نورس علي/ سناك سوري- تمكّنت “نورا سليمان” أمٌّ لأربعة أطفال من تحدّي مرضها الخبيث ومقاومة تداعياته من ألم وتساقط شعر الرأس، وتجاوزت نظرة المجتمع السوداوية لهذا المرض، لأنها امتلكت إرادةً قوية وحبّ عظيم لأبنائها الصغار المحتاجين للحب والحنان.. لكن كلّ هذا لم يشفع لها أمام تقديرات الأطباء الخاطئة وتسرّعهم في استئصال رحمها الفتي.
“سليمان” تعالجت أول مرة من سرطان الثدي قبل 9 سنوات ونجحت، قبل أن تكتشف انتشاره مرةً أخرى في الغدد اللمفاوية تحت الإبط منذ 5 سنوات وهي ما تزال تتعالج منه بإرادةٍ صلبة لم تعرف الهزيمة، تقول لـ”سناك سوري”: «حين اكتشفته أول مرة أنهك التفكير قواي كلها، كان سوداوياً جداً، بدأ شعري بالتساقط وبشرتي البيضاء التي كان يحبها زوجي بالشحوب كل تلك الأمور دمرتني تماماً، وزاد الطين بلة أن شجرة المشمش التي زرعتها أول أيام زواجي بحديقة منزلي وربطت عمري بها، كانت صفراء وأوراقها تتساقط فاعتقدت أنها إشارة سيئة لي».
انقضت الأيام دون أن تغيّر “سليمان” من عادة رفقتها لشجرة المشمش، كانت ترتشف قهوتها تحتها حين حدثت المعجزة، تضيف: «بدأت الشجرة تثير شيء ما في داخلي بعدما نظرت إلى عيني طفلي الصغير “وضاح” وقرأت فيهما الحاجة للحب والعطف والعناية، عينيه أباحت لي بسر كبير، وكأنه المارد الذي خرج من المصباح السحري، ومنحني ما يهزم تفكيري السوداوي، فهرعت إلى طفلي واحضنته بعمق حتى كدت أخنقه».
تروي “سليمان” لحظات قرارها بالمواجهة، فتقول: «لحظات الحب التي شعرت بها في عيون أبنائي الأربعة هي من أزال السوداوية في تفكيري، حتى أن جرعاتي المؤلمة الكافرة الفاجرة لم تعد تهمني، قواي أصبحت كبيرة وشحوب وجهي بدأ بالتلّون، وحب زوجي كان أكبر منه، فقررت الاستغناء عن كامل شعري وتغطية رأسي كموضة جديدة».
طاقة الحب تلك بدلت السوداوية في تفكيرها، فالجرعات تسير في مسارها الصحيح والشعر يمكن أن ينمو من جديد، وعشق الزوج لم يتبدل، هي أمور تزاحمت في عقلها كما تقول، وتضيف: «كان لابد أن أقاوم وأنهض من جديد».
وتضيف كاشفةً سر شجرة المشمش: «بعد مضي عدّة سنوات على المرض وفي ذات مساءٍ جلست تحت شجرة المشمش ونظرت إليها ووجدتها خضراء يانعة مفعمة بالحياة، تهزّ أوراقها نسماتٌ عليلات، وكأنها ترقص لأجلي فرحاً وحباً، شعرت أنها كانت إشارةً جيدة من صديق عزيز، لقد منحتني أملاً كبيراً».
خضعت “سليمان” لجراحة استئصال الرحم، لكنها اكتشفت فيما بعد أنها كانت نتيجة تقديراتٍ طبيةٍ خاطئة بوصول المرض الخبيث إليه، تضيف: «تبين بعد التحليل المخبري أن رحمي كان سليماً، هذا آلمني أكثر من عناء السفر إلى “دمشق” شهرياً، والتنقّل يومياً بين “مشفى البيروني” و “المواساة” ومن بعدهما “مشفى الاسد الجامعي”».
يُذكر أن الكثير من المراكز الطبية التخصصية فتحت أبوابها للكشف المبكر عن سرطان الثدي، والمساهمة بالتوعية للفحص الدوري بالماموغرافي وبالمجان. كما ينصح الأطباء بزيارةٍ دورية للطبيب والقيام بالفحوصات التي تُظهر المرض في حال كان متواجداً في الجسم، فعند اكتشافه في مراحله الأولى تزداد نسبة الشفاء منه بنسبة 80% بحسب إحدى الدراسات البريطانية.