العنف ضد المرأة في فترات الحروب والنزاع
معاً لإنهاء العنف ضد المرأة في النزاعات المسلحة

صباح حلاق/ ayyamsyria- يعرّف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضدّ النساء في مادته الأولى العنف كالتالي: “يُقصد بالعنف ضدّ النساء أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يُحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل، أو الإكراه أو الحرمان التعسّفي من الحرية، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة“.

تعني عبارة “العنف ضدّ المرأة” أيّ فعل من أفعال العنف قائم على النوع الاجتماعي ويؤدّي إلى أذى بدني أو جنسي أو نفسي للنساء والفتيات. ويشمل العنف القائم على النوع الاجتماعي والمُمَارس ضدّ النساء (العنف المُمَارس ضدّ المرأة بسبب جنسها) أفعالاً موجَّهة ضدّ المرأة بسبب كونها امرأة أو تؤثّر على النساء بصورة غير متناسبة.

أشكال العنف ضد المرأة:

ـ العنف في العائلة أو المنـزل (مثل العنف المنـزلي والاغتصاب الزوجي والأوضاع الشبيهة بالعبودية).

ـ العنف في المجتمع (مثل الدعارة القسرية والعمالة القسرية).

ـ العنف الذي تمارسه الدولة أو تتغاضى عنه (مثل الاغتصاب من جانب موظفين رسميين والتعذيب في الحجز والعنف من جانب موظفي الهجرة).

ـ العنف في النـزاعات المُسَلَّحة، الذي ترتكبه القوات الحكومية والجماعات المُسَلَّحة على السواء، مثل الهجمات ضدّ المدنيين الذين هم في معظمهم من النساء والفتيات في أغلب الأحيان والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.

النساء والنزاعات المسلحة:

في أوقات النزاعات المسلَّحة، سواء أكانت بين الدول أو داخل الدولة الواحدة، تكون النساء هنّ الأكثر عرضةً من بين المدنيين للعنف ولانتهاكات حقوق الانسان من قبل الجنود أو المسلّحين، ومن أوجه العنف المُمَارس على المرأة أوقات النزاعات المسلحة:

1/ قتل المدنيين ومن بينهم النساء:

تُستَهدَفُ النساء سواء كضحايا للعنف الموجَّه ضدّ المدنيين أو الخطف أو القتل، وقد يرتبط العنف بالتهديد الموجَّه لناشطات في الشأن العام وزعيمات سياسيّات على يد قواتٍ جهادية تستنكر عمل المرأة ونشاطها في الشأن العام وتعتبره مخالفةً للعُرف والتقليد المجتمعي.

2/ النزوح الداخلي واللجوء الخارجي:

تتعرّض النساء أسوةً بكافة المدنيين إلى ويلات النزوح في حالات النزاعات المسلّحة، وخاصة النزاعات والحروب الداخلية، وتعتبر النساء والأطفال الأكثر تضرّراً في حالات النزوح والالتجاء إلى المخيمات. إذ يتوجّب على المرأة تحمّل وطأة فقدان الممتلكات والسكن والإرهاق النفسي والجسدي خلال عملية النزوح، وكثيراً ما تُصاحبها حالات الخطف والاغتصاب، مروراً بالعيش في المخيّمات التي تفتقر إلى أدنى وسائل الراحة من مسكن ومأكل وندرة في الخدمات الصحية؛ لأنها تفتقد إلى الخصوصية كالحمَّامات المشتركة والحشر في أماكن ضيقة وبأعداد متزايدة مع أناس غريبين عنها.

3/ حالات الخطف والأسر والاعتقال:

تتعرّض النساء إلى حالات الخطف والأسر والاعتقال من جانب الدولة أو القوات المسلّحة، وخاصة في صفوف الناشطات أو العاملات ضمن وحدات المساندة والدعم، إلا انهن يخضعن لظروف نفسية ومعيشية قاسية مُغايرة لما يتعرّض له الرجال، هنّ مهدّدات بالأذى النفسيّ والجسديّ؛ كون مراكز الاعتقال غالباً لا تكون مجهّزة لاحتياجات النساء أو تُراعي خصوصيتهنّ، وكذلك الخوف من تعرّضهنّ لاعتداءات جنسية داخل المعتقلات أو في ساحات المعارك.

4/ الاعتداء الجنسي:

يعتبر الاعتداء الجنسي من أكثر حالات العنف شدّةً وقسوةً على النساء، كونه يمسّ المرأة في شخصيتها وجسدها ونفسيتها، ويتمثّل بالاغتصاب والزواج الإجباري والاتجار بالنساء والإجبار على ممارسة الدعارة وتشويه الأعضاء التناسلية وتشوّهات الولادة والعُقم بسبب استعمال أسلحة تحتوي على مواد سامة والتلقيح أو الحمل أو الإجهاض أو العُقم الإجباري والنقل المتعمَّد لمرض نقص المناعة (الإيدز) والإجبار على التعرّي والإذلال الجنسي.

الأشكال العامة لمظاهر العنف ضد المرأة في فترات النزاع والحروب:

تختبر النساء والفتيات تجربة النزاع المسلّح بالطريقة نفسها التي يختبرها الرجال والفتيان. فهُنّ يتعرّضن للقتل، والإصابة، والإعاقة، والتعذيب. ويتم استهدافهنّ بالأسلحة ويُعانين من التفكّك الاجتماعي والاقتصادي. كما يعانين من التأثير النفسي وهنّ يشاهدن أحباءهنّ يموتون أو يشاهدن العنف المُمَارس ضدّ أسرهنّ وجيرانهنّ. ويُعانين من آثار العنف قبل وأثناء وبعد الهروب من مناطق القتال. وكثيراً ما يُعرّضهنّ النزاع للمزيد من الأذى والعنف؛ العنف القائم على الجنس والعنف الجنسي كالاغتصاب، والزواج القسري، والحمل القسري، والإجهاض القسري، والتعذيب، والاتجار، والاستعباد الجنسي، فالنساء هنّ ضحايا الإبادة الجماعية والعمل القسري.

