انتقدت”هيومن رايتس ووتش” الحكومة المغربية في رسالة وجهتها لها تضمنت أن “الشرطة والنيابة العامة والقضاء وغيرها من السلطات كثيرا ما تفشل في منع العنف الأسري ومعاقبة المعتدين ومساعدة الناجيات، مضيفة أن ذلك “يحصل جزئيا لأن القوانين لا تنص على كيفية تعامل المسؤولين مع العنف الأسري بشكل فعال”.
اتهمت منظمة حقوقية دولية السلطات المغربية بالتقصير في حماية النساء المعنفات وفشلت في منع العنف الاسري ومعاقبة المعتدين ودعت السلطات المغربية لتعزيز واعتماد مشاريع قوانين من شأنها توفير حماية أفضل لضحايا العنف الأسري.
وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية في رسالة وجهتها للحكومة المغربية إن الشرطة والنيابة العامة والقضاء وغيرها من السلطات كثيراً ما تفشل في منع العنف الأسري ومعاقبة المعتدين ومساعدة الناجيات وان ذلك يحصل جزئياً لأن القوانين لا تنص على كيفية تعامل المسؤولين مع العنف الأسري بشكل فعال.
وكانت، “هيومن رايتس ووتش” قد قابلت 20 امرأة وفتاة تعرضن للعنف الأسري، قلن أنهن تعرضن للّكم والركل والحرق والطعن والاغتصاب، وغير ذلك من أعمال العنف، على يد أزواجهن وشركائهن وأفراد آخرين من العائلة، وقد قابلت “هيومن رايتس ووتش” كذلك محامين ونشطاء في مجال حقوق المرأة وممثلين عن منظمات تقدم الإيواء وخدمات أخرى للناجيات من العنف الأسري، وطالبت “المغرب بتعزيز واعتماد مشاريع قوانين من شأنها توفير حماية أفضل لضحايا العنف الأسري.”
في سبتمبر/أيلول 2015، قابلت هيومن رايتس ووتش 20 امرأة وفتاة تعرضن للعنف الأسري. قلن إنهن تعرضن للّكم والركل والحرق والطعن والاغتصاب، وغير ذلك من أعمال العنف، على يد أزواجهن وشركائهن وأفراد آخرين من العائلة. قابلت هيومن رايتس ووتش كذلك محامين ونشطاء في مجال حقوق المرأة وممثلين عن منظمات تقدم الإيواء وخدمات أخرى للناجيات من العنف الأسري. على المغرب تعزيز واعتماد مشاريع قوانين من شأنها توفير حماية أفضل لضحايا العنف الأسري.
قالت روثنا بيغم، باحثة حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “العديد من النساء والفتيات يعانين من العنف الأسري دون أن يحصلن على أي مساعدة من السلطات المغربية. اعتماد وتنفيذ تشريعات قوية بخصوص العنف الأسري ليس من شأنه مساعدة الضحايا فحسب، بل كذلك تمكين السلطات من أداء مهامها”.
خلص بحث وطني أعدته “المندوبية السامية للتخطيط” حول النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و65 سنة إلى أن في عام 2009 الثلثين منهن – أي 62.8 بالمائة – تعرضن لعنف جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي. تحدثت 55 بالمائة من مجموع النساء اللاتي شملتهن الدراسة عن التعرض للعنف “الزوجي”، و13.5 بالمائة عن التعرض للعنف “العائلي”. 3 بالمائة فقط من النساء اللاتي تعرضن للعنف الزوجي أبلغن السلطات عنه.
قالت معظم الناجيات من العنف الأسري اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش إنهن حاولن الحصول على مساعدة الشرطة أو النيابة العامة أو المحاكم. لكن الكثير منهن قلن إن أعوان الشرطة رفضوا تسجيل شهاداتهن، ولم يحققوا فيها، ورفضوا اعتقال المشتبه بتورطهم في العنف الأسري حتى بعد أن أمرتهم النيابة العامة بذلك. في بعض الحالات، كل ما فعلته الشرطة هو أنها طلبت من الضحايا العودة إلى من اعتدى عليهن.
