لا النقاب ولا الحجاب يغيّران النظرة الشبقية إلى أجساد النساء
حرّاس الدين يختصرون عقيدة المرأة في لباسها.. الله أعلم بما تخفيه البراقع

يمينة حمدي/alarab- كسرت المرأة العديد من المحظورات في المجتمعات الإسلامية وانفتحت على ثقافات وحضارات أخرى تختلط فيها الأزياء مع الديانات والعقائد وتتعايش فيها مختلف الانتماءات، إلا أن ذلك لم ينه جدل الفتاوى والخطابات المرتبطة باللباس وبما يحقّ أو لا يحقّ للنساء المسلمات ارتداؤه.

ما زال اللباس الذي يجب أن ترتديه النساء المسلمات محل جدل متجدد في أوساط إسلامية وحلقات دينية متشددة، والأخطر في الموضوع هو أن البعض من رجال الدين، يعطون لأنفسهم الحق في تحديد ما يجب أن ترتديه المرأة في الشارع حسب نظرتهم للأمور وليس بالاستناد للقوانين.

وتتعرض نسبة كبيرة من النساء المسلمات إلى الانتقادات ويعاب عليهن اختيارهن مظهرا معينا، قد لا يتوافق مع طبيعة اللباس الذي يراه رجال الدين المتشددين مناسبا للمرأة “الصالحة”، ويشترطون فيه أن يغطي المرأة من رأسها إلى أخمص قدميها.

وعانت النساء والفتيات في نيجيريا من هذه المشكلة لسنوات طويلة وربما عقود، ومازلن يتعرضن للاختطاف والتعذيب والاغتصاب والاستغلال الجنسي جراء المعتقدات الثقافية التقليدية والقبلية والدينية.

وترفع في الشوارع الرئيسية للعاصمة أبوجا لافتات تحظر على النساء ارتداء الملابس بطريقة معينة، وهذا الأمر شائع أيضا في العديد من الولايات (المحافظات) في شمالي نيجيريا التي تطبق قوانين الشريعة الإسلامية.

وتفرض مؤسسات التعليم العالي في جميع أنحاء نيجيريا، قواعد لباس على الطلاب الجامعيين وطلاب الدراسات العليا، مع فرض الغرامات والعقوبات على الأشخاص الذين لا ينصاعون لتلك القواعد، وغالبا ما تستهدف قواعد اللباس النساء بشكل خاص دون الرجال.

تعاليم إسلامية متطرفة

وتشجع الديانتان الأكثر ممارسة في نيجيريا (المسيحية والإسلام) على ارتداء الملابس الطويلة والفضفاضة، فيما يدعو بعض المتطرفين إلى التغطية الكاملة للجسد.

ومارست جماعة بوكو حرام تعاليم إسلامية متطرفة، استهدفت الفتيات والنساء على حدّ سواء، وأجبرتهن على ارتداء أنواع معينة من الملابس، والسير والجلوس والتصرف بطرق معينة.

ورغم الحظر المفروض على الجنس الأنثوي، فإن النساء والفتيات لا يكن في منأى عن الأذى الجسدي والاغتصاب والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.

ويقوم عناصر بوكو حرام بنهب وإحراق المدارس لتسويتها بالأرض، ويختطفون التلميذات من أجل “إنقاذهن من الذنوب”، ويقومون ببيعهن كجوار، ويجبرونهن على الزواج ويعاملونهن معاملة غنائم الحرب.

وتهدف هذه الممارسات إلى حرمان المرأة من حقوقها الأساسية في الحياة والأمن والتعليم، ويتم التنكيل بها جسديا ونفسيا.

وأشارت نتائج مسح نشرتها مؤسسة “نويبولز” في يوليو 2019 إلى أن نحو واحدة من كل ثلاث فتيات يعشن في نيجيريا قد تعرضت إلى تجربة اعتداء جنسي واحدة على الأقل قبل بلوغهن الـ25 من العمر.

وتعج وسائل الإعلام النيجيرية بقصص مرعبة عن نساء وفتيات تعرضن للخطف والاتجار بهن لأغراض الاسترقاق الجنسي أو استغلالهن في العمل. وأثار اختطاف 276 تلميذة عام 2014 على يد عناصر جماعة بوكو حرام غضبا عالميا، لكن الاعتداءات اليومية لا تزال مستمرة.

