BBC عربي- تمّ انتخاب ليسيل هايس، البالغة من العمر 100 عاماً، لعضوية مجلس بلدة كيرشهايمبولاندن، في ولاية رينلاند-بالاتينيت غربي ألمانيا، وستُمثّل البلدة في البرلمان الإقليمي أيضاً.
وكانت هايس التي عملت مدرّسة رياضة سابقاً، قد دخلت عالم السياسة قبل بضع سنوات فقط من عيد ميلادها المئة.
وتختلف أهدافها وأفكارها عن تلك التي يتبناها من في عمرها، فهي تسعى إلى تحقيق الكثير من الأهداف المتعلقة بالشباب والأطفال والبيئة، وألهمت إرادتها القوية الكثير من الشباب للانخراط في الشأن العام. وهذه قصتها.
“لا تقُل تأخّر الوقت”
إذا كنت تعتقد أنّه فات الأوان لتحقيق حلمٍ كنت تسعى إليه، فسوف تغيّر رأيك بعد قراءة قصة ليسيل هايس التي أكملت عامها المئة. دخلت هايس مُعتَرك الحياة السياسية قبل بضع سنوات، عندما كانت تتحدّث عبرالميكروفون وتُطلق نداءات للحكومة من أجل إعادة فتح مسبح محلي أغلقته الحكومة وقتها، وقُطعت الكهرباء أثناء حديثها لئلا يُسمَع صوتها. فازداد إصرار هايس، المُدَرّسة المُتقاعِدة، على خوض المعركة من أجل مستقبل الأجيال الجديدة، وخاصةً في بلدتها التي لا يتجاوز عدد سكانها ثمانية آلاف نسمة.
وحصلت هايس (عضو في جماعة شعبية يسارية محلية تسمّي نفسها “كلنا من أجل كيرشهايمبولاندن”) على أكبر عددٍ من الأصوات في الانتخابات المحليّة التي جرت مؤخراً وستكون المتحدّثة باسم المجموعة في البرلمان الإقليمي.
وعندما بدأت بطرح أفكارها، لم يرغب أحدٌ بالاستماع إليها، لدرجة أنهم كانوا يقطعون الكهرباء حتى لا يُسمع صوتها بحسب ما قالت لوسائل إعلام ألمانية محلية. وقالت ضاحكةً في إحدى لقاءاتها: “أما الآن، فيأتي إليّ أشخاص من جميع أنحاء العالم للتحدّث معي. فمن يضحك الآن؟”.
“ألهمتني طفلة”
وقالت لموقعٍ إخباري أوروبي، إن حركة الشباب ومظاهراتهم في أسبوع البيئة، أعطتها شحنة أمل في المستقبل الذي لم يسمح الكبار للشباب باتخاذ قراراتٍ تخصّ مستقبلهم، وخاصةً الطفلة السويدية، ذات الـ 15 عاماً غريتا ثونبرغ التي خرجت وعبّرت بقوة عن رفضها لسياسات العالم في مجال البيئة.
وقالت: “إنه لأمرٌ رائع أن ترى أنّ الشباب لا ينتظرون الكبار لكي يفعلوا شيئاً ما”.
معجبة بماكرون وضدّ ترامب وبريكست
خلال حملتها الانتخابية، أبدت هايس إعجابها بخطط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي “يدعو إلى اتحاد أوروبي أكثر تكاملاً” وأبدت “امتعاضها من سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب” وانتقدت بشدّة مساعي بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقالت إنه لا علاقة لعمر الإنسان بالدعوة إلى التغيير السياسي، فهي دخلت الحياة السياسية بعد سن التسعين من عمرها في عام 2011، عندما أغلقت الحكومة المسبح المحلي “الذي كان مقصد الكثير من الشباب والأطفال”. وبالنسبة لها، تعدّ السباحة “أكسير الحياة”، إذ تسعى إلى إنشاء نادٍ ثقافي للشباب والأطفال من أجل قضاء وقت الترفيه.
وقالت: “لقد وُضع الشباب في المرتبة الثانية من حيث الأولويات”.
حياة شخصية
وقالت هايس التي كانت تعمل مدرّسة رياضة طوال حياتها، إنّ والدها كان يعمل في صناعة الأحذية، كما كان عضواً في مجلس البلدة أيضاً.
وتقول عن والدها: “في ذروة قوّة ألمانيا النازية، تحدّث والدي بكل جرأة وشجاعة عن اضطهاد النازيين لليهود وإحراق معبدهم، وهو الأمر الذي أدى به إلى السجن وإرساله إلى معسكرات الاعتقال”.
وتضيف: “ربما ورِثت بعض الشجاعة والجرأة من والدي، فالتفاحة لا تبعد كثيراً عن الشجرة التي حملتها”.
وتعيش هايس حالياً في منزلها الكبير الذي يضم مكتبةً كبيرةً جداً، ومعها أحد أبنائها الأربعة وحفيدها بعد أن توفّي زوجها منذ أربع سنوات.
وتقول هايس: “صحيحٌ أن السياسي يحتاج إلى رؤية سياسية وتفكير منطقي، لكنه يحتاج إلى أن يكون إنساناً أيضاً”.
وتنصح هايس الشباب بممارسة الرياضة بشكلٍ منتظم وجعلها من بديهيات حياتهم للتمتّع بصحة جيدة.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.