احتجاجات لبنان: لماذا اختار بعض العرب النظر إلى أجساد المحتَجَّات؟
المرأة اللبنانية تقدّمت صفوف الاحتجاجات/ GETTY IMAGES

لبنان/ bbc- بعيداً عن مطالب المحتَجَّات والمحتجّين، في الحراك اللبناني المتواصل، والمطالب بحقوق اجتماعية واقتصادية، بدا جانب كبير من جمهور وسائل التواصل الاجتماعي، في عدّة بلدان عربية على رأسها مصر، وقد انزلق إلى تعليقات، بدت في نظر الكثيرين، بعيدةً كل البعد عن جوهر ما يجري، ولقيت اتهامات من قبل كثير من اللبنانيات واللبنانيين، بأنها تعكس وجهة نظر ذكورية، وعنصرية في بعض الآحيان.

فبعيداً عن كل ما يطالب به اللبنانيون، من مطالب معيشية مشروعة، وبعيداً عن معاناتهم، التي كانت وفق شعاراتهم المرفوعة، سبباً أساسياً وراء خروجهم، اختار جانب من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من مصر وغيرها من البلدان العربية، التعليق على أشكال المحتَجَّات ولباسهنّ وجمالهنّ كما ورد في تعليقاتهم، عاكسين رؤيةً نمطية كما يقول كثيرٌ من اللبنانيين، عن المرأة اللبنانية كامرأة “فلتانة” كما يقولون.

وبدا غريباً أن يتجاوز أناسٌ، يعيشون في بلدان عربية مثل مصر، لديهم ما لديهم من المشكلات، بين المعيشي وذلك المتعلّق بالحريّات والديمقراطية كل ذلك، ليصبّوا تركيزهم على الشكل الخارجي للمرأة اللبنانية ولباسها، وكيف بدت خلال التظاهرات، ويرى ناشطون وناشطات لبنانيات أن من علّقوا مثل تلك التعليقات، على مشهد الاحتجاجات اللبنانية ربما يعوزهم معرفة طبيعة هذا المجتمع المختلف، والذي يعطي طابعاً احتفالياً لاحتجاجاته النابعة من المعاناة.

تقول يارا نحلة في مقالٍ لها بجريدة المدن الإلكترونية، اللبنانية الرصينة معلّقةً على ذلك: “فلنعترف، أوّلاً، بأنّ المجتمع اللبناني لديه نزعة مفرطة إلى إعطاء تحركاته الاحتجاجية طابعاً كرنفالاياً قد يشذّ، أحياناً، عن صورة الثورة الدموية في مخيلة المواطن العربي”.

وتمضي يارا قائلةً: “فالمصري قد شاهد عبور الدبابات العسكرية على أجساد رفاقه المتظاهرين، والفلسطيني يتعرّض لرشق نيران واعتقالات تعسفية في كلّ مرّة يتظاهر فيها ضدّ سلطة الاحتلال، والعراقي الذي يُقتَل حالياً في ساحات الاحتجاج. هؤلاء قد تبرّر لهم، إلى حدّ ما، نظرتهم المستَخِفَّة وغير المؤمنة بصدقية هذا الحراك الثوري”.

غير أن اللافت أيضاً أن من انجرفوا لتلك التعليقات، في عدّة بلدان عربية عديدة، واجهتهم مجموعات أخرى من نفس تلك البلدان، ترفض توجّههم وتعتبره إخراجاً للأمر عن سياقه، مظهرين تقديراً كبيراً للمرأة اللبنانية، وخروجها في الصفوف الأولى للاحتجاجات، وكان ذلك واضحاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي من مصر، الذين اعتبروا مثل تلك التعليقات ابتذالاً وامتهاناً للمرأة اللبنانية والمصرية على حد سواء.

وكانت العديد من الناشطات اللبنانيات، قد رددن على تلك التعليقات بغضب، مُعرِباتٍ عن رفضهنّ لاختزال المرأة اللبنانية في جسدها فقط، وتجاهل كفاح هذه المرأة عبر التاريخ من أجل مصلحة بلدها.

وينظر مراقبون إلى جانب آخر سياسي، فيما يتعلّق بتعاطي البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر وسائل الإعلام في عدّة دول عربية، ويعتبر هؤلاء أن تحويل ما يشهده لبنان، من احتجاجات نابعة من معاناة انسانية، إلى نوع من السخرية والمزاح، أو إلى وصف للمرأة اللبنانية بغير المحتشمة، ربما يعكس مخاوف لدى دوائر رسمية في تلك الدول، من انتقال العدوى إلى بلدانهم، وإعطاء دفعة جديدة لما عُرِف بـ “الربيع العربي”.

برأيكم

لماذا اختار جانب من رواد التواصل الاجتماعي في بلدان عربية التركيز على شكل المرأة اللبنانية؟

هل يعكس ذلك كما يقول لبنانيون عدم معرفة بطبيعة المجتمع اللبناني؟

هل ينفي خروج المرأة إلى الاحتجاجات طابع الجديّة عنها؟

وكيف ترون ما يقوله البعض من أنّ تلك التعليقات تعكس مخاوف الجانب الرسمي في دول عربية من انتقال العدوى لبلدانه؟

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

المرأة اللبنانية تقدّمت صفوف الاحتجاجات/ GETTY IMAGES

المرأة اللبنانية تقدّمت صفوف الاحتجاجات/ GETTY IMAGES

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015