اختبار الجموح، اختبار الندم
المرأة قوة تغيير في المجتمع

سوسن زكزك/ خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- عامٌ جديد يفرض وجوده علينا، وجردة الحساب جاهزة كلّ ساعة، خاصةً ما يمسّنا نحن النساء. كما بلغت الصعوبات درجاتها القصوى، وبلغت التغيّرات درجاتها القصوى أيضاً. وجردة الحساب من خزان الوقت تتحوّل لاختباراتٍ تنوس ما بين اختبار الندم واختبار الجنوح أيضاً، رغم وجهيهما المتناقضين تماماً.

“ستتزوّجينهُ!” هكذا قالت مروة لابنتها، “ستسافرين إلى ألمانيا؛ لأنّ البلد ضاقت بشدّة ولن تكون مناسبةً للعيش أبداً. ولأنك الفرصة الوحيدة لسفر أخاكِ إلى هناك”. وأردفت: “ما عجبك، طلّقيه هناك وشوفي حياتك!”

أهي مساومة؟ أم تجاوزٌ لكل ما سبق بطريقة التعامل مع تزويج البنات، ومع فكرة الرجل الغريب والبلد الغريبة وتغيّر العادات والسلوك ونمط الحياة، وحتى القيم التي نبوّبها في خانة الأخلاق، لتأخذ شكلها الحاسم في الرفض أو الحذر الشديد تجاه قيم بلدانٍ نُسمّيها بلا دين أو بلا إيمان!

تختلّ المحاكمة هنا، وتطغى المصلحة على ثوابت يبدو أننا تجاوزناها ضِمناً، لكننا ما زلنا نخشى إعلانها.

الأهم هو الموقف من الطلاق! وهل تغيّر تعريف الطلاق بأنه خرابٌ للبيوت العامرة، أو أنه أبغض الحلال؟ واعتبار وصمة الطلاق تُعيب المرأة مهما ظُلِمَت وانتُهِكَت حقوقها وكرامتها؟ حتى لو كانت مُطلَّقة بقرارٍ غيبي من الزوج، بجرّة قلم أو بمجرد كلمة تُنطَق من بعيد وعلى شاشة الجوال!

نعم لقد تغيّرت المواقف من الطلاق، وباتت عبارة(طلّقيه) ترند قابل للتعميم والتندّر، ولكن للإرشاد والتمكين أيضاً.

يتم تكريم الأرملة دوماً، وخاصةً من تحافظ على ترمّلها مدى الدهر، وإن كانت بلا أولاد؛ تكون مُفضَّلة للزواج من رجل متزوّج غالباً، ونادراً من رجلٍ عازب، تُفَضَّل على المرأة المطلّقة؛ مفاضلةٌ جذرها الضمني والعلني هو أن الأرملة ترمّلت بفعلٍ خارج عن إرادتها، قضاء وقدر مثلاً، أما المطلّقة فهناك أسباب عديدة دفعت زوجها لتطليقها، حتى لو كانت هي من طلبت الطلاق، سينعتونها بالقوية أو المتمرّدة أو الخائنة للعهد والعِشرة والمسبّبة لتهجير الأطفال وتشتيت العائلة.. واتهامات لا تُعدُّ ولا تُحصى.

ما بين اختبار الندم واختبار الجموح زمنٌ يمرّ، لكن بسرعة غير اعتيادية، تغيّرات كانت تحتاج لأزمانٍ عديدة وتحضيرات كبيرة، تغيّرت بسرعةٍ ضوئية وبتوافق ضمني تحوّل لتواطؤ غير مُعلَن لكنه مقبول، مقبولٌ وقابلٌ للتعميم. الأهم رغم عدم اتّزان كلّ التغيّرات ورغم فوضوية بعضها أو ضبابيتها، لكنها تحوّلت إلى قاعدة إجرائية خارج الضوابط الصارمة السابقة، خارج الأُطر المقيّدة والمُجمَع عليها بقوّة العُرف والتمييز وتَقبُّل ظلم النساء والتطاول عليهنّ وقضم أو تغييب حقوقهنّ كاملةً أو مجزّأة.

تبدو عبارة “الزمن يفعل فعله” صحيحة هنا، الزمن فاعلٌ أساسي لكن ضمن خِضمٍ فائرٍ ومختل، والاختلال سيد الموقف العام. ومن دواعي الاحتفال بقدرة الزمن الخارقة هي تلمّس النساء أنفسهنّ للتغيّرات التي طرأت؛ تغيّرات تسارعت خُطاها، والنساء قطفنها كفراشاتٍ تُنشد الضوء، لكن لا تحترق.

تحتاج النساء والحياة إلى تأصيل التغيّرات، الإيجابية منها خاصةً، الندم فعلُ ماضٍ، ولا يُمكن العودة إلى الوراء أبداً، واختباره مضيعةٌ للوقت والطاقة، والجموح فعلٌ فائرٌ ومستمرٌ، يحتاج التعقّل ربما، توحيد القوى ربما، والأهم هو أنّ مصير النساء مرتبطٌ بالتقدّم دوماً، بخلخلة الثوابت، علينا اختبار الجموح دوماً لارتباطه بالثقة والأمل.

عامٌ جديد والزمن ليس مجرّد وقت، يبدو الزمن وسيلةٌ بيد النساء المنخرطات في واقعٍ جديد، في أمكنةٍ جديدة، في فهمٍ جديد للتغيير! التغيير هو حتماً إنجازٌ للنساء، لهنّ ومعهنّ وبهنّ.

سلوى زكزك – دمشق

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

المرأة قوة تغيير في المجتمع
المرأة قوة تغيير في المجتمع

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015