شهر التوعية بمرض بطانة الرحم المهاجرة..
شهر التوعية بمرض بطانة الرحم المهاجرة

سارة سبيتي/raseef22- كان عمري 22 سنة عندما قررت زيارة الطبيب النسائي للمرة الأولى، علماً أن الآلام والأعراض كانت قد بدأت مع الدورة الشهرية الأولى، قبل 8 سنوات. كنت في العمل حينها، وشعرت وجع شديد. وكأن هناك ما يعصر حوضي ويمزقه. حاولت أن أتحمّل الألم، اتصلت بعيادة الطبيب وحددنا موعداً في اليوم ذاته. تناولت مسكنات قوية كي أصمد حتى نهاية يوم عمل طويل. كنت واثقة أن شيئاً ما يحصل، فهذه الآلام لا يمكن أن تكون “طبيعية” كما يقولون.

وصلت إلى عيادة الطبيب وجهي شاحب اللون، مرتبكة، فأول زيارة لدى الطبيب/ة النسائي/ة ليست بالتجربة الممتعة مع ما تحمله من قلق وارتباك. جلست أمامه، وصفت له أعراضي بدقة، كان لطيفاً جداً، فسّر لي بطريقة مبسطة أسباب آلام التي تعاني منها النساء خلال الدورة، ومنها أنه قد يعود السبب إلى وجود أكياس حول المبيض، يمكن علاجها بحبوب منع الحمل، طمأنني. طلب من الممرضة تحضيري للفحص من خلال جهاز “السونار”.

انتهى الطبيب “اللطيف” من الفحص، غسل يديه وعاد إلى وراء مكتبه، لحقت به. نظر إليّ وقال: “لا تقلقي، كل شيء نظيف جداً”. “لكن الألم؟” سألت. جاوبني أنه أمر “طبيعي”، وصف لي المسكن ورافقني إلى الباب، ربت على كتفي وأنا خارجة من عيادته وقال، مع ابتسامة مستفزّة لا أزال أذكرها حتى اليوم، “شدي حالك ووقفي غنج، هيدي كلها أوجاع طبيعية ما تخافي”.

صُدمت، لكن لم أقوَ على قول شيء. خرجت من عيادته مكسورة، فهذا الرجل لا يعرفني، يقول لي “شدي حالك” (أن أكون قوية)، لكنه لا يعلم أنني كنت حينها رغم الألم، أبدأ عملي عند الثامنة صباحاً، وبعد العمل أذهب إلى الجامعة وأنتهي من صفوفي عند الثامنة مساءً، أتناول المسكنات التي تسببت بضرر كبير في أمعائي، كي “أشد حالي”، ولا أتغيّب عن عملي ودراستي، كي لا أبدو عاجزة عن القيام بمهامي، من هنا تبدأ أخطاؤنا نحن النساء، بحق أجسادنا، لنثبت للآخرين ما ليس بحاجة إلى إثبات.

كانت تلك الزيارة الأولى في مشوار طويل جداً من الزيارات التي لا تعد ولا تحصى. كانت أعراضي تتفاقم مع مرور السنين دون معرفة السبب. بعد 6 سنوات من أول الزيارة، أي بعد 14 سنة من بداية الأعراض، ظهر “كيس دم” على المبيض تمكن الطبيب من رؤيته عبر جهاز السونار. خضعت بعدها لعملية جراحية لإزالته، اكتشف خلالها الطبيب أنني أعاني من “بطانة الرحم المهاجرة” أو الـ”endometriosis”. كان عمري 28 سنة حينها، وكانت المرّة الأولى التي أسمع فيها بوجود مرض بهذا الأسم. ليتبيّن لي لاحقاً أنه شائع جداً، إذ تُعاني أكثر من 10٪؜ من نساء العالم من هذا المرض، وهي تُعتبر نسبة عاليةً جداً في عالم الطب، ومع ذلك أغلبنا لم يسمع بالمرض من قبل.