في العديد من الحالات، ذهبت النساء إلى النيابة العامة ولكن المدعين لم يوجهوا أي تهم، ولم يتواصلوا مباشرة مع الشرطة، بل فقط قالوا للضحايا أن يرجعن إلى الشرطة ومعهن وثائق تطالب بفتح تحقيق واعتقال المعتدين. في بعض هذه الحالات، لم تتابع الشرطة التحقيق، فتاهت النساء ذهابا وإيابا بين الشرطة والنيابة العامة.
قال محامون يشتغلون على قضايا العنف الأسري إنهم شاهدوا قضاة يطلبون أدلة غير واقعية، مثل إحضار شهود، وهذا في معظم الأحيان مستحيل لأن أغلب الاعتداءات تحصل خلف أبواب مغلقة.
قالت روثنا بيغم: “قالت بعض النساء إنهن ذهبن إلى مراكز الشرطة وهن يرتدين ملابس الليل ويعانين من نزيف في الأنف أو كسور في العظام أو كدمات في الجسم، لكن دون أن يحصلن على أي مساعدة. على الشرطة مساعدة هؤلاء النساء، وليس التملص من المسؤولية”.
قالت بعض النساء والفتيات إنهن لا يعرفن أماكن كثيرة يُمكن أن يقصدنها هربا من العنف الأسري. هناك عدد قليل من الملاجئ التي تقبل ضحايا العنف الأسري، تشرف عليها منظمات غير حكومية، وطاقة استيعابها محدودة ومواردها ضئيلة. القليل منها فقط يحصل على تمويل من الحكومة، وقال موظفون في أحد الملاجئ إن هذا التمويل لا يكفي حتى لتغطية مصاريف الأكل.
قام المغرب بخطوات في اتجاه تبني إصلاحات قانونية لمواجهة العنف الأسري، وتوجد الآن 3 مشاريع قوانين قيد الدراسة. أحدها مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء، الذي يتضمن أحكاما خاصة بالعنف الأسري، أعدته كل من وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية ووزارة العدل والحريات، وأُرسل لمجلس الحكومة للمراجعة في 2013. يخضع مشروع القانون الآن للتحديث، ولكنه لم يخرج للعلن بعد. كما توجد مشاريع قوانين أخرى ستُدخل تعديلات خاصة بالعنف ضد النساء على القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية.
ستحدد هذه التعديلات جرائم العنف الأسري وقواعد الأدلة المتعلقة بها. في رسالة وجهتها إلى الوزارتين، عاينت هيومن رايتس ووتش وجود جوانب إيجابية في مشاريع القوانين، ولكن أيضا أحكاما قد تُرجع حقوق المرأة إلى الوراء إن تم تبنيها.
من الأحكام الإيجابية التي تضمنها مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء تلك المتعلقة بتدابير الحماية، مثل إبعاد المعتدي عن المنزل أو منعه من الاتصال بالضحية؛ تُعرف هذه التدابير بـ “الأوامر الزجرية”. تُوسع أحكام أخرى نطاق التنسيق بين وحدات الوكالات الحكومية المختصة في توفير حاجيات النساء والأطفال، من جهة، واللجان التي تعمل على شؤون المرأة والطفل من جهة أخرى.
وحثّت هيومن رايتس ووتش الحكومة المغربية على تحسين هذه المشاريع بإضافة إجراءات قضائية، طارئة أو على مدى أبعد، توفر الحماية للضحايا. يجب أن يتضمن مشروع القانون تعريفا محددا للعنف الأسري، وتحديد واجبات الشرطة والنيابة العامة والقضاء وغيرها من السلطات في قضايا العنف الأسري، وتجريم الاغتصاب الزوجي. وعلى الحكومة تقديم أو تمويل الخدمات الأساسية لضحايا العنف الأسري، بما يشمل الملاجئ.
