عبدالله البشير/alaraby- يلعب الإعلام اليوم، تحديداً “البديل” منه، دوراً مهماً في نقل قضايا المرأة وتسليط الضوء على معاناتها، وخاصة المرأة السورية التي خاضت تجارب صعبة طوال الأعوام الماضية، وكانت المنظمات الإنسانية والمنظمات النسوية تختص بالدرجة الأولى بتقديم الدعم والتمكين لها، من دون الاهتمام الكبير بقضاياها إعلامياً.
لقد كان للإعلام دور ثانوي في إيصال صوت النساء. ومع استمرار معاناة المرأة السورية، انتقل الإعلام لممارسة دور رئيسي في دعم قضايا المرأة ومناصرتها، حتى برزت كفاعلة في المجتمع إلى جانب الرجل في جميع القضايا.
وعن ذلك الدور، تقول مديرة المشاريع في مؤسسة “روزنة” السورية الإعلامية، لجين حاج يوسف، في حديثٍ لـ “العربي الجديد”: “منذ العام الماضي بدأنا العمل على مشروع ضخم مدعوم من الأمم المتحدة، مقسّم إلى عدّة أجزاء، منها برنامج “أنتِ قدّها” ويبثّ كل يوم سبت صباحاً عبر الراديو وفيسبوك، ويتناول كيفية تمكين المرأة اقتصادياً ورفع صوت النساء في ما يخصّ قضايا العنف المُمَارَس بحقهنّ، إضافةً إلى التمكين القانوني، من خلال تفسير القوانين والتشريعات التي تحتاجها اللاجئات لحفظ حقوقهنّ على مختلف الأصعدة”.
وتضيف حاج يوسف أن “البرنامج يركّز على جانب الرعاية الصحية مع تخصيص رسائل إعلامية داعمة عبر البث الرقمي والإذاعي داعمة لهذه المحاور”. كما أشارت إلى أنّ المؤسسة تعمل على مشروع دعم المرأة بهدف دعم قضايا النوع الاجتماعي كأحد الأهداف الاستراتيجية، والتي تعمل على تحقيقها عبر المحتوى المنتج والمنشور عبر منصاتها المختلفة، مع الإيمان بضرورة التغيير في الواقع السوري، وأن جانباً من هذا التغيير لا يأتي إلا من خلال دعم حقوق النساء ومساندة مطالبهن – المحقّة – في المساواة والعدالة في الحقوق والحريات.
وبحسب حاج يوسف فإنّ “المشروع يهدف إلى التعريف بـ 25 امرأة من السوريات الرائدات في المجتمع، مع الحرص على تقديم نماذج من خارج الأسماء المعروفة في العمل المدني والنسائي، وتسليط الضوء على هذه الفئة العاملة بصمت لخدمة قضايا مجتمعها، وفي الوقت نفسه تحرص القائمات على المشروع ألا يكنّ وصائيات، فالمهم هو مساعدة النساء من خلال المجتمع الموجودة فيه بالشراكة مع الرجل”.
وعن أشكال الدعم المقدَّم للمرأة واستراتيجياتها، تقول حاج يوسف: “اتبعنا لتنفيذ هذا المشروع استراتيجية التمكين المجتمعي لدعم النساء، على اعتبار أن الرجل والمرأة شريكان وليسا ندّين في الحياة. وأثبتت التجربة على مدار العام نتائج مهمة جداً ولدينا نتائج ملموسة حققناها من خلال مساعدة السيدات اللواتي عرضنَ مشكلاتهنّ ضمن البرنامج، وأيضاً نلحظ تجاوباً وتفاعلاً عالياً ضمن مجموعة “أنت قدها” على فيسبوك والتي تضم الآلاف من النساء والرجال الذين يناصرون قضايا المرأة”.
كما تؤكّد أن الفريق نجح في زيادة عدد النساء المتابعات للمؤسسة نحو 30 بالمائة خلال أقل من عام. فاليوم النساء يتصلن بالبرنامج الإذاعي ويشاركن تجاربهن الحقيقية ومشاكلهن، فبات البرنامج بمثابة جسرٍ ما بين السيدات والمنظمات والجهات الداعمة لاحتياجاتهنّ، مع تقديم الاستشارات من أكثر من 100 خبير مختص.
ولا يقتصر العمل فقط على وسائل التواصل الاجتماعي، بل يتم الوصول إلى النساء السوريات داخل المخيمات في أكثر المناطق احتياجاً، وبالأخص المخيمات في الداخل السوري عبر شبكة مراسلي “روزنة”، كما تشير حاج يوسف.
وتبيّن حاج يوسف أنّ النساء اليوم في سورية هنّ من الفئات الهشة التي ظلمتها تداعيات السنوات التسع الماضية. ويشير آخر تقرير صدر عن صندوق السكان الأممي في شهر يناير/ كانون الثاني لهذا العام إلى أن 80 بالمائة من إجمالي النازحين هم من النساء والأطفال، وحوالي 25 ألفاً من النساء حوامل، وهذا الرقم من أصل نحو مليون شخص نازح. وتقدّر الأمم المتحدة أن حوالي 13 مليون شخص يحتاجون للمساعدة في جميع أنحاء سورية، منهم 3.4 ملايين امرأة وفتاة في سن الإنجاب.
وتعكس الصورة التي تنقلها وسائل الإعلام صورة المرأة السورية ودورها القيّم والحساس في المجتمع، فهي امرأة عانت وضحّت ونزحت وهجرت، والمساندة الإعلامية لها يجب أن تنتقل إلى عمل منظم طويل الأمد ولا تقتصر على حملات المناصرة المرتبطة بحدث، خصوصاً أنّ تلك المآسي التي تعيشها المرأة، بالإضافة إلى العنف القائم على النوع الاجتماعي والممارَس ضدّها، لا يزالان مستمرين.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.