مبادرات المرأة السورية في تغيير المجتمع

موقع السوري الجديد/مقال مترجم- في سوريا التي دمرتها الحرب، يقوم عدد متزايد من النساء بدور صانعات التغيير، وتوفير بصيص أمل مع احتمال تداعيات متواصلة للتمكين.

كما هو الحال في عدد من الدول العربية، تم تقييد العديد من النساء في سوريا إلى حد كبير بأدوار تقليدية قبل الثورة ضد الرئيس السوري بشار الأسد وقبل اندلاع الحرب.

الآن، في جميع الأحوال، المزيد والمزيد من النساء في طليعة جهود جديدة لحل مشكلات محلية، ومواجهة الموت والدمار اللذين يجتاحان البلاد.

هذا الأمر جزئي لأن العديد من الرجال منشغلون بالمعركة، وسُجِنوا أو فروا من البلاد، حيث تعين على النساء حينها الانخراط في أدوار جديدة، ولكن أيضاً لأن الثورة السورية قد قلبت الكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية.

إحدى المبادرات التي قمن بها هي البدء بمجلاتهن المستقلة ومحطاتهن الإذاعية، مثل ياسمين سوريا، سيدات سوريات، راديو سوريات، وراديو نسائم، وتركز جميعها على تسليط الضوء على الصراعات اليومية للمرأة السورية في خضم الصراع.

حتى في وسائل الإعلام البديلة التي ظهرت في بداية الثورة، تم تصغير دور المرأة. فعندما يتم ذكر النساء، يتم عرضهم على أنهن أمهات أو أخوات أو زوجات السجناء السياسيين الذكور أو المقاتلين الذكور.

قالت ريم الحلبي: -مديرة إذاعة نسائم، التي مقرها في شمال غرب مدينة حلب- الآن بدأ الأمر يتغير. وأضافت إن “الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام تعكس المجتمع الأبوي. لا تقتصر اهتمامات المرأة على الموضة والجمال والطبخ والأسرة والطفل. لا تعكس هذه الصورة اهتمامات المرأة السورية أو مدى الصعوبة أنها تعمل للمشاركة في بناء بلادها”.

وتطلق المزيد من النساء أيضاً المبادرات المجتمعية، مثل النساء الآن من أجل التنمية – وهو مركز للتدريب على مهارات جديدة، أنشأته في عام 2012 نساء بلدة حزة المحاصرة في ريف دمشق. وتركز المبادرة على النساء الشابات اللواتي اضطررن إلى ترك المدرسة بسبب الوضع الأمني، كما تركز على الأرامل اللواتي يحتجن للدخل المادي لإعالة أسرهن.

قالت ليلى التي طلبت عدم نشر اسمها الحقيقي لأسباب أمنية – وهي مديرة نساء الآن من أجل التنمية – بأن الصراع بشكل متناقض “فتح آفاق جديدة” بالنسبة لبعض النساء السوريات. “هن أكثر ثقة بالنفس ولا يخفن من التعبير عن آرائهن بعد الآن، وهذا ينعكس في الطريقة التي يربين من خلالها أولادهن وبناتهن وفي تعاملهن مع أزواجهن والمجتمع من حولهن”.

واحدة من المتدربات في المركز هي مزنة الجندي البالغة من العمر 29 عاماً، لم تتمكن من إكمال شهادة الماجستير أو العثور على وظيفة بسبب القتال ووجود نقاط التفتيش العسكرية. قالت مزنة “وفر المركز لي وللكثير فرصة للخروج من المنزل، وبدء العمل في المشاريع الخاصة بنا، وكان هذا أول شيء شخصي وإيجابي قد حدث لي منذ سنوات”.

وأضافت ليلى إن ورشات عمل نساء “الآن” تتمحور حول حقوق المرأة، الأمر الذي ساهم في زيادة عدد النساء اللواتي صوتن في انتخابات المجالس المحلية في الغوطة الشرقية، وهي ضاحية من ضواحي العاصمة السورية دمشق.

