التجريم الذي يدفع النساء إلى الموت!
اليوم العالمي للإجهاض الآمن

العنود المهيري/annaharar- يشتعل العالم من حولنا بالصراعات القانونية والأخلاقية المعقّدة حول قضية الإجهاض، بدءاً من إبطال حكم “رو ضد ويد” في أميركا، مروراً بالجدال حول إجبار اليابانيات على الحصول على موافقة شركائهن لصرف حبوب الإجهاض لهن، وانتهاء بالقرار الغريب الذي سيحتم على المجَريات الاستماع إلى دقات قلوب أجنتهن قبل الشروع في عملية الإجهاض! 

أما نحن في العالم العربي، فخارج الموضوع. أعني، لسنا مشاركين في الحوار المحتدم حول تشريع الإجهاض وتقنينه، ولا نعيش المعارك السياسية الطاحنة نفسها التي خلّفها في دول أخرى، ولن نرى شوارعنا تضج بالمتظاهرين مطالبة به. ولكننا في “قلب الموضوع” إذا كان المعيار هو مدى حصانتنا ضد حدوث عمليات الإجهاض، ومدى انتشار وسائلها وطرقها، والرابحين من ورائها. 

محرك البحث العالمي “غوغل” لا يكذب، مهما كنا نخدع أنفسنا في أن الإجهاض همٌّ يعني مرفهات “العالم الأول” فحسب، فلا يحضر بيننا في مجتمعات الفضيلة والتدين والستر والمحافظة. 

قادني الفضول الصرف إلى تتبع أخبار الإجهاض خلال الأسابيع الماضية فحسب، فإذا بها تنهمر عليّ من كل زوايا العالم العربي: عن عصابات تهرّب أقراص الإجهاض، وأخرى تبيعها، وأطباء يجرون عمليات الإجهاض غير القانونية، حيث تصبح المريضة شريكة في “الجريمة”، وعاجزة بالتالي عن المطالبة بحقوقها في حال الإضرار بها، وعن أطباء مثلهم يجرون العمليات في منشآت تفتقر إلى الحد الأدنى من الشروط الصحية. 

بل سأكلفكم بـ”فرض منزلي” ماتع. افتحوا أي تطبيق من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، واكتبوا جملة “حبوب الإجهاض” متبوعة باسم أي بلد عربي في خانة البحث، وستُذهلون بالنشاط التجاري الذي يجريه المنتفعون والاستغلاليون تحت غطاء السرية والخفاء. 

أدرك بأننا سننقسم حالياً بين مدافعين عن حق المرأة في اختيار الإجهاض، وبين منافحين عن الأجنة. ولكننا ربما نلتقي في منطقة وسطى، حيث نعترف جميعاً أن منع الإجهاض وتجريمه في العالم العربي لم يخفه، ولم يكبح ممارسيه. كل ما حققناه هو أننا شجعناهم على إيجاد طرق تسويقية عصرية، ومنشآت طبية جديدة، يصلون من خلالها إلى الزبونة اليائسة. ولأنهم يعملون خلف الستار الذي فرضناه عليهم، فليس ثمة من سيتأكد من سلامة ممارساتهم الصحية، وكفاءتهم في إجراء الإجهاض، أو في تخدير المريضة، أو حتى أمانتهم في رفض إجراء العملية في حال هددت صحة المرأة. ولن يمر المفتشون كذلك على مستودعات بائعي هذه الأقراص ليتعرفوا إلى مكونات عقاقيرهم، أو جودتها، ولن يخبر أحد الضحايا المحتملات بمضاعفاتها الطبية الخطيرة، وكيفية تفاديها. 

ستستمر النساء بالسقوط في الظلام، حيث ترغمهن قلة الحيلة، والخوف، والعار، على التنازل عن سلامتهن، والمخاطرة بأرواحهن في سبيل الإجهاض، أي اجهاض. 

مجدداً، سنتضاد في مواقفنا من الإجهاض، ولكن الـ28 من أيلول (سبتمبر)، أي اليوم العالمي للإجهاض الآمن، هو اتفاقنا المبدئي، كبشر في المقام الأول، في أن ما من امرأة تستحق مصيراً كالنزف حتى الموت.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

اليوم العالمي للإجهاض الآمن

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015