“حُمرة” عرضٌ قصصي للاجئات سوريات في لبنان
من العرض المسرحي"حمرة" في بيروت(تلفزيون سوريا)

محمد حسن/ تلفزيون سوريا- على خشبة مسرح دار النمر للفنون والثقافة في بيروت، قدّمت مجموعة نساءٍ سوريّات على مدار يومين متتالين 27- 28 من شهر تموز، عرضاً قصصياً مستوحى من واقع لجوئهنّ في لبنان، وذكرياتهنّ في سوريا.

12 لاجئة سورية شاركن بعرض “حُمرة” وهو نتاجٌ لبرنامج امتد على مدار ثلاث سنوات مع جمعية العمل للأمل للثقافة والفنون، بعد أن انطلق من برنامجٍ بسيط لمحو الأمية شارك فيه 87 لاجئة سورية، أكملت 27 لاجئة منهنّ في برنامجٍ لتطوير قدارتهنّ على الكتابة الإبداعية، وانتهى بإصدار كتابٍ يحتوي على مجموعة من القصص لـ 11 سيدة من الفريق المشارك اللواتي طلبن من الجمعية أن يُكمِلن لمستوى متقدّم في تطوير قدارتهن التعبيرية، ليصلوا أخيراً لأداء وتأليف عرض “حُمرة” بإعدادٍ من فريق جمعية العمل للأمل، فجالَ العرض بعدّة مناطق لبنانية.

سيدتان خلف ستار المسرح يشاركن بأصواتهنّ، شاركت الأولى بأهازيجٍ من التراث الحوراني، والأخرى قدّمت لمحة عن قصّة كلّ من “الممثلات” المشاركات، وبدأ العرض مع “خيرية” التي زوّجت ابنتها بسنٍ مبكر، وأكملت خيرية تروي القصة “لإيمتى بدّك تضلي حاملة هاللعبة وساكتة؟ لايمتى بّدك تضلّي عم تلعبي باللعبة وتاركة ولادك، لك لو بعرف مانك قدّ المسؤولية ما كنت جوزتك”.

أرادت “خيرية” بهذه الكلمات أن توصل رسالةّ للمجتمع أنّ الزواج المبكر له عواقب سلبية كبيرة، ولكنها ألقت اللوم على الحرب التي شتت العوائل من بيوتها. تقول السيدة “خيرية درويش” لموقع تلفزيون سوريا “تمنّيت أن أروي قصتي مع ابنتي التي زوّجتها وهي بسنٍّ مبكر، كي يعي العالم صعوبة تزويج الأطفال، استطعت توصيل رسالةٍ للمجتمع من حولي من خلال سرد قصتي بهذا العرض، وإنّ التزويج المبكر هو أكبر خطأ يمكننا ارتكابه بحقّ أطفالنا، وأتمنى ألّا يكون هناك من يرتكب الخطأ الذي ارتكبته”.

وتحدّثت “درويش” عن تجربتها بعدما جاءت إلى لبنان، بعد صدمةٍ كبيرة من نتائج الحرب في بلدها سوريا، ومرّت بأزمةٍ نفسية استطاعت تجاوزها بعد انضمامها لجمعية العمل للأمل وشاركت ببرنامج محو الأمية، وكانت من النساء اللواتي شاركن بكتابة قصصهنّ، وأكملت: “كان لدي قصّة حبّ كبيرة، ولم أستطع البوح بها لأحد، ولكن مع مرور الوقت في التدريبات، تعلّمت أنه يجب عليّ أن أزيل الخوف، لأنني رأيت زميلاتي يحملن في جعبهنَّ الكثير من القصص المشابهة، وتولّدت لدي الجرأة للبوح بكل قصصي وتفريغ الطاقة الكامنة”.

وختمت إنّ المرأة السورية ستبقى معطاءة ومناضلة أينما ذهبت، ولا يوجد شيء يجعلها تقف عن حياتها، وقالت: “الأمل موجود وبعمره ما بموت”.

نقد ساخر

لم تكن القصص تجسّد واقع معاناة النساء وحسب، بل تخلّلها نُكتٌ ونقدٌ ساخر عن تصرفات بعض النساء، وقصص في الماضي لمقالب مع أزواجهنّ وقصص الحب والغرام، وطريقة الدخول بطريقةٍ غير شرعية إلى لبنان وضياع بطاقة الهوية، فقدّمت “أم محمد” النساء واحدةً تلو الأخرى لتعرض مقتطفاً بسيطاً عن القصّة وتطلب أن تروي كلّ واحدةٍ بدورها القصّة التي لديها.

السيدة هيام أبو رجب التي عانت كثيراً من نزوحها في منطقة حوران لعدّة مناطق خلال وقتٍ قصير، والمعاناة التي واجهتها، وفقدان الأمل بأن تستعيد الابتسامة بعد أن ذاقت مع عائلتها برد الشتاء القارس، وأيام الجوع الطويلة، والتي تزوّجت منذ 20 عاماً، ولا تزال تعيش مع زوجها قصص الحب إلى الآن.

