التوسعة النسائية داخل الائتلاف الوطني السوري
الائتلاف الوطني السوري

الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، اسم عريض لتشكيل سياسي ثوري، من المفترض أنه صوت الشارع السوري الثائر بعد مايقارب ست سنوات من عمر الثورة السورية، وصلة الوصل بينه وبين المجتمع الدولي، وممثله الشرعي سياسياً – كما يصنف نفسه بالطبع – وليس وفق تصنيف الشعب السوري، الذي لفظ الائتلاف وكل ما هو منتمٍ له، ولم يكل بمكياله مطلقاً، معبراً عن رفضه تمثيله أو شرعنة وجوده بإسقاطه مراراً وتكراراً على صفحات التواصل الاجتماعي افتراضيا، وفي شوارع سوريا وساحاتها واقعياً، إلا أن الائتلاف جعل أذناً من طين، وأخرى من عجين، مستمراً في إعطاء هيكله الشرعية في تمثيل شعب مكلوم لم يرق الائتلاف إلى أحلامه وآماله وتطلعاته.

ورغم جميع نقاط الاستفهام التي تحيط بالائتلاف وممثليه، وفضائح الصراعات والسرقات التي انبعثت رائحتها من أروقة فنادق اسطنبول، لم يرَ المجتمع الدولي خللاً في بنية هذا التشكيل الساقط حتماً سوى في عدد السيدات اللواتي ينضوين تحت جناحه، مطالبا بأهمية المسارعة إلى إتمام توسعة تضمن تمثيلا أكبر للنساء السوريات في داخله، بغض النظر عن كون هؤلاء النسوة ستحققن فاعلية حقاً في انضمامهن أم ستكن مجرد واجهات – فاترينات – للزينة، كي يرانا العالم أجمل بعيدا عن نظرات الاتهام بالتشدد والتطرف.

كيف بدأت القصة؟
دعا الائتلاف الوطني السوري، في نطاق الدائرة المقربة منه فقط ،وبشكل أقرب إلى السريّ منه إلى الدعوة المعلنة إلى رغبته استقبال ملفات ومعلومات شخصية من راغبات في الترشح لعضوية الائتلاف في إطار التوسعة النسائية الجديدة، حيث وصل للائتلاف 120 سيرة ذاتية في شهر أيلول الماضي، تمهيداً لعقد مؤتمر تحضيري يجمع جميع المرشحات ويهدف إلى تأسيس كيان نسائي رديف للائتلاف، يمثل المرأة السورية الثائرة، ويختار لاحقاً من تمثلها داخل الائتلاف الوطني، وذلك بحسب الإعلان الصادر عن الائتلاف.

إلا أن الائتلاف قد استبق المؤتمر التحضيري المعلن عنه في سقطة واضحة، وقام بتعيين عشر سيدات كعضوات جديدات في الائتلاف قبل أسبوعين من تاريخ المؤتمر واقحامهن ضمن المشاركات في المؤتمر ،وردنا منهن ثمانية أسماء هن:

  • ديمة الموسى
  • خولة العيسى
  • ربا حبوش
  • سلوى كتاو أكسواي
  • كفاح مراد
  • أمل شيخو
  • بسمة محمد
  • ميساء شعبان
    فيما بررت مديرة مكتب الأمين العام للائتلاف ليفر يازجي هذا التعيين الاستباقي بأن إعلان الائتلاف لم ينص على تعيين عضوات الائتلاف بعد المؤتمر، وأن المرشحات قد التبس عليهن فهم ذلك.

نص دعوة حضور المؤتمر التحضيري

عقد المؤتمر التحضيري لهذا التشكيل السياسي الجديد في الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الجمعة الموافق لـ 21/ 10/ 2016 واستمر ثلاثة أيام، بحضور المعيّنات الجديدات في الائتلاف وبلغ عددهم (8) من أصل (10) تم تعيينهن مسبقاً، أعضاء الائتلاف القدامى وبلغ عددهم (2)، إضافة إلى المشاركات اللواتي قمن بترشيح أنفسهن وبلغ عددهم (20)، كما شهد المؤتمر انسحاب أحد المشاركات، وتغييب نغم الغادري إحدى عضوات الائتلاف.

