الصحافة السورية بعد الثورة؛ لم تعد مهنة ذكورية
"الإعلاميات في سوريا .. الواقع والتحديات"

المدن- غيّرت الثورة السورية المشهد الإعلامي السوري بالكامل بعد أربع عقود من الجمود في ظل الإعلام البعثي، وصار بالإمكان بعد العام 2011 الاستماع لإذاعة سورية كاملة مخصصة للنساء، مثل إذاعة “جين” الكردية، أو متابعة وسائل إعلام تترأسها وتساهم في إدارتها صحافيات مثل راديو “روزنة” وصحيفة “عنب بلدي”، بشكل يكسر الحالة النمطية للقيادة الذكورية لوسائل إعلام النظام رغم وجود عدد كبير من النساء العاملات في وسائل الإعلام الحكومية التي حرصت على إبعاد الصحافيات عن القضايا السياسية والجدلية وتكريسهن للمواد المنوعة والثقافية والاجتماعية فقط.

وقد رصدت “رابطة الصحافيين السوريين”، وهي هيئة مستقلة معنية بشؤون الإعلام وحرية التعبير في البلاد، واقع الإعلاميات السوريات بعد الثورة، وحجمه من ناحية العدد وطبيعة الدور والانتهاكات والصعوبات والبيئة التي يتم العمل ضمنها، في تقرير خاص أصدرته نهار الثلاثاء.

حيث أصدرت الرابطة تقريراً خاصاً بعنوان “الإعلاميات في سوريا .. الواقع والتحديات”ـ يرصد واقع عمل الإعلاميات في سوريا وحجمه لناحية العدد وطبيعة الدور والانتهاكات والصعوبات والبيئة التي يتم العمل ضمنها.

ووفقاً للمركز السوري للحريات الصحفية في الرابطة، فقد تم توثيق وقوع 22 انتهاكاً بحق الإعلاميات في سوريا، منذ انطلاق الثورة السورية بمنتصف آذار عام 2011، كان من بينها مقتل 4 إعلاميات، و12 حالة اعتقال وخطف، و6 انتهاكات أخرى من جرح واعتداء بالضرب والتهديد والتعنيف وضغوطات للمنع من العمل في المجال الإعلامي.

وتضمّن التقرير تصريح لرئيسة لجنة الحريات الصحفية في الرابطة “سعاد خبية”، تتحدث فيه عن العوائق التي قيدت عمل المرأة في الإعلام سابقاً، وعن وقوف الصحفيات السوريات إلى جانب الدعوة الشاملة للتغيير التي أطلقها السوريون فجر آذار /2011.

كما تضمّن التقرير المكون من 25 صفحة، شهادات لصحافيات سوريات حول الحريات الإعلامية المتفاوتة قبل الثورة وبعدها. وقالت سعاد خبية: “كانت مساحة الحرية الممنوحة لقلمي كصحافية أقل كثيراً مما أردت قوله طيلة عقد ونصف، حاصرني الاستبداد السياسي والأحكام العرفية ومقايضة حريتي في التعبير بأمني الشخصي، كما حاصرني مجتمعي بقوانينه القاسية تجاه المرأة وخوفه من وعيها لذاتها وحرية فكرها ولسانها”، قبل أن تشرح تحول ذلك بعد الثورة السورية رغم صعوبة العمل الصحافي والإعلامي في البلاد عموماً.

وتطرّق التقرير إلى واقع عمل المرأة بالإعلام الرسمي في سوريا قبل آذار/مارس 2011 وبعده، مشيراً إلى أنه لم يبتعد عن القاعدة المتبعة في عموم مجالات الحياة الأخرى، “فقد كان كغيره من مفاصل الحياة المجتمعية وسيلة من وسائل تكريس الاستبداد وسلاحاً هاماً لتطويع الشعب”، كما نوّه إلى بروز دور مختلف للمرأة الصحافية والناشطة الإعلامية منذ بداية الحراك في سوريا، مستعرضاً عدداً من أبرز التجارب الفردية لصحافيات وناشطات رائدات، مثل الناشطة “سوريا سومر” التي تستخدم اسماً مستعاراً للكتابة بحرية من الداخل السوري رغم اعتقالها ثلاث مرات خلال توثيقها المظاهرات السلمية العام 2011.

من جهة أخرى، استعرض التقرير الدور الذي تقوم به الصحافيات في مناطق “الإدارة الذاتية” الكردية، والانتهاكات التي ارتكبت بحق الإعلاميين هناك والتي تجاوزت 75 انتهاكاً من بينها أربعة بحق الإعلاميات، فضلاً عن استعراض واقع عمل الإعلاميات والصحافيات في مناطق سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي، حيث كان من الخطورة الشديدة جداً أن تفكر امرأة بالعمل في مجال الإعلام لأن ذلك سيكلفها حياتها، وهو ما تسبب بهجرة واسعة في صفوف الناشطات الإعلاميات خارج حدود مناطق سيطرته بشكل كلي.

ويقول التقرير أنه لا توجد أرقام محددة لعدد الصحافيات السوريات العاملات في وسائل الإعلام السورية المعارضة، لكن يبدو العدد كبيراً من مطالعة أسمائهن المتكررة في الوسائل المختلفة، علماً أن وجودهن لا يقتصر على المشاركة في الكتابة أو إنتاج المواد بل يمتد لإدارة تلك الوسائل فضلاً عن العمل في وظائف كانت تعتبر ذكورية في السابق مثل التصوير والإخراج والمونتاج وإدارة التحرير.

ويختم التقرير بالحديث عن أبرز الصعوبات التي تواجهها الصحافيات السوريات، مثل انعدام الأمن الوظفي والعمل من دون عقود أو ضمانات، فيما تبرز مسألة المساواة بين الرجال والنساء في العمل الصحافي، والتي حدت منها حقيقة دعم الإعلام السوري البديل من مؤسسات أوروبية ومنظمات تشترط المساواة بين الرجال والنساء في الرواتب والوظائف كشرط للتمويل، فيما تحدث صحافيات عن حالات من التمييز الذي يمارس ضد الصحافيات في تركيا تحديداً.

"الإعلاميات في سوريا .. الواقع والتحديات"

“الإعلاميات في سوريا .. الواقع والتحديات”

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015