العنف ضد المرأة.. قراءة في المشهد
عمل فني ضمن حملة "إكسر حاجز الصمت" الأردن 2019

elaosboa- خلال الأعوام القليلة الماضية برزت ظاهرة تنامي جرائم العنف ضد المرأة بشكل متزايد سواء في معدّلات التعدّي الجنسي على المرأة ” جرائم الإغتصاب” أو جرائم القتل المتعمّد نتيجة لأسباب متباينة. وهو أمر يقتضي تحليل هذه الظاهرة سعياً لإيجاد حلول قد تساهم في تقليل هذه المعدلات المرتفعة، والتي أثرت بالسلب على المجتمع بأسره.

وبدايةً يوجد نوعين من الآثار السلبية تحدث للمرأة التي تتعرّض للعنف الجسدي وتظلّ على قيد الحياة، يُعَرّفها الأطباء بـ (متلازمة حادث العنف الجسدي)، وتمر بمرحلتين؛

الأولى: وتستمر من عدة ساعات لعدة أيام بعد الحادث، وفي هذه المرحلة يعتري الضحية اضطراب شديد في السلوك والتصرفات وتهيّج وانفعال وإحساس شديد بالغضب والذنب والشعور بالتحقير والذل والمهانة، وقد تستطيع الضحية في أحوال قليلة أن تكتم أحاسيسها وانفعالاتها وتختزن معاناتها النفسية في اللاشعور كخبرة مؤلمة، تتسبب فيما بعد في كثير من الأمراض والاضطرابات النفسية.

أما الثانية: المرحلة المزمنة، فتبدأ بعد الحادث بحوالي أسبوعين أو ثلاثة، وفيها تبدأ الضحية في العودة التدريجية إلى طبيعتها، وإن كان ينتابها كوابيس ومخاوف ذات طابع عنيف، ومع المساعدة النفسية والطبية والتأهيلية قد تُشفى الضحية، ولكن الغالب الأعم أنها لا تتعافى تماماً من هذه الخبرة المؤلمة وتظل تعاني طوال عمرها من اضطرابات نفسية مزمنة وفقدان للإحساس بالأمان.

وقد لا تقل الآثار الاجتماعية المترتبة على هذه الجريمة عن الآثار النفسية أو الجسمية من حيث خطورتها، إذ قد يترتب عليها خلل شديد في عمليات النمو والتوافق الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية عموماً؛ بما لذلك من تداعيات خاصة وإذا كان المعتدي قريباً من الدرجة الأولى مثلاً للضحية أو كانت الضحية مثلاً زوجة أو فتاة على وشك الزواج.

وهنا ننتقل لبحث أسباب حدوث هذه الجريمة فأهمها أولاً البطالة وانهيار القيم؛ فقد تم الكشف عن علاقة بين عدد من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية السلبية التي زادت أو انتشرت نسبياً خلال الفترة “الليبرالية” (كالبطالة والفقر)، وبين تزايد مشاركة فئات معينة (من المتأثرين أكثر بهذه المتغيرات) في جرائم العنف عموماً وفي مقدمتها “جرائم الاغتصاب والقتل “. وثانيها انتشار “المخدرات” التي تتصاعد نسب تعاطيها أو اللجوء إليها على خلفية من تعقّد وتفاقم المشكلات الاجتماعية سيّما بين الشباب، وذلك لما تؤديه تلك الأنواع المختلفة من المخدرات إلى تحييد للقواعد والضوابط الاجتماعية المتعلقة بالسلوك، مثلاً فيما يتعلق بحوادث القتل والعنف ضد المرأة.

ومن خلال ما سبق تبرز ثقافة ردّ الفعل من جانب القائمين بتلك الجرائم أو إعلان الأسباب التي دفعت بالجُناة لإرتكاب مثل هذه الجرائم ضد المرأة، حيث يُلقي بجانب من المسئولية عن هذه الجرائم على عاتق الضحية نفسها، أو بمعنى آخر يبحث في الدور الذي ربما تكون الضحية قد ساهمت به ـ بقصد أو بدون قصد ـ في وقوع الجريمة. ويستند هذا الاتجاه على علمٍ كامل يبحث في مثل هذه الأمور يعرف بعلم “الضحية vicitimologie”، والأمر هنا يحمل في طياته تناقضاً واضحاً من قبل الجاني؛ ذلك أن الجريمة تظل جريمة وخرقاً للقانون وقيم المجتمع، والذي يُوجب العقاب على من يرتكب هذه الجرائم؛ التي بدورها تؤثّر بالسلب ليس على الضحية نفسها إذا ظلّت على قيد الحياة، بل كذلك ينشر ثقافة الخوف عبر نشر تلك الجرائم عبر الشبكات الإجتماعية، التي تلعب دوراً رائجاً في نشر مقاطع من هذه الجرائم.

وهو في الأخير أمرٌ يقتضي تغليظ العقوبة، مع نشر ثقافة جديدة مفادها العودة للقيم واحترام المرأة والتي هى الأم والأخت والزوجة وشريكة التنمية في المجتمع.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

عمل فني ضمن حملة “إكسر حاجز الصمت” الأردن 2019

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015