جنود مجهولون؛ أصوات من المجتمع المدني السوري

ترجمة عن موقع الميدل ايست- ينشط اليوم أكثر من 5.000 رجلاً وسيدة في منظمات المجتمع المدني السوري. وتعمل هذه المنظمات ذات القاعدة الشعبية في مجال حقوق الإنسان وتنمية المجتمع وبناء الوعي، إلا أن معظم عملهم لا يعلن عنه في الغرب.

وقد سعى معهد الشرق الأوسط، بدعم سخي من مؤسسة الأصفري، إلى استقدام نشطاء المجتمع المدني السوري إلى العاصمة الأمريكية واشنطن لتسليط الضوء على أعمالهم وعرضها على صناع السياسة وعامة الجمهور. ويهدف هذه الفيلم الوثائقي القصير، جنباً إلى جنب مع النص والمقاطع الصوتية أدناه، إلى تقديم صورة عن هذا الجيل من الناشطين الشباب العاملين على تخفيف المعاناة وإرساء الدعائم لمستقبل أفضل في سوريا.

خلفية المجتمع المدني السوري

“على الرغم من أن ما يُكتب عنه قليل نسبياً، إلا أن المجتمع المدني السوري نشط على نحو ملحوظ”. مقتبساً من “الامل وسط اليأس: المجتمع المدني السوري”... كريغ براون.

لطالما كانت فكرة المنظمات غير الحكومية (NGOs) في سوريا على مر العقود مجهَضة منذ البداية، إذ كانت الأجهزة الأمنية تحرص على إبقاء جميع ميادين المجتمع قيد المراقبة. فقد كان ينبغي على المنظمات أن تسجل أي نشاط تقوم به لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

غير أن الأمر تغير في الأعوام الأولى لرئاسة بشار الأسد عندما فُتِحت الأبواب لمنظمات المجتمع المدني في الحقبة المعروفة ب”ربيع دمشق”. لكن سرعان ما شعر نظام الأسد بعدم الارتياح حيال السماح في هذا النوع من حرية التعبير، وعندها أُلقي بالعديد من النشطاء في السجون ذلك أن ازدهار منظمات المجتمع المدني كان يُعِد تهديداً للنظام. وفي عام 2011، وصف وزير الإعلام عدنان عمران المجتمع المدني ب”المصطلح الأمريكي”.

ومنذ ذلك الحين، بدأت منظمات المجتمع المدني العمل إما في الخفاء أو تحت رعاية المسؤولين أو شخصيات بارزة كأسماء الأسد، زوجة الرئيس.

بينما الآن وفي خضم جو الفوضى والعنف، فقدت الحكومة المركزية جزءاً كبيراً من السيطرة على الأراضي في سوريا ونتيجة لذلك، أُفسح المزيد من المجال أمام منظمات المجتمع المدني – السياسية وغير  السياسية.  وتساعد هذه المنظمات، التي ربما تكون إحدى البطائن الفضية في الوضع الراهن، تساعد في الحفاظ على سوريا الحالية وتستعد لإعادة بناء سوريا الغد.

عمل المجتمع المدني

“إليكم الحقيقة ببساطة: لن تتوقف هذه الاضطرابات في الشرق الأوسط حتى يمتلك المواطنون كهؤلاء القدرة على إصلاح مواطن الخطأ”…  ديفيد أغناتيوس، صحيفة “The Washington Post”

المساعدات الإنسانية

“بينما يشتد القصف والحصار الذي فرضه النظام، كان على مجموعة من النساء في الغوطة الشرقية، وهي أحد ضواحي مدينة دمشق، إيجاد طريقة لوقف التجويع الذي يعاني منه الناس في مجتمعهم المحلي. كان النظام لا يسمح إلا بإدخال البيض، لكنه لم يسمح بإدخال الدجاج، لذلك اكتشفت النساء في تلك المنطقة آلية لاحتضان البيض حتى يفقس. وتمكنوا من خلال ذلك البرنامج من تأمين مصدر غذاء أكثر استدامة ومستقل عن التطورات العسكرية”….كريغ براون.

تصف لنا ساندرا بيطار (أم عيسى) برنامجاً لتوفير الغذاء والدعم المادي للأرامل في الحولة في سوريا. مقتطفات من الحديث العام “أصوات سورية وخيارات سياسية” من المؤتمر السنوي لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.

