قانون الأحوال الشخصية السوري.. خطوة غير مكتملة
التشريع

نسرين علاء الدين/ Street Journal- بعد 66 عام على صدور قانون الأحوال الشخصية، وفي خطوة غير مكتملة؛ رفع أعضاء مجلس الشعب السوري منذ أيام أيديهم ليقرّوا بالأكثرية تعديلات طالت بعض مواد القانون الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 1953.

وشملت التعديلات التي وافق عليها المجلس حسب وزير العدل القاضي هشام الشعار أكثر من 70 مادة من القانون، موضحاً بأنه بات بإمكان كلّ من الزوج أو الزوجة أن يقيّد عقد الزواج بشروطه الخاصة التي لا تُخالف الشرع والقانون، ومنها ما يخص ”الزواج الثاني والسفر والعصمة والعمل ورفض الإقامة مع زوجة ثانية ولأبناء البنت الحق من الوصية الواجبة مثل أبناء الابن“.

أمل منقوص!

لا تدري أمل (30 عاماً) هل تفرح بالتعديلات الجديدة أم تُخرِج الغضب الموجود داخلها. تمّ تزويج أمل من قِبَل أهلها عندما بلغت السادسة عشر، من قريبٍ للعائلة يكبُرُها بخمسة عشر سنة.. “موافقة” كانت إجابة أمل على سؤال الشيخ الذي جاء ليأخذ موافقتها من خلف الباب، لكن الشيخ سار مبتعداً ولم يسمع غصّتها التي اختنقت بها، لم تكن تريد الزواج.. كان حلمها أن تكمل دراستها وتصبح معلمة.

لم تكمل أمل تعليمها لكنها كما تقول تحاول أن تنصح من حولها بعدم الزواج قبل أن يُكمِلن دراستهنّ، وخاصةً بعد أن تطلّقت وليس لديها مهنة تعيش منها سوى العمل في تنظيف المنازل وإعداد المونة للبيوت. تقول أمل “من منا تتجرّأ على قول كلمة لا في وجه أهلها”.

خطوة جيدة ولكن!

ترى المحامية مها العلي في حديثها لجريدتنا أنّ التعديلات التي طالت القانون عالجت نقاط كانت مطروحة سابقاً، ودُرِسَت من عدّة لجانٍ وتمّ التوافق في حينها على ضرورة التعديل. ولكن قد لا يكون التعديل للدرجة المأمول بها ولكنها خطوة إلى الإمام. مضيفةً أن القانون الجديد حاول إلغاء التمييز في معظم المواد، إلا أنّه بقيت هناك بعض المواد التمييزية مثل شهادة رجلٍ وامرأتين، والمواد المتعلّقة بالإرث باستثناء الوصية الواجبة، كما أنه يوجد مادة الحضانة التي تمّ تعديلها بأن تكون الحضانة للأم ثم للأب ثم لأم الأم، في هذه المادة لم تُؤخذ مصلحة الطفل الفُضلى وفق اتفاقية حقوق الطفل؛ والتي وقّعت عليها الجمهورية العربية السورية. حيث كان يجب أن يأخذ التعديل المصلحة الفُضلى للطفل ويختار الطرف الأصلح والأكفأ للحضانة دون ترتيب، وذلك من خلال لجنة مؤلّفة من اخصائي نفسي اجتماعي واقتصادي وقانوني لتقدير من الأصلح للحضانة.

ما هكذا تتم التشريعات!

المحامي عارف الشعال يستغرب في تصريحه لجريدتنا من السرعة التي تمّ فيها إقرار التعديلات، قائلاً: “أن قانون الأحوال الشخصية من أهم القوانين في الدولة حيث يرتبط مباشرة بحياة الناس ولا يقرّ بالسرعة الصاروخية التي أُقِرِ بها تعديل قانون الأحوال الشخصية (3 أيام بين إعلان السلطة التنفيذية إعداد مشروع التعديل، وإقراره من السلطة التشريعية) حيث تمَّ سلقه في مجلس الشعب بجلسة واحدة، كمن يحتسي فنجان الشاي، إذ لا ندري كيف ناقش المجلس 70 مادة (حوالي ثلث القانون)، بساعتين أو ثلاث!!”

مضيفاً “لماذا لم يتم فسح المجال أمام الناس والقوى المجتمعية لمناقشة أهم قانون يتناول حياتهم الخاصة والشخصية، وإبداء رأيهم فيه!” متابعاً أن “إقرار التعديلات بهذه الطريقة سببه فيما أظنُّ الخشية من حراك مجتمعي واسع وانتقادات قد تتسبب بإجهاض تمريره، كما فشل سابقاً تمرير قانون جديد للأحوال الشخصية في العام 2009!”.

