الزلزال يضاعف من محنة السوريّات
الزلزال يضاعف من محنة السوريّات

وكالات- تواجه النساء خلال الكوارث مشاكل مختلفة عن تلك التي تواجه الرجال. وتشكو الناجيات من الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، من عدم مراعاة الجهات التي تقدم المساعدات لاحتياجات النساء بعد الكارثة مباشرة، إذ أُجبرن على السكن في ملاجئ مكتظة مما جعلهن يشعرن بالقلق على سلامتهن وسلامة أطفالهن.

ويُعدُّ الافتقار إلى دورات المياه المنفصلة للنساء والمنتجات الصحية ومرافق الغسيل والمرافق الخاصة بصحة الأم من بين أولى المشاكل التي تواجهها الناجيات في سوريا وهن يحاولن تجاوز الكارثة. كما يُعدُّ الوصول إلى أماكن آمنة لإعادة بناء حياتهن تحدّياً كبيراً للنساء في سوريا. ففي أعقاب الزلزال مباشرة، أُجبر الكثيرون على قضاء الليل في الخارج.

تقع معظم الملاجئ؛ غير المتوفرة أصلاً في أغلب المناطق التي ضربها الزلزال، إن تم إنشاءها في أماكن مفتوحة ومكتظة، وهو ما يحمل في طياته تهديدات ومخاطر على سلامة النساء.

ومن بين أكثر من ستة ملايين شخص تضرروا من الزلزال في شمال سوريا، 1.5 مليون منهم من النساء في سنّ الإنجاب، وفقاً لممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا الدكتور هميار عبدالمغني، الذي تحدث إلى بي بي سي من حلب في سوريا. وأضاف: “إنهن لا يحظين بنفس الاهتمام والرعاية في سوريا بسبب محدودية إمكانية الوصول إليهن. واحتياجات النساء ليست من بين أولويات الناس”.

توفّر الفرق المتنقلة التابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا مجموعات من الأدوات والمرافق الصحية للملاجئ في المدن المتضررة من الزلزال، لكن هذا لا يكفي. “الاحتياجات هائلة، كل ما نقوم به محدود للغاية، هناك أكثر من 220 ملجأ يعيش فيها أكثر من 70 ألف شخصاً.” وفق تصريحات عبد المغني.

بدورها سابين أبيض، مسؤولة الاتصالات والحملات الإقليمية في المنطقة العربية من منظمة (أكشن إيد)، قالت لبي بي سي من بيروت: “إنهن يتعرضن للعنف الجنسي. حدث هذا في نيبال أيضاً عندما تعرضت البلاد لزلزال بقوة 7.8 درجة في عام 2015. حرمان النساء من أماكن خاصة بهن ومن مراحيض منفصلة للنساء يجعل مرافق الغسيل أو المراحيض أماكن غير آمنة للنساء والفتيات”.

ووفقاً لورقة بحثية نشرتها مجلة South Asian Journal of Law Policy and Social Research في فبراير/شباط 2022 ، كانت هناك زيادة في حالات العنف ضد النساء والفتيات في المخيمات والملاجئ المؤقتة بعد زلزال نيبال عام 2015.

وحذّرت سابين أبيض، من منظمة أكشن إيد، بخصوص النساء والفتيات في شمال سوريا: “في بعض الحالات يكنّ أكثر عرضة للاتجار أو الاستغلال أيضاً. نعلم من عملنا على الأرض أن في سوريا وتركيا الآن هناك نساء في الشارع بملابس النوم فقط وهنّ في خطر حقيقي”.

و حذّرت سابين أبيض أيضاً من احتمال زيادة حالات زواج الأطفال القسري وعمالة الأطفال في أعقاب الكارثة التي حلّت بكلا البلدين: “الزواج المبكر هو نتيجة لأوضاع اقتصادية وعادات وتقاليد. بعض الأطفال فقدوا مدارسهم ومنازلهم وعائلاتهم، حتى أن البعض في شمال سوريا لا يعرفون معنى المنزل أو المدرسة”.

ووفقاً لمراقبين، تواجه النساء والفتيات تعافياً أبطأ بكثير من الرجال عقب الكوارث، بسبب نقص الموارد الاقتصادية وفرص العمل وعبء الواجبات المنزلية ورعاية الأطفال. فقد أعربت العديد من النساء، وفقاً لما نشره موقع بي بي سي عربي، في المناطق التي ضربها الزلزال عن مخاوف مماثلة.

وأضافت سابين أبيض: “لكن علي أن أشدد على شيء مهم، لا ينبغي أن ننظر إلى النساء والفتيات على أنهن مجرد ضحايا، بل ناجيات، لذلك نحتاج إلى تسليط الضوء باستمرار على أنه سيكون للنساء دور قيادي حاسم في الاستجابة الإنسانية”ّ. إنهن يعدن بناء حياتهن وحياة أطفالهن بأنفسهن، لكن “الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً”.

لقد تحمّلت السوريات بشكل خاص مسؤولية الحفاظ على وإعالة عائلاتهن خلال 12 عاماً من الصراع والعنف الذي تفاقم في سوريا عقب الربيع العربي الذي بدأ في تونس نهاية عام 2010 وامتد لبلدان عربية أخرى مطلع عام 2011. وأدى الصراع إلى مزيد من العبء والعزلة للنساء، حيث قضى الكثير من الرجال، أو أصبحوا في عداد العاجزين، أو هرب آخرون إلى خارج البلاد. مماأدى إلى تزايد تعداد النساء المسؤولات عن تدبير أمور العائلة والمنزل في سورية إلى 80%؛ وفق إحصاءات الأمم المتحدة.

وحتى قبل الزلزال، كان أكثر من 7 ملايين امرأة وفتاة في جميع أنحاء سوريا بحاجة إلى خدمات صحية ملحة والى دعم ضد العنف الجسدي والجنسي الذي كن يتعرضن له وما زلن. وكان زواج الأطفال في ازدياد، وتسربت مئات الآلاف من الفتيات من التعليم.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

الزلزال يضاعف من محنة السوريّات

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015