1)) أعضاء الائتلاف الجديدات:
1. ديمة الموسى
2. خولة العيسى
3. ربا حبوش
4. سلوى كتاو أكسواي
5. كفاح مراد
6. أمل شيخو

7.بسمة محمد

8.ميساء شعبان
2- أعضاء الائتلاف القديمات:
1. سهير الأتاسي
2. نغم غادري ( دعيت ولم تحضر )
3. سميرة مسالمة
3- المشاركات:
1. وضحة عثمان
2. نسرين الريش
3. لميس الرحبي
4. إيمان مسلماني
5. حنان البلخي
6. كبرياء الساعور
7. سميرة بدران
8. نجلاء الشيخ
9. ايفا رشدوني
10. سمية حاج
11. نور محمد
12. نور جزماتي
14. صفية علبي
15. لمى عنداني
16. ناريمان عكيش
17. بيداء الحسن
18. فاطمة الزهراء
19. فاطمة الحاجي

المنسحبة:
نور جزماتي

كما تم حضور سكرتيرة الامين العام للائتلاف ضمن المشاركات في اللجنة التحضيرية: ليفر يازجي، والأمين العام للائتلاف: عبد الاله الفهد الذي كان له الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، إضافة إلى اعضاء الائتلاف: ياسر الفرحان (حضر غالبا)، صلاح فارس (حضر دائما) ، عبد الأحد اصطيفو، بدر الدين جاموس ( حضر مرتين)، محمد رامي، سونير.

وتركز حضور أعضاء الائتلاف ( الرجال) على المراقبة وتسجيل جميع المواقف، صغيرة أو كبيرة، دون التدخل في النقاش الدائر بين السيدات المجتمعات إلا عند الضرورة.

كما تضمن المؤتمر التحضيري حضور منظمة IRI الأمريكية، وهي المنظمة الداعمة والممولة لمشروع الكيان النسائي الجديد -والتي سنأتي على تفصيلها لاحقاً -.

سقطة تشريعية وقع فيها أعضاء الائتلاف خلال المؤتمر التحضيري عند سؤالهم عن السبب الذي دفعهم لتعيين عشر سيدات قبل انعقاد المؤتمر، بتبرير ذلك بأنه تم اختيار أول عشر سير ذاتية وصلتهم بشكل عشوائي، دون النظر في كفاءة المعينات والأسس والشروط الواجب مراعاتها في تعيينهن، الأمر الذي إن صح كما رواه أعضاء الائتلاف ولم يكن لضمان السيطرة الائتلافية على التنظيم النسائي الوليد ، يخرج الائتلاف من دائرة حرجة ليضعه في دائرة حرجة أخرى، وينفي عنه صفة ” الأهلية ” في تشكيل جسم بطريقة أقل مايمكن أن تكون قانونية، فكيف له أن يكون مسؤولاً ومؤهلاً لإدارة أزمة سياسية على مستوى حرب شرسة ودول مجتمعة؟

وهنا لا بد من ذكر التبرير الثالث لما حصل بأنه وأثناء اجتماع أعضاء الائتلاف للتمديد لرئيسه الحالي أنس العبدة، استغل المجتمعون وجود ثلثي أعضاء الائتلاف، وتم فرض هؤلاء النسوة، امتثالاً للرغبة الدولية بوجود كوتا نسائية داخل أروقة الائتلاف الذي كان يضم قبل ذلك 4 سيدات فقط.

وهذا إن دل على شيء، يدل على استهتار وعشوائية أعضاء الائتلاف في طريقة تعاطيهم وتعاملهم مع أمور من المفترض أنها تخضع لمعاير ومقومات عدة.

د. سمية حاج نايف الدسوقي أكدت في حديث لـ مانشيت24 ما وصفته بالرؤية المشوهة للشرعية والديموقراطية التأسيسية والتمثيلية ،التي حاول الائتلاف فرضها على الكيان النسائي، وأسسه وأطروحاته ومشاريعه ورؤيته السياسية، التي يجب وأن تنجسم مع رؤى الائتلاف، كونه يعد نفسه المرجعية الوحيدة للكيان النسائي ،وهذا ما تجلى في الرؤية المقترحة في المشاورات التمهيدية التي تحضر للمؤتمر التأسيسي، والتي تتعارض مع ما طرحه الائتلاف سابقاً، في أنه لن يكون أكثر من داعم لوجستي ومناصر لغرض خروج هذا الكيان إلى النور، كما استنكرت جعل الهيمنة الكاملة لنساء الائتلاف ورجالاته، عبر حضورهم القوي والغالب ومحاولاتهم فرض الأجندات الخاصة بهم عبر زيادة عدد الممثلات عنهم بمسميات متعددة كعضوات الائتلاف الجديدات، و” المناصرات ” واللواتي تضمن وجوها نسائية تناصر الائتلاف ومتناغمة كلياً مع أطروحاته.