قالت ليلى: “منذ أن بدأت الثورة، أبدت النساء السوريات اهتماما في السياسة، ولم يؤسسن آرائهن وفقاً لما يقوله الرجال، بل كَوَنَّ آرائهن الخاصة من خلال تحليل الأخبار بأنفسهن”.

وقالت ريم كنجو – مديرة مركز نساء الآن” في شمال غرب مدينة سراقب في محافظة إدلب – مازالت المرأة مهمشة، ولكن هذه نتيجة طبيعية لنمو التطرف وانتشار الفصائل العسكرية في سوريا، وهذا الأمر مرحلة مؤقتة. وأضافت إن “الوضع سوف يتغير تدريجياً مع إصرار المرأة المستمر في أن يكون لها دور في صناعة القرار”.

المبادرة الأخرى هي شبكة غارديانز، التي تأسست من قبل مجموعة من الشابات في عام 2012، حيث توفر التدريب في مجال رعاية الأطفال في حالات الطوارئ – على سبيل المثال، كيفية التعامل مع الصدمات النفسية عند العديد من الأطفال الذين يعانون بعد التفجير.

كما تعمل المنظمة مع المعلمين في المدارس في الغوطة قرب العاصمة، وشمال غرب إدلب لتطوير المناهج الدراسية التي تأخذ في الاعتبار الحرب وتأثيرها على الأطفال.

“ساعدني عملي مع شبكة الغارديانز على تطوير المهارات الإدارية، وهي المهارات التي لم أتعلمها في الكلية”، قالت هبة، وهي طالب هندسة معمارية في السنة الرابعة في جامعة دمشق، اضطرت إلى ترك دراستها بسبب الوضع الأمني، خصوصاً الاعتقالات العشوائية عند نقاط التفتيش بين دمشق ومنزلها في دوما.

 

قالت هبة – أيضاً ليس اسمها الحقيقي – بأنها بقيت في المنزل لمدة خمسة أشهر قبل أن تنضم في النهاية إلى شبكة الغارديانز. ومنذ ذلك الحين لم تنظر للوراء. كما أضافت: “لقد لعب الصراع الحالي في سوريا دوراً ايجابياً في كسر الصورة النمطية للمرأة كربة منزل. أمام المرأة اليوم فرصة كبيرة ويجب عليها الاستفادة منها، خاصة بسبب عدد الرجال الذين فُقدوا في سوريا في ساحة المعركة والسجن والاختطاف”.

أيضاً المزيد من النساء يحاولن تغيير الأمور من خلال النشاط السياسي – وحتى في نشاطهن السياسي ضد الدولة الإسلامية (داعش).

في مدينة الرقة في شمال شرق سوريا، على سبيل المثال، أصبحت سعاد نوفل رمزاً لمقاومة الطغيان. في وقت سابق، كانت معارضة للنظام السوري. وفي وقت لاحق، واجهت تنظيم الدولة الإسلامية.

عندما خرجت المدينة عن سيطرة النظام السوري في آذار/ مارس 2013، ساهمت في تأسيس المجلس المحلي. وعندما سيطر داعش على المدينة وبدأ باستغلال السكان، تظاهرت سعاد نوفل بشكل يومي أمام مقرات التنظيم لأكثر من شهرين، داعيةً إلى الإفراج عن الأشخاص الذين اعتقلهم التنظيم.

منذ أن كانت معلمة معروفة في الرقة، نجحت في البداية في فتح حوار مع عدد من مقاتلي داعش الذين كانوا من طلابها السابقين، الأمر الذي أثار غضب القادة الأجانب في تنظيم الدولة. فمنعوا مقاتليهم من التحدث معها، ثم بدأوا في مضايقة وتهديد سعاد، وتم إصدار فتوى بإعدامها، الأمر الذي أجبرها على الانتقال إلى تركيا في عام 2013.

في تركيا، مع العلم أن وسائل الإعلام قامت بتغطية أنشطتها، إلا أنها بدأت إضراباً عن الطعام تضامناً مع المحاصرين في حمص والغوطة. في عام 2015، حصلت سعاد على جائزة  Czech Homo Homini لحقوق الإنسان.

توزيع مجلة "ياسمين سوري"

توزيع مجلة “ياسمين سوري”

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015