wilpf- قامت رابطة النساء الدولية للسلام والحرية بتنظيم الاجتماع العام للمنظمات الشريكة في مشروع “حراك نسوي من أجل التغيير في سوريا” على مدى ثلاثة أيام سعيا لتأمين مساحة آمنة لهذه المنظمات النسوية السورية لمناقشة مواضيع مشتركة تتعلق بعملها. يأتي هذا الاجتماع استجابة لمطالب المنظمات الشريكة بلقاء أطراف ذات توجه فكري مشابه بغرض خلق فرص للتشبيك، ومشاركة التجارب، وتشكيل شراكات محتملة.
تمّ عقد الاجتماع في الفترة الممتدة بين ١-٣ من شهر تشرين الأول ٢٠١٨ في بيروت – لبنان بحضور ١١ منظمة من أصل ١٩ منظمة مشاركة في المشروع، كما حاول الاجتماع كسر حواجز العزلة المفروضة على ما تبقى من منظمات لم يتكمن أعضاؤها من السفر من خلال توفير خيار حضور افتراضي بواسطة الفيديو أتاح لـ ٦ منظمات المشاركة في النقاشات الجارية خلال الجلسات المختلفة في الاجتماع.
لقد أتاح هذا الاجتماع الفرصة للمنظمات الشريكة بمشاركة أفكارها بطريقة حيوية، كما مكنت الاستراحات التي تخللت الجلسات المشاركين/ات من التعرف على بعضهم/ن البعض والتشبيك سوية خارج الإطار الرسمي للاجتماع. كما تم عقد جلسات دعم نفسي-اجتماعي يومياً بالتنسيق مع سابين شقير، أحد مؤسسات مجموعة Clown Me In، وكان الهدف منها تخفيف من درجات الاحتراق المهني والنفسي المحتمل تواجدها لدى المشاركين/ات والسماح ببعض الفواصل المنشطة والتمارين المرحة بين جلسات النقاش المركزة.
عوضاً عن إشراك عنصر خارجي لتيسير الاجتماع، قرر فريق عمل مشروع “حراك نسوي من أجل التغيير في سوريا” منح هذه المهمة للشركاء/الشريكات كي يتولوا عملية توجيه النقاشات فيما بينهم/ن بما يتوافق مع المواضيع المفتاحية المرتبطة بمجالات عملهم/ن.
تمّ عقد أربع جلسات موضوعية خلال اليومين الأوليين من الاجتماع غطت شؤون الإغاثة الإنسانية والتمكين الاقتصادي للمرأة إلى المساواة من منطلق النوع الاجتماعي، ورفع مستوى الوعي حول الجنس القائم على النوع الاجتماعي، ومشاركة المرأة الفعالة في العملية السياسية وبناء السلام.
استعرض المشاركون/ات نشاطات المنظمات التي ينتمون/ين لها فيما يخص المواضيع الأربعة الأساسية المطروحة، الأمر الذي ساهم في توسيع دائرة النقاش لتشمل مواضيع أخرى ذات أهمية كالدور الذي لعبته منظمات المجتمع المدني السورية في تحدي الأطر النمطية ورفع مستوى الوعي بخصوص العدالة الجندرية ومكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، إضافة إلى تحدي منظمات المجتمع المدني للأجندة المفروضة دولياً بغية عكس احتياجات النساء على الأرض.
كذلك تم التطرق لما يعنيه بناء السلام من وجهة نظر القاعدة الشعبية وللعمل الذي قامت به منظمات المجتمع المدني المحلية بخصوص بناء السلام والتحديات التي واجهتها. كما كان موضوع مشاركة المرأة في العملية السياسية على المستويين المحلي والدولي حاضراً بشدة في نقاشات المشاركين/ات الذين/اللواتي ناقشوا/ن ماهية الممارسات الجيدة المطلوبة لتحقيق مشاركة فعالة للمرأة وكيفية تعزيز العمل الجاري حالياً لهذا الغرض وتعميق أثره. كما حضرت الاجتماع ديمة موسى، عضوة مؤسسة في الحركة السياسية النسوية السورية، وساهمت بمداخلات قيمة مستمدة من تجربة الحركة ، وشاركت رؤيتها للعبر المستفادة والأدوات المتوفرة للمجتمع المدني لإحداث تغيير في العملية السياسية.