وأضافت: إن الائتلاف يسعى لضمان الأغلبية التي تمثله في الجهة التنفيذية للمنظمة النسوية، مما يجعل كل القرارات المتخذة في المنظمة مطابقة لما يريده الائتلاف ولما يُملى على الائتلاف، وإن كانت المنظمة ظاهرياً كيانا منفصلا عن الائتلاف وليست رديفا له كما هي في الواقع.

مئة وعشرون سيدة، من المفترض أن يشاركن في المؤتمر التأسيسي المزمع عقده في تاريخ من 2 إلى 4 كانون الأول 2016 قسمن على الشكل التالي:

  • 28 مشاركات في المؤتمر التحضيري ( اللجنة التحضيرية)
  • 50 مناصرات و ضيوف
  • أما بقية الـ 120 فسيتم توجيه الدعوة لهم على أساس موافقة 3 أعضاء من اللجنة التحضيرية.

معضلة الشرعية
معضلة الشرعية هي المعضلة المتمثلة في جميع الكيانات السياسية المنبثقة عن الثورة السورية أو الناطقة باسمها، ففي حين تلهث هذه الكيانات وراء اعتراف ودعم دولي، فإنهالا تعطي بالاً للشرعية القانونية المستقاة من الشعب أو -بتعبير آخر- من الشريحة المجتمعية الواسعة جدا التي يدعون تمثيلها ورعاية مصالحها سياسياً عبر الانتخاب الشعبي المباشر.

لقد أدى انعدام الديموقراطية داخل الائتلاف الوطني، والصراعات بين الكتل السياسية للهيمنة عليه، إلى فقدان الائتلاف لأبرز خاصية فيه وهي تمثيل الشعب السوري الثائر، ففقد هيبته في الشارع، وهيبته في المحافل الدولية، فضلا عن انعدام الحنكة السياسية والدراية الكافية لإدارة مشروع وطني بامتياز، فنرى الائتلاف منساقا خلف الداعمين، والدول الضالعة في عمق الصراع السوري، حتى صار الائتلاف واجهة غير شرعية للشعب السوري من جهة، وأداة في يد المجتمع الدولي من جهة أخرى تخضع لإملاءاته وأوامره، كموضوع التوسعة الذي كان في أساسه مطلبا أوروبيا ودولياً، مما جعل أية خطوة من قبل الائتلاف مرفوضة من قبل الشارع لعدم ثقتهم بهذا الكيان.

د. سمية حاج عبرت عن هذه النقطة أثناء حديثها، بتأكيدها على ضرورة انبثاق الكيان النسائي من رحم انتخابات نزيهة، عبر آلية للاقتراع ،تحدثت عنها لـ مانشيت24 وتضمنت طرح فكرة الدعوة المفتوحة للحضور والانتخاب بدون انتقاء أو حظر إلا للواتي لا يحملن قناعات واضحة مطابقة لثوابت الثورة،وذلك عن طريق الحضور الالكتروني المنضبط والانتخاب الالكتروني الموثق مع الحضور الشخصي لمن يرغبن ويستطعن على نفقة الجهة المانحة أو على النفقة الخاصة للمستطيعات، إلا أن الجهة المانحة المتمثلة بمنظمة IRI قد رفضت المقترح وكان ردها: من أراد أن يُنشئ منظمة على أسس غير الأسس التي نريدها فليمول هو وليعقد مؤتمره وليؤسس هو ما يريد، الأمر الذي ردت د. الدسوقي عليه قائلة: إن القدرات السورية الوطنية الذاتية قادرة على تمويل المؤتمر و التشكيل الديمقراطي للمنظمة النسوية المرجوة لأن هذا التمويل ليس كبيراً إذا اعتمد الحضور الالكتروني المنضبط مع الحضور الشخصي، وأتبعت: إن عدم قدرتنا على تمويل تشكيل كيان شرعي سليم لا ينبغي أبداً أن يدفعنا لتشكيل كيان ضعيف غير شرعي بحجة وجود التمويل لأن ذلك سيجعل أي ممول سواءً كان فرداً أو دولة أن يفعل ما يريد بالثورة ومؤسساتها بعيداً عن ثوابتها.

