أمينة أفروخي: قاضية مغربية تكرّس حياتها لمكافحة الاتجار بالبشر والدفاع عن النساء
القاضية المغربية أمينة أفروخي

أخبار الأمم المتحدة- كرّست القاضية المغربية، والخبيرة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، أمينة أفروخي، مهنتها وحياتها لمحاربة هذه الجريمة ومساعدة المتأثرين بها، بالإضافة لاهتمامها بقضايا النساء ضحايا العنف، والأطفال المشرَّدين. وقد تمّ تكريمها من قبل العديد من الجهات باعتبارها بطلة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر.

تشغل السيدة أفروخي منصب رئيسة قطب النيابة العامة المتخصصة والتعاون القضائي برئاسة النيابة العامة، منذ عام 2017 بعد استقلال السلطة القضائية. كما أنها تترأس، حالياً، فريق العمل المعني بمكافحة الاتجار بالبشر التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وهي “أول سيدة أفريقية وعربية تحظى بشرف هذه الرئاسة” كما قالت.

أخبار الأمم المتحدة أجرت حواراً مطوّلاً مع الخبيرة والقاضية المغربية حول نشاطها في مجال مكافحة الإتجار بالبشر والدفاع عن حقوق النساء والأطفال.

بدأنا الحوار بسؤالها عن اجتماع فريق العمل المعني بمكافحة الاتجار بالبشر والذي انعقد مؤخراً في جنيف، حيث قالت:

اجتماع فريق العمل المعني بمكافحة الاتجار بالبشر كان فرصة لطرح عدد من المواضيع ذات الأهمية القصوى في مسار مكافحة الاتجار بالبشر. وأخص بالذكر موضوع كيفية حماية ضحايا الاتجار بالبشر، الذين يجبرون على ارتكاب الجرائم. كان الاجتماع مناسبة لطرح التساؤلات التي يثيرها هذا الموضوع والسبل الكفيلة بالتطبيق السليم لمبدأ عدم معاقبة ضحايا الاتجار بالبشر عن الأفعال التي يرتكبونها في وضعيات الاستغلال التي يخضعون إليها مكرهين.

وكان الاجتماع كذلك مناسبة للتعرف على عدد من التجارب الحسنة للدول، وكذلك التفكير في صياغة عدد من التوصيات في اتجاه انتهاج أنجع السبل لحماية هؤلاء الضحايا وتجنيبهم تبعات المسؤولية الجنائية، وكذلك اختيار أفضل السبل لحمايتهم والتكفل بهم حسب المعايير الدولية المتعارف عليها.

إلى جانب هذا الموضوع، دار النقاش حول مسألة فرق البحث المشتركة ووسائل التحقيق والبحث الخاصة بجرائم الاتجار بالبشر. ومما لا شك فيه أن هذا الموضوع يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لمحاربة ومكافحة والحدّ من هذه الجريمة البشعة.

المعلومات والمعطيات المتوفّرة عالمياً تفيد بوجود نسب عالية لجرائم الاتجار بالبشر ذات الطابع العابر للحدود الوطنية والمرتكبة من قبل شبكات إجرامية منظّمة على الصعيد الدولي، مما يجعل الأمر أكثر تعقيداً ويتطلّب جهداً أكبر للبحث في هذه الجرائم، من أجل عدم إفلات المتاجرين من يد العدالة، وكذلك انتشال وانتزاع الضحايا من شبكات الاستغلال والاتجار.

وفي هذا السياق تمّ التعرّف كذلك على عدد من التجارب الدولية الحسنة وصياغة عدد من المقترحات.

القاضية أفروخي أنتِ لعبت دوراً رئيسياً في صياغة قانون مكافحة الاتجار بالبشر المغربي. حدثينا عن ذلك؟

مساهماتي كانت ترمي إلى خلق نقاشات بين ممثلي المؤسسة القضائية وباقي الممثلين من المؤسسات الحكومية المعنية بقضايا الاتجار بالبشر في المغرب، من أجل وضع تصوّر موحّد حول كيفية معالجة هذه القضية.. وقد تمّ تنظيم هذه اللقاءات المتعدّدة بالشراكة مع عدد من الجهات الدولية منها المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وكذلك مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة.

هذه اللقاءات كانت تسمح بطرح الموضوع بعمق للنقاش. وقد مكّن ذلك من بلورة أرضية لقانون. كانت هي الأرضية التي اشتغلت عليها فيما بعد اللجنة التي كُلّفت بإعداد مشروع قانون الاتجار بالبشر والذي تمّت المصادقة عليه عام 2016. وكنتُ من ضمن اللجنة المشتركة التي تمّ تعيينها لهذه الغاية.

أدى الإغلاق المفروض بسبب انتشار جائحة كورونا إلى ارتفاع نسب العنف ضدّ المرأة. أنتِ معروفة باهتمامك في خدمة النساء ضحايا العنف. حدّثينا عن كيفية مساهمة القوانين التي قُمتِ بإعدادها في الحدّ من هذه الظاهرة؟

تضمّن القانون 13-103 المتعلّق بمحاربة العنف ضدّ النساء، العديد من المستجدّات التي عزّزت حماية النساء والفتيات ضحايا العنف، كما أدّت إلى مأسسة آليات التكفّل التي أُحدِثت لاستقبال النساء ضحايا العنف، ولا سيما ما كان بمحاكم المملكة.. هذا القانون دعم هذه الآليات بإعطائها الشرعية والإطار القانونيين، كما أكّد إشراف النيابة على لجان التنسيق المعنية بالتكفّل بالنساء ضحايا العنف.

