الإصلاحات القانونية في عدة بلدان عربية وفوائدها على المجتمعات العربية
الإصلاحات القانونية في البلدان العربية

muwatin-vpn- شهدت عدة بلدان عربية إصلاحات قانونية في مسألة حقوق الجنسية المتساوية بين النوعين الاجتماعيين، الرجال والنساء، بين عامي 2000 و2010؛ مما انعكس بصورة إيجابية على المجتمعات العربية.

الإصلاحات القانونية

صادق البرلمان الجزائري على قانون الجنسية الجديد، والذي وقعه الرئيس في فبراير 2005، والذي يضمن القدرة المتساوية للمواطنين والمواطنات على منح جنسيتهم لأبنائهم/هن بغض النظر عن نوعهم الاجتماعي.

أما في مصر والتي صادقت أيضا مبكرًا على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام 1998 رغم تحفظها على المادة 9 (2)، والتي تدعو إلى تساوي قدرة الرجل والمرأة في منح جنسيتهم لأطفالهم قد قامت بإصلاح قانون الجنسية لديها في العام 2004، بعدما أعلن الرئيس في العام 2003 وجوب اتخاذ إجراءات للتعامل مع التمييز في القوانين. 

وأقر القانون الجديد حق المرأة في منح جنسيتها لأبنائها، كما سحبت مصر في العام 2008 تحفظها على المادة 9 (2) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وفي العام 2011 أعلنت الحكومة أن الأطفال من أم مصرية وأب فلسطيني سيحصلون على الجنسية المصرية شأنهم شأن غيرهم من أطفال المواطنين المصريين، جاء القرار تأكيدًا لحق جميع النساء المصريات في منح جنسيتهن لأبنائهن، والذي أقره القانون الذي جرى تعديله في العام 2004.

في العراق أيضًا، لم يكن يسمح القانون القديم والمقرّ في العام 1963 للنساء العراقيات بمنح جنسياتهن لأطفالهن، إلا إذا كان الأب مجهولاً أو لا يحمل جنسية. لكن العام 2006 شهد إصلاحًا للقانون أتاح للمرأة العراقية حق منح جنسيتها لأطفالها أسوة بالرجل، حال ولادة أطفالهن في داخل البلاد، أو ولدوا خارج البلاد لأب غير معروف أو عديم الجنسية خلال سنة واحدة من بلوغ الطفل سن الرشد، بعد تقديم طلب رسمي للسلطات. ورغم الثغرات في قانون الجنسية؛ إلا أن العراق حققت مكاسب كبيرة من التطور في مساواة المرأة بالرجل في حق منح الجنسية لأطفال. كما سحبت الحكومة العراقية تحفظها على المادة 9 في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام 2009.

عانت المغرب أيضا من قوانين تمييزية ضد المرأة؛ فرغم مصادقتها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام 1993؛ إلا أنها تحفظت أيضًا، كسائر البلدان العربية الموقعة، على المادة 9 (2). وفي العام 1999 وتحت قيادة الملك تشكلت لجنة العلماء لتقديم التوصيات المتعلقة بإصلاح قانون المدونة، كي تتوافق مع التزامات البلاد في مجال حقوق الإنسان، والقيم الإسلامية، وأقرت اللجنة والملك القانون العائلي الجديد الذي يكرس المساواة بين الجنسين. القانون الذي أقره البرلمان بالإجماع في العام 2004. كما شهد العام 2005 وبدعوة ملكية إلى إصلاح قانون الجنسية لتحقيق المساواة بين النوعين الاجتماعيين، والإصلاح الذي أقره البرلمان في العام 2007، والذي كرس قدرة المرأة على منح جنسيتها لأبنائها بالمساواة مع الرجل، والذي يعمل أيضًا بأثر رجعي، وليس منذ صدور القانون كعادة القوانين الجديدة.

عدّلت تونس أيضًا قانون الجنسية في العام 1993 للسماح للطفل من أم تونسية وأب أجنبي، الحصول على الجنسية في السنة التي تسبق بلوغه سن الرشد، من خلال تقديم طلب خطي موقع من والد الطفل ووالدته. وفي العام 2002 عدّلت الشرط أكثر للسماح لهؤلاء الأطفال بالحصول على الجنسية من خلال بيان تقدمه الأم بمفردها، إن كان الأب متوفيًا أو تخلى عن العائلة أو في حالة عجز. وفي العام 2010 عدّلت القانون مجددًَا استجابة لمطالب الحركة الوطنية للحصول على مساواة المرأة بالرجل في حقوق الجنسية، ليكرس التساوي في الحقوق بين جميع المواطنين بغض النظر عن جنسهم، في منح جنسيتهم لأطفالهم عند الولادة.