وفي سؤالنا لها عن رأيها الشخصي بمستقبل هذا الكيان طور الإنشاء، قالت: ” مستقبل هذا الكيان كمستقبل الائتلاف فلو كان للائتلاف بعد إنشائه مستقبل وإنجاز خلال السنوات الأربع من عمره لكان لهذا الكيان شيئا يذكر في مستقبله، إنه كيان بلا شرعية سيولد ميتا إن ولد وسيكون له مستقبل واعد مفيد لأجندات ورغبات الدول التي أنشأته وهي بلا شك بعيدة كل البعد عن أهداف الثورة السورية العظيمة، وأضافت: أنه سيحتل مكانا يملؤه بلاشيء من الجهود المتوقعة من المرأة السورية الثائرة. ”

من هي منظمة IRI الممولة للتنظيم النسائي الجديد؟
تأسس المعهد الجمهوري الدولي ” International Republican Institute ” واختصاره IRI بدعم من الكونغرس الأمريكي عام 1983، وهو معهد أمريكي يتشارك في عمله مع:

  • وزارة الخارجية الأمريكية
  • الوكالة الوطنية للديموقراطية
  • المعهد الديموقراطي الوطني للشؤون الدولية
  • المعهد الدولي لأنظمة الانتخابات

تتركز أهداف المعهد كما يعلن عنها في:

  1. بناء المنظمات السياسية والمدنية.
  2. صون نزاهة الانتخابات .
  3. وتعزيز الشفافية والمساءلة.

كما يركز المعهد على إنشاء وتنظيم ودعم الأحزاب والتنظيمات السياسية، مستهدفاً الدول المارقة في نظر الولايات المتحدة الأمريكية، ودول العالم الثالث، كما يشكل الشرق الأوسط في السنوات الماضية أرضاً خصبة لتحقيق أهداف المعهد وغاياته مستخدماً خلال عمله سلاحين اثنين” الديموقراطية والمرأة” ، المعهد ببساطة يستهدف شرائح معينة من خلال أنشطة ودورات تدريبية تتلخص في الحديث عن طرق الانتخاب وحرية التعبير والديموقراطية وتحرير المرأة العربية على الطريقة الأمريكية…الخ.

ويخلص متابعون مهام المعهد في نقطتين أساسيتين:

  1. إحداث الانقلابات على أنظمة الحكم غير المرغوب فيها أمريكيا
  2. السيطرة على الانتخابات، لتوجيه الناخب للمرشح الذي يريده المعهد ومن ورائه أمريكا.

ساهم المعهد الجمهوري الدولي بالعديد من الأنشطة في العراق على سبيل المثال، إبان الاحتلال الأمريكي، كما يشرف المعهد منذ عام 2005 وحتى الآن على الانتخاباتالعراقية، كما تم عام 2005 صرف دعم كبير لإنشاء أحزاب عراقية من خلال المعهد الجمهوري، فيما ساعد المعهد أيضا في إعداد أحزاب عشائرية للانتخابات، ويرعى المعهد الجمهوري عدة مؤسسات عراقية من أطياف متعددة، بغرض الإبقاء على الهيمنة الأمريكية على العراق.

إعلامياً أيضاً كان للمعهد دور كبير في إنتاج برامج حوارية ونشرات دورية لنشر الأفكار الجديدة وتسريبها إلى أدمغة الشعب العراقي.

بعد هذه النبذة المختصرة عن المعهد الجمهوري الذي يشرف الآن وبشكل كامل على إعداد الكيان النسائي الجديد، يمكننا القول ببساطة أن المعهد يهدف من إنشائه والإشراف المباشر عليه، إلى ضم شريحة نسائية تصاغ قراراتها بإملاءاته وتحقق ما ترغب الإدارة الأمريكية بتحقيقه تحت غطاء تمثيل المرأة الثائرة في سوريا.

وفي هذا السياق، علمت مانشيت24 من مصادر لها، أن ورش العمل التي أشرف عليها المعهد المذكور قد تمحورت حول آلية الانتخاب وطريقة اختيار المرشحين، وكيفية الاستفادة من المعارف ، الأمر الذي اعتبرته د.سمية الحاج استخفافاً بقدرات النساء السوريات اللواتي يملكن بلا شك القدرة التنظيمية والتنظيرية والتخطيطية للتحضير والتأسيس لمنظمتهن بدون هذا التدخل المهين.