بعض التعديلات المقترحة في القانون الجنائي قد تجعل وضعية النساء أسوأ. حسب القانون الجنائي الحالي، مثلا، يستفيد “رب الأسرة” من ظروف التخفيف، إذا قتل أو اعتدى على فرد آخر من العائلة وجده/ا متلبسا/ة في ممارسة الجنس خارج الزواج. لكن مشروع تعديل القانون يوسع مجال الاستفادة من ظروف التخفيف، من “رب الأسرة” فقط إلى “أي فرد” من العائلة ارتكب جريمة أو اعتداء في نفس الظروف. على الحكومة إلغاء هذه الأحكام جملة وتفصيلا.
على الحكومة المغربية أيضا ضمان مشاركة فعالة في مسار الإصلاح للمنظمات غير الحكومية وللناجيات من العنف الأسري.
دعت الوكالات وهيئات خبراء حقوق الإنسان الأممية المغرب مرارا إلى اعتماد تشريع خاص بالعنف الأسري. في 2013، وافق الاتحاد الأوروبي على تقديم دعم مالي لدفع مثل هذه الإصلاحات، بما يشمل هبة للمغرب قيمتها 45 مليون يورو لتنفيذ الخطة الحكومية 2006-2012 للمساواة بين الجنسين. لكن السلطات المغربية مازالت لم تحقق جميع أهدافها، ومنها اعتماد تشريع يتعلق بالعنف ضد النساء.
وقالت المنظمة ان حوالي 125 دولة تتوفر على قوانين تتعلق بالعنف الأسري اما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيقتصر الامر على 7 دول أو مناطق محكومة ذاتياً تتوفر على تشريعات أو قواعد تتعلق بالعنف الأسري: الجزائر، لبنان، الأردن، كردستان العراق، السعودية، البحرين.
قالت روثنا بيغم: “على المغرب اتخاذ موقف أقوى من أجل سلامة المرأة وحقوقها. لعل أفضل بداية هي اعتماد تشريع قوي ضد العنف الأسري”.
شهادات لناجيات من العنف الأسري
فيما يلي دراسة حالات جمعتها هيومن رايتس ووتش أثناء المقابلات، وهي تبرز 3 أنواع من الانتهاكات التي تتعرض لها النساء، ورد الحكومة عليها. تم تغيير أسماء الناجيات لحماية خصوصيتهن.
جيهان
جيهان (اسم مستعار) – 18 سنة – قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها تزوجت رجلا يكبرها بـ 10 سنوات لما كان عمرها 15 أو 16 سنة، وعاشت معه في قرية في منطقة الجديدة. أنجبا طفلا كان عمره سنتين وقت المقابلة.
قالت جيهان إن زوجها كان يعتدي عليها منذ بداية الزواج “منذ ليلة الزواج الأولى، [زوجي] لم يحترمني. جلب أصدقاءه إلى المنزل… وطلب مني القيام بأشياء ضدّ الدين، مثل التعري والرقص أمام أصدقائه بينما يعزف هو الموسيقى. رفضت ذلك فضربني.”
كما قالت إن زوجها كان يغتصبها بشكل متكرر: “كان يجبرني على العلاقة [الجنسية] معه حتى عندما أرفض”. قالت إنه كان يضربها من يوم لآخر، وذات مرة ضرب رأسها على حوض المطبخ فتسبب لها في جرح تطلب غرزا.
روت جيهان ما حصل لما ذهبت إلى مركز الشرطة المحلي طلبا للمساعدة: “قال لي الأعوان: إنه زوجك. لا نستطيع فعل أي شيء. اذهبي إلى المحكمة. رغم أنني كنت أحمل كدمات”.