رئاسة النيابة العامة ومنذ بداية الحجر الصحي وضعت تعليمات متواترة للنيابات العامة بإحداث آليات للتشكّي عن بعد عن طريق الهاتف وعن طريق منصات إلكترونية يمكن من خلالها لأي سيدة أو فتاة تعرّضت للعنف أن تقدّم شكوى أو إبلاغاً بتعرّضها لأي نوع من أنواع العنف. وتعمل النيابة العامة على التدخّل فوراً، من خلال الشرطة أو الدرك الملكي، لإنقاذ السيدة من العنف.

الموضوع لا يتعلّق فقط بالنساء ولكن كذلك بالأطفال باعتبارهم من الفئات التي يمكن أن تتعرّض لانتهاك الحقوق والعنف بشتى أنواعه.

عام 2018 شهدت مدينة مراكش المغربية تبنّي الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظّمة والنظامية. الأمم المتحدة وصفت الاتفاق بأنه خارطة طريق لمنع المعاناة والفوضى. كيف ساعد هذا الاتفاق بلدكم المغرب في التصدّي للاتجار بالبشر؟

أهداف الميثاق التي بلغت 23 هدفاً يمكن أن نستقي منها عدداً من التوجّهات التي تساعد في وضع سياسات محكمة للحدّ من الهجرة غير النظامية، وكذلك الحدّ من جرائم الاتجار بالبشر، وذلك عبر مجموعة من التدابير التي تصبّ في الحدّ من هذه الجريمة منها:

ضرورة تعزيز طرق الرصد للهجرة غير الشرعية التي يستغلها المتاجرون بالبشر لاستقطاب الضحايا؛ تطبيق التدابير الملائمة للضحايا من النساء والأطفال؛ توحيد المفاهيم والتعاريف الملائمة للقانون الدولي؛ تعزيز سبل العدالة الجنائية من أجل عدم إفلات المتاجرين من العقاب؛ تعزيز سبل مساعدة الضحايا؛ تعزيز وسائل تنمية القدرات وتدريب المتدخّلين من موظفين ومجتمع مدني وموظفي إنفاذ القانون في اتجاه تحسين وتطوير سبل مكافحة هذه الجريمة وحماية الضحايا والتعرّف عليهم بالسرعة اللازمة.

كل هذه الآليات من شأنها أن تساعد جميع الدول، بما فيها المغرب، في توضيح الرؤية ووضع خارطة الطريق من أجل الحدّ من الاتجار بالبشر.

المغرب يبذل جهوداً كبيرة ومتميّزة من أجل تطوير تدخّله في هذا السياق من أجل عدم إفلات المتاجرين من العقاب ومن أجل حماية الضحايا والتعرّف عليهم.

ونعمل في رئاسة النيابة العامة على تنظيم العديد من الدورات التدريبية من أجل التعريف بهذه المؤشّرات الخاصة بالتعرّف على الضحايا وتحديدهم والعمل على انتزاعهم من براثن الجريمة ووقف استغلالهم، ومؤشّرنا في ذلك هو الإحصائيات التي نعمل على رصدها سنوياً، في إطار التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة لنُراقب تطوّر معالجة هذه القضايا، وعدد المجرمين الذين تتم متابعتهم، وكذلك عدد الضحايا الذين يتمّ التعرّف عليهم واتخاذ تدابير الحماية اللازمة بحقّهم، سواء كانوا مواطنين أو أجانب، والحرص على احترام حقوقهم وتقديم المساعدة الضرورية لهم وفق المعايير الدولية.

ما التحدّيات التي تواجه المغرب في مجال مكافحة الاتجار بالبشر؟

أعتقد أن مسألة التعرّف على الضحايا هو التحدّي الأساسي الذي تخوضه السلطات المغربية، لا سيما السلطة القضائية. هو شيء أساسي لأن الضحايا هم المفتاح الرئيسي لفك شبكات تهريب البشر، وبصمتهم يتعذّر في الغالب فكّ هذه الشبكات وإلقاء القبض على المتاجرين.

من التحدّيات الأخرى كذلك تجميع المعلومات بالدقة المطلوبة حول شبكات الاتجار بالبشر ومسارات الشبكات الإجرامية، من أجل تجفيف هذه المسارات والقنوات التي يتم من خلالها استقطاب الضحايا وتنفيذ جرائم الاتجار بالبشر.

ومن التحدّيات أيضاً، التعاون الدولي وسبل تعزيزه، فضلاً عن التحدّيات المتمثّلة في العمل على المستوى الوطني والإقليمي والدولي من أجل تنمية وتعزيز القدرات لجميع الفاعلين في هذا المجال، باعتباره طريقاً أساسياً وضرورياً للحدّ من الإتجار بالبشر.

القاضية المغربية أمينة أفروخي

القاضية المغربية أمينة أفروخي 

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015