اتفاقية «سيداو» في ورشة عملٍ تدريبيّة للعاملين في الإعلام السوري
ألية الحماية في اتفاقية السيداو

دمشق/ صحيفة (الثورة) الرسمية- المساواة بين الجنسين حقٌّ من حقوق الإنسان، إلا أنّ القوانين التمييزية ضدّ المرأة موجودةٌ ويجري سنّ قوانين تمييزية جديدة، في حين لا تزال الكثير من القوانين في جميع الأعراف تضع النساء والفتيات في المرتبة الثانية من حيث المواطنة والجنسية والصحة والتعليم، والحقوق الزوجية، والحقّ في الاستخدام، وحقوق الوالدين وحقوق الميراث والملكية، ولا تتوافق هذه الأشكال في التمييز ضدّ المرأة مع تمكين المرأة.‏

انطلاقاً من أهمية المرأة في المجتمعات كافة وفي سورية بشكلٍ خاص في ظلّ ظروف الحرب التي مرّت على البلاد وقد فرضت ثقلها على المرأة، كانت آلية توظيف اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة «سيداو» في العمل الإعلامي هدف الورشة التدريبية التي أقامتها وزارة الإعلام – مديرية الإعلام التنموي بالتعاون مع الهيئة العامة لشؤون الأسرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان يومي 15 و 16 الحالي.

بداية لا بد من تعريف التمييز ضد المرأة:‏

يعرّف التمييز ضدّ المرأة بأنّه استبعاد أو تفرقة أو تقييد يتم بناءً على أساس الجنس، من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف بالمساواة بين المرأة والرجل، في الحريات والحقوق الأساسية في مختلف الميادين الاقتصادية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، والاجتماعية، مّا يؤدّي لتعرّض المرأة للعديد من المشكلات في مختلف مجالات الحياة.‏

الدكتورة شادية محرز عضو الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بدأت ورشة العمل بتسليط الضوء على اتفاقية «سيداو» وأهم بنودها والتحفّظات وما تمّت المصادقة عليه لاحقاً، وهي من الفريق المعني بكتابة تقرير «سيداو» الذي يقدّم إلى الأمم المتحدة كلّ أربع سنوات، حيث يتم تشكيل هذا الفريق من الوزارات ليكوّنوا فريق عملٍ متكامل، إضافةً إلى تقارير أخرى تكتبها الجمعيات الأهلية وتُعرَف باسم “تقرير الظل”.‏

تعتبر (سيداو) الأساس القانوني والعملي للقضاء على التمييز ضدّ النساء في العالم، وبمثابة مؤشّرٍ على مدى التزام الدول الأطراف في الاتفاقية بتحقيق المساواة أمام القانون في تشريعاتها الوطنية وتعديل ما هو مخالفٌ لها.‏

روح «سيداو»‏

بعد استعراض الاتفاقية، الدكتورة محرز ركّزت على المادة الثانية من الاتفاقية واصفةً إيّاها بأنها روح الاتفاقية والتي تنصّ على:‏ “تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، وتوافق أن تنتهج، بكلّ الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة القضاء على التمييز ضدّ المرأة وتحقيقاً لذلك تتعهّد بالقيام بما يلي:‏

– تجسيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيه حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال القوانين والوسائل المناسبة الأخرى.‏

– اتخاذ التدابير التشريعية المناسبة وغيرها من الإجراءات الضرورية، بما في ذلك ما يقتضي الأمر من جزاءاتٍ لحظر كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة.‏

– إقرار الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعّالة للمرأة من أيّ عملٍ تمييزي، عن طريق المحاكم الوطنية ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى.‏

– الامتناع عن الاضطلاع بأيّ عمل أو ممارسة تمييزية ضدّ المرأة، وكفالة تصرّف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.‏

– اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة من جانب أيّ شخص أو منظمة أو مؤسسة.‏

– اتخاذ التدابير المناسبة بما في ذلك التشريعية، لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكّل تمييزاً ضدّ المرأة.‏

– إلغاء جميع قوانين العقوبات الوطنية التي تشكّل تمييزاً ضدّ المرأة.‏”

رفع التحفّظات‏

تمّ رفع التحفّظ عن المادة الثانية من الاتفاقية من قبل الجمهورية العربية السورية بموجب المرسوم التشريعي رقم 230 لعام 2017 بما لايتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وكانت سورية قد انضمّت لهذه الاتفاقية بالمرسوم رقم /330/ تاريخ 25/9/2002 مع التحفّظ على المواد (2- 9/2- 15/4- 16- 29/1) باعتبارها تتعارض مع الشريعة الإسلامية وهذا التحفّظ ينافي روح وجوهر الاتفاقية، وسببه التمييز الموجود في الدستور وقوانين الأحوال الشخصية وقانون العقوبات وقانون الجنسية والأعراف والممارسات التمييزية ضدّ النساء، وعدم وجود آليات لحماية النساء من التمييز، بل وعلى العكس ممارسة التمييز ضدهنّ على الصعد كافة.‏