كما قالت إن زوجها ضربها وخنقها في أبريل/نيسان 2015 إلى أن أغمي عليها. وأضافت: “لما استرجعت وعيي، وجدت نفسي ملقاة في الشارع في ملابس النوم. ذهبت إلى الشرطة فقالوا لي: لا نستطيع فعل أي شيء. أخبرتهم أنه لن يسمح بعودتي إلى المنزل، فاتصلوا به ولكنه قال: الرقم خاطئ”. قالت إن الشرطة لم تفعل أي شيء آخر، ولذلك ذهبت إلى منزل شقيقتها. وجدها زوجها هناك فأعادها إلى المنزل.
قالت جيهان إنها تعرضت للضرب مرات كثيرة، وفي أغسطس/آب طلبت من زوجها الطلاق، فأجابها: “تريدين الطلاق؟ سيكون لك ذلك، ولكن بهذه الطريقة”، ولكمها على عينها ثم حاول طعنها في وجهها بسكين. رفعت ذراعها للدفاع عن نفسها، فأصيبت بجرح في يدها. لاحظت باحثة هيومن رايتس ووتش آثار غرز حديثة على ذراعها. قالت جيهان إنها لم ترفع دعوى قضائية، وبررت ذلك بالقول: “أخشى أن ينتقم مني فيقتلني”.
كانت جيهان وقت المقابلة تعيش في ملجأ تشرف عليه منظمة غير حكومية، ولم يكن لها أي مكان آخر تلجأ إليه. قالت إنها كانت ترغب في الطلاق، ولكن والدها رفض مدها بشهادة الزواج حتى تقدم طلب الطلاق، وقال لها: “في عائلتنا لم يسبق أن طُلقت أي امرأة. ابقي معه حتى وإن كان يريد قتلك”.
فاطمة
فاطمة (اسم مستعار) – 34 سنة من فاس – تزوجت وعمرها 17 سنة، ولها طفلان من زوجها. قالت إن زوجها بدأ يعتدي عليها بعد 6 سنوات من الزواج، ويهينها بشكل يومي ويضربها مرة كل شهر تقريبا. كما قالت إنه كان يلقي الأشياء عليها، مثل الكتب والهاتف والكؤوس. كان أحيانا يبصق في أكلها، ويلكمها بقوة إلى أن سقطت احدى اسنانها. قالت إنه أحرقها في ذراعها بقضيب شواء وفي ساقها بسيجارة، وكان يغتصبها بشكل متكرر. قالت: “كان يجبرني على العلاقة الجنسية معه، بالطريقة التي يرغب فيها. كان يجبرني على الجنس الشرجي”.
قالت فاطمة إنها ذهبت إلى الشرطة مرتين في فاس. كانت المرة الأولى في 2006، بعد أن أحرقها زوجها بقضيب الشواء. اتصلت به الشرطة فقال لهم: “انظروا إليها، فقد أنقذتها من البغاء. قالت لكم إني أحرقتها والحال أنها أحرقت نفسها”. فبدأ الشرطي ينظر إلي، وقال لي “عار عليك”. قلت له: “هل توجد امرأة تستطيع احراق نفسها؟” فطلبوا مني شهودا. قلت لهم: “لا، حصل كل شيء داخل المنزل. لم يكن يوجد سوى ابني الصغير”، فقالوا لي: “إن كان لديك شهود، سنساعدك، وإلا فإننا لا نستطيع فعل أي شيء”.
قالت إن زوجها ألقى عليها في 2007 كأسا مملوءة بالأسيد، ولكنها أفلتت منها فأصابت الكأس معطفها ومحفظة ابنها فقط. قالت: “حبسني بعد ذلك 15 يوما في المنزل، ولذلك لم أتصل بالشرطة. واصلت العيش معه لأنني كنت أخاف منه”.
كما قالت إن زوجها عاد مخمورا وطلب منها خلع ملابسها أمام ابنهما ذي التسع سنوات. رفضت ذلك فحاول طعنها، ولكنها هربت ودفع أحد الجيران أجرة التاكسي إلى مركز الشرطة.