يصدف أن شهر آذار/مارس هو شهر التوعية بمرض بطانة الرحم المهاجرة، وكُثر ممن يحمل المرض لا يعلمون به ولا بشهره، أكتب اليوم عن تجربتي، وعن سنوات من البحث عن أجوبة تقودني إلى راحة انتظرتها طويلاً، على أمل أن يساعد ذلك النساء الأخريات اللواتي تعانين بصمت.

ما هو المرض؟

بحسب جامعة جون هوبكينز، فإن بطانة الرحم المهاجرة هي حالة تبدأ فيها أنسجة مشابهة لبطانة الرحم بالنمو في أماكن خارج الرحم، (من هنا أتت تسمية مهاجرة)، تنمو مثلاً على المبيض، قناتي فالوب، المثانة، الأمعاء، وغيرها. في كل شهر، تستجيب هذه الأنسجة للتغيرات الهرمونية للدورة الشهرية تماماً كما تستجيب بطانة الرحم، مما يؤدي إلى نزيف صغير داخل الحوض، ما يسبب التهاباً وتورّماً والتصاقاً للأنسجة الطبيعية داخل الحوض، كما يمكن أن ينغمس الدم في أنسجة المبيض، مكوناً أكياس دم.

لا تزال أسباب هذا المرض غير معروفة، وتشير إحدى النظريات الشائعة إلى أنه خلال فترة الحيض، ترتد بعض الأنسجة عبر قناة فالوب إلى البطن على شكل “حيض عكسي” أو menstrual retrograde، حيث تلتصق وتنمو.

أعراض هذا المرض كثيرة ويمكنها أن تؤثر على الحياة اليومية للمرأة، أبرزها الأوجاع الشديدة المترافقة للدورة الشهرية والإباضة، علماً أن هذه الآلام قد تعاني منها المرأة ايضاً بشكل مستمر ويومي. آلام عند الممارسة الجنسية، تعب مزمن، اضطرابات في الجهاز الهضمي، انتفاخ شديد، صداع حاد، غثيان، اكتئاب، قلق، آلام عصب، وفي حالات كثيرة يمكن لبطانة المهاجرة أن تؤدي الى العقم او صعوبة الحمل.

صعوبة التشخيص والتنميط

على الرغم من أنه مرض شائع يصيب أكثر من 10٪؜ من نساء العالم، إلا أن الأمر يستغرق 8 إلى 9 سنوات لتلقي تشخيص الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة. يعود ذلك لعدة أسباب أهمها أنه لا يمكن تشخيص المرض بدقة إلا عن طريق ناظور البطن.

ولكن، هناك ايضاً تأثير كبير للتحيزات الجنسية في النظام الطبي العالمي وقوالب النمطية الجنسانية خاصةً المتعلقة بالعاطفة على التشخيص. وتشير الدراسات إلى أنه عندما يُعبّر الرجال والنساء عن القدر نفسه من الألم، يعتبر ألم المرأة أقل حدة، ولا يؤخذ على محمل الجد كألم الرجل، وذلك استناداً إلى القوالب النمطية الجنسانية. وهذا ما يساهم في تأخير التشخيص بشكل عام.

وبحسب استطلاع نشرته مجلة Pub Med عام 2020، فإن 75.2% من النساء أبلغن عن خطأ في التشخيص قبل تشخيصهن ببطانة الرحم المهاجرة. منهن من تم تشخيصهن بمرض نسائي آخر ومنهن من تم تشخيصهن بحالة مرضية عقلية.

وفي استطلاع أجرته منظمة Alliance for Endometriosis بين كانون الأول/نوفمبر 2020 وكانون الثاني/يناير 2021، وهي منظمة تضم عدة جمعيات هدفها العمل على تطوير وتحسين حياة النساء اللواتي يعانين من بطانة الرحم المهاجرة، أبلغت 90% من المشاركات أنه لم يتم تصديقهن من قبل الآخرين، 62% قلن إن عائلاتهن وأصدقائهن أخبروهن أن هذه الأعراض هي جزء طبيعي من تكوين المرأة. و42% تم إخبارهن من قبل أطبائهن أن أعراضهن طبيعية.

