الأمم المتحدة تدعم جهود إنهاء العنف ضدّ النساء والفتيات في خضم أزمة كوفيد-19
أمينة محمد في مسيرة اليوم العالمي للمرأة 2020 في بابوا غينيا الجديدة

الأمم المتحدة- تشير التقارير الواردة من العديد من البلدان إلى أنّ القيود المفروضة على الحركة والعزلة الاجتماعية، إلى جانب زيادة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية تؤدي إلى زيادة العنف في المنزل.

تدعو الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عالمية فورية لإنهاء جميع أشكال العنف ضدّ النساء والفتيات في خضم طفرة عالمية تتعلّق بانتشار جائحة كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم.

أخبار الأمم المتحدة تحدّثت مع نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد حول هذه القضية، وما يتعيّن القيام به من جانب الحكومات والأمم المتحدة وغيرها لمنع هذا الانتهاك ومعالجته. وفيما يلي تفاصيل الحوار:

أخبار الأمم المتحدة: ما مدى خطورة العنف ضد النساء والفتيات الآن؟

أمينة محمد: قبل اندلاع هذا الوباء، أظهرت الإحصاءات أنّ امرأة من بين كل ثلاث نساء ستواجه العنف في حياتها. في بابوا غينيا الجديدة، التي زرتها الشهر الماضي للاحتفال باليوم الدولي للمرأة، كان المعدّل أعلى، بمعدل اثنتين من كلّ ثلاثة نساء.

ما يقلقني اليوم هو جميع النساء في جميع أنحاء العالم اللواتي يعانين أكثر الآن بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الإضافية الناجمة عن التحوّل الجذري بعيداً عن الحياة الطبيعية. هذا الضغط يؤدّي إلى زيادة خطر العنف. من الواضح أنه عندما يتم “حبس” النساء والفتيات في منازلهنّ مع شركاء مسيئين، فإنّ خطر تعرّضهن للعنف أكبر بكثير من أي وقت مضى.

لا يقتصر تصاعد العنف على دولة واحدة أو منطقة واحدة. توثّق التقارير الإعلامية زيادة العنف في جميع أنحاء العالم – من الأرجنتين إلى الصين وألمانيا وتركيا وهندوراس وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على سبيل المثال لا الحصر. وقد تضاعفت المكالمات في ماليزيا، وزادت في فرنسا بنسبة 32 %. وفي لبنان، تضاعفت المكالمات إلى خط المساعدة في آذار/مارس من هذا العام عما كانت عليه في نفس الشهر من العام الماضي.

وما يقلقنا هو أنّ هذه الأرقام تعكس التقارير فقط. عادةً ما لا يتم الإبلاغ عن العنف المنزلي بشكلٍ كبير. في حالة الحركة المقيّدة والخصوصية المحدودة، تجد النساء صعوبةً في الاتصال للحصول على المساعدة. لذا، فإن الاحتمال هو أنّه حتى هذه الأرقام لا تمثّل سوى جزء صغير من المشكلة. كما أنها تعكس البلدان التي لديها أنظمة إعداد التقارير. كما أنّ توافر البيانات ليس هو نفسه في كل مكان، ولا سيما في البلدان النامية.

أخبار الأمم المتحدة: ما مدى تعقيد هذا الوضع؟

أمينة محمد: نحن لا نشهد زيادة كبيرة في عدد النساء والفتيات اللاتي يتعرّضن للاعتداء فحسب، بل نشهد أيضاً تعقيداً أكبر فيما يتعلّق بالعنف الذي يُرتَكب. وتواجه النساء المشتبه في تعرّضهن للفيروس التاجي، ولكن بطريقة خاطئة، خطر طردهنّ إلى الشارع وسط الإغلاق. يستغل المعتَدون إجراءات العزل هذه؛ مع العلم أنّ النساء غير قادرات على طلب المساعدة أو الهروب. كلّ هذا يحدث في ظلّ خدماتٍ صحية واجتماعية تعاني من نقصٍ في الموارد، وتحوّلت لإدارة آثار وتبعات الفيروس.

كما أنّ منظمات المجتمع المدني، التي ربما ساعدت في السابق ضحايا العنف، غير قادرة على العمل. وغالباً ما تكون ملاجئ العنف المنزلي ممتلئة. مديرو هذه الملاجئ غير مجهّزين وخائفين من استقبال ضحايا جدد بسبب الفيروس.

