الجندر & تفشّي فيروس كورونا …
Coronavirus and Gender

Julia Smith/thinkglobalhealth (ترجمة: نوار سعيد/ شبكة المرأة السورية)- يواجه واضعو سياسات الصحة العامة سلسلة من الأسئلة حول تفشّي فيروس كورونا (كوفيد 19)، معظمها ذو طبيعة علمية وتقنية لاحتواء تفشي المرض؛ مثل: ما مدى العدوى؟ كم من الوقت يحتضن الجسم الفيروس قبل أن تظهر عليه أعراض المرض؟ وهل يمكن أن ينشره الأشخاص الذين ليس لديهم أعراض؟

لكن هناك أسئلةٌ أخرى بدون إجابة، وتحتاج أيضاً إلى معالجة. ولكن نادراً ما يتم طرحها.

توضح هذه المقاربة أنّ محاولات مواجهة تفشّي المرض تفشل باستمرار في توظيف التحليل الجنساني بشكلٍ هادف. هذا على الرغم من الأدلة الكبيرة من باحثين آخرين على أنّ عدم المساواة بين الجنسين؛ يؤدّي إلى تفاقم تفشّي المرض، والأبحاث التي لا تتضمن التحليل الجنساني تفاقم عدم المساواة.

لكن في مجال الفيروس التاجي هناك فرصةٌ لكسر هذا القالب من خلال دمج التحليل الجنساني على الفور. ويطرح التحليل الجنساني تساؤلاً مفاده: كيف تؤثّر الأدوار والهويّات المبنية اجتماعياً على قابلية التفشّي وتجاربه؟

ففي الوقت الذي ينصبّ التركيز على الاختلافات بين النساء والرجال وبين الفتيات والأولاد، يتم دمج أوجه عدم المساواة المتعلّقة بالعرق والجنس والدين. ويبدأ التحليل الجنساني بطرح مثل الأسئلة التي سترد أدناه، تماماً كما هو الحال مع الأسئلة الأكثر تقنية التي يتم طرحها حول فيروس كورونا نفسه.

فيما يلي قائمة بأنواع أسئلة التحفيز التي يجب طرحها من أجل اتخاذ نهج جنساني تجاه الفيروسات التاجية، وتحسين النتائج للأشخاص المصابين بالفيروس، وإنقاذ الأرواح:

هل يتم تصنيف البيانات حسب الجنس؟ هل هناك فرق من حيث معدّلات العدوى والوفيات؟ إذا كان الأمر كذلك، فما هي العوامل البيولوجية والاجتماعية التي تسبّب ذلك؟

أدى التأخير في نشر البيانات المصنَّفة حسب الجنس خلال تفشّي فيروس إيبولا في غرب أفريقيا في الفترة بين عامي 2014-2016، إلى نقاشات غير ضرورية حول ما إذا كانت النساء أكثر عِرضةً للإصابة بهذا الفيروس من الرجال أم لا. وقد كانت هذه المناقشات سلبية؛ لأنّها أخّرت الجهود لمعالجة السؤال الأكثر مركزيةً حول كيفية معالجة عدم المساواة بعد انتهاء التفشّي.

تشير البيانات حول تفشّي وباء إيبولا الحالي في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى أنّ ثلثي الأشخاص المصابين هم من النساء. وتُعزى معدّلات الإصابة المرتفعة هذه إلى المسؤوليات الاجتماعية للمرأة كمقدّمة للرعاية، وبسبب نقص الثقة بمقدّمي الخدمات الصحيّة من الذكور غير المتخصصين.

يحتاج متخذو القرار وصانعو السياسات إلى أخذ هذه العوامل في الاعتبار، إذا كانوا يريدون الوصول إلى الأشخاص الأكثر عِرضةً لخطر العدوى والأكثر احتياجاً إلى الرعاية.

من يقوم برعاية المرضى في أماكن الرعاية الصحيّة الرسمية وفي المنزل؟

ربما تكون في الغالب من النساء.. توفّر النساء غالبية الرعاية المنزلية، وتشكّل غالبية القوى العاملة الصحيّة العالمية. إذا افترضنا أنّ النساء يقدّمن غالبية الرعاية، فيجب توجيه غالبية الدعم والخدمات وفقاً لذلك، مما يؤدّي إلى السؤال التالي.

هل يتم تعويض من يعتني بالمرضى (معظمهم من النساء) بشكل عادل؟

في جميع أنحاء العالم، تحصل العاملات في مجال الرعاية الصحيّة على أجورٍ أقلّ من الرجال في نفس المجال. وكثيراً ما تتفاقم حالات عدم المساواة هذه أثناء الأوبئة عندما يُطلب من العاملين الصحيين العمل لساعاتٍ أطول وعندما تصبح الموارد شحيحة. كما تتطلّب مسؤوليات الرعاية الإضافية للمرأة، مثل رعاية الأطفال، دعماً إضافياً أيضاً.