وتؤدّي النزاعات المسلّحة إلى تأثيرٍ بالغ على حياة النساء. مثل تغيّر الدور الاقتصادي والاجتماعي، وتفكّك الأُسر، والعمل في التسوّل والدعارة، والقيام بأعمال شاقة يؤدّيها عادةً الرجال، مثل الزراعة وتربية الماشية ورعايتها، والهجرة إلى المدن لأجل العمل فيها. كما تقلّ فرص الزواج وتزداد (العنوسة)، وتقلّ فرص المرأة في اكتساب مركزٍ اقتصادي واجتماعي، لأنّ الزواج هو السبيل الوحيد أو الأكثر أهمية لتحقيق ذلك.

كما أدّى انتشار النزاعات المسلَّحة وتطوّر وسائل القتال، إلى زيادة معدّلات الخسائر في أرواح العسكريين والمدنيين، وأدّى ذلك إلى زيادة عدد المفقودين والمشرّدين والأرامل من النساء، وهو أمرٌ يؤثّر على حياة النساء والمجتمع بوجهٍ عام. فالترمّل يغيّر الأدوار الاجتماعية والاقتصادية للنساء في البيت والمجتمع المحلي، كما يغيّر من بنية الأسرة، وينال من الأمان الشخصي للنساء ومن هويتهنّ وقدرتهنّ. وتعاني زوجات المفقودين من المشكلات التي تعاني منها الأرامل، ولكن دون اعترافٍ رسمي بوضعهنّ، وهو ما يخلق لهنّ مشكلات معيّنة.

الاعتداء الجنسي:

يستخدم الاعتداء الجنسي سلاحاً حربياً وتدميرياً شديد الفعالية، وتتعرّض النساء عادةً في الحروب للاغتصاب والإكراه على الدعارة والتعقيم القسري. وتؤدّي نظرة المجتمعات المحليّة إلى النساء باعتبارهنّ رمز المجتمع وحاملات شرفه، إلى زيادة المخاطر التي يتعرّضن لها. فيكون الاغتصاب ليس مجرد عنف ضدّ المرأة، بل عمل عدواني ضدّ شعب أو مجتمع محلي.

يُستخدم العنف الجنسي ضدّ النساء أو أفراد من عائلاتهنّ، باعتبار ذلك من وسائل التعذيب وانتزاع الاعترافات والمعلومات ولجرح كبريائهنّ وإنزال العقاب بهنّ، وكثيراً ما يُنظر إلى الاغتصاب كمكافأةٍ للجنود والمحاربين.

وقد يحدث الاعتداء الجنسي على المدنيين والنساء خاصةً في أماكن متعدّدة سواء في المنزل أو على الحواجز العسكرية أو في مخيّمات اللجوء، ويتم ذلك على يد القوات الحكومية النظامية والقوات المسلّحة غير النظامية وحتى من المدنيين. وتُستَهدف النساء جنسيّاً من قبل الرجال سواء أكانوا مقاتلين أو مدنين، قوات عدو أو قوات صديقة، لإشباع الرغبات الجنسيّة تحت تهديد السلاح. وكثيراً ما تمرّ هذه الحوادث في أوقات النزاع دون إيقاع العقاب بمرتكبيها.

كما تلجأ النساء أحياناً إلى ممارسة الجنس مع الجنود ورجال السلطة والجماعات المُسَيطرة، للحصول على الحماية والمال والطعام. ولوحظ أيضاً ارتباط زيادة حالات البغاء والاغتصاب -ومنها مع الأطفال- مع وجود قوات حفظ السلام التي تدخل المناطق بعد إنهاء النزاع، وتصبح سلطةً بديلة يستغلها الجنود والعاملون فيها لانتهاك القوانين والاعتداء على النساء والضِعاف.

من الخطأ التركيز على هذه القضية! لأن مثل هذا التركيز يقع على بُعدٍ واحد من قضية أوسع نطاقاً يطمس ويحجب العديد من القضايا الحرجة التي تهمّ النساء اللاتي يعشن خلال النزاعات، بما في ذلك التشريد القسري، واستهداف النساء ومعاقبتهنّ بسبب كونهنّ ناشطات أو بسبب أقربائهن من النشطاء الذكور، والدفع نحو الزواج المبكر أو الزواج بالإكراه أو زواج الأطفال بسبب عدم الاستقرار، وافتقار الفتيات والشابات إلى الأمن.

تتضمّن قائمة الانتهاكات أيضاً زيادة العنف الأُسري والعنف الجنسي على يد المدنيين، والافتقار إلى فرصة الحصول على الطعام والمأوى والرعاية الصحية، وانقطاع التعليم، والاتجار بالنساء واستغلالهنّ لأغراضٍ جنسية، وذلك من بين انتهاكات أخرى عديدة.

وهكذا فإن التركيز المُنحصر أكثر فأكثر على العنف الجنسي يؤدّي إلى عدم حشد الموارد وعدم استخدامها بشكلٍ يتعاطى مع كامل نطاق انتهاكات حقوق المرأة.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

معاً لإنهاء العنف ضد المرأة في النزاعات المسلحة

معاً لإنهاء العنف ضد المرأة في النزاعات المسلحة

 

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015