أكّدت المنظمات الشريكة خلال الاجتماع على أهمية حضور المرأة ومشاركتها الفعالة على كافة الأصعدة، حيث عبرت خولة دنيا،عضوة في شبكة النساء السوريات، عن الحاجة الملحة لأدوار فعالة للنساء السوريات على الصعيد السياسي في قولها: ” إن التواجد الحالي للنساء في الفضاء السياسي غير كاف، يجب أن يتواجدن في أماكن صنع القرار، وسوف يبقى السؤال حول مكان المرأة مطروحاً، يمكن للمرأة أن تساهم في المجالس المحلية ، لكن ما يهم حقاً هو السؤال عن مدى فاعلية تواجدها”.
بينما أكدت ميليا عيدموني من شبكة الصحفيات السوريات على أهمية تواجد النساء على المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي قائلة: “إن التواجد الإعلامي مهم للنساء في الفضاء السياسي لكي يتمكن من التعبير عن آرائهن وإيصال أصواتهن، من خلال توفير المزيد من التدريبات العملية للنساء السياسات والمدافعات عن حقوق الإنسان للتعامل مع وسائل الإعلام واستخدام منصات التواصل الاجتماعي بطريقة فعّالة“.
في اليوم الثالث والأخير، تمت دعوة ممثلين/ات من سفارات كندا، والنرويج، وبريطانيا لحضور الاجتماع إضافة إلى مندوبين عن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بهدف دعم تعاون مشترك بين المنظمات العالمية ومنظمات المجتمع المدني المحلية من خلال خلق فرص للتشبيك، ومشاركة الدروس المستفادة والممارسات الفعالة، إضافة لمناقشة التحديات التي تواجه المنظمات السورية في الوقت الحالي.
من العوائق الأساسية التي تواجه معظم المنظمات الشريكة في المشروع هو استدامة ما يتم تقديمه من تمويل، والتغلب على هذا العائق هو أحد الغايات الأساسية لمشروع “حراك نسوي من أجل التغيير في سوريا”، تقول مديرة منظمة ضمة منال قويدر: “عند انتهاء مشروع معين، تنشأ فجوة في التمويل لحين طلب تمويل جديد مما يجعلنا بحاجة ماسة لاستدامة أكبر. ولذلك، نجبر على الاستجابة لأولويات المنظمات المانحة وتوجيه عملنا نحو قضايا لا تتفق بالضرورة مع ما نمتلكه من خبرات مما يولد احتراقا مهنيا ونفسيا لدى أعضاء الفريق ويؤدي لخسارة ما تم بذله من جهود. يتمثل الصراع باضطرارنا في بعض الأحيان لإيقاف العمليات الجارية على الأرض وتغيير سياساتنا لمجاراة ما هو رائج لجذب التمويل المطلوب”. وقد تم أيضا مناقشة محدودية التسجيل القانوني للمنظمات العاملة على الشأن السوري في دول الجوار كأحد العوائق التي تواجهها المنظمات.
قامت آنا براون، مستشارة الرابطة في مجال المتابعة والتقييم والتعلم، بتيسير جلستين من الاجتماع ناقش/ت خلالهما المشاركون/ات ما الذي تعنيه مصطلحات التمكين والصمود المرن بالنسبة لهم/ن ، وكانت المرونة والشغف الكلمتان اللتان رددههما الحضور لتوصيف ما يقومون/يقمن بفعله. عبرت مديرة منظمة النساء الآن د. مارية العبدة عن الموضوع بقولها: “لقد أبدينا جميعا مرونة وصمودا لولاهما لما كنا موجودات هنا اليوم. لقد كان إيماننا بما نقوم به والذي يتجاوز تنفيذ المشاريع، واعتمادنا على الثقة المتبادلة التي تتجاوز حدود التمويل من العوامل الأساسية لتحقيق ذلك”.