قالت إن أعوان الشرطة بدوا خائفين من مواجهة زوجها، ونصحوها بالذهاب إلى عائلتها. قالت إنها رفعت دعوى لدى النيابة في فاس، ولكنها بعد أسبوع عادت إلى زوجها تحت ضغط زوج شقيقتها. قالت إن الشرطة والنيابة لم تتابعا القضية.
في يونيو/حزيران 2015، غادرت فاطمة زوجها، وكانت وقت المقابلة بصدد رفع دعوى طلاق وهي تعيش في ملجأ خاص. كان ابنها البالغ من العمر 14 سنة يعيش مع عائلتها، وابنها الأصغر (4 سنوات) يعيش مع زوجها. كانت ترغب في العيش مع طفليها.
إلهام
إلهام (اسم مستعار) – أمازيغية وعمرها 26 سنة – تزوجت في 2011 وعاشت مع زوجها في الدار البيضاء. أنجبا توأما، ولدا وبنتا، كان عمرهما 3 سنوات وقت المقابلة.
قالت إلهام إن زوجها بدأ يضربها بعد 4 أشهر من الزواج. قالت: “كان يضربني بعنف، ويغطي أنفي وفمي إلى أن يُغمى علي. كان يفعل ذلك ليسكتني عندما أبكي أو أصرخ ليسمعني الناس. كان يريد قتلي”. ولما بلغ عمر التوأم 4 أشهر، كان من حين لآخر يأخذهما معه ويطردها من المنزل، بحسب قولها. وكانت تعمل من حين لآخر كمعينة منزلية لتجد مكانا تعيش فيه.
قالت إنها ذهبت مرات عديدة إلى مركز الشرطة في عين السبع طلبا للمساعدة “ذهبتُ إلى الشرطة مرات عدة، وكنت أحيانا ملطخة بالدم أو عارية تقريبا. لم يفعلوا لي أي شيء. أخبروني أن ليس لهم الحق في الذهاب معي إلى المنزل، وطلبوا مني الذهاب إلى الطبيب لإحضار شهادة طبية، ولكن لم تكن معي وثائق هوية ولم يكن عندي مال.”
غادرت إلهام زوجها في أغسطس/آب 2015 بعد أن اعتدى عليها مرة أخرى. قالت: “ضربني حتى جاء الجيران لمساعدتي. لولا الجيران لكنت في عداد الموتى الآن”.
وقت المقابلة، كانت إلهام تعيش مع طفليها في ملجأ خاص وهي ترغب في التقدم بطلب طلاق. ولكن زوجها كان يحتفظ بوثائق هويتها، ولم يكن لديها مال تدفعه للمحامي أو تسدد به رسوم المحكمة. قالت: “لم أذهب إلى الشرطة منذ قدومي إلى هنا لأنهم لن يفعلوا لي شيئا. إذا ذهبت إلى النيابة العامة، سيقولون لي إنني أحتاج إلى وثائق الهوية”.
خديجة
خديجة (اسم مستعار)، عمرها 23 سنة، تزوجت في 2011 وعاشت مع زوجها في وجدة. وقت المقابلة، كانت حامل ولها طفل عمره 7 أشهر.
قالت إن زوجها كان يضربها منذ أن تزوجته، حتى أثناء الحمل وبعده. ضربها على رأسها بالجزء الخلفي من السكين، ولكمها على وجهها، وهددها بتقطيع وجهها. قالت: “كان يعرف أنه ليس لي أي مكان آخر أذهب إليه. كنت أحمل كدمات على كامل جسمي”.
