كورونا يؤجّج العنف الأسري في مخيّم الزعتري
فيروس كورونا فاقم عذابات اللاجئين

بديعة الصوان/ SFJN شبكة الصحفيات السوريّات- تتعرّض فرح لعنف جسدي من زوجها باستمرار قبل جائحة كورونا، لكن مع تطبيق الإجراءات الوقائية وفرض حظر التجوال وعزل المخيم أصبح يعنفها في المنزل بدلاً من الشارع.

ويعمل زوج فرح في المشاريع الزراعية خارج المخيّم بأجر يومي، حيث توقّف عمله في ظل أزمة كورونا وهو ما زاد من معاناتها، إذ أصبح متواجداً في البيت طوال اليوم، وتضيف “بعد الحظر خلّصنا المصاري يلي معنا وما حدا رضي يديّنا والفيزا (المساعدة الشهرية من المفوضيّة) خالصة، زوجي بعد ما انقطع عن الدخان صار عصبي أكثر من أول بكثير كان يضربني فصار يضرب الولاد معي، أهلي بسوريا وما الي حدا هون اروح لعنده، وبعد هالعمر خايفة اتطلّق”.

يعمل العدد الأكبر من اللاجئين في قطاع الخدمات والانشاءات والزراعة والمصانع، إذ توقّف عمل معظمهم بشكل كامل بسبب تعليق العمل بالقطاع الخاص، وتقول دراسة لمركز تمكين للدعم والمساعدة القانونية، التي رصدت ظروف 598 لاجئاً سورياً في الفترة ما بين 18-3-2020 إلى 18-4-2020، 524 ذكور و74 إناث، إنّ 62% منهم توقّف عملهم بشكل كامل بسبب تعليق العمل في القطاع الخاص، مما أدّى إلى خسارة دخلهم، خاصةً من يعمل بنظام المياومة.

ولم يقتصر العنف في ظلّ جائحة كورونا على النساء المتزوّجات، حيث تعرّضت سلام، طالبة مدرسة، لعنف جسدي من أخوتها، لم تشهده من قبل. وتقول سلام، التي فضَّلت عدم الكشف عن هويتها وتعيش في مخيم الزعتري، إنّ حظر التجوال وتوقّف أخوتها عن العمل، جعلهم يمضون وقتهم داخل المنزل، وأصبحت تعمل لخدمتهم وهو ما أثّر على دراستها، التي تتابعها عن بعد. وتضيف ”أخواتي كنت أشوفهم بالأعياد والمناسبات لأنهم دائماً بالشغل، طلباتهم كثرت بالحظر وانا عندي دراسة، وصلت لمرحلة ما بقعد ولا بلاقي وقت أدرس فيه، حاولت ألاقي حل وأطنّش طلباتهم مرّات، فصاروا يعصّبوا علي ويضربوني، وحدة من المرات واحد من أخواني ضربني بشكل مبرح.. اجت أمي على صوت صراخي وفكّتني منه”.

تزايد العنف الأسري خلال أزمة كورونا

كشفت دراسة تزايد حوادث العنف الأسري في الأردن خلال تفشّي جائحة فيروس كورونا، وأصبحت النساء اللواتي يعشن في مخيّمات اللاجئين الأكثر تعرّضاً لمخاطره. وقال المشاركون في إعداد الدراسة التي قامت بها “جمعية التخطيط الدوليةPlan “International بالتعاون مع “صندوق الأمم المتحدة للسكان” United Nations Population Fund، إنهم قلقون بشكل خاص على المراهقات اللواتي يواجهن تهديداً أكبر في وقوع اعتداءٍ عليهنّ، لأنّ فيروس كورونا قلب حياتهنّ “رأساً على عقب”.

ووجدت هذه الجمعية الخيرية العالمية المعنية بالأطفال، أن 69 في المئة من أولئك الذين اُستطُلِعوا يرَون أنّ العنف القائم على أساس الجنس زاد منذ ابتداء الأزمة الصحية العامة، إذ أصبح الإبلاغ عن الاعتداء النفسي والجسدي من قِبل الأزواج أو الأقارب الأكثر تكراراً.

وذكر الباحثون في دراستهم أنّ معظم اللاجئين عليهم الاشتراك مع ثلاثة آخرين في غرفة واحدة، وهذا ما يجعل تحقيق التباعد الاجتماعي غير قابل للتطبيق تماماً.