وهذا نموذج عن الطريقة التي عملت بها الجهة المنظمة إضافة إلى أعضاء الائتلاف داخل الورش التدريبية:

قد تبدو هذه الغيمة المزركشة باللون الأحمر، للوهلة الأولى، عادية، كالقصاصات الورقية التي رأينا منها نماذج كثيرة بألوان أخرى، على جدران المدارس الابتدائية، إلا أن وجودها في اجتماع مؤتمر تحضيري لمشروع سياسي، من المفترض أنه يضم سياسيات، وأن النقاشات التي تدور فيه نقاشات سياسية تستهدف مشروع وطن يئن يومياً وينزف من دماء ابنائه رجالاً ونساءً، فهو أمر معيب، كما أن أسلوب الخطاب الموجه من قبل المدربين الأجانب إلى هؤلاء النسوة من المدلول النفسي، يعكس نظرة دونية تستهدف عقول هؤلاء المجتمعات، فما كان ينقص هذا الاجتماع سوى مجلة حائط تعرض في ختامه وتضم أسماء المتفوقات الأوليات اللواتي فهمن الدرس جيداً واجتزن اختبار كيفية المشاركة في العملية الانتخابية.

لا ننكر الحاجة الثورية، لنساء فاعلات سياسياً، عالمات بما يفعلن ، على قدر من الأهلية لتمثيل المرأة السورية بجميع تفاصيلها، وأهمية الوجود النسائي في الغمار السياسي، لتمثيل ليس المرأة السورية فقط، بل المجتمع السوري ككل، إلا أن الواقع السياسي الثوري، أو واقع المعارضة السورية، يستوجب علينا التفكير بشكل هذه المعارضة ككل، ومدى فاعليتها سياسياُ، وهيبتها دولياً، واحترامها محلياً وشعبياً، فضلا عن صحة تنظيمها إداريا وقانونياً، قبيل الخوض في تفاصيل أخرى، لا يمكن لها أن تولد من رحم الخطأ والنقص.

ولا بد من سؤال المرأة السورية الثائرة، عن مدى رضاها عن هذا التشكيل النسائي الجديد، ومدى تمثيل شخوصه لصوتها ومعاناتها، وهنا نعود لإشكالية الشرعية، المنفية عن المعارضة السورية والتشكيلات المتفرعة عنها، والسؤال موجه أيضا لنساء التشكيل الجديد، عن مايمكن أن يقدمنه للثورة السورية ونسائها، فهل ننتظر أثراً منهن يتركنه في طريق الثورة؟ أم أن التشكيل مجرد ذيل يكرس التبعية ليس إلا.

