سلام محمد/ ayyamsyria- مع أن أغلب الدراسات والإحصائيات الجديدة التي تتناول التحرّش، بدأت تجري دراسات موحّدة على الذكور إلى جانب الإناث، كأفراد يتعرّضون للتحرّش، إلا أن كثيرا من الباحثين في علم النفس الاجتماعي يرون أن التحرّش ضد الرجال لا يُؤخذ على محمل الجد، من قبل الرجال أنفسهم، ولا يتم رفعه إلى مستوى “قضية نضال” لهم، تواكب حركات التحرر النسوية، وذلك لأسباب متعددة، أهمها: أن فضح الرجال لمن يتحرّش بهم يتوازى مع سمة العار، وشبهة نقص الرجولة وضعفها.
فالرأي “الذكوري” السائد، أن الرجولة تفرض على الشاب الدفاع عن نفسه، ففي دراسة لديبورا زلسني بعنوان “عندما يتحرّش الرجال بالرجال”، إشارة إلى أنه متى وقع تحرّش جنسي من رجل ضد رجل، تعود الفكرة التي تجعل الضعف والعجز عن الدفاع عن النفس كمسألتين تتنافيان مع الذكورة، التي من بين ما تفترضه قوة الدفاع عن النفس، والصلابة لردع الاعتداء.
أنماط المتحرَّش بهم
تشير بعض الدراسات إلى أن الأكثر عرضة للتحرّش من الرجال هم النحيفون جسدياً، أو الذين تتخذ ملامح وجوههم شيئاً أنثوياً، أو المنتمين إلى الأقليات الجنسانية، والمنخرطين في ميدان الدفاع عن الحقوق النسوية.
أسباب التحرّش
تشير دراسات أخرى إلى أن الذكور يتعرضون للاستغلال الجنسي حين يكونون في مرحلة المراهقة، وأولى مراحل العشرينات من عمرهم، أو حين ينتمون إلى طبقات اجتماعية متدنية، أو حين يتولون وظائف متدنية المستوى والقيمة، فيكونون عرضة لشتى أنواع المضايقات اللفظية، عبر كلمات نابية، تشمل أعضائهم الجنسية، من قبل من هم أعلى منهم وظيفياً. وتشبه آليات التحرّش بالذكور تلك التي تتعرّض لها الإناث. فينعَتُ المتحرّش الأنثى أنها عاهرة، بينما يُفضّل نعت الشاب بألفاظٍ تسيء لرجولته أو تنتقص منها.
التحرّش بالرجال بوصفه انتهاكاً وجريمة حرب
تشير الدراسات إلى أن التحرّش بات سلوكاً موجّهاً، في زمن الحروب، ليطال الأقليّات الثقافية والعرقية والدينية من قبل بعض متعصبي الأغلبية، وفي أحيانٍ أخرى يقع على المعارضين للسُلطة أثناء التظاهرات والوقفات والفعاليات الاحتجاجية من قِبَل رجال الأمن أو حتى المتعصبين للنظام. كما أنّ المصطلح توسّعت دلالاته، في السنوات الأخيرة، فلم يعد مقتصراً على الدلالات الجنسية وحسب، بل صار يدل على سلوكيات أخرى، كالنزعة العدوانية والرغبة في العنف وإظهار القوة وإقصاء المختلف.
نماذج من التحرّش الجنسي بالذكور
وجدت دراسةٌ أجرتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أنّ الاغتصاب والتعذيب والاستغلال الجنسي الذي يستهدف الرجال والفتيان قد يكون أكثر شيوعاً داخل سوريا وخارجها مما كان يُعتقد سابقاً.
وشملت الدراسة التي نشرتها المفوضية، عشراتٍ من المُبلّغين عن تلك الحالات. كما استشهدت بمناقشاتٍ قادتها مجموعاتٌ متخصصة مع حوالي 196 لاجئاً في العراق ولبنان والأردن، أُجريت أواخر عام 2016.