وفي بحث نشرته مجلة ساج Sage Pub عن علاقة النمطية الجنسانية بالتفاوتات في العناية بالألم بين الرجال والنساء، أشار الباحثون إلى أن الصورة النمطية عن عاطفية المرأة تنشر عدم الثقة في حدية آلامها، مما يؤدي إلى عدم المساواة في رعاية الألم. فعلى الرغم من أن النساء يعانين ويبلغن عن الألم أكثر من الرجال، إلّا أن النساء يتلقين علاجاً أقل فعالية لآلامهن. على سبيل المثال، وبحسب البحث ذاته، من المرجّح أكثر أن تتلقى النساء وصفات طبية مضادة للاكتئاب في حال الإبلاغ عن الألم بدل أن يتلقين المسكنات والمواد الأفيونية.

أسوأ من المخاض

طلبت من مجموعة من النساء على إحدى مجموعات الدعم لمرضى بطانة الرحم المهاجرة على فيس بوك، أن يصفن لي آلامهن بكلمات قليلة، علماً أن جميعهن تم تجاهل أوجاعهن من قبل الأطباء. جاءت بعض الأجوبة كالتالي: “أشعر وكأن أحدهم يقوم بعصر رحمي من دون توقف”، “ألم يبدو كسكاكين تطعن في رحمي”، “آلام مشابهة لآلام المخاض ولكن أسوأ، فآلام المخاض تنتهي”، “وجع ينهك جسدي ويشله”، “أسوأ من كسر العظام”.

لا يمكن لهذه الآلام أن تكون “طبيعية”. يقول الطبيب الياس ابي خليل، وهو طبيب متخصص في بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية وجراحة الحوض الروبوتية: “للتمكن من تشخيص بطانة الرحم المهاجرة، يحتاج الطبيب إلى معرفة متعمقة بأنواع الألم المختلفة التي تسببها هذه الحالة. يتجاهل العديد من الأطباء آلام المرأة لأن السبب وراء آلام الحوض عادة ما يكون صعبًا كشفه”.

برأيه، “لهذا السبب، العديد من النساء لا يتم تشخيصهن إلا بعد زيارة أخصائي يمكنه تفسير آلامهن”، وعن أهمية أخذ آلام المرأة على محمل الجد، يقول أبي خليل، “يعد استماع الطبيب إلى طبيعة ألم المريضة أهم خطوة، حيث يمكن أن يوضح الوصف مكان آفات بطانة الرحم والأعصاب التي تؤثر عليها، إذ هناك أعصاب عديدة موجودة في منطقة الحوض وكل منها يسبب نوعاً مختلفاً من الألم، ومعرفة وظيفة كل عصب ونوع الألم الذي يسببه ليس بسيطاً وليس لدى معظم الأطباء وقتاً لذلك”.

المعاناة المتسمرّة

عند تلقي التشخيص، تشعر معظم النساء بالارتياح. فبعد سنين طويلة من الآلام والأعراض التي يتم تجاهلها من الجميع وكأنها غير موجودة إلا في رأس المريضة، يأتي التشخيص ليثبت أنها حقيقية وأنها على عكس ما يقولون، أعراض غير طبيعية وليست على الإطلاق جزءاً من تكوين المرأة.

ومع ذلك، تستمر المعاناة. بعد أوّل عملية جراحية لي، شعرت براحة كبيرة دامت لحوالي سنتين قبل أن تعود الأعراض نفسها من جديد. سريعاً بدأت رحلة البحث عن علاجات غير جراحية، بحثاً عن راحة وجدتها للمرّة الأولى منذ أن كان عمري 14 عاماً، وهرباً من جراحة كنت لا أزال أذكر تفاصيلها المرّة أغلب الأوقات. جربت الكثير من الأدوية، بعضها نفع لفترة وبعضها لم يناسبني فأوقفتها على الحال.