كما سلّطت الدكتورة محرز الضوء على المادة 16 والتي تتعلّق بالزواج والبنود التي بقي التحفظ موجوداً عليها؛ وهي كالتالي:‏

“- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، وتضمن بوجهٍ خاص، على أساس تساوي الرجل والمرأة:‏

أ- نفس الحقّ في عقد الزواج.‏

ب- نفس الحقّ في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا بالرضا الحر الكامل.‏

ج- نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.‏

د- نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة، بغضّ النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلّقة بأطفالها، وفي جميع الأحوال، تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.‏

هـ- نفس الحقوق في أن تقرّر بحرية وبشعور من المسؤولية عدد أطفالها والفترة بين طفل وآخر. وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.‏

و- نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلّق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية الاجتماعية، حيث توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.‏

ز- نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحقّ في اختيار اسم الأسرة، والمهنة، والوظيفة.‏

ح- نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلّق بملكية وحيازة الممتلكات، والإشراف عليها، وإدارتها، والتمتّع بها، والتصرّف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض ذي قيمة.‏

– لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أيّ أثرٍ قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما فيها التشريع، لتحديد سنٍ أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً.”‏

لقد تحفّظت سورية على الفقرات 1(ج-د-و-ز ) والفقرة2 ، والسبب في ذلك يعود إلى التمييز ضدّ المرأة داخل الأسرة وفي العلاقة الزوجية وحياتها الخاصة، والمُكَرّس في قوانين الأحوال الشخصية والأحوال المدنية.‏

وهنا صرّحت محرز أنّ العمل قائمٌ اليوم لتحديد سنّ الزواج في سورية لمن أتمّ الثامنة عشرة.‏

التقرير الوطني قيد الإنجاز‏

وفي تصريحٍ خاص لصحيفة «الثورة» حول الفرق بين تقرير سورية السابق، والذي شمل تقريرين لغاية 2014، والتقرير الوطني الذي يجري إعداده اليوم من قبل الهيئة العامة لشؤون الأسرة والسكان بالتعاون مع جميع الفعاليات والمؤسسات والوزارات ذات الصلة لعام 2018؛ قالت محرز: “في عام 2014 التقرير كان عبارة عن تقريرين قُدّما سويةً، أما التقرير الذي يجري إعداده بغضّ النظر أنّ سورية كانت في فترة حرب واستطاعت خلال السنوات الأربع الماضية رغم الظروف القاسية أن توائم أكتر وترفع التحفّظ عن المادة 2؛ حتى ولو كان مشروع. استطعنا أن نقيم وحدة حماية الأسرة، كما استطاع القضاة الشرعيون إعطاء الحماية والولاية للأمّ وكذلك حقّ التنقل والسكن للمرأة. وكان هناك تحفّظ على هذا الموضوع، أصبح القاضي الشرعي مرناً أكثر في إعطاء المرأة المهمة التي كانت حكراً على الرجل. المرأة قوية تنشر الوعي في المجتمع السوري وأصبح لدينا مجتمع قوي. كان هناك تقرير ظل أو تقريرين اليوم أصبح هناك أكثر من عشر تقارير ظل الجمعيات الوطنية.”‏

وتابعت محرز “لذلك سيكون تقريرنا في 2018 مميزاً وأكثر دقّةً، وهناك أشياء حصلت أفضل مكّنتنا من الردّ على الملاحظات بشكلٍ أدق من تقرير 2014. وتهدف اليوم الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بالتعاون مع الإعلاميين لتقديم الصورة الحقيقية والصحيحة للمرأة السورية القوية والعمل للوصول إلى قوانين أكثر مواءمة، لتكون المرأة السورية أكثر فعّالية في المجتمع لإعادة الإعمار والنهوض بسورية المتجددة.‏”

الأزمة أظهرت وعي المرأة السورية خاصة في غياب الرجل حيث كانت أكثر المتضررين، من تفتيت الأسرة السورية ولكن دورها تنامى في ظل الظروف الراهنة وكانت الرافع الاقتصادي وكثيرات منهن اتخذن دور الرجل وهذا يسجّل للمرأة السورية.

وفي الختام لابد من التوضيح أن الاتفاقيات الدولية عموماً لاتلزم الدول التي تصادق عليها حيث يحقّ للدول الأطراف اختيار الأنسب وفق نهجها وتقييد موادها وفق القانون الوطني وخصوصية الشعوب، لذلك كان هناك تحفّظات على بعض البنود أو المواد، وهذا ما عملنا على توضيحه وكيف تم رفع التحفظ عن بعضها لتوائم مجتمعنا للقضاء على أشكال التمييز كافة ضدّ المرأة لتكون أكثر فاعلية في مجتمعها.‏

ألية الحماية في اتفاقية السيداو

ألية الحماية في اتفاقية السيداو

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015