علا المصياتي/ألترا صوت- أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، وفق مرسوم صدر الأحد 23 نيسان/ أبريل الجاري، قرارًا يقضي بحلّ الاتحاد العام النسائي بعد قرابة 50 عامًا على تأسيسه. هذا وقد تأسس الاتحاد العام النسائي سنة 19677. وقد كان يعتبر في مرحلة ما بعد الاستقلال مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني ومن واجبه الضغط على الحكومة لسن القوانين التي تضمن مصالح النساء في سوريا، وتم اعتباره جهة داعية لتحرر المرأة وتشكيل وعيها المجتمعي والسياسي. ولكن ما حدث على الأرض هو العكس، حيث أصبح خلال السنوات الماضية جهة حكومية تختزل كل نشاط المرأة السورية في الواجبات المنزلية كتعليم الطبخ والأعمال المنزلية غير المكلفة.
وجاء في قرار إلغاء الاتحاد العام النسائي، الذي نشرت نسخة منه وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن “يُعين العاملون في الاتحاد ضمن إحدى الجهات العامة حسب الشواغر المحدثة، كما ويجري تعيينهم بحسب الفئات الخمس التي تتناسب مع الشهادات والمؤهلات المطلوبة للتوظيف حسب القانون السوري. يحتفظ العاملون في الاتحاد الملغى بالأجور المماثلة لأمثالهم من العاملين في الدولة، بينما يُعاد العاملون المنتدبون لصالح الاتحاد إلى الجهات العامة التي انتدبوا منها، على أن تصدر قرارات التعيين من رئيس مجلس الوزراء، خلال ستة أشهر من تاريخ صدور المرسوم”.
وورد أيضًا: “سوف تحل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مكان الاتحاد بكل ما له من حقوق وما عليه من التزامات، بينما يستمر العاملون المؤقتون المتعاقدون بنفس أوضاعهم وأجورهم”.
هذا الخبر أثار سخرية السوريين كما أثار استغرابهم، فانطلق كثيرون يعبرون عن أرائهم حول موضوع حلّ الاتحاد العام النسائي وتأثيره الخافت على نساء المجتمع السوري. تقول لينا، موظفة حكومية، ساخرةً من القرار: “هذا حقًا مضحك، من سيعلمنا بعد اليوم حفظ الكونسرة والرسم على الحرير، ومن سينشر الوعي بوسائل تحديد النسل وتنظيم الأسرة، هذا كل ما نعرفه عن الاتحاد العام النسائي”. فيما سخر الطبيب جورج على صفحته في موقع فيسبوك قائلًا : “العاقبة لباقي الاتحادات في هذا الوطن”.
الاتحاد العام النسائي الذي كان طيلة 50 عامًا عائقًا بوجه أية منظمة أو جمعية تريد ترخيصًا لها في سوريا لتنشط في شؤون المرأة، لأنه حسب قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة، تلتزم الجمعيات باتباع توجيهات الاتحاد العام النسائي، كما ويسمح للجهات الإدارية فيه بحلّ أو دمج أو تعديل الجمعيات ذات الاختصاص المتشابه. والجدير بالذكر أن منظمات حقوق الإنسان في سوريا تعمل منذ ما يقارب سبعة عشر عامًا بشكل غير قانوني ودون ترخيص.
يقول أحمد، محامٍ وحقوقي سوري لـ”الترا صوت”: “انحصر دور المرأة السورية في المجتمع في بعض المجالات، وكان من الممكن أن تكون فردًا مؤثرًا وفعالًا، فاستبعدت عن الحياة الاقتصادية والسياسية، إلا فيما يخص وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والثقافة ما حصد نتائج مخيبة للأمال فيما يتعلق بدورها سياسيًا، وحصرت مهامها في شؤون صغيرة وخاصة، كما وبقيت دون صوت قوي ومؤثر في المجتمع، حدث كل هذا في ظل وجود اتحاد عام نسائي، ما يوصلنا نهايةً للتفكير بجدوى هذه المؤسسة التي لم تغير بوضع المرأة السورية بل زادت من انكفائها وعزلها عن المجتمع”.
توضح لمى، ناشطة نسوية من سوريا: “انحصرت مهام ونشاطات الاتحاد العام النسائي مؤخرًا بزيارة الحواجز العسكرية وإقامة المعارض الفنية والتراثية وتنظيم نشاطات للأطفال، كحملات التلقيح في بعض المناطق الآمنة وندوات الصحة الأسرية، كما لم يخرج نشاطه عن المعتاد والسائد”، وتكمل لمى: “من وجهة نظري لم ألمس أي تأثير إيجابي وحقيقي للاتحاد في سوريا من أجل تحسين دور المرأة في المجتمع”.
خلقت تلك الآراء، رغم سخريتها أحيانًا، بعدًا مأساويًا في موضوع كهذا، فمؤسسة حكومية تعمل على مدار خمسين عامًا لم تستطع التأثير أو خلق علاقة بينها وبين الفئة الموجهة لها، وهذا يحيلنا لإعادة النظر في هيكلية مؤسساتية كان يدور فيها الأفراد بشكل غير منتج، فشكلت مع غيرها أماكن تدجين وبطالة مقنعة لا أماكن توظيف ومنفعة.