بعد 3 سنوات من المحاولات، رضخت للجراحة مرة أخرى. قبل العملية الثانية، وخلال واحدة من أقسى نوبات الألم التي سبق واختبرتها، زرت طبيباً جديداً كنت قد سمعت أنه جيد، كنت متعبة جداً، قلت له أريد أن أتخلص من هذه الآلام. سألني كم سنة مرت على محاولاتي للإنجاب، أخبرته أنني لم أجرب يوماً وأنني هنا لأعالج الوجع فأنا لا أريد الإنجاب.

لم يعجبه هذا الكلام، وأعطى لنفسه الحق في محاولة إقناعي أن “الأولاد هم أهم شيء في الدنيا”، وبما أني أعاني من مرض يمكنه أن يؤثر على إمكانية الإنجاب، وأيضاً بما أنني تجاوزت الـ30 عاماً، فيجب علي أن أسرع قبل أن “يفوتني الوقت”. تفهمت حسن نيته في محاولة إقناعي، لكن المُزعج أنه لم يكترث لوجعي، أو ربما لم يصدقه، دخلت إلى عيادته أطلب المساعدة، خرجت محبطة وغاضبة، كأن جسدي المرهق من شدة الألم، لا يعني شيئاً لهذا الطبيب إن كان غير قادر على الإنجاب.

العلاج الغائب

لا يوجد حالياً علاجاً لمرض بطانة الرحم المهاجرة، ولكن هناك علاجات تهدف إلى السيطرة على أعراض المرض. تعتمد هذه العلاجات على حالة المريضة وشدة الأعراض وأيضاً على إذا كانت المرأة ترغب في الحمل أم لا. لذلك يُفضل دائماً المتابعة مع طبيب(ة) أخصائي(ة).

بحسب أبي خليل، تشمل العلاجات الأدوية التي تكبح بطانة الرحم المهاجرة بما في ذلك حبوب منع الحمل المركبة، حبوب البروجسترون، اللولب، والأدوية التي تعطل المبيض.

بالإضافة إلى هذه العلاجات، يقول أبي خليل: “في بعض الحالات، قد تستفيد النساء اللواتي يعانين من آلام في العصب سببها بطانة الرحم المهاجرة، من الأدوية المعدلة للأعصاب ومضادات الاكتئاب. كما يمكن أن نستعين بالعلاج الطبيعي لقاع الحوض وعلاج الألم المعرفي”. أما فيما يخص العلاجات التي تتطلب جراحة، فيقول: “عندما يفشل العلاج الطبي في السيطرة على الألم أو عندما تؤثر بطانة الرحم المهاجرة على الخصوبة، يُنصح بإجراء عملية جراحية”، ويضيف: “الهدف من الجراحة هو إزالة جميع الانتباذ البطاني الذي يصيب الحوض مع حماية الأعضاء الداخلية المصابة بما في ذلك المثانة والمستقيم والحالب والمبيض والرحم والأنابيب. في حال انتهت المرأة من الحمل، يكون استئصال الرحم مع المبيض أو بدونه هو الجراحة المفضلة. نفضل عموماً الحفاظ على المبيض إذا كان عمر المريضة أقل من 44 عاماً”.

نشر الوعي

عانت رولا جعفر (40 عاماً)، وهي أم لثلاثة أولاد، لسنوات طويلة من آلام شديدة، غثيان مستمر، تعب مزمن، انتفاخ، وغيرها من الأعراض الكثيرة. زارت عدة أطباء باحثة عن جواب، عند كل زيارة كانت تسمع الإجابة نفسها: “كل شيء نظيف، هذه أعراض طبيعية”، علماً أن هذه الأعراض كانت تتطور وتسوء، فمع الوقت أصبحت أكثر حدة، وتطور الألم إلى حد التقيؤ، ومع ذلك، الجواب الوحيد الذي سمعته من الأطباء كان أن هذه الأعراض طبيعية.