قالت خديجة إنها اتصلت بالشرطة في وجدة مرات عدة، ولكن الأعوان كانوا يأمرونها بالذهاب إلى المحكمة دون أن يحققوا معها. قالت: “ذهبت ذات مرة في الليل وأنفي ينزف دما، فقالوا: إذهبي، لا نستطيع فعل أي شيء لك. توجهي إلى المحكمة غدا”. في تلك المرة وغيرها، كانت خديجة تذهب إلى النيابة العامة (في المحكمة)، ولكن الوكيل العام لم يوجه أبدا أي تهم، وكان يرسلها إلى الشرطة ومعها وثيقة تطالبهم بالتحقيق. كانت كل مرة تصل إلى مركز الشرطة ومعها تلك الوثيقة، يتصل الأعوان بزوجها ويطلبون منه المجيء، ولكنه لم يفعل أبدا. لم تجر الشرطة أي تحقيقات إضافية.
اعتقلت الشرطة زوجها مرة واحدة، في 2014، بعد أن كسر أنفها وهي حامل. أصدر طبيب شهادة طبية قال فيها إنها كانت تحتاج إلى راحة لمدة 21 يوما بسبب الإصابات. أطلعت خديجة النيابة على الشهادة، فأعطتها أمرا لتقدمه للشرطة. ولما فعلت، اعتقلت الشرطة زوجها. ولكن قبل أن تنطلق القضية، أسقطت خديجة الدعوى لأنها كانت حاملا في الشهر السابع، وكانت تخشى مما يُمكن أن يحصل لها إذا حوكم زوجها. لم تستمر النيابة في توجيه التهم.
قالت خديجة إن زوجها واصل ضربها. تركته في أغسطس/آب 2015 وذهبت إلى ملجأ. كانت ترغب في الطلاق، ولكنها كانت تخشى ألا تجد أي حل آخر سوى العودة إليه. لا تستطيع البقاء في الملجأ أكثر من شهرين، ولم يكن لها أي مكان آخر تعيش فيه.
صفاء
صفاء (اسم مستعار) – 27 سنة – تزوجت بالفاتحة (زواج تقليدي) في سن 15 سنة، ولم يُسجل زواجها رسميا. كانت تعيش مع زوجها في قرية بين مدينتيّ سطات وخريبكة. أنجبا طفلا كان عمره 3 سنوات وقت المقابلة.
قالت صفاء إن أفراد عائلة زوجها طلبوا منه في 2014 طردها من المنزل لأنهم كانوا يرغبون في تزويجه من إحدى قريباته. قالت إن زوجها وشقيقيه دأبوا على ضربها وجرها على الأرض من شعرها. كما طعنها زوجها في جنبها بسكين. وأضافت: “لو لم تكن شقيقتي حاضرة، لقتلوني”. ثم طردوها من المنزل.
قالت إنها بقيت في المستشفى يومين وحصلت على شهادة طبية. اشتكت من الاعتداء وعرضت الشهادة الطبية على النيابة العامة في الدار البيضاء.
أعطاها الوكيل وثيقة تأمر الشرطة بالتحقيق في القضية، ووجّهها إلى هناك. أخذت الوثيقة إلى مركز شرطة المعاريف في الدار البيضاء، ولكن الأعوان اشترطوا الدفع لمساعدتها. عادت إلى الوكيل العام، فأعطاها وثيقة أخرى للشرطة. ولكن الأعوان قالوا لها: “انصرفي”.
شيماء
شيماء (اسم مستعار) – 38 سنة – كانت تعيش في سلا مع زوجها وأطفالها الثلاثة. تزوجت شيماء في آخر العشرينات من عمرها. قالت إن بعد شهرين من الزواج، بدأ زوجها يخونها ويضربها، وإنه كان يلكمها، ويسقطها من السرير، وذات مرة ركلها على بطنها وهي حامل. قالت إنه اغتصبها مرات عدة، وكان يطلب منها المال.
ذهبت شيماء إلى شرطة سلا بعد أن لكمها زوجها وكسر إحدى أسنانها في مايو/أيار 2015. حصلت على شهادة طبية من طبيب في المستشفى، وأخذتها إلى النيابة العامة في الرباط. كما زارت وحدة تُعنى بالعنف ضد النساء في محكمة الرباط.
