بعد أن أصبحت جدّة .. امرأة سوريّة تحقّق حلمها وتحصل على شهادة الثانوية العامة
السوريّة السيدة إنعام دالي/ تلفزيون الخبر

لين السعدي/ alkhabar-sy- بإصرار المرأة السورية المعهود، وبحبّ العلم وتطوير الذات وعدم الوقوف عند حدّ معين، لم يَحُل العمر والمسؤوليات الأسرية والمهنية السيدة إنعام دالي (47) من مدينة دريكيش، تحقيق حلمها في الحصول على شهادة الثانوية العامة – الفرع الأدبي للعام الدراسي الحالي.

ولإنعام، بحسب حديثها لتلفزيون الخبر، خمسة أبناء، وهي موظّفة في الخدمات الفنية، لاحقت حلمها في التقدّم إلى البكالوريا الأدبي، بعد أن اعتادت تدريس أبناءها على مرّ الأعوام، والخوض في تفاصيل المناهج التي يدرسونها.

وبتحدٍّ بينها وبين ابنها الذي تقدّم للشهادة العام الماضي، أصرّت بسريّة تامة التسجيل والدراسة والنجاح، مُتَخطيّةً المصاعب التي تواجهها بسبب مسؤولياتها. وكانت إنعام تنهي كامل التزاماتها خلال يومها، وتتفرّغ للدراسة بعد منتصف الليل، بعد أن ينام الجميع، تبدأ بالدراسة، حتى الصباح الباكر، ثم تذهب مباشرةً إلى عملها، “لقد كان عاماً مليئاً بالتعب والسهر، لكن الإصرار والدافع والإرادة كانوا مفاتيح النجاح”.

وتروي إنعام إنها “خلال فترة الامتحانات، وتحديداً في الليلة السابقة لامتحان اللغة الفرنسية، رُزِقتُ بحفيدتي الأولى، ابنة ابني، وقضيتُ الليل في المستشفى أتابع عملية الولادة، ثم ذهبت في الصباح للتقدّم إلى الامتحان، كطالبة تحمل صفة الجَدَّة في الليلة الفائتة”.

وأرادت إنعام إخفاء الأمر عن المحيط حولها، خشية عدم تحقّقه وتجاوزها سنة البكالوريا بنجاح، أو تجنّباً لسماع الكلام المُحبِط الذي من الممكن أن يحدّ من عزيمتها على النجاح، فهي من ترغب بإتمام دراستها الجامعية، والترفّع في عملها الحالي، بشهادةٍ أعلى من التي توظّفت على أساسها.

لاقت إنعام، الدعم من زوجها، الذي قدّم المساعدة في الأعباء والمهام التي يستطيع القيام بها، مقدّراً الظروف الدراسيّة لزوجته، ومسانداً لها خطوةً بخطوة حتى انتهاء عامها الدراسي الاستثنائي.

ولم تكن الفرحة تقليدية عند صدور النتائج، فإنعام التي تلقّت نتيجة النجاح من ابنها، صُدِمت، قائلةً “لم أتوقّع أبداً أن أنجح، بل اعتبرتها تجربةً ليس من الضرورة أن تحقّق نتائجها، إلا أنه كان من الضروري خوضها، حلّفته كثيراً لابني إخباري بالحقيقة إن كنت رسبت، مُؤكّدةً له “والله ما رح ازعل”.

وتابعت إنعام “وبما أني لم أكن سأحزن إن رسبت، فرحتُ كثيراً بالنتيجة غير المتوقعة في النجاح وإمكانية الاستمرار بتحقيق الخطوات الدراسية القادمة”.

ولم تقتصر آثار نجاح إنعام في شهادة الثانوية على المنافع الشخصية المتعلّقة بها، كسيدة تحقّق ذاتها، بل أبناء إنعام اليوم يفخرون بها، وتعلّموا منها درساً مفاده أنّ العلم أهم من أيّ شيء، ولا يمكن لأيّ ظرفٍ أن يقف في وجه النجاح.

تقول إنعام لتلفزيون الخبر”إن ابني المُتَقدّم لشهادة الإعدادية العام القادم، بات يملك إصراراً أكبر بعد تجربتي في الجَلَد على الدراسة، لاسيما أني أصبحت رفيقته، أنا معه كطالبة في الكتب المدرسية أو الجامعية من جديد، وأم تتابع كما كنت سابقاً”.

وتحضّر اليوم إنعام لامتحان الدورة الثانية، كي ترفع علامة اللغة الانكليزية، محقّقةً حلمها في الدخول إلى كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية، والتخرّج منه بشهادة جامعيّة، ولتكمل الفخر بعيني ابنها الذي بات ينظر لأمّه بعينٍ أخرى أكثر احتراماً ومحبة وقرب.

إنعام واحدة من النساء السوريات اللوات عُرِفن منذ تاريخنا الضارب في القِدَم حتى اليوم بالإصرار والتميّز والصبر، والتطوّر الدائم، قدّمن أدواراً في السنوات الأخيرة لم تُعهَد إليهن من قبل، تجاه أنفسهن، أسرهن، وطنهن، فكن الأم، الأب، الموظفة والطالبة، والمحاربة.

وكما كنّ ملكات سوريا يهزمن أعداء الإمبراطوريات، باتت المرأة السورية في الظروف التي يمرّ فيها اليوم وطنهن، يحقّقن إنجازاتٍ شخصية تضاهي في أهميتها هزم الأعداء وكل ظرف يقف في وجه تحقيق الأحلام التي لا نهاية لها “كبطلات خارقات”، يملكن قوى لا تهزم، ولا تنتهي، تفاجئ دوماً بقوتها الناعمة في الوصول إلى سموها المعهود.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.  

السوريّة السيدة إنعام دالي/ تلفزيون الخبر

السوريّة السيدة إنعام دالي/ تلفزيون الخبر

 

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015