المرأة تستخدم بصورة غير آدمية في مسلسلات عربية
مسلسلات عربية

انشغلت الدراما المصرية والعربية في الأعوام الأخيرة بالتركيز على شخصية المرأة وتناول مواقفها الحياتية في العديد من المواقف الاجتماعية. وبدا البعض من هذه الأدوار منصفا للمرأة ولدورها في المجتمع، كزوجة وأم ومربية فاضلة، في حين لاح البعض الآخر مخزيا يوحي بكونها مجرد وسيلة للمتعة فقط، وأنها تبدو انتهازية ولعوبا، وبالرغم من هذا الفارق جاء التركيز على العرض السلبي للمرأة في الأعمال الدرامية.

جريدة “العرب”- تناولت الدراما عددا من القضايا المتعلقة بالمرأة بصورة مبالغ فيها دون توضيح كيفية المعالجة، كأن تعرض قضية تحرر المرأة من قيود المجتمع أو العادات والتقاليد، ولكن بصورة سلبية غير واقعية، مثل منحها الحق في إقامة علاقات غير مشروعة، أو أن تنفصل كليا عن أسرتها ووالديها بداعي رغبتها في العمل أو الدراسة.

هذا إلى جانب العديد من المواضع التي أساءت للمرأة وجعلتها نموذجا سلبيا للتحرر الغربي، مع العلم أنه ليست كل فتاة أو امرأة استقلت في حياتها أو انفصلت عن ذويها يشترط أن تعيش حياة متحررة، حيث لا ينبغي ربط سلوك المرأة وأخلاقها بوجود الرقيب وغيابه.

ومن جانبها ترى السفيرة مرفت التلاوي، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، أن العنف والعري أصبحا سمة أساسية في الأعمال الدرامية التي تتناول قضايا المرأة، الأمر الذي يحط من قيمتها ويقلل من شأنها، كما تأتي على ألسنة بعض الفنانات ألفاظ نابية، تنجر عنها ردود فعل داخل السياق غير متطابقة مع الواقع، وليست معبرة بحق عن المرأة داخل المجتمع.

وتتساءل التلاوي: كيف لامرأة أن تخرج على مشاهديها مشوهة الوجه تتحدث بصورة غير أخلاقية وتتلفظ بكلمات ترفضها الأخلاقيات، كنوع من تجسيد ألوان البلطجة التي تحدث؟ ولكن كان لا بد من معالجة القضية بصورة أكثر واقعية، وبطريقة تحافظ على شكل المرأة في المجتمع.

وتوضح التلاوي أن المرأة جاءت في الدراما لا سيما في الأعمال الموسمية بصورتين، إحداهما إيجابية توضح الدور الأساسي للمرأة داخل الأسرة وبين الأهل، وترعى أيضا عملها ودورها خارج المنزل، وأخرى سلبية تظهر المرأة بصورة أكثر قسوة مما هي عليه في الواقع، حيث تستخدمها بصورة غير آدمية.

وعن الطريقة التي تتبعها الدراما المصرية -على سبيل المثال- في عرض المرأة، تقول الدكتورة سوزان القليني -عضو المجلس القومي للمرأة ومقررة لجنة الإعلام بالقاهرة- إنها غير ملائمة لقيمتها، كما أن القضايا التي تتناولها غير أساسية، وإن كانت كذلك تصبح طريقة المعالجة غير جادة وبها إساءة لحياة المرأة الواقعية، كأن تتناول الدراما قضية عمل المرأة والنتائج المترتبة عليه بشأن أسرتها وأطفالها، وإظهارها بدور المرأة التي أهملت زوجها وأطفالها مقابل أن تصبح ناجحة في حياتها العملية.

وتشير إلى أن هناك صورة أخرى سلبية تصبح عليها المرأة العاملة كما تناولتها الدراما، هي أن المرأة العاملة لا تنجح سوى بالاعتماد على أنوثتها وإظهار ما لديها من مفاتن حتى تحصل على أعلى المراتب والدرجات العملية، الأمر الذي لم يكن موجودا واقعيا، وإن وُجد فمن الأفضل الإشارة إلى كونه حالة فردية لا تعبر عن المرأة كليا.

