وكالات- انتشر هاشتاغ #MeToo أو “أنا أيضا” بسرعةٍ كبيرة على كافة مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن نشرت النجمة الأميريكية أليسا ميلانو تغريدةً على حسابها الخاص عبر تويتر. من خلال هذه الحملة النسائية دعت فيها ميلان النساء اللواتي تعرضن للتحرّش أو لاعتداء جنسي إلى كسر جدار الصمت.
وكانت الحملة قد أتت بعد أيام من نشر صحيفة “نيويورك تايمز” تحقيقاً يرصد اتهامات التحرّش الجنسي التي يواجهها المنتج واينشتين، استناداً لشهادات ممثلات وعاملات في مجال صناعة الترفيه، وتزايدت الأسماء عقب تفجير فضيحته، حيث برزت مجموعة من نجمات هوليوود تشجعّن على الإفصاح وكشف ممارسات واينشتين معهن، مُشعِلين بذلك فتيل قضيةٍ تداعت لها النساء بتصريحاتٍ مماثلة حول ما تعرضن له وحصل معهن من تحرّش.
وقد انتشر الهاشتاغ عالمياً ليرد في أكثر من مليون تغريدة خلال الأيام الماضية، حيث تفاعلت مئات آلآف النساء مع الهاشتاغ وتحدثن عن تجاربهن مع الاعتداء الجنسي أو تعرضهن للتحرش. كما سلّط الهاشتاغ الضوء على ظاهرة التحرّش والأثر النفسي الذي يتركه على من تعرّضن له. ويدعو الهشتاغ كل من تعرضت للتحرّش أو للاعتداء الجنسي للتكلّم عن تجاربها وعدم الصمت.
وفي العالم العربي، شاركت النساء في الحملة عبر الوسم الإنكليزي، وعبر وسوم “#أنا_أيضا” و”#أنا_كمان” و”#أناكمان”، وقصّوا تجاربهن مع التحرش والاعتداء، ولفتن إلى أن الجاني ليس بالضرورة غريباً، بل قد يكون من أفراد العائلة، ما يعقّد المشكلة أكثر. كما انتقدت النساء الثقافة المجتمعية في البلاد العربية التي تُحمّل الضحية مسؤولية ما تتعرض له من تحرّش واعتداء، عن طريق الإشارة إلى أنها مهدت الطريق لهذا السلوك عبر ملابس أو تصرفات معينة. واتفقن جميعهن على أن حلّ المشكلة يبدأ بتمكين الفتيات وتقويتهن وحثّهن على رفع الصوت عند التعرض لمثل هذه التجارب، وفرض قوانين مُشَدّدة لا تتساهل مع المعتدي.
وقد شاركت وتشارك في الحملة صحافيات وناشطات في العالم العربي، بالإضافة إلى جمعيات تُعنى بشؤون المرأة.
كثيرةٌ هي الحملات التي أطلقت محلياً وعالمياً لإدانة التحرّش الجنسي والتضامن مع ضحاياه وتشجيعهن على عدم السكوت أوالرضوخ. ذلك أنّ وسائل الإعلام والمنظمات المعنية بشؤون المرأة والكثير من الحملات المدنية حول العالم تبذل قصارى جهدها في سبيل التوعية وكسر حاجز الخوف لدى الضحايا وتشجيعهن على الكلام والإصرار على المواجهة قانونياً ومجتمعياً، مهما اختلفت حيثيات الواقعة وظروفها وتفاصيلها.
تحقيق هذا الهدف بغية الوصول إلى تطبيع مسارات الطرق والوسائل التي على الضحية السير فيها لناحية اعتبار التعاطي مع قضية التحرّش أمراً يدين فاعله أولاً وأخيراً، وإزالة أيّ تفسيرات وتساؤلات نمطية طالما تعرض إليها الضحايا، إن كان من منطلقات نفسية ذاتية أو من روادع اجتماعية ذات مفاهيم فضائحية تضفي عليها صفات مشينة أو مسببة لاستجلاب النقد واللوم والقلق والتوجّس والخوف للضحية، ليس بالأمر اليسير، خصوصاً لجهة التعاطي بذهن منفتح وإيجابي، كفكرة يجب إحلالها وتكريسها في الذهنية المجتمعية عموماً، مع ما يستلزمها من نزع صفات العار والشجب بكافة أنواعه، والذي عادة ما يشكّل عائقاً يمنع المضي بقضايا التحرّش والاغتصاب إلى نهاياتها المفترضة، التي من الواجب أن تكون واضحة المعالم بكشف سلوكيات الضحية وإنصافها وإدانة المعتدي، ما يستوجب تفكيك المنظومة الفكرية الذكورية الطاغية في العالمين الشرقي والغربي على حد سواء، رغم اختلاف النسب، والتي يجب العمل عليها بداية، بإنهاء السطوة والابتزاز والنفعية أو الترهيب، أو أيّة عوامل أخرى تتشكّل منها الظروف المشجعة أو المؤاتية للمتحرشين، ما يشكّل رادعاً ذهنياً لهم، يدفعم للتهيّب من كون أنه لن يكون هناك تستّر أو لفلفة أو طمر لمحاولاتهم أو أفعالهم، واستبدال النبذ بدل التواطؤ مع الجناة أياً كانت حالاتهم أو وضعياتهم أو مراكزهم.
من هذه المنطلقات بالذات أتت صرخة النجمة الأميركية أليسا ميلانو، التي قادت حملة #MeToo (أنا أيضاً)، ودعوتها النساء اللواتي تعرضن للتحرّش أو الاعتداء الجنسي إلى نشر تجاربهن ورواية قصصهن، عقب فضائح التحرش والاعتداء التي مارسها المنتج الهوليوودي البارز، هارفي واينشتين، بحقّ عشراتٍ من نجمات هوليوود على مدى 3 عقود، والتي أدّى الكشف عنها إلى ضجّة كبيرة في الولايات المتحدة والعالم. وفي حين ما زال واينشتين يصرّ على أن هذه العلاقات كانت بمحض إرادة النجمات، على الرغم من كل الاثباتات التي قدّمتهن العشرات ضدّه في التحقيقات.
كما دعت ميلانو الضحايا من النساء إلى إظهار وتبيان الحجم الحقيقي للمشكلة وإطلاع الناس على مدى معاناة النساء منها عموماً وفي عالم السينما بصفةٍ خاصة، الأمر الذي أدّى إلى عاصفة نسائية وتجاوب منقطع النظير، تفاعلت من خلاله آلاف النساء مع دعوة ميلانو في “تويتر” و”فايسبوك” من شتّى أنحاء العالم، وصولاً إلى العالم العربي، حيث تحوّلت الصرخة إلى حملة عالمية توحّدت فيها نجمات هوليوود مع بنات جنسهن حول العالم، وتحلقّن حول شعار “لن نسكت” كائناً من كان المتحرش، ومهما كان موقعه أو حجم نفوذه.
هذا التفاعل الملحوظ مع الحملة، من خلال مواقع التواصل، عكس تراكماً للوعي وإدراكاً لمخاطر السكوت وتأثيراته على الضحايا الحاليين والمحتملين، ما اعتبر استكمالاً وتجاوباً مع الحملات السابقة التي لعبت فيها مواقع التواصل دوراً كبيراً في هذا الإطار، لناحية توفير المساحة، وإفساح المكان الذي تلاقت فيه المطالب، وجعلت النساء يجتمعن على معاناتهن من خلال دعمهن لبعضهن البعض، وتأكيدهن بأنهن لسن وحدهن، بل هناك من يعاني مثلهن ويتفاعل معهن.