فيما يلي المذكرة المقدمة من د. سمية حاج نايف الدسوقي، وحصلت مانشيت24 على نسخة منها:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدات والآنسات المعنيات بالثورة السورية المباركة… ربما تناهى إلى أسماعكن إرادة الائتلاف إنشاء كيان نسائي يمثل المرأة السورية الثائرة، وكان قد أعلن في البداية أن دور الائتلاف لن يكون أكثر من داعم لوجستي ومناصر لغرض خروج هذا الكيان إلى النور، وأن هذا الكيان له أن يأخذ الاعتراف الدولي من الائتلاف حتى يبدأ العمل بشرعية وقوة.
لكن يا سيداتي الثائرات هذا الكلام تحول إلى رؤية مشوهة تنظر لهذا الكيان على أنه تابع ورديف للائتلاف، ويتمثل بالرؤية السياسية للائتلاف، ويعد الائتلاف المرجعية الكاملة للكيان الجديد، وليس للمرأة فيه دور حقيقي فعال، فضلا عن الإصرار الكامل على تهميش وتحييد عامة النساء السوريات الثائرات وإبعادهن عن المؤتمر التأسيسي لهذا الكيان بإرادة وعمد، وجعل الهيمنة الكاملة لنساء الائتلاف وعدد من رجاله المكلفين بإنشاء هذا الكيان، علما أن موعد انعقاد المؤتمر سيكون يوم 2-4/12/2016.
وقد حاولت أثناء انعقاد المؤتمر التحضيري أن أعمل جاهدة لإخراج هذا الكيان الهام بطريقة ديمقراطية شرعية تكفل له الاحترام والعمل بقوة لكن تمَّ إغلاق كافة المنافذ والأبواب في وجهي، لذلك تقدمت برسالة متبوعة بمذكرة توضح كل هذه الأمور، وتوضح الحالة الصحية التي يجب أن تكون قائمةً بدلا من هذه الحالة السقيمة التي لن تزيد الثورة السورية إلا ترهلا واعتلالا. ووضعت هذه المذكرة أمام كل الحاضرات للمؤتمر التحضيري والمنظمين له، وكانت الردود في مجملها سلبية، ومن البعض كانت الردود هجومية رافضة.
وأنا الآن أضع كل التفاصيل أمام المعنيات ليتم الاطلاع والنشر عسى أن يكون هناك تفاعل جمعي نسوي يجلب المصلحة ويدفع الأذى عن الثورة السورية المجيدة:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدات والآنسات الفاضلات: السلام عليكم ورحمة الله
– أكرر حرصي الشديد على نشوء كيان نسائي ثوري قوي يملك الشرعية والاحترام من كل أطراف المعارضة ومن كل الجهات والدول المعنية بالقضية السورية….
– وانسجاماً مع ما يليق بالمرأة السورية الثائرة وتضحياتها العظيمة الفريدة ووفاءً لها ولكل الذين ضحوا من أجل قيم هذه الثورة….وحتى نكون جميعاً مؤديات للأمانة التي يجب أن نحملها إذا كنا فعلاً ممثلات للمرأة السورية الثائرة.
– لكل ذلك فإنني أدعوكن جميعاً مرة أخرى إلى تبني مذكرة المبادئ الديمقراطية التي أوردتها لكنَّ سابقاً…وأن تروجن لهذه المبادئ بشكل مفتوح وأن تتمسكن بها وأن يكون الحد الأدنى لكنَّ أن يسحب الائتلاف كل اللواتي تم اختيارهن بغير انتخاب وأن يدع المهمة للسيدات المجتمعات في المؤتمر القادم.
– وأحب أن أشير مرة أخرى أنني لم أدخل معكنَّ في المؤتمر التحضيري وما بعده لأفشل أمراً فيه الخير والمصلحة للثورة والوطن وإنما لتثبيت ما أراه سليماً صحيحاً في الممارسة الديمقراطية ودورها في تحقيق الشرعية والهيبة وما يليق بنا….وإن اتهمت أنني متطرفة في هذا الاتجاه فهذه تهمة أتشرف بها بعيداً عن الأفكار الاستبدادية الموروثة أو المكتسبة مما يوافق فكر البعث أو فكر داعش.
– وأبلغكن أنني سأبدأ فوراً بما أدعوكن إليه في أمر نشر المبادئ الديمقراطية التي طرحتها….والنشر سيكون على أوسع نطاق حتى يصل إلى معظم مواقع المرأة السورية الثائرة مجموعات وأفراد… ومعه نشر فكرة ضرورة حضور هذه المبادئ في المؤتمر القادم…..وأرجو تجاوبكن ومساعدتكن العاجلة في هذا النشر الهام الضروري خدمة لثورتنا وناشطاتها وثوارها.
– وفيما يأتي أرفق مذكرة المبادئ في هذه الرسالة مرة أخرى:
مذكرة موجزة عن المنظمة النسوية الرديفة، تخص الأسس وطريقة التأسيس والشرعية والمبادئ الديمقراطية الأساسية الغائبة عنها:
– يتبين من كل الطروحات وورشات العمل والصياغات التمهيدية التي أنجزت وطُرحت في المؤتمر التحضيري وفي المداولات التي تلته على غرف التواصل المختلفة ما يأتي:
– المنظمة المزمع انشاؤها تستمد شرعية نشوئها من الائتلاف وهذا أمر يُفقدها أي شرعية شعبية أو ثورية أو ديمقراطية لأن الائتلاف أصلاً جهة مفروضة وغير منتخبة ويعاني أعضاؤه من فقدان الشرعية.
– الرؤيا المقترحة في المشاورات التمهيدية للمؤتمر تُظهر بوضوح وبالنص التبعية السياسية الكاملة للائتلاف.
– مما يُظهر ويُعزز التبعية الكاملة للكيان النسوي القادم للائتلاف هو برنامج المؤتمر “الأجندة” الذي يفتتح بكلمة لرئيس الائتلاف و يُؤكد على حضور عدد كبير من رموز الائتلاف السابقات واللاحقات كضيفات شرف تحت عنوان “مناصرات”.
– الشرعية التي يطرحها الائتلاف على أنه يملكها وسيمنحها للمنظمة النسوية هي شرعية اعتراف بعض الدول به وهذه ليست بشرعية مقبولة بل هي تبعية ترهق الثورة وتعطل مسارها لتحقيق ثوابتها, وهي باب لتدخل الدول الفاعلة الاقليمية والكبرى.
– أجندات معظم هذه الدول لا تحرص على ثوابت الثورة بل تساوم عليها وتفرط فيها أمام الدول الداعمة للنظام السوري.
– التبعية التي عليها الائتلاف ستُفرض على المنظمة النسوية وستُفرض كل الارادات الاقليمية والدولية عليها بنفس الطريقة.
– لقد تجلى في التبعية التي عليها الائتلاف فقدان الهيبة الثورية والاحترام المطلوب من قبل حكومات الدول المتنفذة تجاه أعضاء الائتلاف وهيئاته وتم تجاهل الائتلاف تماما في كل الاجتماعات الأساسية التي تم فيها الاتفاق على الأسس الجوهرية الخاصة بالمسألة السورية….وستكون هذه الصفة لاحقة بالمنظمة النسوية ولن تحقق أي هيبة أو احترام تجاه المنظمات والدول بما يليق بمكانة المرأة السورية الثائرة.
– المنظمة النسوية تعقد اجتماعاتها تحت رعاية وتمويل جهات أجنبية وتفرض هذه الجهات آراءها من خلال غطاء التدريب والتحضير.
– بعد حضوري لورشات العمل ومحاضرات التدريب التي قام بها المدربون والمدربات الأجانب تبين لي الاستصغار الذي يمارسه هؤلاء والفكرة الدونية التي يقدرون فيها قدرات النساء السوريات اللواتي يملكن بلا شك القدرة التنظيمية والتنظيرية والتخطيطية للتحضير والتأسيس لمنظمتهن بدون هذا التدخل المهين.
– يبدو أن الائتلاف لا يبدي الاحترام المطلوب للمرأة السورية فقام بتعيين تسع عضوات في الائتلاف قبل أول لقاء تمهيدي للنساء وهو استفزاز غريب وواضح خاصة وأن العناوين التي أدرجت لعقد المؤتمر النسوي القادم هي توسعة الائتلاف من خلال نشوء المنظمة النسوية واختيارها هي لمن يمثلها في الائتلاف عن نساء سوريا الثائرات.
– يبدو جلياً أن الائتلاف يسعى إلى التدخل ويسعى لربط المنظمة النسوية به وللسيطرة عليها وعلى قراراتها رغم ما هو معلن فوجود أغلبية يسعى لها في الجهة التنفيذية للمنظمة النسوية كفيلة بجعل كل القرارات المتخذة في المنظمة مطابقة لما يريده الائتلاف ولما يُملى على الائتلاف.
– ومن خلال المقترحات المقدمة حتى الآن لتشكيل الرؤيا الخاصة بالمنظمة نجد بندا يصر عليه البعض وهو أن المنظمة تلتزم بالرؤية السياسية للائتلاف وهذا يكفل التطابق مع الائتلاف في كل الأمور الأساسية.
– وهناك أمر أقرب للاستحالة بالعموم وهو أن تنشأ منظمة من رحم ائتلاف وتستمد شرعيتها منه ثم لا تكون تابعة له… هذا لم يحصل في السابق في أي تجربة مماثلة في العالم.
– لقد سعيت حثيثا في المؤتمر التحضيري إلى لفت الانتباه إلى قضية الشرعية اللازمة لنجاح المنظمة وطرحت فكرة الدعوة المفتوحة للحضور والانتخاب بدون انتقاء أو حظر إلا اللواتي لا يحملن قناعات واضحة مطابقة عن ثوابت الثورة.
– وقد وضعت حلولاً لكل المشكلات والمعوقات التي يمكن أن تعترض تطبيق هذه الفكرة واستمديت من تجربة طُرحت عام 2012 في الحضور الالكتروني المنضبط والانتخاب الالكتروني الموثق مع الحضور الفيزيائي لمن ترغب وتستطيع على نفقة الجهة المانحة أو على النفقة الخاصة لمن يستطيع.