وقدّم الذين أجريت معهم مقابلات رواياتٍ صادمة عمّا تعرّضوا له، أو عن غيرهم ممن يعرفونهم. وشملت أشكالُ العنف الجنسي المُبلغ عنها الاغتصابَ والتشويه أو إطلاق النار على الأعضاء التناسلية بشكلٍ مباشر.
كما أفادت تلك الشهادات بأن معظم هذه الحوادث حدثت في السجون أو في مراكز الاحتجاز المؤقتة المؤقتة.
مختلف الأعمار
ذكرت الدراسة أن الباحثين في المفوضية استندوا إلى شهاداتٍ عن أعمال عنفٍ ضدّ الأولاد الذين لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، وضدّ الرجال بمن فيهم من يبلغون الثمانين من العمر.
وكشفت الدراسة أن خطر العنف الجنسي يعتبر أكبر بالنسبة لمثليي الجنس، ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، وأنه لا ينتهي عندما يغادرون سوريا.
تحرّش ضد الذكور اللاجئين
يعاني الأولاد اللاجئون في بلدان اللجوء من العنف الجنسي على أيدي لاجئين آخرين من الذكور، وعلى أيدي ذكور المجتمع المحلي. وقد تمّ الابلاغ عن حالات استغلال جنسي وابتزاز الذكور اللاجئين في بلدان اللجوء، ولا سيما بين العاملين في الاقتصاد غير الرسمي، حيث تعيش الغالبية العظمى من أسرهم تحت خط الفقر.
إحصائيات مفاجئة
أظهرت بيانات “الباروميتر العربي” الذي يصدر عن شبكة أبحاث مقرها جامعة برنستون الأميركية، أن العراق وتونس تشكّلان حالة فريدة عربياً في ما يتعلّق بالتحرّش الجنسي اللفظي والجسدي، خاصةً وأن الذكور يتعرّضون له أكثر من الإناث، وذلك دون أن يتم استطلاع رأي من هم دون الـ 18 عاماً، ما يعني أنّ الشباب الأصغر ربما كانوا يتعرّضون لمعدّلات أعلى من التحرّش الجنسي اللفظي دون أن تتوفر بيانات حول هذا.
التحرّش في العمل
كما بيّنت دراسة أميركية، أُجريت على 522 شخصاً، أن 37 في المئة من الرجال الذين شاركوا بالدراسة، اشتكوا من تعرّضهم للتحرّش في العمل. وأفصح الممثل الأميركي تيري كروس عن تعرّضه للتحرّش من مدير تنفيذي مرموق في هوليوود. وبعدها صرّح الممثل جيمس فان دير بيك أنه تعرّض للتحرّش من رجل قوي في هوليود، ورجّحت الصحف أن يكون المتحرّش منتج الأفلام هارفي وينستاين.
صدمة في سويسرا
كشفت دراسة، أنجزت للمرة الأولى في سويسرا، أن نصف العمال تعرّضوا لنوع من أنواع التحرّش الجنسي خلال حياتهم العملية، وأفادت بأن الضحايا هم في أغلب الحالات من النساء والموظفين العاملين لفترات محدودة، ومن مزدوجي الجنسية، والمتعاقدين الملتحقين حديثاً بمجال العمل. وأعربت باتريسيا شولز، مديرة المكتب الفدرالي للمساواة بين المرأة والرجل عن صدمتها لمدى انتشار هذه الظاهرة خاصةً في صفوف الرجال، وقالت في تصريح لسويس إنفو: “لقد فوجئت بالنسبة العالية للرجال بين ضحايا التحرّش الجنسي، ومقارنةً بنتائج دراسات دولية أُنجِزَت في الموضوع، تُعتبر هذه النسب عالية جداً.”
وبيّنت الدراسة التي شملت 2020 حالة، وعرض نتائجها المكتب الفدرالي للمساواة بين الرجال والنساء، أنّ الرجال يشتكون من المكالمات الهاتفية والرسائل البريدية والإلكترونية غير المرغوب فيها، ويتعرّضون لبعض التصرّفات المُخِلَّة بالآداب، ولإشارات وتلميحات مبطّنة ذات طبيعة جنسية.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.