أضافت د.مارية العبدة بأن الشراكات التي تم بناؤها من خلال المشروع مع منظمات لا تختص حصرا بقضايا المرأة كان لها أهمية خاصة حيث مكن المشروع هذه المنظمات من استكشاف أجنداتهم النسوية والإعلان عنها بوضوح كما ساهم بتمكين النساء ضمن فرق العمل لتطوير أفكارهن والمضي بها قدماً.
حصل المشروع أيضا على تقييم إيجابي فيما يتعلق بالدعم التقني والتواصل وتصميم المشروع، حيث عبرت المنظمات الشريكة عن تقديرها العميق للنهج التشاركي الذي اتبعته الرابطة في كل مرحلة من مراحل المشروع، تقول ضحى عدي من منظمة سوا للإغاثة والتنمية: “الدعم الذي تلقته المنظمة من الرابطة كلن مختلفاٍ لأنه كان مبنياً على أساس احتياجات المنظمة ولم يكن جاهزا و مفروضا عليها. وهذا أمر مفيد لأنه في كثير من الأحيان يأتي المانحون أو الداعمون مع توقعات مسبقة موضوعة من قبلهم، الأمر الذي لا يتناسب مع السياق المحلي الذي نعمل ضمنه أو الحاجات التي نعلم أنها موجودة على الأرض. لذلك تمت أقلمة هذا التمويل مع عمل و حاجات المنظمة مما جعله مختلفاً ، لقد كان التمويل مرناً ومنحنا الوقت كأفراد عاملين في المؤسسة كي نتعامل مع النوع الاجتماعي وكيفية مراعاته داخل المنظمة وكيف ندرب الأفراد على مراعاته. بشكل عام ومن خلال عملنا مع داعمين مانحين كنا نلمس شيئاً من التلكؤ بدعمنا كأفراد عاملين داخل المنظمة ، الشراكة مع الرابطة فعلا كانت مدخل لعمل من نوع آخر من خلال الفريق مبني على خروجنا من إطار الصورة و رؤيتها من بعيد كيف نقوم بتأدية عملنا وكيف ننظر للأنواع الاجتماعية ومن المؤكد أنه منحنا المجال كي نفكر بين بعضنا البعض كمجلس إدارة والذي كان يركز في السابق على مواضيع أخرى لأن المانحين لم يراعوا ضرورة حصولنا على الوقت والدعم المناسب لاتخاذ هذه الخطوات بالمؤسسة”.
شاركت منظمة النساء الآن تقييمها للتدريب الذي أقيم حول تعميم منظور النوع الاجتماعي “لقد أفادت زميلتنا التي حضرت التدريب شخصياً بأن المدربتين كانتا ممتازتين وتمتعتا بأسلوب مميز مكننا للمرة الأولى من فهم كيف تم استغلال وتسيس المفاهيم والممارسات النسوية من قبل الاستعمار الأجنبي وسوف تقوم زميلتنا بدورها باستخدام هذه الفكرة خلال التدريب التي ستقدمه في مراكز المنظمة حول النوع الاجتماعي وحقوق المرأة.”
كذلك صرح عضو من منظمة الوفاء العاملة في إدلب والتي حضرت التدريبات عن بعد بسبب القيود المفروضة على السفر: “لقد كانت جلسات الدعم النفسي-الاجتماعي ذات فائدة كبيرة بالنسبة لنا، ونرغب بإقامة جلسات تدريب إضافية في منطقتنا كونها ساعدتنا في التأقلم مع الواقع الذي نعيشه. أما فيما يخص تدريبات الإعلام والتواصل، فقد كانت مفيدة وتفاعلية للغاية حيث مكنتنا من تعلم كيفية صياغة منشورات أكثر حساسية لجمهورنا المستهدف”.
بالمقابل، وبالرغم مما لمسته المنظمات الشريكة في المشروع من استجابة لحاجاتهم التنظيمية الخاصة، إلا أنها أشارت الى كون المشروع قصير المدة بشكل عام مما يصعب الاستدامة المرجوة. استجابة لهذه المخاوف فإن الرابطة سوف تواصل حشد التمويل اللازم لمتابعة هذا المشروع السباق من نوعه، آخذة بعين الاعتبار التقييم الذي تمت مشاركته طوال فترة المشروع وذلك بغية تطوير وتحسين المشاريع المستقبلية.