يا أصحاب «القداسة» المرأة ليست الخطيئة
الأنثى وجدلية الطهارة والقداسة

نصري الصايغ/ shorouknews- ابحثوا عن حل. المرأة العربية يتآمر عليها الصمت. المرأة اللبنانية، صوتٌ صارخ فى البرية من لم يسمع بعد آلامها؟ تُعامل كإثم مكتوم. يُحكم عليها بالحماقة والدونية وتُعتبر ملحقةً بالرجل. ضحية «رجال دين» وضحية رجال دنيا. يُعامل جسدها كصندوق مقفل. تُضبط دائماً بتهمة الجمال. جمالها تهمة، جسدها فضيحة. كي تتواجد يلزم أن تخفي ما عندها من روعة وبهاء وإيحاء وجمال وعقل. «لم تبلغ بعد سن الرشد». بحاجةٍ إلى وصي يرقد على هامتها. إذا انكشفت، تجلب العار. إذا بانت عليها إشارات الذكاء، أُخضِع عقلها للبتر.. أيُّ عصر هذا الزمن العربي الذى بلا أبواب ولا نوافذ ولا امرأة ولا حرية؟ أيّةُ أمة هذه البلاد «المؤمنة» جداً، والخائبة جداً والمسحوقة جداً والدامية جداً؟ لا فضيحة توازي فضيحة وضع «المرأة المقدسة». كأمّ أولاً، كمربية أولاً، كإنسان أولاً.

ما أسرع الرجال إلى ارتكاب الذكورية، ذكوريةٍ تُنجب استعباداً وقصاصاً ودونية. الحجّة الدينية أكذوبة. يقرؤون النص وفق أهوائهم وهواهم شرٌّ استعبادي. المرأة ليست ثياباً ولا رداءً ولا حذاءً. المرأة أُعطِيَت مسؤولية الإبداع والإنجاب والتعقّل. حوَّاء العقل، سبقت آدم المطيع والخنوع. أظهرت له محاسن التعقّل فأكلا من شجرة المعرفة. فعَرِفا. عرفت حواء أولاً ثم عرف آدم. لولا هذه المعصية الرائعة، لظلّ آدم بلا عقل. يأكل ويشرب وينام. أليس هذا ما جاء فى التراث الدينى؟ أعيدوا الأولوية للمرأة. فالمرأة رأس الرجل. بها تبدأ الحياة، فكيف تعدم الحياة، وتُلزم بأن تعيش حياة الخضوع، وتُوضع تحت الرقابة المشدّدة. وتكون الآمرة بغير إرادتها، وتُوصف بأشنع الصفات، فتنصبّ اللعنة على جسدها، كبيتٍ للشهوة، وعلى حريّتها، كشريدةٍ شريرة، وعلى عقلها ككائنٍ ناقص.

كفى. العيوب، حصّة الرجل. الذنوب، ارتكاب الذكر. علاقةٌ غير متكافئة تاريخياً، بين صاحبة حقّ وصاحب قوّة. متى ينتفض الرجل ضدّ ذكوريته البذيئة والرديئة؟ متى يحلّ للمرأة حلالها، وفق رغباتها، فلا يظلّ العقد والربط بيد الذكر؟ كفى. المرأة صنو الرجل. تتساوى معه بلا أفضلية لواحد على الآخر. كلاهما كيان. ما يجوز للرجل يجوز حتماً للمرأة.

وعليه فليغضب رجال الدين. غير مهمٍ هذا. سمعتهم ليست على ما يرام. بحاجةٍ إلى براءة من الضحايا الكثيرات. حان وقت وضع الحدود لهم وإلزامهم بالاستقالة من تطبيق التراحم بصيغة التزاحم. هذا تخلّفٌ عن الإيمان القويم، حيث يتساوى الناس فى ما بينهم ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، والمساواة التامة بين الناس..

ولا بد من حاشية، أن بؤس البشرية هو نتاج الذكر. وأن حنان الأم والأخت والبنت، هو ما تحتاج إليه هذه البشرية الذكورية ونحن فى لبنان، لدينا أوكار ظلم، تُعيد المرأة إلى أزمنة الرقّ والاستعباد والجهل. إنه زمن الضلالة بقيادة المضلّلين «المحترمين». أوقفوا هذا العار. المرأة ليست عورة أبداً. إنها كلّ ما في المقدَّس من أمومة وجمال وعقل.

من يصمت لا يرد عليه أحد. على المرأة أن يعلو صراخها. أن تنفجر غضباً. أن تكبح جموح الرجل، أن تتحدّى السلطة التى يغتصبها رجال الدين من النصوص. على المرأة أن تُواجه الأقربين والأبعدين، في البيت حيث للتربية الجديدة مقام العقل والمساواة التامة، فى الحقوق والواجبات… وفي الشارع حيث التظاهر تعبير فذ عن التوق إلى الحرية والتحرّر من الذيلية الاتباعية.

من يصمت يغلبه الضجيج. لا يملك الرجل إلا حجّة التقليد. ناصية الأمر والنهي بيد الرجل. يلزم انتزاع المرأة بتمامه، من ظلم الرجل.

لا شك أن رجالا كثراً تخلّوا عن الإمرة. تساووا بالمرأة وسمحوا بها. هؤلاء ذوو عقل سليم وقلب لا يغش.

ماذا نقول بعد؟

قيل عن شعوب فتية وناهضة، من نسائهم تعرفونهم. «برافو». ماذا يقال عنّا. من نسائنا تعرفون في أي دركٍ سفلي نحن.

يبقى أن نذرف دمعة صادقة على المظلومات من الأمهات والأخوات. وإن صبركن أعتى من الجبال.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

الأنثى وجدلية الطهارة والقداسة

الأنثى وجدلية الطهارة والقداسة

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015