– طرحتُ هذه الفكرة على الجهة الداعمة ولم يكن هناك أي قبول لها مما يدل على أن هذه الجهة غير حريصة أبداً على نشوء كيان ديمقراطي حقيقي في جهة المعارضة السورية….وكان جوابهم من أراد أن يُنشئ منظمة على أسس غير الأسس التي نريدها فليمول هو وليعقد مؤتمره وليؤسس هو ما يريد.
– ومما لا شك فيه أن القدرات السورية الوطنية الذاتية قادرة على تمويل المؤتمر و التشكيل الديمقراطي للمنظمة النسوية المرجوة لأن هذا التمويل ليس كبيراً إذا اعتمد الحضور الالكتروني المنضبط مع الحضور الفيزيائي.
– ومع ذلك فإن عدم قدرتنا على تمويل تشكيل كيان شرعي سليم لا ينبغي أبداً أن يدفعنا لتشكيل كيان ضعيف غير شرعي بحجة وجود التمويل لأن ذلك سيجعل أي ممول سواءً كان فرداً أو دولة أن يفعل ما يريد بالثورة ومؤسساتها بعيداً عن ثوابتها.
– طبعاً إذا استطاعت أي منظمة نسوية أن تنجح في التأسيس على الأسس الصحيحة وأهمها أن تحظى بشرعية الانتخاب فستجد مقاومة ومعارضة ومواجهة مستنزفة من قبل أي منظمة تنشأ تابعة للائتلاف ومرعية من الجهات الممولة والدول .
– لذلك فإن تمرير نشوء منظمة تابعة وفاقدة للشرعية سيصنع عائقا ضخماً أمام أي تجربة تليها تعتمد الأسس الصحيحة وستخنق المنظمةُ التابعةُ الممولةُ بسهولة أي منظمة أخرى عندها الشرعية الديمقراطية.
– وفي غياب الممارسة الديمقراطية في تأسيس هذا الكيان برزت آفات كثيرة منها المحاصصة التي كُرست أصلاً في تشكيل الائتلاف و أطلت برأسها بشكل مباشر وغير مباشر في المشاورات التحضيرية لمؤتمر المرأة القادم.
– لذلك كله فإن مسؤولية كبيرة ستقع على عاتق المشاركات في مساعدتهن على نشوء منظمة تابعة للائتلاف والدول وغير منتخبة.
– وملء الفراغ بكيان غير شرعي مسلوب الإرادة سيعطل نشوء كيان شرعي فاعل قادم….وفي تجربة المجلس الوطني عبرة حيث حطمه الائتلاف بسبب اعتراف الدول وتدخلها رغم أن المجلس الوطني يحظى بشرعية بسيطة وهي لافتات الداخل “المجلس الوطني يمثلني”.
– لم أجد أي حماسة لفكرة الدعوة المفتوحة والانتخاب الديمقراطي الحر المفتوح من قبل المشرفين على المؤتمر التحضيري من أعضاء الائتلاف والعاملين معهم مما يشير إلى أنهم يريدون أن تصاب المنظمة النسوية بنفس دائهم “فقدان الشرعية”.
– إن فقدان الشرعية الانتخابية الديمقراطية والإصرار على التبعية يجعل الكيان مخترقاً من أجهزة استخبارية عديدة وهذا يحط من منزلة المنظمة النسوية وقدرها وصفتها النسوية و الثورية.
– إنّ تغييب الشرعية والممارسة الديمقراطية واستبدالها بتجربة انتخابية محدودة مغلقة ومنتقاة في المؤتمر القادم لهو أمر فيه استخفاف بمكانة وقدرات المرأة السورية الثائرة وأي دعاية توهم أن هذه المسرحية المجزوءة هي البديل لهي مزيد من الاستخفاف والإهانة.
– في المجال السياسي تبرز مخاطر عديدة يمكن أن تتورط فيها المنظمة النسوية إذا تابعت الائتلاف ونسقت مواقفها معه ومنها الموافقة على فصل الفصائل المقاتلة وفرزها كما تريد أميركا وفي ذلك تصديع للصف المقاتل ونفور شديد سيكون من قبل الثوار جميعهم في الداخل تجاه المنظمة وربما أكثر من ذلك, وهناك تصريحات عديدة لرئيس الائتلاف الحالي وغيره بهذا الاتجاه الخطير المؤذي للثورة وصمودها.
– وفي موضوع المفاوضات والتسويات السياسية المقبلة هناك اشارات واحتمالات واردة أن يستجيب الائتلاف لإرادات الدول وضغوطها لما تريد من ابقاء لبشار الاسد في السلطة لفترة انتقالية أو أكثر من ذلك, والائتلاف لطبيعة تكونه وارتباطه وتبعيته لن يستطيع الرفض والإصرار, والتبعية السياسية للمنظمة النسوية سيوقعها في نفس الاستجابة والمأزق خاصة أن هناك نصاً مقترحا في رؤيا المنظمة النسوية يعتبر الائتلاف مرجعية للمنصة في سياستها العامة و في نشاطاتها الأساسية.

الائتلاف الوطني السوري

الائتلاف الوطني السوري

عن موقع “السيدة” حيث تمّ نشر التقرير نقلاً عن حملة “شريكة حياة”

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015