الأمم المتحدة لشؤون المرأة: تقصي السوريات وتنمط دور آخريات

رولا أسد/ شبكة الصحفيات السوريات- لايبدو أن هناك أي نية للتعامل بمهنية مع السوريين عموماً والنساء خصوصاً ولا حتى بالحدود الدنيا، فمن تشعيب المفاوضات وتقسيم الأدوار وخلق غرف لكل مجال بين السوريين المعارضين للنظام، تأتي منظمة المرأة لتكحل جهود شقيقاتها من منظمات الأمم المتحدة بتنظيم مؤتمر يبدو في إعلانه أنه الأول من نوعه، خارق التنوع لضمه مؤيدات للنظام السوري ومعارضات له (150 امرأة)، مؤتمر يوحي بـأنه لابد اختتامه بنساء يقفن صفاً واحداً لإرسال حمامات سلام في سماء بيروت مكان انعقاد المؤتمر، لتصل إلى كل الرجال المقاتلين لتعطيهم غصن أخضر وقلم بدل السلاح.
هذا الفعل من قبل منظمة دولية قابل للنقد والمطالبة بإجابات للحركة النسائية السورية وليس فقط لبعض الشركاء أو الشخصيات المحببة للمنظمة، ويمكن تلخيص أكثر النقاط جدلاً لهذا المؤتمر بمايلي:
أولاً إقصاء قياديات ووجوه شابة معارضة نسوية تعمل على الأرض، وتدير مؤسسات عاملة في مجالات منها بناء السلام وتمكين النساء، و قد نقدت تلك النسويات عدة مرات طريقة عمل الأمم المتحدة بشكل عام وخاصة أداء المنظمة المتخصصة بشؤون المرأة، ولاحقا أداء المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا فيما يتعلق بالمجلس الاستشاري النسائي، فهل هذا هو سبب تجاهل مثل تلك المؤسسات، أم عدم قدرة الأمم المتحدة لتقبل النقدـ أم أنه لايحق للسوريات توجيه النقد مثلاً؟

ثانياً وهو الأهم، إظهار النساء كمجموعة من الساذجات سياسياً والعاطفيات، وتلخيص مطالبهن لتحقيق السلام بوقف القتل بأي ثمن، لا أعتقد أن هناك سوري أو سورية بمافيهم حملة السلاح يرغبون بالقتال إلى الأبد، ولكن طريقة التقديم جاءت وكأن النساء من سيقدمن الحل بصرخة واحدة أو بحل سحري أو بوصفة خاصة من مكتب الأمم المتحدة لشؤون المرأة.
ثالثاً إقصاء الرجال وبالتالي قتل أي فعل ليكون الرجال كجزء من الحراك النسوي وتضيق الدائرة لتكون للنساء فقط ،وكأنهن يعشن على كوكب وحيد الخلية حين تأتي لأي مشاريع من قبل المنظمات الدولية، حتى بحسن نية لتمكينهن بالقيام بدور فعال ، ولكن مثل تلك الممارسات لم تنتظر طويلا ليتم نقدهـا .بعناوين استفزازية، كما عنونت جريدة الحياة اللندنية إحدى مقالاتها 2014 بـ: هل تنجح المرأة السورية في ما فشل الرجال فيه؟
رابعاً خطاب المؤتمر فيه مبالغة بدور النساء في تحقيق السلام لكونهن مجموعة من النساء لديهن الرغبة بتحقيق السلام الأهلي بالمسامحة ولكنهن غائبات سياسياً من مستوى المجالس المحلية وحتى المستويات الأولى المرتبطة بالتفاوض، إضافة إلى عدم القدرة على القيام بفعل مدني على الأرض بسبب الحصار والاعتقالات وغيرها من أشكال العنف ضد أي حراك سلمي، مقدماً ستكون الحجة والكرت الأحمر لبطلان هذا النقد تجربة نساء لبيبريا اللواتي نجحن فى إنهاء النزاع 1995، ولكن ليس بالضرورة ماأثبت فعاليته بسياق ما، أن يتم تطبيقه وأن يكون فعال في مكان آخر.
خامساُ وأخيراً، عدم الوضوح والإيحاء بأن المؤتمر هو نشاط جديد وليس اجتماع للنساء اللواتي أسسن في العام 2014 في عمان “مبادرة نساء سوريات من أجل السلام والديمقراطية“، وبالتالي مكتب الأمم المتحدة لشؤون المرأة أسهم بشكل مقصود أو غير مقصود بخلق خلافات، عداوت وحتى انشقاقات داخل الحراك النسائي بالإضافة لخلق تصنيف جديد مع السلام على طريقة الأمم المتحدة أو ضد هذا التيار وبالتالي طرد الأصوات النسائية المختلفة بالرأي مع تيار “وقف المقتلة” المصطلح الأجد في عالم بناء السلام السوري.
يستمر الأداء بالتجاهل وعدم توضيح المسارات المعمول عليها وماالهدف منها بشفافية، فقد أثار موضوع رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا كمطلب للمجلس الاستشاري النسائي السوري سابقاُ في بداية 2016 ولاحقاً لمؤتمر صانعات السلام من خلال انتاجات بصرية ترويجية الكثير من الغضب في أوساط المجتمع المدني خاصة المؤسسات الفاعلة على الأرض داخل سوريا، فقد تم استنزاف حجة أن رفع العقوبات سيساهم في إدخال الدواء والحليب والحاجات الأساسية للمناطق المحاصرة ولكن مالم يذكر أن الدواء والغذاء متوفر ولكن النظام السوري من يفرض حصار على المناطق ويمنع دخول المساعدات، هذا اذا أشرنا أيضاً إلى أن مكاتب الأمم المتحدة تبعد عن درايا المحاصرة بضعة كيلو مترات فقط ورغم ذلك ورغم توفر المواد لكنها لاتصل.
مما دفع بدول كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على حث الأمم المتحدة لبدء توصيل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في سوريا عن طريق الجو، لأن الحكومة السورية امتنعت عن الاستجابة لطلب المجتمع الدولي بإتاحة توصيل المساعدات الإنسانية على نطاق واسع.

الوصفات الجاهزة التي تحاول المنظمات الدولية تقديمها للمجتمع السوري اليوم عفنة، لأنها بعيدة عما يريده الشعب، بعيدة عن التخطيط الاستراتيجي لبناء مؤسسات محلية ولبناء ثقة بين مكونات الشعب السوري، لأنها قائمة على التصنيف والتميز والتفضيل، والأسؤ على التنميط بالتعامل على أننا بحاجة لمهنية الآخر الغربي لنستوعب واقعنا.
مما لاشك فيه أن الدفع باتجاه رفع العقوبات عن سوريا واستخدام النساء للترويج لهذا المطلب شئ يثلج صدر النظام في دمشق ويضعه مرة أخرى في السياق الدولي على أنه بشكل جدي جزء من الحل، ولكن رفع العقوبات سيساعد النظام السوري بتجديد دمائه وطاقته لقتل المزيد، ولخلق ماتعشق المنظمات الدولية وجوده، كالأم الثكلى والأرملة الشابة والأخت المفجوعة وكل النساء الموسومات بصفات مرتبطة بالرجل المقتول لاحقاً بسبب التراخي في تسمية الجهات بمسمايتها والتعامل بجدية في إيجاد حل سياسي انتقالي في سوريا.

مؤتمر صانعات السلام السوريات/ بيروت 2016

مؤتمر صانعات السلام السوريات/ بيروت 2016

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015