السويداء/ وكالة (شينخوا) الصينية- لم يكن هدف النساء السوريات اللواتي اجتمعن اليوم لتنظيف أحد أحياء بلدة الرحى التابعة لمدينة السويداء (جنوب سوريا) هو تنظيف الحي من القمامة وترحيل الأكوام المتراكمة لمرة واحدة وإنما هدفهم الأساسي كان أكبر وأعمق وهو تعزيز ثقافة النظافة البيئية في المجتمع لتكون سلوكاً يومياً خاصة في هذه الظروف التي تمر بها البلاد بسبب الحرب والحصار الاقتصادي الجائر الذي تفرضه الدول الغربية على سوريا ما تسبب بنقص الوقود الذي انعكس سلباً على مختلف مناحي الحياة في سوريا.
وبروح الفريق الواحد اجتمع عدد من النساء وهن يتردين الكمامة الواقية والقفازات المطاطية وانتشرت كل مجموعة باتجاه وتحمل كل واحدة منهن كيساً أسوداً كبيراً لجمع القشور والمخلّفات البلاستيكية وأكياس البلاستيك التي علقت على أطراف الطرقات ووضعها بمكان واحد، لتأتي بعد حين سيارة القمامة لتقوم بترحيلها إلى المكبّ الرئيسي، وسط أجواء من الفرح والسرور والتكافل المجتمعي الذي يعزز روح الانتماء للمكان الذي يعيش به هؤلاء الناس.
وقالت غادة مسعود المرأة الستينية بالعمر لوكالة أنباء (شينخوا) من سكان حي يقع ضمن نطاق بلدة الرحى، وهي تقوم بجمع المخلفات من أمام أحد الأبنية ، “نتيجة الوضع المتردي الذي تعيشه البلاد، والتقصير الحاصل من قبل البلديات في إزالة القمامة المتراكمة منذ أكثر من أسبوع في أرجاء الأحياء السكنية، قررنا تنفيذ مبادرة لتنظيف الحي من القمامة ليس لمرة واحدة وإنما باستمرار”، مؤكدة أن هذه المبادرة لاقت ترحيباً من قبل النساء اللواتي يسكنّ بهذا الحي الأمر الذي شجّعهن لتنفيذها بأقرب وقت ممكن.
وأضافت غادة مسعود أن هذه المبادرة شارك فيها فريق من النساء السوريات وناشطات من خارج الحي لتعزيز ثقافة التنظيف وسلامة البيئة التي نعيش بها انطلاقاً من مقولة (لا تفكر بالنجاح وإنما فكّر بخلق عادات ناجحة، ولكي تكون مبادرتنا من العادات الناجحة يجب أن تكون عادة يومية، وليست ليوم واحد.)
وأردفت تقول “نأمل أن تنقل هذه المبادرة إلى الأحياء الأخرى، كي تتعزز لديهم ثقافة مجتمعية معينة وهي الحفاظ على البيئة النظيفة وخاصة في ظل انتشار الأوبئة والأمراض المختلفة التي تخلفها القمامة المنتشرة في الأحياء”، معربةً عن أمنياتها بأن تعطي هذه المبادرة نتائج إيجابية ويقتدي بها الكل من أجل أن تصبح عادة مستمرة.
وبدورها قالت سها نصر منسق الجلسات للشبكة النسوية السورية في السويداء “نحن مجموعة من السيدات سمعنا بالفكرة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وأحببنا أن نشاركهن بهذه المبادرة ونأمل أن تكون هذه المبادرة نموذجاً يُحتذى لدى الأحياء الأخرى لنحافظ على نظافة البيئة وسلامة أطفالنا ونعيش في ببيئة نظيفة خالية من التلوّث”.
وأكّدت سها نصر التي كانت ترمي أكياس القمامة في سيارة القمامة على ضرورة أن ينطلق كل شخص من ذاته ويحافظ على نظافة بيته وحيّه وأن تعمّم هذه المبادرة لتشمل كل الأحياء التي لا تصلها السيارات التي تزيل القمامة بسبب نقص الوقود الحاصل.
وبنفس الحماس والنشاط قالت ايفلين عزي وهي من مؤسسة فريق التنمية المجتمعية “أحببنا أن نشارك الجمعية النسوية السورية بهذه الفعالية التي تهدف لتعزيز ثقافة النظافة في المجتمع والمحافظة على بيئة نظيفة خالية من التلوّث ونأمل أن تلقى هذه الفعالية صدىً طيب في الأحياء الأخرى”، مؤكداً أن الانطلاقة يجب أن تكون من كل بيت.
وعبّرت وفاء الملحم وهي من المشاركات بهذه الفعالية عن سرورها بهذه المشاركة قائلةً “المبادرة جيدة ويجب العمل على تعزيز هكذا مبادرات وهذه المبادرة مهمة لأنها جاءت بعد تعرّض البلد لفترة من الجفاف والتصحّر، وبالتالي علينا أن نعلّم أولادنا فكرة النظافة وأن ونرمي القمامة في مكانها المناسب والمخصص لها ويجب أن تكون هذه المبادرة ثقافة مجتمعية ونعمّمها”.
ولم تقتصر المشاركة على النساء وإنما شارك الأطفال والشباب أيضاً بهذه المبادرة التي اعتبروها مهمةً لغرس القيم الإيجابية التي تدعونا لتحمّل مسؤولية المحافظة على البيئة والأحياء من التلوّث.
وقال عمر فليحان (18 عاماً) “عندما رأيت النساء يقمن بإزالة القمامة من الحي، لا شعورياً تحمّست وسارعت بالمشاركة بهذه الفعالية التي تحمّلنا مسؤولية المحافظة على الاحياء وتنظيفها من القمامة.”
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.