rozana- مع ازدياد حالات العنف بين الأزواج في سوريا، وجهت انتقادات من قبل منظمات حقوقية للقانون السوري بتضمّنه قصوراً وخللاً في تناوله لتلك القضايا، إذ يبيح في بعض مواده ضرب الزوجة بحجة “التأديب”.
بعد جريمة قتل السيدة السورية في دمشق “آيات الرفاعي” التي تعرضت للضرب والتعنيف لفترة طويلة من قبل زوجها وعائلته المتهمين بقتلها، كثرت التساؤلات عن ما يقوله القانون السوري في حالات العنف بين الأزواج، وهو ما أوضحه رئيس محكمة بداية الجزاء الأول في دمشق، القاضي طارق الكردي.
الكردي تحدّث عن دعاوى قضائية موجودة في المحاكم، متعلقة بزوجات تعرضن للضرب من أزواجهن، و منذ فترة بسيطة تم الحكم على زوج بسبب إقدامه على ضرب زوجته وإيذائها، حسبما نقلته جريدة الوطن المحلية الخميس 06 كانون الثاني/يناير 2022.
و”يرد للقضاء دعاوى عنف بحق زوجات ضربن أزواجهن، لكن هي قليلة و تم الحكم على زوجة منذ فترة ضربت زوجها بمزهرية فسببت إيذاءً له” حسب الكردي.
الضرب مباح قانوناً!
لم يتطرق القاضي السوري بشكل مباشر، إلى خلل وقصور القوانين السورية، من ناحية مواجهة العنف بين الأزواج، أو إنصاف قانون الأحوال الشخصية للمرأة، الذي قرر بأن “كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون، يُرجع فيه إلى القول الأرجح في المذهب الحنفي (الشريعة الإسلامية)”.
المادة (209) من كتاب “الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية” لقدري باشا، والذي يتضمن القول الراجح من المذهب الحنفي نصت على أنه: “يباح للزوج تأديب المرأة تأديباً خفيفاً، على كل معصية لم يرد في شأنها حدّ مقدّر، ولا يجوز له أصلاً أن يضربها ضرباً فاحشاً ولو بحقّ”.
القانون وتكريس العنف
لكن العنف ضد المرأة، يتم تكريسه في سوريا قانونياً ومجتمعياً، وفق منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة (مقرها فرنسا وتعنى بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا).
أكدت المنظمة في تقريرها الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أنه لا يوجد في سوريا قانون خاص يتعامل مع العنف المنزلي، وخاصة ضدّ النساء، فالقضاء فيها يتعامل مع جرائم العنف ضد النساء مثلها من باقي الجرائم المتعلّقة بالإيذاء والمشاجرة المنصوص عليها في المادة (540) وما بعدها، من قانون العقوبات السوري العام.
لا تقوم الزوجة غالباً بتقديم أي شكوى (الادعاء) ضد زوجها ، لأسباب عديدة، منها الخوف من الوصمة الاجتماعية، والأسوء من ذلك وفق المنظمة، ما نص عليه قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة 305 من السماح للزوج بضرب زوجته “ضرباً خفيفاً”.
نصوص عامة
بحسب القاضي السوري طارق الكردي، في قانون العقوبات لا يوجد نص خاص يبين عقوبة الزوج أو الزوجة في حال اعتدى أحدهما على الآخر، فيما يوجد نصوص قانونية عامة لحماية الأشخاص من أي اعتداء عليهم وهي المواد من 540 حتى 543 في قانون العقوبات العام.
وفي تلك المواد تكون العقوبة حسب مقدار الإصابة والمدة التي تحتاجها للتعطيل عن العمل، باعتبار أن كل إصابة تحتاج إلى فترة علاج وشفاء والمدة التي تعطل فيها المتضرر عن العمل.
وفق المادة 540، إن كانت مدة تعطيل المتضرر عن العمل أقل من عشرة أيام فإن المتسبب يعاقب بناء على شكوى المتضرر بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بالحبس التكديري.
وإذا كانت مدة التعطيل أكثر من 10 أيام فإنها وفق المادة 541 تنص على معاقبة المتسبب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وإذا تنازل الشاكي عن حقه خفضت العقوبة إلى النصف.
أما إذا تجاوزت مدة التعطيل عن العمل 20 يوماً عوقب الفاعل من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات بالحبس، وفي حال تسبب الأذى في بتر أحد الأطراف أو تعطيل إحدى الحواس تحولت العقوبة إلى جنائية الوصف حسب المادة 543 من قانون العقوبات، ويعني ذلك أن العقاب يكون بالحبس بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر.
أسباب الامتناع عن الشكوى
بحسب الكردي فإن خوف الزوجة أحياناً من وقوع الطلاق يمنعها من تقديم شكوى على زوجها في القضاء ولو تعرضت للأذى، وهو ما اعتبره خطأ، داعياً أي امرأة تواجه ذلك إلى رفع دعوى خاصة إذا كان الأذى مستمراً وبشكل يسبب ضرراً جسدياً ومعنوياً لها.
أرجع القاضي السوري ذلك إلى أنه في حال عدم تقديم المرأة شكوى بحق زوجها يدفعه الأمر للتمادي أكثر بضربها وإيذائها، كما أنه يفسر عدم الشكوى عليه بأنه ضعف من الزوجة.
واعتبر الكردي، أن الزوجة تمارس العنف على الزوج إما يكون لدفع أذى عنها ما يؤدي إلى تسبب ضرر على الزوج أو أن هناك أخباراً وردت إلى الزوجة تثير عصبيتها ما يدفعها إلى ضرب زوجها.
وخلال السنوات الماضية، تعرضت المرأة السورية لانتهاكات حرمتها من المساواة وكرست التمييز بينها وبين الرجل، تحت ستار الموروث الاجتماعي والخطاب الديني الذي حول المجتمع إلى أبوي/ذكوري تغدو فيه المرأة مجرد ظل للرجل، وفق منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وكان تقرير لِمنظمة النساء الآن حمل عنوان “قراءة معمقة للنساء السوريات حول الراهن والمستقبل والمفاهيم المتعلقة بهما”، قد عدد أنواعاً من العنف لم تكن متوقعة، منها عنف الحنين، عنف اللجوء، عنف النزوح، عنف الأماكن، عنف العلاقات العاطفية بعد انطلاق الثورة وخلال الحرب، عنف الاعتقال، عنف التهجير، عنف الهوية.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.