أول امرأة
7% من النساء في العالم العربي أصبحنَ ضمن المعادلة السياسيّة/ marieclairearabia

ضحى الزهيري/alarabiya- على مدار عقود كافحت المرأة العربية وناضلت وعملت جاهدة، فحلم المساواة الذي أراد البعض استغلاله، تارة لتحقيق مكاسب سياسية وقتية، تزامنا مع أي انتخابات، وتارةً للإثبات للعالم الحر أننا أيضاً متحضّرون ولدينا نساء في مناصب بالدولة، لم يعد ينطلي عليهنّ. والحديث بأن المرأة نصف المجتمع وهي الأم والأخت والزوجة، صار مع الوقت، وابتذال المعنى الأكبر له، نغمة قديمة مليئة بالنشاز والسأم. فواقع حال المرأة يدحض المقولات مهما كانت فخمة أو رنّانة.

أُدرجت حقوق المرأة في الدساتير والقوانين والمواثيق الدولية، وأُنشئت آليات ومؤسسات وطنية لدعم المرأة وتمكينها من المشاركة في شتى المجالات، وهذا بلا شك فعل محمود وجاء بعد نضال خاضته المرأة في مجتمعات تقاليدها أقوى من أي قانون وأي مواثيق، وبالتالي ففي بعض البلدان وفي كثير من الأحيان بقيت ترسانة هذه القوانين حبراً على ورق، أو نُفّذ منها ما يُعطي حقوقاً تجميلية، وليس عن اقتناع بأحقية المرأة في هذه الحقوق أو المواقع والمناصب.

كان هذا هو الوضع لأعوام طويلة.

ولكن، بالاجتهاد والمثابرة والكفاءة، فرضت المرأة نفسها واستحقت عن جدارة أن تتولّى مناصب لم نعتد أن تتولاها. استطاعت أن تستغل كلّ فرصة أُتيحت لها عبر كل مؤسسة وكل قيادة أمنت بها بحق.

في بلد مهم وكبير، مثل مصر، بكل تعقيداته وتحدّياته، تتولّى نخبة من النساء التحدّي الأكبر والملف الأصعب، الملف الاقتصادي. جزء كبير من هذا الملف مثلاً تتولّاه معالي الوزيرة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي في مصر حالياً، بما يعني أنها المسؤولة عن المنح والقروض وتنسيق علاقة مصر بالمؤسسات المالية الدولية، وهو تحدٍ كبير بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها العالم، وخصوصاً الدول النامية. والمشاط خبيرة في السياسة النقدية والاقتصاد الدولي، وعملت مع مؤسسات مالية بارزة في مصر والعالم، منها البنك المركزي المصري والبنك الدولي، وأيضاً كانت أول امرأة تشغل منصب وزيرة السياحة المصرية.

ومن التعاون الدولي إلى معالي الوزيرة الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر، والتي تُعدّ إحدى الشخصيات المصرفية المعروفة، حيث قادت المعهد المصرفي المصري وهو الذراع التدريبية للبنك المركزي المصري، لمدة ثماني سنوات حصل خلالها المعهد على الاعتماد الدولي (2006 ـ 2008). ومؤخراً حازت جائزة التميّز الحكومي كأفضل وزيرة عربية لعام 2020.

وفي المملكة العربية السعودية، تحيا المرأة أياماً استثنائية، حيث تقلّدت الكثير من السعوديات مناصب مهمة في شتى المجالات، ولكن أبرزها لهذه اللحظة هي للأميرة ريما بنت بندر بن سلطان التي تقلّدت منصب سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة بمرتبة وزير، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ المملكة. منصب مهم وحساس ولحظة فارقة بحق.

الكل يعلم ما تمثّله وزارات الداخلية في البلدان العربية، وهي وزارات غاية في الحساسية والأهمية والتعقيد تولّتها معالي الوزيرة ريا الحسن في بلدٍ ليس أقلّ حساسية وتعقيداً، لبنان.

في السودان تولّت القاضية نعمات عبد الله محمد خير منصب رئيس القضاء في بلادها لتصبح أول امرأة تتولّى هذا المنصب في منطقة الشرق الأوسط.

أنت لا تُجامل شخصاً أو جهة، أو تُغازل منظمة نسوية، حين تضع امرأة سفيرة في عاصمة قرار العالم، يمكن أن تفعل ذلك بوضعها سفيرة في أي بلد، وهذا يكفي. لا تُجامل جهة حينما تضع قيادات نسائية في وزارات لها علاقة مباشرة بملف شائك وخطير مثل ملف الاقتصاد، أيضاً، أي وزارة كانت تكفي. لكن ما أتى بهؤلاء النساء في هذه المواقع الصعبة فقط، هو كفاءتهنّ، وقيادات فتحت لهنّ الطريق.

وكان خير دليل على قيادة وكفاءة المرأة عام 2020؛ عام الاختبار الحقيقي لكل من هم على هذا الكوكب، بظهور فيروس كورونا، ومعه كافة أنواع التحديات، حيث وقفت النساء في الخطوط الأمامية في مجال الرعاية الصحية وأظهرن براعة وكفاءة في إدارة الأزمة وكيفية التعافي منها.

وبالتالي جاء استحقاق النساء لهذه المناصب القيادية متناسقاً مع ذلك، واعترافاً بكل ما قدّمن في شتى المجالات، ودفع الأمم المتحدة للمرأة عن إعلان موضوع اليوم الدولي للمرأة، والذي يُحتفى به في 8 آذار/ مارس 2021 بعنوان “المرأة في القيادة: تحقيق مستقبل متساوٍ في عالم تتفشّى فيه جائحة كوفيد-19″، حيث قامت القيادات النسائية بدور فعّال وجهود كبيرة في مواجهة الأزمة والتعافي منها.

تقول الأمم المتحدة إنه في ظل الأزمة أدرك الجميع، وتقبّل أكثر من أي وقت مضى، أنّ النساء يجلبن خبرات ووجهات نظر ومهارات مختلفة إلى طاولة المفاوضات، وقدّمن مساهمات لا غنى عنها في القرارات والسياسات والقوانين للجميع.

وتشير البيانات حسب “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” إلى أن غالبية الدول التي كانت أكثر نجاحاً في التصدّي لانتشار جائحة كوفيد-19 والاستجابة لها ولآثارها الصحية، والاجتماعية والاقتصادية، كانت تلك التي تتولّى رئاساتها النساء. على سبيل المثال، تم الاعتراف على نطاق واسع بالرؤساء ورؤساء الحكومات في الدنمارك وفنلندا وألمانيا وآيسلندا ونيوزيلندا وسلوفاكيا لسرعة وحسم وفعالية استجابتهنّ الوطنية للحدّ من انتشار كوفيد-19، فضلاً عن التواصل المستمر لنشر الحقائق حول المعلومات الصحية العامة القائمة.

صحيح أنّ المرأة العربية أصبحت تتولّى مناصب لم نعتد أن تتولاها، ولكن هناك مناصب أخرى تتطلّع إلى الوصول إليها خاصةً بعد هذا النجاح الكبير للمرأة في منطقتنا، وما قدّمته القيادات النسائية في العالم، سواء خلال هذه الجائحة أو على مدى عقود طويلة من العمل الدؤوب، ما يعني أن عالمنا العربي بدأ يقف أمام نفسه ويُدرك أن النساء لسن ديكوراً أو حُلى للحياة السياسية.

حسناً.. أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي أبداً..

7% من النساء في العالم العربي أصبحنَ ضمن المعادلة السياسيّة/ marieclairearabia

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015