أفادت الممرضات العاملات في هونغ كونغ، أثناء تفشّي مرض السارس، بدفع أثمانٍ شخصية باهظة وتمزّقهنّ بين المسؤوليات الشخصيّة والمهنيّة.

من يتخذ القرارات بشأن التعامل مع الفيروس؟

ربما يكون معظمهم من الرجال، ومن المرجّح أنّ هؤلاء الرجال يمثّلون المجموعة الاجتماعية المُهَيمِنة. على سبيل المثال، أعلن الرئيس دونالد جيه ترامب مؤخراً عن فرقة العمل الرئيسة للفيروس التاجي المكوّنة من اثني عشر رجلاً، أحد عشر منهم من القوقاز. كما وجد تقرير الصحة العالمية 50/‏50 لعام 2019 أن 72% من الرؤساء التنفيذيين في الصحة العالمية هم من الرجال.

لا يتم دمج قضايا المساواة بشكلّ هادف إلّا في حالات الطوارئ؛ عندما تكون النساء والفئات المهمَّشة قادرة على المشاركة في صنع القرار.

كيف ستتأثر مجموعات مختلفة من الناس، وخاصة المجتمعات المهمَّشة، بالتمييز المرتبط بتفشّي المرض؟ كيف يمكن مواجهة هذا التمييز؟

كما لاحظ أحد الكتاب فيما يتعلّق بالفيروس التاجي الجديد، يمكن أن ينتشر التمييز بسرعة أكبر من الفيروس نفسه. في كندا، هناك تقارير عن التماسات الآباء لمنع الأطفال الذين سافروا إلى الصين من المدرسة. وكذلك الأخبار في أستراليا تحذّر المستهلكين لتجنّب “المنتجات الصينية”.

وبالنظر إلى انخفاض خطر الإصابة بالعدوى في هذه البلدان، فإنّ ردود الأفعال فيما يخصّ كراهية الأجانب تشكّل التهديد الأكثر إلحاحاً على الصحّة العامة.

هل هناك مجموعات محدّدة، مثل الأقليّات الضعيفة، قد تتجنّب المراقبة والاختبار والرعاية بسبب عدم الثقة في الحكومة و/أو خدمات الرعاية الصحيّة؟ كيف يمكن الوصول إليها وحمايتها؟

في الثمانينيات، وخلال الأيام الأولى لوباء فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز في أمريكا الشمالية، كان العديد من الأشخاص الأكثر عِرضةً للخطر يخشون الخضوع للفحص أو التماس الرعاية؛ بسبب عدم الثقة في مؤسسات الصحّة العامة، التي كانت تعتبر في السابق المثليّة الجنسيّة مرضاً. هل هناك مجموعات مهمَّشة في المناطق المتأثّرة بالفيروس التاجي، والتي قد تكون غير واثقة بالسلطات الحكوميّة؟ كيف يمكن الوصول إليهم وكيف يمكن ضمان حقوقهم؟

هل يتمّ تلبية احتياجات الصحّة الجنسيّة والإنجابيّة؟

أثناء تفشي فيروس إيبولا في غرب أفريقيا، تمّ إغلاق عيادات صحّة الأمهات، حيث تمّ تحويل الموارد إلى مواجهة تفشّي الفيروس. ونتيجةً لذلك، ارتفع معدّل وفيات الأمّهات في المنطقة، وهو بالفعل واحدٌ من أعلى المعدّلات في العالم، بنسبة 70 في المائة.

وتتضمن الأسئلة التي يجب طرحها حول التفشّي الحالي؛ ما إذا كانت النساء الحوامل في مناطق الحجر الصحي، تحصل على الرعاية؟ هل الإمدادات الجنسيّة والإنجابيّة، مثل وسائل منع الحمل، متاحة بسهولة؟

إنّ طرح أسئلة مثل هذه والإجابة عنها الآن – في خضم تفشّي الفيروس التاجي بدلاً من انتظار الانتقادات بعد الوفاة التي ستتبع بالتأكيد – سيحسّن فعّالية الاستجابة ويعزّز المساواة بين الجنسين، بدلاً من تفاقم عدم المساواة.

ويمكن أن يؤدّي دمج التحليل الجنساني على جميع مستويات مواجهة تفشّي الفيروس إلى إنقاذ الأرواح على المدى القصير ومعرفة أفضل الممارسات للأوبئة الناشئة في المستقبل.

إن عدم طرح مثل هذه الأسئلة الآن قد يدفع البشرية لتحمّل تكلفة كبيرة – وتكلفة تتحمّلها النساء في المقام الأول.

Coronavirus and Gender

Coronavirus and Gender 

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015