساء غالبية المتظاهرين، إلا أنّ ناشطاتٍ يشتكين من استبعادهنّ بالكامل تقريباً من المرحلة الجديدة.

على مدى ثلاثة عقود، فرض الرئيس السابق عمر البشير مجموعةً من القوانين القمعية تهدف إلى إخضاع النساء، على ما يبدو بهدف إرضاء القوى الإسلامية المحافظة في البلاد، والتي دعمت نظامه. كان زواج الأطفال مسموحاً به وكذلك الاغتصاب الزوجي، ولم يُسمح للنساء بارتداء البنطال في المحيط العام.

وعليه يكن من المستغرب أن تكون النساء قد شكّلن غالبية المتظاهرين عندما اجتاحت الاحتجاجات الشعبية العاصمة الخرطوم ابتداءً من ديسمبر 2018، مما أدّى في نهاية المطاف إلى خلع البشير في 11 أبريل. لكن سرعان ما عادت السياسة إلى أن أصبحت نادياً للرجال، وفقاً لنشطاء. وبدأت مجموعات المجتمع المدني والجيش في البلاد التفاوض بشأن المستقبل السياسي للبلاد، وتمّ دفع النساء مرةً أخرى جانباً.

وعلى الرغم من تشكيلهن لما يقرب من 60 إلى 70 % من المتظاهرين الذين أطاحوا بالبشير، إلا أنّ النساء غائبات تماماً عن المناصب القيادية السياسية التي تشكّل مستقبل البلاد.

وتقول سارة عبد الجليل، إحدى قيادات تجمّع المهنيين السودانيين، ” أين النساء؟ خلال السنوات الثلاثين الماضية، كانت المرأة غير مرئية في السياسة ولم يكن لدينا نساء في مقدمة هذه المنظمات”.

وتقول ناشطاتٌ إنّ نقص القيادات النسائية في الحركة الديمقراطية في السودان ليس مجرد مسألة مساواة من أجل المساواة، بل سيؤثّر على المرحلة الانتقالية وفي نهاية المطاف على نجاح الثورة.

لقد أعقب انهيار حكم البشير مفاوضات بين الجماعات المدنية والجيش، بهدف التوصّل إلى اتفاق لتقاسم السلطة. لكن الجماعات المدنية وقعت في نزاعاتٍ شرسة، جزئياً حول حقيقة أنّ الرجال على طاولة المفاوضات لا يعكسون بدقة هؤلاء المتظاهرين الذين حفزوا الثورة.

ومن بين العشرات من المدنيين الذين شاركوا في المفاوضات، هناك امرأةٌ واحدة فقط هي ميرفت حمد النيل، التي لا يُعرَف عنها الكثير.

كما كانت هناك انتقاداتٌ بأنّ قيادة الجماعات المدنية، المُسمَّاة “قوى الحرية والتغيير”، كانت أكثر استعداداً للتسوية مع الطغمة العسكرية في البلاد، أكثر مما يريد المتظاهرون الذين يمثّلونهم.

تقول هالة الكارب، المديرة الإقليمية للمبادرة الاستراتيجية للنساء في القرن الإفريقي “إنّ عدم وجود التنوّع يجعل فريق التفاوض متقارب التفكير للغاية ولا يمكنه التوصّل إلى النتائج التي تمثّل القوى الثورية. إن معظم الأحزاب السياسية التي تتفاوض حالياً نيابةً عن الشعب السوداني لم تستثمر في مواجهة تحدّيات المرأة، لذلك لا تهتم النساء بالمشاركة”.

وفي منتدى في حي من أحياء الخرطوم، هناك لمحةٌ عن مستقبل السودان السياسي المُرتَقب، حيث تحوّلت سماهر مبارك، صيدلانية، 28 عاماً، إلى قائدٍ ثوري تُلقي محاضرات على مسرحٍ مملوء بالأعلام السودانية.

وتباطأت المحادثات حول مستقبل السودان السياسي جزئياً لأن الطغمة العسكرية طالبت بالسيطرة على الحكومة المُقبِلة وتريد الحصانة من أجل العديد من الجرائم التي يتّهمون بها، بما في ذلك مذبحة فض الاعتصام التي وقعت في 3 يونيو وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص.

تقول سماهر “نأمل أن ندخل إلى عصرٍ ديمقراطي جديد. إنّ الأحزاب السياسية بحاجة إلى إعادة تنظيم عبر إشراك المزيد من الناس، ولا توجد طريقة للحصول على أصوات النساء إذا لم يتم تمثيل وجهات نظرهنّ”.