تقول السيدة “أبو رجب” لموقع تلفزيون سوريا “يجب علينا التخلص من الصور النمطية القديمة، بأنه يجب على النساء ألّا تخرج على التلفاز، وليس لها رأيٌ في المجتمع، أحببت هذه التجربة التي جعلتنا نعبّر بسلاسةٍ عما بداخلنا أمام الناس من دون خوف، وأردّت توصيل الرسالة للنساء، بألّا يتزوجن إلا عن قناعةٍ وحبّ”.

وكانت للسيدة “أبو رجب” النصيب الأكبر من ضحكات الجمهور، بعد أن عرّفت عنها “أم محمد”، أن لديها قصة يعرفها جميع سكان المخيّم، فتروي هيام قصّتها مع زوجها بعد أن اتصلَت به من هاتفٍ آخر، وتواعدَت معه على أنّها شابةٌ تُريد التعرّف عليه، فطلب منها أن تلبس “التنورة” وتنتظره خلف الكازية (محطة وقود)، فلما جاء للمكان ورأى زوجته واكتشف أنه فخٌ، فرّ هارباً منها وهي تركض وراءه.

أما السيدة “دارين البنا”، وهي المسؤولة عن النظافة في جمعية العمل للأمل، ومشاركة في عرض “حُمرة”، والتي شاركت مقطعاً من قصّتها عن الحبّ والأمل؛ فقالت لتلفزيون سوريا: “كنت أرى النساء يخرجن من التدريبات بشغفٍ وحبّ للحياة، رغم وعورة حياتهنَّ وعودتهنّ لهموم عوائلهنّ في المخيّمات، لكنني عندما دخلت رأيت أن هناك طاقةً كبيرة يكتسبنها، كانت تجربة مميزة جداً”.

من المخيم إلى المسرح

وتضيف “آلاء السيد” منسّقة المسرح والمتطوّعة في جمعية العمل للأمل لتلفزيون سوريا: “إنّ النساء كنّ شغوفاتٍ بالتعلّم وتطوير قدراتهنّ الإبداعية والتعبيرية، وهذا العرض هو أداؤهنّ وتأليفهنّ، كنَّ عفوياتٍ وطليقاتٍ بالحديث”.

وعن الصعوبات قالت “السيد” أنّ النساء كنّ يواجهن المساءلة في خروجهنّ ودخولهنّ من وإلى المخيم بسبب وجودهنَّ في مخيماتٍ لها طابعٌ إسلاميٌّ متشدّد وترتّب علينا وعليهنّ تأثيرٌ على التنسيق أثناء التدريبات، وأضافت السيد “في المراحل الأولى من التدريب كانت هناك بعض النساء اللواتي يخجلن من البوح، ولكن في مرحلةٍ متقدّمة، استطعن التغلّب على الخجل والخوف بشكلٍ ملحوظ، وأصبحن شجاعاتٍ كفاية للاستمرار في حياتهنّ بجرأةٍ كبيرة”.

وختمت “سارة الزين” مديرة المشاريع في جمعية العمل للأمل ومخرجة عرض “حُمرة” بقولها لموقع تلفزيون سوريا: “إن شهادتنا مجروحة بالمشاركات اللواتي أتين من بيئاتٍ مختلفة، إلى أن وصلن لخشبة المسرح ليقيموا عرضاً احترافياً من دون أخطاء، هذا هو الأثر الذي نتحدّث عنه بالفن، حُمرة هو مثلٌ بسيط عن هذا الفن”.

النساء “الممثلات” اللاجئات، خرجن عن عرض قصص المعاناة إلى الحب والفرح والأمل من خلال رواية مناسبات الزواج والخطوبة، وولادة طفل والمشكلات مع الأزواج بطريقةٍ ساخرة، أما عن تسمية العرض بـ “حُمرة” فلأنّه يرمز إلى الأنوثة والحب، واللون الأحمر يلعب دوراً أساسياً في حياة السوريين الذين مايزالون يشاهدون دماء أبنائهم وأهاليهم في سوريا.

يُذكر أنّ جمعية العمل للأمل للثقافة والفنون، تعمل مع المجتمعات المحلية التي تعاني من أزماتٍ متفرقة لتمكينهم من مواجهة التحدّيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، من خلال إطلاق خيالهم و تمكين قدراتهم الإبداعية، وتقدّم للمجتمعات التي تعاني من الحرب والتشرّد والاضطرابات السياسية العنيفة والفقر المدقع أو الظروف المعيشية الصعبة، الأدوات التي تمكّنهم من حرية التعبير، والمعرفة، والإبداع والتواصل.

من العرض المسرحي"حمرة" في بيروت(تلفزيون سوريا)

من العرض المسرحي”حمرة” في بيروت(تلفزيون سوريا)

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015