خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- عند بداية كل شهر تستعيد نهلة شُعلةَ غضبها، فالزوج مازال مُصِرّاً على الاحتفاظ ببطاقة الصرّاف الآلي التي تخصّ مرتَّبَها الشهري.
حاولت مراراً أن تطالبه بإعادتها لها، لكنه رفض.. وبإصرارٍ شديد. قال لها بأن أباه يفعل نفس الشيء ويحتفظ ببطاقة زوجته المصرفية أيضاً، وهو من يقبض لها راتبها ويتصرّف به؛ بذريعة أنهما “مُعيلي الأُسرة ولا فرق بينهما أبداً”.
سئمت نهلة من التذلّل لزوجها؛ الذي اعتاد على تفتيش حقيبتها، وكذلك جوالها.. وكان يتّهمها بأنها تُخفي عنه ما يُرسله شقيقها من ألمانيا.
زوج نهلة غير عاطلٍ عن العمل، ومورده المالي جيد، لكنّه يرى أن خطراً كبيراً يكمن في استلام النساء شخصياً لرواتبهن. ويُعارض فتح حسابٍ خاص باسم النساء، وخاصةً الزوجات.
غالباً ما يسخر زوج نهلة من ضألة راتبها وضَعفِ مردودها المالي. تردُّ نهلة حينها بالمطالبة الجِديّة بأن تستلمه بيدها ولو لمرة واحدة؛ طالما أن زوجها يراه شحيحاً ولايشكّل أي فائدة أو دعم لموارد الأُسرة التي يؤكّد الزوج مراراً وتكرراً بأنه المُعيل الوحيد لأُسرته.
اشتكت نهلة لزميلتها في العمل، ووصفت حال زوجها السعيد وهو يقبض راتبها من الصرّاف ويضعه في جيبه؛ رغم أنّ نهلة تكون معه حينها. لم يفكّر يوماً أن يدعَ لها الفرصة لكي تَعُدّ نقودها أو لمعرفة قيمة راتبها الشهري.
تجد نهلة نفسها بلاقيمة، ووجودها بلا أي معنى كلما تكرّر ذلك عند الصرّاف الآلي مطلع كلّ شهر.
تصنّف نهلة تصرّف زوجها ضمن فئة “العنف”. وترفض تحكّم زوجها بحياتها وبتفاصيلها الخاصة، وتتهمه بالاعتداء الصارخ على كينونتها وعلى حقّها بمواردها المالية.
لكنّها تخافه وتهابه. تخافُ صوته وسخريته وتحكّمه.. تخاف التشكيك الذي يكرّره بأنها غير جديرةٍ بالشراكة الأُسرية وبأنها كاذبة وتُخفي عنه كل المبالغ التي يُرسلها إخوتها.
مابين مطرقة عدم تمكين المرأة اقتصادياً، وحرمانها من عائدات عملها، مسافةٌ ضيّقةٌ جداً. لكنها تُعطي صورةً واضحةً عن التحكّم وفقدان الخصوصية كعنفٍ بالغ الأذى.