في اليمن، مرّ قانون الجنسية رقم 7 لعام 1991 بالعديد من التعديلات بين عامي 2003 و2010، حيث كرّس أحدث التعديلات حق المرأة اليمنية في منح جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل. في العام 2003 سمحت المادة العاشرة للمرأة اليمنية بمنح جنسيتها لأبنائها إن كانت مطلقة أو أرملة، أو هجرها زوجها غير اليمني، ليأتي العام 2008 ويشهد تعديلاً جديدًا في القانون يقرّ تلك المرّة بقدرة النساء على منح جنسياتهن لأطفالهن في حالة كان الأب مجهولاً أو لا يحمل جنسية، وفي العام 2010 أقرت الحكومة تعديلاً جديدًا يضمن حقوقًا متساوية للنساء مع الرجال في منح جنسياتهن لأبنائهن دون قيد أو شرط.  

فوائد الإصلاحات

للمساواة في حق منح الجنسية دون تمييز على أساس النوع الاجتماعي فوائد عدّة على المجتمعات التي تطبق المساواة؛ فقبل هذه الإصلاحات جاهدت النساء لتأمين تصاريح الإقامة لأبنائهن، بمن فيهم الأبناء الذين ولدوا ويقيمون في بلد أمهاتهن، إضافة إلى العبء المالي الذي تمثله تصاريح الإقامة، وتعيش العائلات في خوف من الترحيل. تلك الحالات تضع النساء وأطفالهن في حالة ضعف كبير؛ خاصة في حالات الطلاق أو وفاة الأب؛ فشكلت تلك الإصلاحات صمام أمان أمام تلك العائلات وأبناء المواطنات من أجنبي لعيش حياة كريمة آمنة في بلدانهم، بلدان أمهاتهم.

وشكّل التعليم أيضًا عبئًا كبيرًا على الأسر التي لا يتمتع أطفالها بالجنسية؛ فتتحمل كلفة عالية في التعليم والرعاية الصحية، ومن بعد تلك التعديلات القانونية يتمتع الطفل بما يتمتع به أقرانه في الصفّ الدراسيّ من تعليم ورعاية صحية بأسعار غير مبالغ فيها ولا تفوق عن قدرة أسرته.

للإصلاحات أيضًا عامل إيجابي في الحصول على العمل والحق في التوظيف، أصبحت كافة القطاعات متاحة أمام الأطفال والشباب الذين كانوا قديمًا يفتقرون إلى الحق في التعليم والرعاية الصحية. إضافة إلى انعدام -في أغلب البلدان- فرصتهم في التوظيف المناسب والفرص الاقتصادية المتساوية مع أقرانهم، الأمر الذي انعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد الوطني وتوافر الأيدي العاملة المحلية.

والأهم أن تلك الإصلاحات عززت الهوية وعمقت الاندماج داخل المجتمع؛ خاصة مع أطفال كانوا يشعرون بالإقصاء والتمييز والألم النفسي بسبب عدم قدرتهم في الحصول على جنسية الأم؛ فإن تعامل كأجنبي في وطنك لهو أمر مؤلم. تلك الإصلاحات عملت على تعميق الاستقرار والتنمية الوطنية في المجتمع؛ فنجد أن تسعة أهداف من أصل سبعة عشر هدفًا من أهداف التنمية المستدامة تتحسن بشكل مباشر من خلال حقوق الجنسية المتساوية بين الرجال والنساء، ومن بين تلك الأهداف:

  • القضاء على الفقر، حسن الحال والصحة، التعليم الجيد.
  • عمل لائق ونمو اقتصادي.
  • مدن ومجتمعات مستدامة.

تلك الأهداف والتي تخلق مجتمعات تتقدم، تتحسن بفضل الحقوق المتساوية في الحق في منح الجنسية.  

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

الإصلاحات القانونية في البلدان العربية

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015