“طالعات” حراك نسوي فلسطيني للمطالبة بوطن حر ونساء حرّة
حملة "طالعات"

سالم الريس/vice- هذه التغريدة “65% من حالات الاعتداء الجنسي تحدث في البيوت، يعني بـ 65% من الحالات، المعتدي هو أبونا، أخونا، جوزنا وأقرب الناس علينا.” التي نشرت على حساب “طالعات” على تويتر قد تختصر حجم المأساة التي تعيشها النساء في هذا العالم العنيف والغير عادل. ولكن هذا الحراك الذي تنظّمه مجموعة نساء فلسطينيات مستقلّات تحت اسم #طالعات وتحت شعار “لا وجود لوطن حرّ إلّا بنساء حرّة” يهدف إلى محاولة تغيير هذا الواقع. يوم غد الخميس سيتم تنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية ضدّ العنف ضدّ المرأة الفلسطينيّة وقتل النّساء احتجاجًا على مقتل الفتاة الفلسطينية إسراء غريب و28 امرأة أخرى منذ بداية العام الجاري وللمطالبة بوقف كافة أشكال القتل والتعنيف بحق النساء.

“بدأنا بالتحرّك كنساء فلسطينيات منذ مقتل الفتاة الفلسطينية يارا أيوب 16 عامًا من قريبة الجش في نوفمبر 2018، حيث رأينا ضرورة لعمل نشاطات توعوية والتحرك بذلك الاتجاه، وانطلقنا في عمليات بحث وجمع معلومات مستمرة استغرقت عدة أشهر حتى حادثة مقتل إسراء،” تقول شذا الشيخ يوسف، ناشطة نسوية وسياسية فلسطينية من حيفا، هي أحد المنظمات لوقفة طالعات لـ Vice عربية.

هذا الحراك الفلسطيني سيشمل وقفات احتجاجية في 9 مدن فلسطينية حيفا، والقدس ورام الله والناصرة ورفح وغيرهم بالإضافة إلى وقفتان في الشتات، في بيروت وبرلين، من تنظيم الناشطات الفلسطينيات هناك.

الهدف الأساسي من هذه الاحتجاجات هو تسليط الضوء على ما تتعرض له المرأة الفلسطينية من قبل الاحتلال الإسرائيلي والحكومة الفلسطينية سواء في الضفة أو غزة كما تشرح شذا: “نحن كفلسطينيات نواجه عنف مضاعف عندما يمارس علينا عنف المُستعمر بشكل يومي، من خلال قتلنا وتعنيفنا على الحواجز الإسرائيلية، وأيضاً في أماكن من المفترض أن توفر لنا الأمان مثل مجتمعنا وعائلاتنا، نواجه تعنيف يومي يحط من كرامتنا. ” هذه الوقفة ستكون الأولى بحسب شذا، وسيتبعها الدعوة لاجتماع مفتوح لكل النساء اللواتي يرغبنّ بالحضور من كل المناطق، بهدف توحيد الجهود والعمل النسوي المشترك.

بحسب الاحصائيات، فإن 35 امرأة فلسطينية قُتِلَت خلال العام 2018، بينما قُتِلَت 28 أخريات منذ بداية 2019 وحتى الآن، وكانت في أغلبها على يد أحد الأقارب مثلما حدث مع إسراء غريب. من خلال هذه الوقفة، أرادت الناشطات أن يؤكّدن على أن قضية إسراء وغيرها من النساء اللواتي قتلن أو تعرضن لعنف أسري ليست قضية جنائية فردية، لكن هي قضية عدالة وكرامة لجميع النساء: “نحن لا نناضل من أجل النجاة من القتل فقط، نحن نناضل لوقف كافة أنواع التعنيف والترويع الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي وحتى السياسي الذي تعيشه كافة النساء الفلسطينيات،” تضيف شذا.

وتُراجع السلطة الفلسطينية مشروع قانون لحماية الأسرة منذ عام 2016، ولكن لم يتم تصديقه حتى اليوم. وتشمل نسخة المشروع إلزام السلطات بمنع العنف الأسري، وحماية الضحايا، ومحاكمة المعتدين، إضافة إلى تدريب الشرطة على كيفية التعرّف على العنف الأسري والتدقيق فيه، وإصدار أحكام لأوامر الحماية الطارئة (أو أوامر التقييد) لحظر الاتصال بين المتهم والضحية. وعقب مقتل غريب، طالبت المؤسسات النسوية الفلسطينية بضرورة المصادقة على هذا القانون بهدف فرض الحماية والمساءلة والعقاب وتغيير المفاهيم المجتمعية السائدة.

وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته ولا تزال تلعبه النساء الفلسطينيات في النضال الوطني ضد الإحتلال الإسرائيلي منذ عقود، إلا أن المجتمع الفلسطيني في الضفة وغزة والداخل لا يزال يحمل أشكال وتعابير مختلفة للتمييز وللقمع تجاه النساء ومن ضمنها جرائم تتم على خلفية ما يسمى بـ “شرف العائلة.”

وعلى الرغم من التعديلات التي أدخلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2014 ومنها إلغاء المادة 340 التي كانت تُعفي مرتكب الجريمة بداعي “الدفاع عن الشرف” بشكلٍ كامل من المساءلة والعقاب، ومواد أخرى مثل المادتين 98 و99 اللتين كانتا تعطيان الفرصة للقاتل للحصول على تخفيف العقوبة الصادرة بحقّه، إلا أن هناك ضرورة أيضاً لمراجعة منظومة الحماية الاجتماعية بشكل كامل، بحسب المنظمات السنوية. إضافةً إلى التركيز على أهمية إصدار قوانين منصفة للمرأة بنفس الوقت الذي يتمّ فيه المطالبة والنضال من أجل التحرّر من الإحتلال.

“نحن موجودات في واقع استعماري سواء في الداخل المحتل أو في الضفة وغزة وحتى الشتات، من خلال هذا الحراك نحن نعبّر عن امتعاضنا ضدّ كافة القوانين التي لا تحمينا في أماكن تواجدنا،” تضيف شذا: “لكن لأننا نرى أنفسنا شعب فلسطيني واحد، نريد أن نحقق الحماية من داخل المجتمع، لأننا لسنا متواجدات في واقع سليم وصحي يمكننا من المطالبة بتغيير القوانين من صناع القرار.”

وسيركّز هذا الحراك أيضاً على رفض أن تكون قضية المرأة أولوية مؤجّلة. ففي الوقت الذي يكون فيه تركيز الفصائل والأحزاب والقيادة الفلسطينية على المشاكل السياسية، تحاول الناشطات تسيس قضيتهنّ ونضالهنّ النسوي، حيث أن واحدة من رسائلهنّ المركزية “نرفض أن نكون أولوية مؤجّلة إلى ما بعد التحرير الوطني، نقول في حملتنا أن حريتنا كنساء ليست قضية فردية أو اجتماعية يمكن تأجيلها إلى ما بعد التحرير، نحن كبنات الشعب الفلسطيني نرفض أن يقال لنا بعدين.”

“نريد إعادة تعريف التحرر الوطني، الذي لا يعني التحرر والانعتاق من الهيمنة والقمع الإسرائيلي، وإنما هو جوهريًا وبالأساس الحرية والعدل والكرامة الإنسانية لكل فلسطينية وفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، ولن نؤمن بأي حزب أو فصيل أو حراك أو منظمة، لا يروننا كجزء جوهري من حرية فلسطين” تؤكد شذا وتضيف: “النساء الفلسطينيات لديهنّ عطش في جميع أماكن تواجدهنّ للتنظيم وليكن جزءً من نظام جامع، بالرغم من الحدود. لذلك نطمح للمزيد من النشاطات بهدف الوصول لتفكير أكثر استراتيجية لمستقبلنا، حتى نستطيع بناء حراك نسوي فلسطيني شامل جامع وعابر للشرذمة.”

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

حملة "طالعات"

حملة “طالعات”

2 تعليقان في ““طالعات” حراك نسوي فلسطيني للمطالبة بوطن حر ونساء حرّة”

  1. اعتقد هناك خطأ في التعبير. فلأستطيع ان اكون معها يجب أن يكون هناك كلمة “فقط” لتصبح الجملة: نريد إعادة تعريف التحرر الوطني، الذي لا يعني التحرر والانعتاق من الهيمنة والقمع الإسرائيلي “”””فقط””” وإنما هو جوهريًا وبالأساس الحرية والعدل والكرامة الإنسانية لكل فلسطينية وفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، ولن نؤمن بأي حزب أو فصيل أو حراك أو منظمة، لا يروننا كجزء جوهري من حرية فلسطين

    • يقول CSWDSY:

      الأستاذ والصديق العزيز؛
      يمكنك التواصل مع القائمات على الحملة من خلال الروابط الموجودة عبر الفيسبوك أو على الانترنت.
      وكما يُقال: “اللغة العربية حمّالة أوجه!”

أترك تعليق في CSWDSY

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015