ونشر تقرير حديث حمل عنوان “ماذا كانت ترتدي؟” نشرته منظمة “إديكايشن آز إيه فاكسين” (Education as a vaccine) المعنية بصحة الأطفال والمراهقين، قصصا روتها نساء وفتيات تعرضن للاغتصاب رغم أنهن كنّ يرتدين أنواعا من الحجاب والتنانير الطويلة والسراويل وما إلى ذلك. وكل واحدة منهن اغتصبت لسبب واحد فقط، وهو أنها امرأة وليس بسبب ما ترتديه.

ومضت أكثر من ستة وثلاثين عاما منذ أن صادقت نيجيريا على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات (1985) ونحو خمسة وعشرين عاما على توقيع إعلان بكين للنهوض بالمرأة (1995) وآخرها قانون حظر العنف ضد الأشخاص (2015)، ورغم ذلك ما زالت النيجيريات يعانين من الاغتصاب وأشكال مروعة من العنف الجنسي.

وأشارت العديد من النساء إلى أن النظام القانوني في البلاد؛ لا يدين المشتبه فيهم بارتكابهم فعل الاغتصاب ويلقي باللائمة على النساء عندما يكن ضحايا للاعتداءات الجنسية.

وفي السنوات القليلة الماضية بدأت بعض الفتيات النيجيريات يلقين دروسا في رياضتي الملاكمة والكاراتيه للدفاع عن النفس، وبسبب شعورهن بالإحباط إزاء معدلات الاعتداءات الجنسية على النساء وضعف وسائل تطبيق القانون، والمحظورات القبلية التي تجبرهن على السكوت عن الاعتداءات الجنسية.

وتخشى نسبة كبيرة من الضحايا وأسرهم من أن يوصموا اجتماعيا جراء ما حدث، أو يتعرضوا لابتزاز الشرطة، فهم لا يثقون بالعملية القضائية، لذا يختارون عدم إبلاغ السلطات عن قضايا الاغتصاب والانتهاكات الجنسية.

وأشارت أنيتي إوانغ الباحثة النيجيرية بمنظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن تطبيق القانون تشوبه عيوب، قائلة “عندما يقترن ذلك بالمفاهيم الرجعية التي تعزز الظلم ضد المرأة.. يبلغ ذلك ذروته في صورة بيئة معادية للغاية”.

رجال الدين أقوى من القوانين

ليس ارتداء الحجاب إجبارياً في معظم الدول الإسلامية ولكن القوانين الرجعية وسلطة رجال الدين تفرض قيوداً صارمة على لباس المرأة تماشياً مع التفسير المتشدّد للشريعة الإسلامية.

وتناقلت تقارير صحافية في عام 2019 قرار الملاكمة الإيرانية صدف خادم التي فازت في فرنسا بأول مباراة للمحترفين قرار تخليها عن عودتها إلى بلادها بعد أن صدرت مذكرة توقيف بحقها.

ويبدو أن الملاكمة الشابة التي شاركت في المباراة بسروال قصير وقميص مفتوح، اتهمت بمخالفة القانون الإيراني الذي يلزم النساء بارتداء الحجاب، وعدم التدرب مع الرجال والمشاركة في مسابقات للملاكمة.

وسبق وتعرضت تالا راسي الإيرانية لعقوبة الجلد 40 جلدة بسبب ارتدائها تنورة قصيرة يوم عيد ميلادها السادس عشر في عام 1998، ومنذ ذلك الحين دخلت راسي عالم التصميم والموضة، وساعدها جواز سفرها الأميركي على شق طريقها نحو الحرية.

ودوّنت راسي تجربتها في كتاب عنونته بـ”الموضة حرية”، أرادت من خلاله أن تدعو بنات جنسها إلى التمرد على القانون الذي يجبر المرأة على ارتداء الحجاب.

وكانت النساء الإيرانيات قبل الثورة الإسلامية في 1979 يرتدين الملابس الغربية مثل التنانير القصيرة والبلوزات ذات نصف الكمّ، ولكن هذا كله تغيّر عندما تولّى آية الله الخميني السلطة.

وتستعين البعض من الدول الإسلامية بشرطة دينية مهمتها التصدي للمظاهر التي تقول إنها تتعارض مع قوانين الشريعة وتخلّ بالحياء العام.

حرّاس الدين يختصرون عقيدة المرأة في لباسها.. الله أعلم بما تخفيه البراقع

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015