ونبهت إلى أن سيطرة البطولات النسائية على الأعمال الدرامية عززت عرض قضايا المرأة بصورة مخلة، مثل قضية تحرر المرأة من قيود المجتمع السلبية، حيث عرضت الدراما المصرية رغبة المرأة في هجر الأهل والزوج والأطفال مقابل شعورها بالتحرر، كما قامت بمعالجة القضية بشكل يتنافى تماما مع الواقع، حيث منحت لها الحق في معايشة حياتها بالطريقة التي تريدها هي فقط، كأن تقوم بتكوين علاقات غير مشروعة، لمجرد أن لديها رغبة في ذلك، في محاولة لإرضاء بعض أصحاب الأفكار الغربية الذين لا يؤمنون بالأسرة والحياة الاجتماعية، وينظرون فقط لرغبات الفرد وأهوائه.

ومن جانبها تشير الدكتورة كريمة الحفناوي -منسقة الجبهة الوطنية لنساء مصر- إلى أن المجتمع أصابه تأثير نفسي سلبي من الطريقة التي تعرض بها الدراما المرأة المصرية، حيث قامت بالتركيز على سلبيات شخصيتها أكثر من إيجابياتها، فقد أظهرتها مدمنة تتخذ من المسكّرات والخمور سبيلا للتخلص من همومها ومشاكلها، كما جاءت مهملة لأسرتها وعملها، وحصرت جميع اهتمامات المرأة في كيفية عَيْشِ حياة مرفهة بعيدة عن المسؤوليات، وطريقة تكوين علاقات تتعارض مع تقاليد وعادات المجتمع.

وأفادت بأن الدراما أصبحت محرضا أساسيا على الرجوع بالمرأة إلى الخلف، فهي بذلك تدعو الرجل إلى معاملتها كما لو كانت أَمةً، لا يحق لها الخروج من المنزل للعمل أو للقيام بأشياء أخرى، وليس لها الحق في التعليم طالما أنه غير مجد لحياتها مستقبلا، والحق الوحيد الذي يمكن اكتسابه هو الزواج وتكوين أسرة، وليكن هذا بشروط أيضا، ومن ثم يبدو الأمر أكثر قتامة من ذي قبل.

وبينت أن الدراما قد تقضي على المجهود الكبير الذي قامت به مؤسسات الدفاع عن المرأة بهذه الطريقة، لافتة إلى أن ما يحدث هو تصوير درامي غير موضوعي لا يصب في صالح المرأة، ويتجاهل تماما حجم الجرم الذي تقوم به الدراما بحق المجتمع وليس المرأة فقط.

وعن التقييم الفني للأعمال الدرامية التي تتناول قضايا المرأة، يؤكد الناقد الفني طارق الشناوي أن هناك استغلالا ملحوظا للمرأة داخل الدراما في عرض بعض القضايا، الأمر الذي يراه البعض إيجابيا، ولكن كيفية استخدام المرأة في المعالجة كانت من الممارسات السلبية والمهينة لها، حيث تناولت الدراما معالجة قضية المرأة المتحررة بصورة فيها انتقاص لها، كما أظهرتها مهملةً لأسرتها وأولادها، وغير مؤمنة بالنظام الاجتماعي وبتربية أولادها تربية حسنة.

وأشار إلى أن شكل المرأة السلبي ظهر جليا في مسلسلات عديدة، حيث بدت محبةً للمال والسلطة، تجيد السيطرة على من حولها، وينتج عن طباعها هذه أبناء بلا خلق وزواج فاشل، وهو ما قد يقودها أيضا إلى ارتكاب الجرائم مقابل تحقيق ما تبتغي الوصول إليه، وتبرير ذلك بالإهمال الذي تعيشه، والحالة المعيشية الصعبة، وهو ما يؤثر سلبا على مكانة المرأة، ويسيء إلى دورها المجتمعي.

مسلسلات عربية

مسلسلات عربية

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015