نعش الناشطة التونسية لينا بن مهني على أكتاف رفيقات الكفاح
نعش الناشطة التونسية لينا بن مهني على أكتاف رفيقات الكفاح

تونس/ وكالات & انترنت- بالشعارات ذاتها التي كانت لينا بن مهني تحملها وتدافع عنها من ساحة إلى أخرى، حُمل نعش الشابة على أكتاف النسويات وهنّ يودّعن “بنيّة تونسية”.. حتى جنازتها كانت تحمل ملامح ثورة.. لأول مرة، تحمل نساءٌ نعش امرأة وتكسرن تقليداً تاريخياً احتكره الرجال، فثبتنّ تمايزاً تونسياً مرة جديدة…

بينما يعتبر مجرد خروج المرأة خلف الجنازة أمراً غير مقبول  في كثير من البلدان العربية والإسلامية، فإن جنازة الثائرة التونسية لينا بن مهني جاءت معبرةً عن ثورة بدأتها بالمطالبة بالمساواة بين الجنسين. فلم تمش رفيقاتها خلف جنازتها بل حملنها على الأكتاف مودعينها بالزغاريد والهتافات القوية التي تدعو إلى مساواة المرأة بالرجل في الميراث.

رحلت “القرنفلة” أو “بنية تونس” التي ارتبطت في الأذهان بالثورة التونسية عام 2011، صباح 27 كانون الثاني/يناير عن عمر ناهز 36 عاماً وبعض صراع لسنوات مع مرض قصور الكلى. و وُريَت الثرى نهار أمس الثلاثاء في مقبرة الجلاز بالعاصمة تونس عقب جنازة “وطنية شعبية” مهيبة انطلقت من منزلها الكائن في منطقة الزهراء من ولاية بن عروس.

لم تكن جنازة بالمعنى المألوف وإنما مسيرة حقوقية بالمعنى الأدق إذ وقفت الرفيقات خارج المنزل يستقبلن خروج النعش بالزغاريد والتلويح بالياسمين، مرددات النشيد الوطني التونسي “حماة الوطن… نموت نموت ويحيا الوطن”.

وسرعان ما انطلقت الهتافات الثوريّة التي طالما ردّدتها لينا في حياتها، منها “مساواة مساواة للنساء” و”ماهيش (ليست) مسامحة… مانيش (لسنا) مسامحين” و”شغل حرية عدالة اجتماعية”.

جنازةٌ لا تشبه غيرها نظّمتها تونسيّات في رحيل الناشطة الشابة لينا بن مهني التي توفّيت جراء مرض عضال، فعمدت الرفيقات إلى حمل نعشها والهتاف للحرية لها، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في المجتمع التونسي.

وداع نسوي

“نعم لن نموت ولكننا سنقتلع الظلم من أرضنا”، “شغل حرية كرامة وطنية”، ودّعت تونس الناشطة لينا بن مهني (1983- 2020) بالشعارات ذاتها التي كانت لينا تحملها وتدافع عنها من ساحة إلى أخرى، من تظاهرة إلى اعتصام أو وقفة احتجاجية. حُمل نعش الشابة الجميلة على أكتاف النسويات وهنّ يودّعن “بنيّة تونسية”، وهو اسم مدونة بن مهني التي بدأت تكتب فيها قبل عام ثورة 2011 التونسية، مسلطة الضوء على فساد الدولة وانتهاكات نظام زين العابدين بن علي. كانت حياة لينا تحريضاً للتونسيين على حياة أفضل، تصان فيها حقوقهم وتُضمن حرياتهم في نظام جديد، يشبههم، ويشبه أحلامهم.

“كانت تزور الجرحى والمعتقلين وتدور على عائلاتهم. كانت لا تهدأ”، هكذا تقول فوزية، صديقة لينا بعيد جنازتها في العاصمة التونسية. ثم تضيف لـموقع ”درج”: “حاربت المرض والفساد. حاربت القمع والجهل. حتّى أنها قبل مدة قصيرة جمعت 45 ألف كتاب ووزعتها على السجناء. كانت فتاة رائعة”.

الصحافي مهدي الجلاصي، يحاول إخفاء تأثره حين يُسأل عن لينا، رفيقة درب النضال، يقول لموقع ”درج”: “لينا تميزت بعطاء غزير لا محدود، تنهي حصص علاجها من مرض القصور الكلوي في المستشفى ثم تخرج مباشرة نحو التظاهرات المناهضة للتعذيب أو من أجل حقوق جرحى الثورة أو من أجل رفيق معتقل. لم يمنعها جسدها النحيل من أن تكون طاقة نضالية لا تنضب. قبل الثورة كان الأمن يلاحقنا في شوارع العاصمة حين كنا نتظاهر ضد الرقابة على الإنترنت، وعلى رغم ظروف لينا الصحية الصعبة لم تعد إلى منزلها إلا بعد اطمئنانها علينا جميعاً والتأكد من أننا بخير”.

لينا بن مهني؛ أستاذة جامعية ومناضلة حقوقية، استطاعت أن تصبح رمزاً للثورة التونسية والحرية، فيوم كان التونسيون يُضرَبون ويُقمَعون في ساحات التظاهر في ظلّ تعتيم رسمي وإعلامي، كانت لينا توثّق بالفيديوات والصور ما يحصل في التظاهرات وتكتب مشاهداتها وترصد الأحداث الأليمة، حتى يعرف العالم أن في تونس شعباً يثور ويُعنَّف.

يُذكر أن الناشطة الراحلة لينا بن مهني رُشّحت لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2011، وحصلت على جوائز عدة، وكانت من بين أقوى 100 امرأة عربية عامي 2012 و2013.

كما حصدت جائزة ”شون ماك برايد” من المكتب الدولي للسلام، عام 2012 بالتشارك مع نوال السعداوي، وعلى جائزة ”مينيرفا” في 2012 واختيرت كأفضل مدونة في مسابقة “البوبز” عام 2011 من قبل ”دويتشه فيله”.

وكانت ضمن قائمة “أشجع مدوني العالم” وفق موقع ”ذي دايلي بيست” التي تضم 17 مدوناً، 14 شباط/ فبراير 2011 وحصلت على جائزة الصحافة العالمية من جريدة ”الموندو” الإسبانية.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

نعش الناشطة التونسية لينا بن مهني على أكتاف رفيقات الكفاح

نعش الناشطة التونسية لينا بن مهني على أكتاف رفيقات الكفاح

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015