“كان أحد برامجنا يعتمد على تقديم الدعم للأرامل في منطقة الحولة وذلك بتأمين بقرة لإحدى الأرامل وبالتالي تتمكن من صناعة الجبنة وبيعها والحصول على بعض الأرباح عن طريقها، لكن يجب عليها في المقابل أن تقدم جزءاً من تلك الأرباح إلى أرملة أخرى. وقد خططنا لها البرنامج بتلك الطريقة بغية إنشاء شبكة بين أولئك النسوة ليتمكن من دعم أنفسهن وإقامة شبكة فيما بينهن لدعم بعضهن البعض. لكن لسوء الحظ، بدأت الغارات الجوية الروسية ما اضطرنا إلى التوقف عن العمل بهذا البرنامج لأنه من الصعب علينا الهروب من القصف بوجود بقرة. وفي الحقيقة، الناس حالياً يبحثون عن الطعام وليس لديهم الوقت أو القدرة على إطعام بقرة”.

بناء السلام والمساعدة التقنية

“لقد قدمنا الاستشارات والتدريب المهني لأكثر من 200 منظمة مجتمع مدني في مناطق مختلفة داخل البلاد فضلاً عن دعم عدد كبير من مبادرات السلام الساعية إلى احتواء العنف والتقليل منه. وبالإضافة إلى عملنا في تقديم الدعم، أجرينا بحوثاً وتبدلنا أخرى حول نشاطات المجتمع المدني وغيرها من الظروف على الأرض في سوريا” …. علا رمضان، مؤسسة بدائل.

“يعمل خضر شيخ موسى مهندساً في مجال الحاسوب في إدارة عمليات بدء التشغيل في بلد آخر. لكته بدلاً من ذلك، يستخدم مهاراته وخبراته في تدريب ممثلين عن 45 مجلس محلي في سوريا حول كيفية الحفاظ على اتصالاتهم عبر شبكة الانترنت آمنة. ويفسر ذلك في قوله: ‘نحن نؤمن بأن المجتمع المدني هو الأساس الذي سينبثق عنه الحل في نهاية المطاف’”.... ديفيد أغناطيوس، صحيفة The Washington Post

تصف لنا علا رمضان مشروعين محليين للتوعية ضد تجنيد الأطفال وانتشار الأسلحة الصغيرة في أحد مخيمات اللاجئين. مقتطفات من الحديث العام “المرأة السورية في المجتمع المدني والسياسة” في معهد الشرق الأوسط في العاصمة واشنطن 2٩ أبريل/ نيسان عام 2016.

“كانت معظم المجموعات النسائية التي أجرينا معها مقابلات، مبدعة إلى حد كبير في التعامل مع المشكلات التي تواجهها. وسأعطيكم مثالاً عن مجموعة في ريف حلب وجدت في تجنيد الأطفال معضلة يجب حلها. لم يكونوا قادرين على الإعلان عن قيامهم بأية نشاطات ذات صلة بتجنيد الأطفال لذلك قاموا بدعوة النساء إلى دورات لمحو الأمية، وبدأوا بتوعيتهن من خلال تلك الدورات حول انعكاسات إرسال أولادهن إلى القتال. لأنه في حال التصريح بشكل علني عن مشروع كهذا، فإنهم سيعرضون أنفسهم قطعياً إلى خطر كبير من المجموعات المسلحة التي تسيطر على تلك المنطقة والتي تقوم بتجنيد الأطفال. بينما نشهد في مخيم لللاجئين على الحدود التركية أن النساء يرون في انتشار الأسلحة الصغيرة مشكلة، لذلك بدأن بالعمل من خلال الحملات للتقليل من عدد الأسلحة المنشرة في ذلك المخيم”.

تقديم الدعم

“على الصعيد السياسي، نطالب الكونغرس وحكومة الولايات المتحدة بممارسة المزيد من الضغط على مختلف الجهات الفاعلة، لاسيما نظام الأسد، للتفاوض. ويجب على الولايات المتحدة إلى جانب المجتمع الدولي وفقاً لدورهم الداعم للعديد من القرارات بالشأن السوري، يجب عليهما أن تضطلعا بمسؤوليتهما في حماية المدنيين.

