بيروت/شبكة الصحفيات السوريات- اتصال هاتفي من الجيران إلى قسم الشرطة، كان كفيلاً بحماية لاجئة سورية من عنف زوجها المستمر، وحال حضور الشرطة إلى المنزل، طلبت السيدة أن يتم رفع شكوى ضد زوجها، وقامت مرشدة اجتماعية من كفى بمرافقتها إلى المخفر حتى حصلت على قرار الحماية، هكذا وصفت مايا عمار، المسؤولة الإعلامية في منظمة “كفى عنف واستغلال” ما حدث مع أول امرأة سورية استفادت من القانون 293 المعروف “بقانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري في لبنان”. وتضيف عمار” حصلت السيدة على قرار الحماية بتاريخ 13\أيار\2014. وذلك بعد 15 يوماً فقط من صدور القانون ونشره بالجريدة الرسمية”.
تأتي أهمية الإضاءة على هذا القانون من واقع أن عدد اللاجئات السوريات يقدر بنسبة 51.8 من مجموع اللاجئين السوريين في لبنان، والبالغ عددهم 1.06 مليون نسمة وفق البيانات الصادرة عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في العام 2015.
ويقسم القانون 293 إلى قسمين حمائي والذي يشمل أمر الحماية وقسم عقابي حيث يشدّد العقوبات على بعض الجرائم المتعلقة بالعنف والمنصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني كما يجرّم الضرب والإيذاء. ولا يشير نص القانون صراحةً للأشخاص المستفيدين منه إلا أن القانون يشمل جميع المقيمين على الأراضي اللبنانية بغض النظر عن جنسياته.
وفيما يتعلق بموضوع العقبات والمعوقات التي تمنع استفادة اللاجئات السوريات من قانون العنف الأسري في لبنان. يبرز موضوع التبليغ ليشكل صعوبة على النساء اللاجئات وغير اللاجئات على حد سواء حيث ترفض النساء فكرة التشكي على شخص قريب منها أوأحد أفراد العائلة وكذلك الخوف من المجتمع وعدم انصاف قانون الأحوال الشخصية للمرأة في الخطوات التالية للتبليغ، وفقاً لكلام عمار.
الأمر الذي تؤكده رولا زعيتر، عضوة التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني “لا نستطيع من تلقاء أنفسنا أن ندخلها في أمر الحماية إلا في حال طلبها ذلك، وعند طلبها يتم تحويلها لمحامي الجمعية ويتم استصدار أمر الحماية لها”.
ويعمل التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني بوصفه منظمة نسائية غير حكومية تعمل من أجل تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين على توجيه مثل هذه الحالات وربطها مع المنظمات الدولية المسؤولة مثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمجلس الدنماركي للاجئين.
ومن العوامل الأساسية التي تلعب دوراً في صعوبة التبليغ، غياب الدعم الأسري،و الاستقلال المادي، إضافة للضغط الحاصل على مراكز الإيواء والحماية نتيجة قلة عددها، مما يدفع بهم لاستقبال السيدات لفترات مؤقتة، بحسب تعبير مايا، موضحة أن “صعوبة إثبات العنف في بعض الأحيان وخاصة العنف الجنسي والعنف المعنوي سباباً إضافياً في الإحجام عن التبليغ مع وجود زيادة ملحوظة في عدد الحالات التي أصبحت تبلغ عن مثل هذا النوع من العنف”.
لكن العامل الأهم والذي يعتبر الأشد تأثيراً على الاستفادة من القانون هو موضوع الأوراق الثبوتية، وسياسات لبنان المتبعة والتضييق الحاصل على السوريين والسوريات، وضرورة وجود إقامة نظامية سارية المفعول أو بطاقة لاجئ ، وفيما يعتبر إستصدار مثل هذه البطاقة حالياً غير ممكن، تمتنع النساء اللواتي لا يحملن أوراقهن الثبوتية، عن التوجه للسلطات خوفاً من التعرض للتوقيف وفقاً لكلام المسؤولة الإعلامية لـ كفى.
ويعتبر تقديم الاستشارة القانونية وتوفير محامين مختصين جزءاً مهماً في عمل هذه المنظمات مع النساء المعنفات، بالإضافة إلى تمكين النساء الناجيات من العنف عبر دورات في مختلف المجالات،و تقول زعيتر ” إحدى الحالات قامت بتعلم القراءة والكتابة، وبعد فترة أصبحت تعمل ضمن المركز كمدرّسة مما شجع غيرها من النساء على السير على طريقها، هذه الحالات تنعكس ايجاباً على المجتمع التي تتواجد فيه اللاجئات”.
وتوفر مجموعة من المنظمات المحلية اللبنانية بالتعاون مع منظمات دولية وسورية لقاءات دورية للتوعية حول العنف وأشكاله وأنواعه وآثاره على العائلة. كما يتم استهداف المراهقات والأطفال من خلال برامج التوعية التي تقدمها منظمة اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وتشير مايا أن المشاريع الخاصة بتوعية الرجال حول العنف مازالت ضعيفة، مع ملاحظة إقبال وحماسة الذكور من الشباب والذين تتراوح أعمارهم بين الـ 15 و الـ 17 عاماً على هذه المشاريع، الأمر الذي تعتبره “خطوة مهمة نحو تغيير نظرة الرجل للمرأة وإشراكها في اتخاذ القرارات”.
وعلى الرغم من أن اول مستفيدة من القانون 293 هي سورية لكن حداثة القانون نسبياً تمنع من معرفة الأرقام الدقيقة للاجئات السوريات اللواتي استفدن من القانون أو قمن بالتبليغ وتعمل مؤسسة كفى حالياً على تجميع المعلومات حول قرارات الحماية التي صدرت في لبنان والجنسيات المستفيدة منها لإجراء احصائيات حول ذلك.
تبقى الحياة ليست وردية دائماً لكن هذا لا يمنع من ضرورة العمل على تحسين واقع المرأة اللاجئة ورغم أن الخطوات مازالت طويلة نحو الحد من ظاهرة العنف الأسري الواقع على النساء اللاجئات تبقى الأفعال سهلة لكن العقبات تكمن في النظم والاجراءات القانونية التي تمنع المعنَّفات غالباً من الوصول للعدالة.