الباحث الاجتماعي في مخيّم الزعتري، وسام المقبل، يقول إن جائحة كورونا فرضت على الرجل البقاء في المنزل وهذا الأمر أدّى إلى مشاكل داخل الأسرة، خاصةً إذا كانت المساحة السكنية ضيّقة وعدد أفراد الأسرة كبير، ما يؤدّي إلى خلق التوتّر والضغوطات، وهذا ما أدى إلى زيادة العنف، إلى جانب الوضع الاقتصادي، خاصةً أنّ الرجال في مخيم الزعتري عمال مياومة وتوقّف عملهم.

تعنيف الزوجة يؤثّر على الأطفال

يؤكّد الدكتور النفسي مهند فرعون أنّ التقارب المكاني وحظر التجول زاد من التفاعل بين أفراد الأسرة ونقل التوتّر من الرجل إلى المرأة ومن المرأة للطفل، مشيراً إلى أنّه ما قبل حظر التجوال، كان الرجل يفرّغ باللاشعور همومه ومشاكله خارج المنزل، لكن بعد الحظر وفي ظلّ غياب التوجيه، تتزايد حالات العنف الأسري.

السلوك لا يمكن تثبيته إلا بعد تعزيزه، وذلك يعني تفريغ الموقف الضاغط على الزوجة بتعنيفها، ومع تكرار التعنيف سيتم تعزيز هذا السلوك لدى الرجل، وسيتم التكيّف مع الوضع القائم ويصبح أمراً طبيعياً، يقول فرعون.

ويضيف “يجب ألا ننسى تأثير مشهد تعنيف الزوج لزوجته أمام الأطفال، فطريقة تعبير الأطفال مختلفة كالحركة الزائدة والعدوانية. وعلى المدى البعيد سيطبّق كل ما رأى أمامه وستبقى الحلقة مكرّرة، أما الطفلة ستعتبر أن ما يحدث هو شيء طبيعي وتتقبّل العنف في المستقبل.”

ويقول إن هناك أفكار كثيرة نسمعها في المجتمع، مثل بعدما يعنّف الرجل زوجته يقوم بالاعتذار منها، فتكون ردّة فعل الزوجة ”هو عصبي؛ لكنه حنون وقلبه طيب”. وبعد فتره تصبح تتقبّل العنف، وتحتاج فترة طويلة لإقناعها أن ما تتعرّض له هو عنف.

ويرى فرعون أنّ العنف لا يرتبط بمستوى اجتماعي أو طبقة اجتماعية معيّنة، فالعنف موجود لدى الطبقة الغنية وبكثرة.

قانون الحماية من العنف الأسري غير كافي

المحامية سلام الزعبي تقول إنّ العنف بكافة أشكاله يُمارس على النساء في الوقت الحالي، والقانون يمنع العنف، وهناك نصوص قانونية تُعاقب عليه تحت مسمى الإيذاء، حيث أنّ هناك درجات للإيذاء؛ فقد يكون بسيط أو متوسط أو إيذاء بليغ، ولكل منهم عقوبة مختلفة عن الأخرى.

وأضافت الزعبي أن قانون الحماية من العنف الأسري موجود من عام 2008 إلا أنّه غير فعال، فلا يوجد محاكم أسريّة تنظر في النزاعات الأسريّة، من ضمنها العنف ضدّ المرأة. وأوضحت “هو عبارة عن قانون يتضمّن أمر حماية وإخراج المعنِّف من المنزل، فالقانون موجود لكنه غير مطبّق بشكل كافي على أرض الواقع لأنه مربوط بحماية الأسرة، وحماية الاسرة مكوّنة من الأمن العام، وهذا الأمر بحدّ ذاته عائق ومشكلة، فالأسرة التي يوجد بها عنف يُمارس ضد أي فرد بها وخاصة المرأة لأنها عماد الأسرة، بحاجة لمختص نفسي واجتماعي يُناقش ويحلّ المشكلة، وليس لأشخاص لا تتوفّر لديهم هذه المهارات”.

وترى الزعبي أنّ العقوبة الأجدر أن تكون دعم نفسي وعقوبة إخراج المُعنِّف من المنزل، وليس الحبس، والذي يؤدّي لدمار الأسرة ونشر الكُره بين أفرادها. كما أشارت الزعبي إلى أنّه في ظلّ تفعيل قانون الدفاع، هناك قيود على الحركة، فالمرأة التي تتعرّض للعنف بإمكانها اللجوء للأمن وحماية الأسرة.

فيروس كورونا فاقم عذابات اللاجئين

فيروس كورونا فاقم عذابات اللاجئين

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015