أحمد مرعي، عضو مجلس الشعب عن الحزب السوري القومي الاجتماعي، قال لجريدتنا “كنا حاضرين كحزب تحت قبة البرلمان وأثناء مناقشة التعديلات ضمن اللجنة”، مضيفاً “استمر النقاش قرابة الست ساعات. وكان لنا عدد من التحفّظات وخاصة ما يتعلق بالمادة 18 من القانون والمادة 16 اللتين تتحدّثان عن سن زواج الفتاة، فمن وجهة نظرنا يجب أن لا يكون هناك زواجٌ قبل بلوغ الفتاة لعمر الثامنة عشر، فالأمر يتعلق بالناحية الجسدية للفتاة وكذلك الفكرية والنفسية إلى جانب تمكن الفتاة من إتمام مرحلة التعليم الثانوي. فكيف نشجّع على التعليم وكيف نسمح بالزواج بسنٍ أصغر، مهما كان وضع الفتاة جيدة في زواجها لن تتمكن من إتمام تعليمها كما تفعل من هن بعمرهن.

ويضيف مرعي “هناك نقاط جيدة من ناحية تطوّر القانون، لكن هذه النقاط الجيّدة لا تلبّي كافة طموحاتنا ونداءات حزبنا الداعي لبناء تشريعات مدنية تنصف المرأة وتضعها في مصافي الرجال، فهذا الأمر بحاجة لجهود كبيرة ووعي داخل المجتمع لتوسيع رقعة المؤمنين ببناء دولة علمانية.”

تنصّ المادة 16 من قانون الأحوال الشخصية السوري:

تكمتل أهلية الزواج في الفتى بتمام الثامنة عشرة وفي الفتاة بتمام السابعة عشر من العمر.

التعديل المادة 16:

تكمل أهلية الزواج في الفتى والفتاة ببلوغ الثامنة عشرة من العمر.

كانت المادة 18 من قانون الأحوال الشخصية تنصّ:

1 -إذا ادعى المراهق البلوغ بعد إكماله الخامسة عشرة أو المراهقة بعد إكمالها الثالثة عشرة وطلبا الزواج يأذن به القاضي إذا تبيّن له صدق دعواهما واحتمال جسميهما.

2 -إذا كان الولي هو الأب أو الجد اشتُرِطت موافقته

التعديل الجديد المادة 18:

إذا ادعى المراهق أو المراهقة البلوغ بعد إكمال الخامسة عشرة وطلبا الزواج، يأذن به القاضي إذا تبيّن له صدق دعواهما واحتمال جسميهما، ومعرفتهما بالحقوق الزوجية.

تعديلات خجولة!

من جهتها تصف الوزيرة السابقة لمياء عاصي التعديلات التي طرأت على القانون بأنها تعديلات خجولة وواهية لقانون الأحوال الشخصية، ويمكن أن تكون بمثابة ترقيع لثوب مهترئ وبالٍ. وتضيف “ما زالت المرأة السورية في القرن الحادي والعشرين، شهادتها أمام المحكمة تعتبر نصف شهادة الرجل، كما يمكن أن يتزوّج الرجل بأربع زوجات، ويمكن أن تُطلَّقَ من قِبَل الرجل ثم يجري إعلامها، مشيرةً إلى أنّها لا يحقّ لها أن تتزوج بغير المسلم عكس الرجل الذي يستطيع الزواج بغير المسلمة”.

وتتابع “لا  يزال نصيب المرأة في الميراث نصف نصيب الرجل، رغم مساهمتها الجدّية في تكاليف الحياة وتغيّر طبيعة العلاقاتالاقتصادية”. مضيفةً “كان من الأجدى قبل أن يتمّ إقرار التعديلات على قانونٍ كهذا أن تُشارك بالنقاش منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في مناقشة التعديلات قبل إقرارها”.

الخطوة التالية

كانت أسماء (ع) تنتظر مثلها مثل آلاف السوريات أن يتمّ مناقشة وضعهن وإعطائهن حقّهنّ كما وعد الدستور السوري، أسماء تسعى لمنح أبنائها الثلاثة الجنسية السورية. وتقول: “أنا مواطنة سورية أعيش فوق هذه الأرض منذ ولدت أي قبل 35 سنة، تزوّجت من شاب عراقي منذ عشر سنوات، ولليوم لم أتمكّن من منح الجنسية لأبنائي الذين لا يعرفون وطناً غير سورية.”

عددٌ من المواد تمّ تعديلها وفق خطوةٍ وُصِفَت بالجيّدة، لكن السعي كان ولا يزال نحو تحقيق العدالة والمساوة في الواجبات والحقوق للنساء والرجال على حدّ سواء.

التشريع

التشريع

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015