أعطاها الوكيل العام وثيقة تطلب من الشرطة فتح تحقيق، وأمرها بأن تحملها لهم. فعلت ذلك، ولكن الشرطة لم تفعل شيئا. عادت إلى الوكيل، فأعطاها وثيقة ثانية. قالت إن الشرطة قالت لها: “اتصلنا به مرتين، ولكنه لا يريد المجيء. لقد قمنا بعملنا”.
قالت إن زوجها غادر المنزل بعد أن اتصلت به الشرطة، ولكنه بعد ذلك بدأ يأمرها بمغادرة منزل العائلة. قالت إنها لا تملك مالا لمعالجة أسنانها المكسورة. لم تتابع الشرطة والنيابة العامة قضيتها حتى سبتمبر/أيلول 2015، بحسب قولها.
توصيات حول إصلاح قانون العنف الأسري
أوصت هيومن رايتس ووتش الحكومة المغربية بتحسين مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء، وتعزيز إصلاحات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية في المجالات التالية:
تعريف قوانين العنف الأسري وتحديد مجال تطبيقها: يجب أن تتضمن مشاريع القوانين تعريفا واضحا “للعنف الأسري”، وتجرّم الاغتصاب الزوجي. تماشيا مع معايير الأمم المتحدة، يجب أن تضيف مشاريع القوانين الأزواج السابقين والأشخاص غير المتزوجين الذين تجمعهم علاقة حميمة وأصناف العلاقات الأخرى، وكذلك الأزواج المتعايشين.
تدابير الوقاية: يجب أن تتضمن مشاريع القوانين تدابير وقائية، بما يشمل التوعية والبرامج التعليمية وتوعية الإعلام بالعنف ضد النساء.
مسؤوليات أعوان إنفاذ القانون والنيابة العامة: يجب أن تحدد مشاريع القوانين واجبات الشرطة والنيابة في قضايا العنف الأسري. كما يجب أن توضح أن مسؤولية اتخاذ القرارات المتعلقة بمقاضاة العنف ضد النساء تقع على عاتق النيابة وليس الناجيات من العنف. يجب أيضا أن تنص على ضرورة التنسيق المباشر بين النيابة العامة والشرطة، بدل التعويل على المشتكيات لنقل الرسائل بينهما.
مسؤوليات نظام العدالة: يجب أن توضح مشاريع القوانين أن شهادات المشتكيات من العنف الأسري يُمكن أن تكون – في بعض الظروف – كافية للإدانة، دون الحاجة إلى شهود آخرين. كما يجب أن تنص على أن خطورة الإصابة من العوامل التي تؤخذ بالاعتبار عند تحديد العقوبة، ولكن لا يجب أن تكون تقديرات الأطباء المتعلقة بالعجز الجسدي المعيار الوحيد لتنفيذ اعتقالات واتخاذ قرارات بالملاحقة وفتح قضايا جنائية.
أوامر الحماية: يجب أن تتضمن مشاريع القوانين أوامر حماية طارئة وأخرى طويلة المدى – أوامر زجرية – خاصة بالناجيات من العنف الأسري اللاتي يواجهن خطر التعرض للاعتداء، وتوضيح القيود والشروط التي يُمكن أن تفرضها هذه الأوامر، وتحديد الاجراءات الخاصة بكل نوع منها.
خدمات أخرى ومساعدة الناجيات: يجب أن تنص المشاريع على تقديم دعم وخدمات للناجيات من العنف الأسري، بما يشمل الإيواء والخدمات الصحية والرعاية النفسية والنُصح القانوني والخطوط الهاتفية الخضراء. على الحكومة إنشاء صندوق ائتماني وغيره من أشكال المساعدة المالية للناجيات من العنف الأسري.