تقول رولا: ” الأوجاع لم تكن طبيعية بالنسبة لي، لكن لم يكن بيدي حيلة، فأنا امرأة عاملة ولدي عائلة، لا أملك خياراً سوى تحمّل الألم وتقبّل ما يبدو طبيعياً للجميع”. في يوم من الأيام رأت رولا منشوراً على فيس بوك عن امرأة تتكلم عن تجربتها مع مرض الendometriosis، أعراضها كانت شبيهة جداً لأعراضها، تروي أنها حين قرأت تجربة المرأة “شعرتُ أنها تتكلم عني، راسلتها على الفور وقلت لها إنني أعاني مما تعانين، نصحتني بأن أعاين طبيباً أخصائياً يعالج حالات مثل الـendometriosis، وأن أطلب منه بنفسي التحقق من وجود هذا المرض”.

هذا ما حصل، ذهبت رولا إلى طبيب مختص، وصفت له حالتها وطلبت منه أن يتحقق من وجود endometriosis. تقول: “لو لم أر ذلك المنشور يومها، لكان من المحتمل كثيراً أنني ما زلت أعاني كل ما عانيته دون أن تؤخذ أعراضي على محمل الجد. تم تشخيصي أخيراً وتلقيت العلاجات المناسبة وأجريت عملية جراحية. أنا ممتنة جداً لتلك المرأة وأتمنى أن تستمر النساء في إلقاء الضوء على هذا المرض”.

محاولات بائسة للحمل

كانت نسرين (36 عاماً) مقتنعة أن كُل ما تعيشه هو فعلياً آلام الحيض وهو أيضاً “أمر طبيعي” كما قالوا لها الأطباء، ارتضت وعاشت مع أوجاعها إلى أن بدأت محاولات حملها. تقول: “خلال 4 سنوات أجرينا خلالها أنا وشريكي كل أنواع الفحوصات التي بدت جميعها جيدة. لكن لا تفسير لعدم تمكني من الحمل لدرجة أنني أقنعت نفسي أن هذا ما قدره الله لنا”.

أكملت حياتها وارتضت بما قيل لها وبـ”مشيئة الله”، إلى أن رأت هي الأخرى منشوراً على فيس بوك عن امرأة تتكلم عن كيف أن الendometriosis كان سبب عدم تمكنها من الإنجاب. قرأت نسرين أكثر عن المرض وأعراضه على محرك البحث غوغل ومواقع علمية، فشعرت بالدهشة كون جميع الأعراض التي قرأتها تعاني منها بالفعل.

تروي: “ذهبت بعد ذلك إلى طبيبي وقلت له أن لدي endometriosis، ضحك وقال أكملي قراءة على غوغل. خرجت من عيادته وعدت إلى غوغل على الفور لكن هذه المرة للبحث عن طبيب يعالج الendometriosis. وهكذا، قمت بزيارة طبيب جديد، حددنا موعداً للتنظير عند الزيارة الأولى. تم تشخيصي بالendometriosis مرحلة ثالثة. خلال التنظير، تم إزالة التصاقات كثيرة وأنسجة كانت قد نمت داخل قناتي فالوب ومنها أيضاً ما وصل إلى الأمعاء. شعرت بتحسن كبير من بعدها، لم يتم الحمل بعد، لكن حددنا موعداً لإجراء تلقيح اصطناعي الشهر المقبل”.