ثانياً، إن المجتمع المدني بالإضافة إلى جميع السوريين بحاجة إلى الاستراحة من القصف والبراميل المتفجرة وبحاجة أيضاً إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية.

أما ثالثاً، تستطيع الحكومة تطبيق آليات تسمح بتوجيه التمويل مباشرة إلى المنظمات السورية. ومن أجل أن يبقى تمويل منظمات المجتمع المدني مستداماً، يجب أن يكون تمويلاً على المدى الطويل وليس مجرد تمويل تدريجي للمشاريع”. – سلمى كحالة”.

تتحدث ساندرا بيطار عن السبب في وجوب استعادة حكومة الولايات المتحدة الاتصال الوثيق مع منظمات المجتمع المدني العاملة على الأرض في سوريا. مقتطفات من الحديث العام “أصوات سورية وخيارات سياسية” من المؤتمر السنوي لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.

“عندما كان السفير فورد مسؤولاً عن الملف السوري، كنا نلتقي به وبكادره الرائع بصورة نظامية. كنا نشعر أن أصواتنا تصل إلى الإدارة الأمريكية. أما الآن لا يستطيع أحد الاجتماع مع ممثل الحكومة الأمريكية على وجه الخصوص كما لا يلتقي أحد أيضاً بالمجتمعات المدنية ولا حتى بالنشطاء. إنما يجتمعون فقط بالسياسيين وجماعات أخرى. ونتقدم بفائق الاحترام لأولئك القائمين بأعظم وأصعب الأعمال في سوريا وهم العاملين  في المجتمع المدني، الذين يتواصلون مع الناس للتخفيف من بؤسهم ومعاناتهم في سوريا. لهذا، أتمنى أن نرى بعد زيارتنا هذه بعض الاختلاف في هذا الصدد وأن نشهد المزيد من التواصل مع المجتمع المدني”.

تنمية المجتمع

“تعد “سوريالي” محطة البث الشعبية عبر الانترنت، واحدة من أكثر المبادرات شيوعاً، والتي تعني سوريا من أجلي. كما أن هذه المحطة موجهة للسوريين في كل مكان وتضم برامج مثل جدايل الذي يلقي بالضوء على قصص واقعية لنساء في الداخل السوري وفي المنفى. وتتعاون سوريالي اليوم مع بعض الإذاعات الأوروبية المحلية للوصول إلى اللاجئين وإعلامهم بالأخبار العامة”. – رشا العاص.

“نحن نقدم منصة للاستماع إلى السوريين حول الانتهاكات التي تعرضوا لها وماهية تصوراتهم لوضع حد للعنف وللحديث عن أولوياتهم للمستقبل بالإضافة إلى الدور الذي يرون أنفسهم فيه بعد انتهاء الصراع. لدينا كوادر في ستة محافظات فضلاً عن مركزين نستطيع من خلالهما إفساح المجال أمام الناشطين للمشاركة وإدارة أنشطتهم وإنشاء فرق عمل يستطيعون من خلالها التنظيم فيما بينهم”.- سلمى كحالة، دولتي.

توضح لنا كارولين أيوب أهداف الشبكة الإذاعية العاملة عبر الانترنت “سوريالي”. مقتطفات من الحديث العام “نشاط وسائل الإعلام وسط الحرب الأهلية. دور الصحفيات السوريات”، في معهد الشرق الأوسط في العاصمة واشنطن 2٩ يونيو/ حزيران 2016.

“إن التغيير الحاصل في سوريا يتعلق بأصوات الناس. فقد بدأ الأمر بخروج الناس والهتاف في الشوارع للمطالبة بحقوقهم وكرامتهم وحرية التعبير. لقد كان الصوت مصدر إلهام لنا وهدفاً في الوقت ذاته. وكان الدافع وراء عملنا يتمثل في إنشاء منصة تضم جميع السوريين بغض النظر عن خلفياتهم ومعتقداتهم الدينية أو أي شيء آخر، لنجمعهم عبر منصة واحدة فيتمكنوا بذلك من التعبير عن أنفسهم. كنا مجموعة من نساء ورجال سوريين، اجتمعنا مع بعضنا من مختلف مجالات الحياة ودمجنا خبراتنا لننشئ بعد ذلك سوريالي. أردنا أن نكون فضاءً آمناً للترويج لفكرة الوطن التمثيلي وإحياء الأمل والإيجابية في الوقت الحاضر ومن أجل المستقبل وإشعال الحماس في جميع من يحيط بنا. وبالتالي، يشعرون بأهميتهم فيحتفون بالتنوع الذي نتمتع به وينضمون إلينا في التعبير عن أولئك المغيبين”.