ولا تحبّ سماهر الإعداد المُسبَق لخطبها بالتفصيل، بيد أنها تفضّل أن يحرّكها حماس الجمهور الذي يقف أمامها، تضيف “أنا أعتمد على غريزتي. وأعتقد أنني ورثت ملكة الخطابة من والدتي لأنها كانت جيدة في ذلك”.

وتعتقد سماهر أنّ المرأة ستَرقَى بشكلٍ طبيعي إلى مناصب قيادية سياسية في عصرٍ ديمقراطي جديد، يُكافئ الأحزاب المرأة فيه بالحصول على عضويةٍ أوسع.

ومؤخراً تظاهر محتجّون، ومعظمهم من النساء، خارج مقر تجمّع المهنيين السودانيين، للمطالبة بمزيدٍ من التمثيل للمرأة في المستقبل السياسي للبلاد.

ويستمع إلى سماهر بضع مئاتٍ من الرجال يرتدون الجلابيب البيضاء النظيفة. حيث يجلس الرجال في كراسٍ بلاستيكية، بينما تجلس حفنةٌ من النساء على الجانب الآخر. وقد اعتاد هذا الحي أن يكون مؤيّداً قوياً للبشير ونظامه، لكن بعد أن تحدّثت سماهر، كانت محاطةً بمجموعةٍ كبيرة من المعجبين. كما أخبرتها مجموعةٌ من الأولاد كيف تحوّل الحي لدعم الثورة، وجاءت امرأةٌ تسألها تفاصيل عن المظاهرات العامة التي ستجري في اليوم التالي.

ويبدو أن سماهر تمثّل عودة زعامة المرأة التي تعرّضت للقمع في عهد البشير. وربما تكون الأيقونة النسوية في السودان هي الكاتبة والمفكرة الاشتراكية فاطمة أحمد إبراهيم، المولودة 1932، والتي أصبحت أول عضوٍ في البرلمان في البلاد في العام 1965، وتوفيت في لندن العام 2017.

وأعرب المتظاهرون عن إجلالهم لفاطمة أحمد إبراهيم من خلال رسم وجهها على لافتاتٍ تحمل شعار “أُمنا فاطمة”. كما قام فنانون برسم صورتها على جدران الخرطوم المتهالكة. وتقول فاطمة عبد الجليل، مؤرّخة حقوق المرأة في السودان “إنّ فاطمة كانت امرأةً حازمة وقوية، حتى عندما كانت في المدرسة الثانوية”.

وأشارت إلى أنّ فاطمة تحدّت بعض المعايير الثقافية والقانونية القمعيّة في السودان، حيث أنشأت مجلةً قارنت فيها حقوق المرأة في السودان بالدول الأخرى، لافتةً إلى أنّ فاطمة فضّلت أن تُمارس التغيير على مراحل بدلاً من تحدّي جميع المعايير القمعية للبلاد دفعةً واحدة.

لكن الفجوة بين أجيال المدافعات عن حقوق المرأة السودانيات واضحة، كما تقول فاطمة عبد الجليل، حيث تبلغ عبد الجليل 84 عامًا بينما حفيدتها 17 عاماً. وبينما تستمع زينب إلى حديث جدّتها، فإنها تتفق معها بالأهداف؛ ولكنها تختلف مع المنهج وهو العمل بخطواتٍ تدريجية.

تقول زينب “عندما نشؤوا وحاربوا هذا النظام، كان الأمر من خلال كونهنّ نساء يندرجن في المجتمع، لكن بالنسبة لنا، كانت الحياة في هذه البيئة قمعيّة للغاية”.

وتروي زينب قصصاً عن صديقةٍ لها تزوّجت في سن الخامسة عشر، وعن ابنة عمّةٍ تعرّضت للاغتصاب في الثانية عشرة من عمرها. وتقول إنه بدلاً من العمل تدريجياً كما تقول جدّتها، فإنّ النساء السودانيات المُحتَجّات يُطالِبن بإصلاحٍ شامل لحقوق المرأة وتقول زينب: “في الحقيقة! إنّنا غاضبات وسنقاتل، يعتبرنه الأُخريات أمراً غريباً للغاية بالنسبة لجيلهنّ؛ لأنهنّ اتخذن الأمر خطوةً بخطوة، لكننا نقول:نريد أن نقاتل لأجل حقوقنا”.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

المرأة السودانية.. أيقونة الثورة/ انترنت

المرأة السودانية.. أيقونة الثورة/ انترنت

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015