أخبار الأمم المتحدة: ما الذي تمّ فعله حتى الآن؟

أمينة محمد: تقع على عاتق جميع الجهات الفاعلة مسؤولية التصرّف، من الأفراد إلى الحكومات، ومن الأمم المتحدة إلى قطاع الأعمال والمجتمع المدني. يجب أن يكون التصدّي للعنف القائم على نوع الجنس في صلب جميع خطط الاستجابة المحلية.

هناك إجراءات مبتكرة يجري اتخاذها تستحق الثناء وينبغي تكرارها. في الأرجنتين، على سبيل المثال، تمّ الإعلان عن الصيدليات كأماكن آمنة لضحايا الاعتداء حيث يمكنهنّ الإبلاغ عن حوادث العنف. وبالمثل، في فرنسا، حيث توفّر محلات البقالة هذه الخدمات، وتمّ توفير 20 ألف حجز في غرف الفنادق لأولئك النساء اللاتي لا يستطعن ​​العودة إلى المنزل.

وأعلنت الحكومة الإسبانية أن المرأة مُعفاة من الإغلاق في حال احتاجت إلى مغادرة المنزل بسبب سوء المعاملة. كما خصّصت كل من كندا وأستراليا تمويلاً للعنف ضدّ المرأة كجزء من خططها الوطنية لمواجهة التداعيات الضارّة لكوفيد-19.

أخبار الأمم المتحدة: ما الذي يمكن وينبغي فعله أكثر من ذلك؟

أمينة محمد: يجب على الحكومات الوطنية في جميع البلدان أن تكرّس تمويلاً في خطط استجابة كـوفيد-19 الوطنية لملاجئ العنف المنزلي، وزيادة الدعم لخطوط المساعدة، بما في ذلك خدمات الرسائل النصّية حتى يمكن الإبلاغ عن إساءة المعاملة بشكل سري، والدعم القانوني عبر الإنترنت والخدمات النفسية والاجتماعية للنساء والفتيات.

هذه هي الخدمات التي تُديرها، في كثير من الحالات، منظمات المجتمع المدني، والتي تحتاج الآن أيضاً إلى دعم مالي. يجب تحديد الملاجئ على أنها خدمات أساسية وإبقاؤها مفتوحة، مما قد يعني توفير خدمات رعاية الأطفال حتى يتمكن الموظفون من العمل. من الضروري أن تتاح هذه الخدمات، ويجب دمجها في الخدمات الأساسية الأخرى، مثل متاجر البقالة والصيدليات.

أخبار الأمم المتحدة: وماذا تفعل الأمم المتحدة؟

أمينة محمد: حيثما تقدّم الأمم المتحدة الدعم الإنساني، الذي يشمل بعض أفقر أجزاء العالم وأكثرها اضطراباً، فإنها تُعطي الأولوية لخدمات حماية النساء. وتدعو الحكومات إلى دمج التدابير المذكورة أعلاه في جميع خطط الاستجابة الوطنية. ومؤخراً، تبنّت الأمم المتحدة مبادرة Spotlight، وهي شراكة واسعة النطاق مع الاتحاد الأوروبي للقضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات.

من خلال هذه المبادرة، تقوم فرق الأمم المتحدة القطرية، جنباً إلى جنب مع الشركاء المعنيين، بتحويل البرمجة إلى السياق الحالي: إقامة الخدمات والحملات عبر الإنترنت، وزيادة الدعم لمنظمات المجتمع المدني في الخطوط الأمامية للاستجابة، وضمان بقاء ملاجئ العنف المنزلي مفتوحة، وتطوير برامج دعم الدردشة عبر الإنترنت والرسائل النصية.

وتهدف المبادرة أيضاً إلى زيادة الدعم الأساسي للمنظمات النسائية التي تقدّم الخدمات والتي تتعرّض لخطر التحوّل في أولويات التمويل.

في هذه الأزمة العالمية التي لم يسبق لها مثيل والتي لا يمكن التنبؤ بها، تظلّ الأمم المتحدة ملتزمة بحماية المرأة ودعمها أينما كانت في العالم.

أمينة محمد في مسيرة اليوم العالمي للمرأة 2020 في بابوا غينيا الجديدة

أمينة محمد في مسيرة اليوم العالمي للمرأة 2020 في بابوا غينيا الجديدة 

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015