وعد قاسم؛ فلسطينيّة تتحدّى البطالة بالفراولة المعلَّقة
برفقة والدها الذي يساعدها بعملها داخل المزرعة (الشرق الأوسط)

غزة/ aawsat- على الأطراف الحدودية لبلدة بيت حانون الواقعة شمال قطاع غزة، تنهمك الشابة وعد علي قاسم لساعاتٍ طويلة يومياً، في متابعة ثمار الإنتاج الأول لدفيئتها التي تختص بزراعة الفراولة المعلقة، والتي عكفت على تصميمها بعد حصولها على تمويل قبل عدة أشهر، وتقول في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «عائلتي كانت الداعم الأول لي في مشروعي، الذي لاقى استحسان الكثيرين، لا سيما بعدما بدأت تصدير إنتاجه للخارج قبل نحو شهر».

تخرّجت وعد قاسم قبل عامين في كلية الزراعة والبيئة، التابعة لجامعة الأزهر في غزة، حيث تعرّفت بتخصّصها على مختلف وسائل الزراعة الحديثة، وما يلزمها من إمكانات ومغذّيات طبيعية وأدوية لمكافحة الحشرات وغيرها، وتذكر أنها قضت نحو عام ونصف بعد تخرّجها بلا عمل، بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة نتيجة حصار الاحتلال المفروض عليه منذ أكثر من عشر سنوات، الأمر الذي أدّى لزيادة معدّلات الفقر والبطالة بين صفوف الشباب بشكلٍ خاص.

وعن منتج الفراولة الغزي تتابع حديثها: «الفراولة الغزّية تختلف عن غيرها من الموجودة في العالم، من ناحية الجودة والشكل والطعم، حيث إن كثيراً من الدول الأوروبية والعربية صارت في الفترة الأخيرة، من أهم الزبائن لدى المزارعين الغزّيين الذين يهتمون بزراعتها، سواء كان بالطريقة التقليدية أو حتى بالمعلَّقة المستَحدَثة».

تركّز قاسم التي خصّصت لها عائلتها مساحة تقترب من نصف الدونم (500 متر تقريباً) لأجل إتمام مشروعها على الزراعة بالطريقة المعلَّقة، كونها تعطي ثمراً وفيراً بتكلفة وجهد أقل، وتبيّن أن الدونم الواحد المزروع بالأسلوب الحديث المعلَّق، يعطي ثلاثة أضعاف الزراعة التقليدية، مشيرةً إلى أنّ تلك الطريقة تحتاج لتربة عضوية يتم إنتاجها من مخلفات زراعية، ولمياه غزيرة ومغذيات غذائية معيّنة، ويتم ريّها بطريقة التنقيط عبر أنابيب منتشرة، في كل الأحواض المزروعة.

وتروي الفلسطينية وعد لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتُ في إنجاز المشروع خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بعدما حصلت على تمويلٍ خاص من مبادرة يقوم عليها مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين، حيث هدفوا من خلالها للتقليل من نسب البطالة التي يعيشها الشباب في غزة»، مؤكّدةً أنها استعانت في البداية بالمهندسين المتواجدين في وزارة الزراعة وقدّموا لها الاستشارات الفنية اللازمة، كما أنها كانت حريصة على التواصل مع المُزارعين أصحاب التجارب في المجال ذاته، وحصلت منهم على معلومات كثيرة، ظهر أثرها في النجاح الذي حقّقه المشروع.

جودة منتجها العالي وأسلوبها المميز بالتسويق حيث تساعدها في هذه المهمة صديقتها المختصّة، كانا عاملين أساسيين ساهما في انضمامها لقائمة المزارعين المصدّرين لمحصول الفراولة عبر الحواجز التي تربط بين قطاع غزة ودولة الاحتلال، وتضيف: «يبلغ سعر الكيلو الواحد حين تصديره نحو 4 دولارات، بينما في السوق المحلية لا يتجاوز الدولارين في أحسن الأحوال، ولذلك نلجأ للتصدير، لمدن الضفة الغربية ولداخل دولة الاحتلال وللدول الأوروبية والعربية كذلك»، مكملةً: «يساعدنا هذا على الاستمرار في الزراعة، ويبعد عنا أمر الخسائر».

مستقبلاً، تتمنى الشابة أن تصبح قادرة على توسيع المشروع الذي يعتبر الأول على مستوى بلدتها الذي تديره فتاة، لتتمكن من تشغيل أيدي عاملة أكثر من الأربعة المتواجدين حالياً، وهم «أبوها وخالها وعمها وأخوها»، وتنوّه بأن نظرة الناس بشكلٍ عام تلحظ فيها الفخر، ولم تتعرّض قبل ذلك لأي انتقاد بفعل عملها هذا، وترجع السبب في ذلك لأنها تعيش في منطقة زراعية تشتغل معظم نسائها في المجالات الزراعية ويساعدن أزواجهن في جلب الرزق.

من جانبه، يقول الناطق باسم وزارة الزراعة أدهم البسيوني في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المشاريع وغيرها، تدلّل على إرادة الشباب الفلسطيني بشكلٍ عام، وعلى قدرة أهالي المناطق الريفية والزراعية بصورة خاصة»، لافتاً إلى أن محصول الفراولة الذي يبدأ قطفه في غزّة من بداية ديسمبر (كانون الأول) ويستمر حتى مارس (آذار)، يعتبر من الروافد الهامة للاقتصاد الفلسطيني المحلي، ورافعة حال ينتظرها المزارعون من العام للعام، حتى تعوّضهم بعض ما يتكبّدونه من خسائر تتعرّض لها محاصيلهم، بفعل الاعتداءات الإسرائيلية والمنخفضات الجويّة.

يُذكر أن مساحة الأراضي المزروعة بالتوت الأرضي الأحمر في قطاع غزة، تبلغ نحو 1800 دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) تتركّز معظمها في شمالي القطاع على مقربةٍ من حدود دولة الاحتلال، ويتوقّع أن يبلغ الإنتاج في هذا العام حدَّ الـ 5 آلاف طن، بزيادة واضحة إذا ما تمّت المقارنة بينه وبين العام الماضي، وبحسب كلامه فإن نصف الكمية المنتجة تقريباً سيتم تصديرها إلى الخارج، فيما سيظل الآخر للاستهلاك المحلي.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

برفقة والدها الذي يساعدها بعملها داخل المزرعة (الشرق الأوسط)

برفقة والدها الذي يساعدها بعملها داخل المزرعة (الشرق الأوسط)

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015