التحديات التي تواجه المجتمع المدني والناشطات

“منذ أكثر من ثلاثة أعوام وحتى الآن، نحن نعمل على دعم هذه المجموعات وقد رأينا أن منظمات المجتمع المدني تقوم بعمل مدهش على الأرض في مواجهة صعوبات عملياتية كبيرة وخاصة الصعوبات الأمنية في مواجهة الجماعات المسلحة والغارات الجوية. كما توجد أيضاً صعوبات تتعلق بالدعم المادي فمعظم الأموال تُوجه إلى المنظمات غير الحكومية الدولية الرئيسة التي تقع مكاتبها خارج البلاد بينما يصل جزء يسير منها إلى المنظمات الشعبية التي تعمل على المستوى المحلي”. … علا رمضان.

تشرح لنا سلمى كحالة (دولتي)، بعض التحديات التي واجهت تفعيل منظمات المجتمع المدني في سوريا  أو في دول الجوار ومن بينها الحركة المحدودة والتمويل المقيد. مقتطفات من الحديث العام “المرأة السورية في المجتمع المدني والسياسة”، في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة 2٩ أبريل/ نيسان 2016.

“بالإضافة إلى دعم المجموعات الصغيرة العاملة على الأرض، وجدنا أنه من الضروري تقديم الدعم للمجموعات العاملة في تركيا ولبنان. أما في الأردن، ليس هنالك الكثير من المنظمات العاملة  لأن المجال ليس مفتوحاً أمام المجتمع المدني للعمل فيها. وأحد الصعوبات التي تعرضنا لها كانت في صعوبة الانتقال والحركة للاجتماع بزملائنا من سوريا أو في خروج بعض المجموعات لتتلقى التدريب أو لتتمكن من تقديم الدعم كما تحدثنا قبل قليل. فالحكومة التركية سمحت بوجود معابر للمساعدات الإنسانية والمجالس المحلية والجماعات المسلحة. ولكن كما تعلمون إن كنتم نشطاء في مجتمع مدني أو إحدى المنظمات التي تعمل في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية، فلا يُسمَح لكم بالدخول. ومسألة الانتقال والحركة غاية في الأهمية فعلاً. أما التحدي الآخر فيتعلق بنوع التمويل المتوفر لتلك المنظمات لأن التمويل غالباً ما يأتي بدفعات صغيرة فقد يستغرق الأمر 3 أشهر للمشاركة والتنمية الشبابية أو ربما تصل المدة إلى 6 أشهر. كما تحصل أيضاً على مبلغ محدد لتمويل المشروع في حال التنفيذ. وفي كثير من الأحيان لا يتوفر التمويل للمنظمات حتى تتمكن من تقديم الدعم او التنسيق وهذه أمور تتطلب التعامل مع الجمعيات المماثلة لذلك يجب أن يتوفر الدعم للمنظمات وليس لتنفيذ المشاريع فقط”.

“وفي صياغة الرواية السورية، لا بد للناشطات من تبديد الصورة النمطية التي تبثها وسائل الإعلام والدعاية التي يروج لها النظام والذكورية المحلية العنيدة والمتطرفين الإسلاميين ، والأهم من ذلك الجمهور الدولي الذي أصبح منزوع الحساسية تجاه معاناة السوريين على نحو متزايد. واعتمدوا في ذلك على نساء ورجال كانوا ينقلون التقارير من الداخل السوري، على الرغم من أن معظم زملائهم حالياً تفرقوا على نحو مماثل في جميع أنحاء العالم مشكلين بذلك شبكة عالمية”. … رشا العاص.

“لقد أصبحنا سوريون بلا حدود”. ….. ميليا دوماني، شبكة الصحفيات السوريات.

ناشطات سورية

ناشطات سورية

ترجمة ريما قداد- السوري الجديد

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015