مريم الحموي/ خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- يُعرَّف العنف القائم على النوع الاجتماعي بأنّه: العنف الذي يستهدف الأشخاص بسبب نوعهم الاجتماعي، وبدافعٍ من العصبية الجنسية. ويُشير النوع الاجتماعي إلى الخصائص التي يفرضها المجتمع على الرجال والنساء، والأدوار الاجتماعية والصفات المتوقَّعة من كِلا الجنسين حسب الثقافة السائدة في هذا المجتمع، والتي تختلف من مكانٍ إلى آخر، ومن زمانٍ إلى آخر.
العنف القائم على النوع الاجتماعي يرتكز على تعنيف وقبول العنف ضدّ النساء تحديداً بسبب نوعهنّ الاجتماعي، وينعكس بحدّة على واقع النساء مما يتسبّب بغياب المساواة والتكافؤ، ويتخذ أشكالاً عديدة.
على الرغم من أن الحديث عن العنف القائم على النوع الاجتماعي يشمل الحديث عن كِلا الجنسين، إلا أنّ المرأة تكون في غالبية الحالات الأكثر تعرّضاً لهذا العنف. فبالرجوع إلى الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضدّ المرأة، يكون العنف ضدّ المرأة هو مظهرٌ لعلاقات قِوى غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ، أدّت إلى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدّها والحيلولة دون نهوضها الكامل، وأنّ العنف ضدّ المرأة هو من الآليات الاجتماعية الحاسمة التي تُفرَضُ بها على المرأة وضعية التبعية للرجل.
وقد عدّد الإعلان -في المادة الثانية منه على سبيل المثال لا الحصر- أشكال العنف ضدّ المرأة، وهي:
أ- العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار الأسرة على النساء بما في ذلك أيضاً الضرب والتعدّي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث، والعنف المتصل بالمَهر، واغتصاب الزوجة، وختان الإناث وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال.
ب- العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الاغتصاب والتعدّي الجنسي والمضايقة الجنسية والتخويف في مكان العمل وفي المؤسسات التعليمية وأي مكان آخر، والاتجار بالنساء وإجبارهنّ على البغاء.
ج- تغاضي الدولة أو ارتكابها للعنف البدني والجنسي والنفسي أينما وقع.
يشير البند (ج) من المادة المذكورة أعلاه إلى العنف الذي ترتكبه الدولة، وهنا نعود إلى فكرة العنف القانوني القائم على النوع الاجتماعي، من حيث التمييز بين الجنسين في نصوص قانونية، وعدم المساواة بينهما في القانون وأمام القانون. إذ تنصّ بعض مواد قانون العقوبات السوري على عقوبات مختلفة عن نفس الجرم بالنسبة للرجال والنساء. وتُعتبر قوانين الأحوال الشخصية أخطر القوانين التمييزية بين الجنسين في التشريعات الوطنية؛ إذ تنصّ في العديد من موادها على ما يَسلُب المرأة حقوقها وحريتها في الاختيار، وهي -على سبيل المثال لا الحصر أيضاً- مواد الولاية في الزواج، والوصاية على الأولاد، والإلزام بطاعة الزوج، وتعدّد الزوجات، ومواد الطلاق والفسخ والهجر، والحرمان من حقّ الحضانة، وما يتعلّق بالنفقة والإرث. وهي كلّها مواد تُعامِل النساء على أنها غير متساوية مع الرجل، وعلى أنها أقلّ منه مرتبةً في القانون؛ ما يُخالف نصّ الدستور على أن المواطنين متساويين في الحقوق والواجبات.
يُذكر أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة (CEDAW) قد نصّت في المادة الثانية منها على:
“تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضدّ المرأة، وتحقيقاً لذلك تتعهّد بالقيام بما يلي:
(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أُدمِج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة،
(ب) اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يُناسب من جزاءات، لحظر كلّ تمييز ضدّ المرأة،
(ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعّالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أيّ عمل تمييزي،”
إن مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي يجب أن تشمل جميع أشكال هذا العنف، وجميع أنواعه وأنماطه، ولا بدّ من الحديث عن إدماج مبدأ المساواة، وإقرار تشريعات متوافقة مع مفهوم النوع الاجتماعي تُحقّق المساواة بين المواطنات والمواطنين.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.