وتيرة التوعية ترتفع

زادت حملات التوعية في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، فالكثير من المشاهير حول العالم بدأن بالتكلم عن تجاربهن مع مرض بطانة الرحم المهاجرة والصعوبات التي واجهنها قبل وبعد التشخيص. أوليفيا كالبو، ملكة جمال الكون لعام 2012 ومؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، تكلمت عن تجربتها على منصة إنستغرام بعد أن خضعت لعملية لإزالة كيس دموي وبعض الالتصاقات، قالت: “أصعب ما في هذا المرض أنه بالرغم من شدة الآلام التي يسببها، إلا أن رؤيته عبر الموجات فوق الصوتية شبه مستحيلة. لقد تم تشخيصي بشكل خاطئ مرات لا تحصى. أعلم أن الكثير من الفتيات يعانين مثلي، ولهذا السبب أتكلم لأقول لهن إن آلام الحيض ليست طبيعية”.

أما الممثلة الكوميدية آيمي شومر، فنشرت فيديو بعد العملية تقول فيه إنه تم إزالة حوالي 30 نقطة من الendometriosis من حوضها. ونشرت صورة لها لاحقاً خلال فترة التعافي وقالت: “أخيراً وجدت تفسيراً لكل الآلام التي عانيت منها طوال حياتي. هذا المرض كان سبب المشاكل التي واجهتها خلال حملي. لا يمكنني أن أشرح لكم عن المرض بطريقة طبية، وذلك بسبب عدم وجود أبحاث كافية عنه، فهذا مرض يصيب النساء فقط، ليس هناك وقت لدراسته، فكافة الموارد تتوجه لأبحاث تخص مشاكل الانتصاب”.

في مطلع هذا العام، أطل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في فيديو على فيس بوك أعلن خلاله إطلاق استراتيجية وطنية جديدة لمكافحة مرض بطانة الرحم المهاجرة في فرنسا، في خطوة هي الأولى من نوعها على هذا المستوى. وتعمل الخطة على نشر الوعي حول المرض، وتشجع على التشخيص المبكر، وتقدم العلاج من خلال تخصيص مراكز محددة في كل منطقة من البلاد. وستركز أيضاً على تشكيل فرق بحثية لدراسة مسببات المرض.

وهذه المرّة الأولى التي يتحدث فيها رئيس دولة حول العالم عن بطانة الرحم المهاجرة مع إعلان خطة عمل لمكافحة المرض، بحسب ما قالته في حينها ياسمين كانداو، رئيسة EndoFrance، وهي أول جمعية فرنسية لمكافحة بطانة الرحم المهاجرة وأنشئت عام 2001، لـ”فرانس24″. وأضافت أن كلمات ماكرون تشير إلى أن “إدراك المشكلة هو شكل من أشكال الاعتراف لمن يعانون”.

خبر أشبه بالحلم

في شباط/فبراير 2022، أعلنت شركة الذكاء الاصطناعي الفرنسية Ziwig وخبراء من الكلية الوطنية لأطباء النساء والتوليد الفرنسيين (CNGOF) عن تطوير فحص Endotest، وهو أول اختبار لعاب لتشخيص مرض بطانة الرحم المهاجرة.

وقالت الشركة في بيان صحفي إن “فريقاً فرنسياً يضم أطباء خبراء ومهندسين في الذكاء الاصطناعي قد طور اختباراً تشخيصياً يعتمد على تسلسل الRNA الميكروي الموجود في اللعاب. إنه يسمح بالكشف المبكر عن جميع أشكال مرض الendometriosis, حتى الأكثر تعقيدًا، بدقة تقريباً 100٪”.

لكن هذه الدراسة أجريت على عينة صغيرة من 200 امرأة فقط، لم تكن خصائصهن المرضية مفصلة للغاية، فبعضهن مصابات بأمراض أخرى يمكنها أن تظهر علامات التهاب شبيهة للالتهاب الذي تسببه بطانة الرحم المهاجرة. مع ذلك، وعلى الرغم من أنه ما زال من المبكر اعتبار هذا الفحص موثوق ونهائي، إلا أنه بارقة أمل ويفتح آفاقاً بحثية جديدة للكشف عن المرض ويلقي الضوء على مشكلة التشخيص المتأخر.

شهر التوعية بمرض بطانة الرحم المهاجرة

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015